أطروحة التغيير عند السيد الشهيد محمد باقر الصدر
"Today News": بغداد
امتاز المنهج التغييري للمرجع الكبير آية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بكونه منهجاً يحمل هموم الأمة الإسلامية، وينطلق من عمق الإحساس بالمسؤولية تجاه واقعها السياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي.
لقد أولى اهتماماً بالغاً بإصلاح هذا الواقع المتردي من خلال أطروحات فكرية وعملية شاملة، مستنداً إلى منظومة إسلامية متكاملة كما يأتي:
1- رؤية فكرية متكاملة؛
قدّم نظريات ومشاريع فكرية رائدة، من أبرزها نظريته الفلسفية الإسلامية التي سعت إلى الربط بين العقل والدين، مؤكدًا أن الإيمان بالغيب هو ركن أساسي من أركان الدين، وأن العقل مهما اتسعت آفاقه يبقى عاجزاً عن الإحاطة الكاملة بعالم الغيب، الذي لا يُدرك إلا بوحي السماء.
2- الإنسان محور التغيير:
أسس نظريته التغييرية على مبدأ شمولية التغيير، الذي يشمل الإنسان والمجتمع والدولة. وكان يرى أن نقطة الانطلاق الحقيقية تبدأ من الإنسان نفسه، الذي ينبغي أن يتحلى بالقيم والمبادئ والسلوك الصالح ليكون ركيزة الإصلاح الاجتماعي، مستشهداً بقوله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم[الرعد:11].
مشددا على ضرورة التربية العبادية التي تعزز علاقة الإنسان بالله، بما ينعكس على سلوكه في مختلف المجالات: الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، والثقافية.
3- الدين والدولة:
أكد على أن الإسلام لا يفصل بين الدين والدولة، بل إن الدولة الإسلامية ينبغي أن تلتزم بالقيم الإلهية في سياساتها وسلوكها، لأن الله هو الذي خلق الإنسان وكرّمه، ومنحه العقل كأداة للتمييز والهداية. ومن هنا، فإن الإنسان مكلّف بالسير في طريق العدل والسلام، ليحقق سعادته في الدنيا ورضوان الله في الآخرة.
4- القيم الأخلاقية في صلب المشروع الإسلامي:
أولى أهمية كبرى للقيم الأخلاقية، واعتبرها جزءاً لا يتجزأ من قضايا الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعقيدة. ونبّه إلى أن القوانين الأخلاقية العالمية يجب أن تُطبّق فعلياً في الواقع، لا أن تُستخدم كأداة بيد الأقوياء لتحقيق مصالحهم فقط.
5- الوحدة الإسلامية ومواجهة التحديات:
سعى بكل جهوده إلى توحيد صفوف الأمة الإسلامية، خصوصاً في أوقات المحن والتحديات، داعياً إلى نبذ الطائفية والعنصرية، والعمل من أجل تحقيق العدالة وحقوق الإنسان، ضمن أطر إسلامية واعية ومسؤولة.
6- النظرية الحركية والواقعية الثورية:
تميّزت نظرية الصدر الحركية بواقعيتها وثوريتها، مستلهمة من القرآن الكريم وسيرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام). وقد اعتمد منهج الدليل الاستقرائي لإثبات وجود الله، من خلال البرهنة العقلية والعلمية، وبيان ضرورة الإيمان بالبعث بعد الموت.
7- النظرية الاقتصادية الإسلامية:
وفي المجال الاقتصادي، قدّم السيد الصدر رؤية شمولية تعتمد على مرجعية إلهية، تراعي طبيعة الإنسان وقيمه وتطلعاته. ورأى أن الملكية في الإسلام تقوم على التوازن بين الفرد والمجتمع، على خلاف الرأسمالية التي تحتكرها للفرد، والاشتراكية التي تحصرها بالمجتمع. وركز على مفهوم العدالة كمرتكز أساسي في النظرية الاقتصادية الإسلامية.
8- النظرية الاجتماعية والسياسية:
في نظريته الاجتماعية-السياسية، قدم تفسيرًا متكاملاً للكون والإنسان والمجتمع والتاريخ، مبينًا أن الإنسان هو العنصر الجوهري في صناعة التغيير، لا وسائل الإنتاج أو نوع الملكية. كما أشار إلى أن الحرية في الإسلام لا تعني الانفلات، بل تُضبط بالقيم التي تضمن استمرار المسيرة الإنسانية على الطريق الصحيح.
9- البديل الإسلامي للنظام المصرفي:
وفي الجانب المالي، طرح مشروع المصرف اللاربوي، الذي يحقق الأهداف الربحية ضمن إطار شرعي يخلو من الربا، ويعتمد على مبدأ التعامل التجاري الحلال.
10- مشاريع ومبادرات فكرية وتنظيمية:
ساهم الشهيد الصدر في العديد من المشاريع الفكرية والتنظيمية، منها:
•تأسيس جماعة العلماء عام 1959، للتصدي للمخاطر التي تواجه الإسلام والدفاع عنه.
•تأسيس مؤسسة المرجعية الدينية الرشيدة، لتكون قوة فكرية وموجهة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
•تأسيس حزب الدعوة الإسلامية عام 1957، مع عدد من العلماء والمجاهدين، من أجل توعية الأمة برسالتها، والتصدي للظلم والاستبداد.
11- التأثير السياسي والجهاد لاسقاط طاغية البعث وحزبه المشؤوم:
كان للسيد الصدر دور كبير في تغيير معادلات الصراع السياسي في العراق، فحرّم الانتماء إلى حزب البعث المباد، وأجاز مقاومته بكل السبل الممكنة، مما ساهم في إسقاط النظام البعثي لاحقًا. وقد تزامن سقوط النظام في 9 نيسان 2003 مع الذكرى الـ23 لاستشهاده، الذي نفذ في 9 نيسان 1980.
١٢- ذكرى الشهادة وكلمة الخلود:
في الذكرى الـ45 لاستشهاد السيد الصدر وأخته العالمة بنت الهدى، نستذكر موقفه الشجاع في مواجهة الطاغوت، حين قال متحديًا:
“إن دمي يكلفكم نظامكم”،
مؤكداً أن لا مكان في العراق للطغاة، وأن الوعي الشعبي هو المنتصر في نهاية المطاف.
ومقولة الشهيد لا تزال ترددها الأجيال:
“ولكن الجماهير دائماً هي أقوى من الطغاة مهما تفرعن الطغاة، قد تصبر، ولكنها لا تستسلم.”
الدكتور وليد الحلي
الأمين العام لمؤسسة
حقوق الإنسان في العراق
9 نيسان 2025
10-04-2025, 19:31 السودان : العفو الدولية توثق حالات اغتصاب جماعي ارتكبها "الدعم السريع"
أمس, 17:55 الشهيدة بنت الهدى.. زينبُ العصر
وليد الحلي10-04-2025, 13:43 عُدت لمطالعة فدك في التاريخ !!..
عبدالأمير الهماشي9-04-2025, 17:20 إرادة الله الغالبة أسقطت فرعون العصر بيوم شهادة الصدر
الشيخ جميل الربيعي9-04-2025, 11:34 أطروحة التغيير عند السيد الشهيد محمد باقر الصدر
وليد الحلي