"Today News": متابعة 

في وقت تترنح فيه أسواق العالم تحت وطأة موجة جديدة من التعرفة الجمركية الأميركية، يقف العراق خارج دائرة التأثير المباشر، بحسب ما يؤكده خبراء اقتصاديون، موضحين أن العلاقات التجارية بين العراق والولايات المتحدة ليست مبنية على صادرات صناعية ضخمة أو سلع تنافسية.

الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي يرى أن الهدف الأساسي لإدارة ترامب كان تعديل الميزان التجاري الأميركي، وهو ما قد يكون له تأثير غير مباشر على العراق.

ويؤكد الهاشمي أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية لم تكن تهدف بشكل مباشر إلى التأثير على العراق، ولكن التداعيات الناتجة عن هذه السياسات على الاقتصاد العالمي قد تؤثر عليه.
ووفقا للهاشمي، يمكن أن يؤدي التباطؤ المحتمل في النشاط الصناعي العالمي بسبب زيادة تكاليف الإنتاج والتجارة إلى انخفاض الطلب على النفط، وبالتالي انخفاض أسعار النفط العالمية.

من جانبه، يضيف الأكاديمي والمختص في الشؤون المالية العامة، د. أحمد هذال، أن العراق قد يواجه تحديات مرتبطة باحتياطياته الأجنبية، التي بلغت في الوقت الراهن 128 تريليون دينار عراقي، أي ما يعادل 98.5 مليار دولار أميركي.

ويشكل البنوك الأميركية ما يقرب من 86 بالمئة من هذه الاحتياطيات، مما يجعل العراق عرضة للتأثيرات الناتجة عن السياسات المالية والنقدية للولايات المتحدة.

كما أشار إلى أن العراق يستثمر جزءا من هذه الاحتياطيات في سندات الدين الأميركية، مما يزيد من تعرضه للمخاطر المرتبطة بتقلبات الدولار الأميركي.
ويحذر د. هذال من تأثيرات انخفاض قيمة الدولار، حيث يشير إلى أن مؤشر قيمة الدولار قد تراجع بنسبة 2.4 بالمئة مقابل سلة من العملات الرئيسية نتيجة للسياسات الاقتصادية التي تبنتها إدارة ترامب، هذه التقلبات في قيمة الدولار تؤدي إلى تآكل قيمة الدين المقوم بالدولار، مما يقلل من قيمته الفعلية بالنسبة للدول المقرضة.

كما يوضح د. هذال أن رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية على الاقتصاد الأميركي، ما يؤثر في الوقت ذاته في الأسواق العالمية.

كما يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي، وهو ما قد يدفع الاقتصاد الأميركي نحو الركود، مما سيؤثر بشكل مباشر في أسعار النفط.
أما الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، فيشير إلى أن قرار زيادة الرسوم الجمركية الأميركي لن يكون له تأثير كبير ومباشر على العراق، إذ أن الرسوم الجمركية لا تشمل النفط والغاز والمشتقات النفطية، وهي تمثل جوهر التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة.

ومع ذلك، يضيف المشهداني أن تأثيرا غير مباشر قد يبرز، حيث أن الزيادة في الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تباطؤ في الاقتصاد العالمي، ما قد يؤدي إلى تراجع في الطلب على النفط وبالتالي انخفاض في أسعاره.
وأختتم المشهداني حديثه بالتأكيد على أن الهدف من هذه السياسات هو تحفيز القطاع الصناعي داخل الولايات المتحدة وتقليل نسب البطالة، وهو هدف مبرر في السياق الأميركي، معربا عن أمله بأن تسعى الدول الأخرى، ومنها العراق، إلى تحقيق نفس الأهداف رغم صعوبة القدرة على التحكم والسيطرة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

بناء على هذه المعطيات، يعتبر تنويع الاقتصاد العراقي من أولويات المرحلة القادمة. يوصي الخبراء بتبني استراتيجيات استباقية للحفاظ على الاستقرار المالي للبلاد، مثل توسيع الإيرادات غير النفطية، وتعزيز الاستثمارات في القطاعات غير النفطية لضمان استقرار اقتصادي أكثر تنوعا وأقل تأثرا بالأزمات العالمية.