• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

هل طبع العملة العراقية يساهم في حل الازمة المالية؟

هل طبع العملة العراقية يساهم في حل الازمة المالية؟

  • 15-05-2020, 20:22
  • مقالات
  • 1105 مشاهدة
أ.د. خليفة حمود الزبيدي

 
قبل البدء بمناقشة هذا الموضوع من المفيد اعطاء فكرة بسيطة عن النقود حيث تعرف النقود بانها وحدة معيارية تعارف الناس على استخدامها لقياس قيم السلع والخدمات.
وقبل ظهور النقود الورقية كانت تقاس الاشياء بنسبة بعضها الى بعض او ما يسمى بالمقايضة ومع انتهاء الحرب العالمية الاولى بدء التعامل بالنقود الورقية ثم اصبحت النقود الزامية تصدر بقانون وتطرح للتداول عام 1931 وتم وقف استبدالها بالذهب او الفضة ما عدا الدولار حيث التزمت امريكا امام العالم بامكانية استبدال الدولار بالذهب وبسعر 35 دولار للاونصة لذلك حرصت جميع دول العالم على اقتنائه ضمن احتياطاتها النقدية اضافة الى الذهب .
وبسبب فقدان امريكا للكثير من الذهب والعجز في ميزان المدفوعات الامريكي اتخذ الرئيس نيكسون عام 1971 قرار بعدم تحويل الدولار الى ذهب والذي اعتبر ضربة قوية لاقتصاديات الدول التي اعتمدت على الدولار وارتفع سعر اوتصة الذهب من 35 دولار الى 600 دولار.
لذلك سعت الدول الى ان تكون هناك قيمة مستقرة نسبيا للنقود لكي تولد الثقة بين المتعاملين بامكانية الشراء باستخدام هذه النقود والذي ينعكس على الثقة في اقتصاديات هذه الدول، وهذا ياتي من خلال توفر الغطاء الاجنبي للعملة المحلية او الغطاء الذهبي وقد تلجأ بعض الدول الى طباعة العملة اما بهدف تمويل العجز اي تمويل النفقات العامة للدولة من رواتب واجور عند وجود نقص في الايرادات وهذا ما ينطبق على الوضع العراقي حالياً او تشجيع الطلب نتيجة زيادة السلع والخدمات المنتجة في البلد وهذا يؤدي الى حدوث نمو اقتصادي والسبب الثالث قد يكون لتعويض النقود التالفة وهذا ليس له تأثير على الاقتصاد الوطني.
ولكن هناك شرط اساسي لنجاح عملية طباعة النقود الا وهو ربط هذه العملة بالاداء الاقتصادي للدولة اي مقدار ما تنتجه من سلع وخدمات من خلال النمو في الناتج القومي الاجمالي بحيث يمكنه من استيعاب النقود الاضافية التي تم طباعتها وهذا يعني تحفيز الاقتصاد على النمو بسبب زيادة الطلب على السلع والخدمات وبالتالي تشجيع المنتجين على زيادة الانتاج وهذا غير موجود في العراق وبعكس ذلك فان زيادة الطلب يؤدي الى ارتفاع الاسعار بشكل كبير وبالتالي زيادة التضخم وفقدان ثقة المواطن بالعملة المحلية مما يؤدي الى توجه الناس الى شراء العملات الاجنبية وهذا يعني زيادة الطلب على العملة الاجنبية وانخفاض قيمة العملة المحلية مما يؤدي الى انهيارها وبالتالي انهيار الاقتصاد الوطني وزيادة الاستيرادات نتيجة عدم تمكن الصناعة المحلية من مواجهة الطلب المتزايد بسبب توفر العملة المحلية مما يؤدي كذلك الى زيادة الطلب على العملة الاجنبية لتغطية الاستيرادات وهذا ما حدث في التسعينات حيث ارتفعت قيمة الدولار الى اكثر من ثلاثة الف دينار عراقي والذي انعكس على مستوى معيشة المواطن.
وهناك الكثير من الدول التي وقعت في هذه المشكلة ومنها زيمبابوي حيث قامت بطباعة كميات كبيرة من العملة المحلية ادت الى زيادة الطلب بشكل كبير وعدم تمكن الصناعة المحلية من تلبية الطلب مما اضطر الدولة في النهاية الى الغاء عملتها واستخدام العملات الاجنبية بدلا عنها.
وحيث ان سياسة البنك المركزي العراقي هي ان يكون تعزيز حساب الدينار العراقي يقابله السحب من حسابها بالدولار وهذا يعني لا يتم ايداع اي مبالغ في حساب وزارة المالية بالدينار مالم يقابله سحب من حسابها بالدولار. وبسبب عدم توفر الدولار بالكمية الكافية نتيجة انخفاض اسعار النفط فهذا يعني طبع العملة بدون غطاء بالعملة الصعبة وبالتالي سينعكس سلبيا على مكانة الدولة الاقتصادية وقد يؤدي الى انهيار قيمة الدينار العراقي وحدوث تضخم كبير وبالتالي التأثير على الطبقات الفقيرة واصحاب الدخل المحدود.
لذلك طباعة العملة المحلية لا يحل المشكلة الاقتصادية في العراق وانما قد يؤدي الى ان يكون الوضع اسوء من ما هو عليه الان وقد ناقشنا في مقال سابق بعض المعالجات لهذه المشكلة بدون اللجوء الى طباعة العمله .

أخر الأخبار