قرار دولي بعثر أوراق تصدير النفط من كردستان الى تركيا، فكشف حجم الخروقات، وفضح مخالفات أربيل وأنقرة، وأرهن قرار التصدير مرة أخرى بيد بغداد.
هيئة التحكيم الدولية، التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، أصدرت قرارا بوجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات العراق بما يتعلق بحركة النفط الخام المصدّر، وإيقاف تصدير النفط من كردستان الى أنقرة الا بموافقة الحكومة المركزية.
القرار الأخير دفع أربيل الى أحضان بغداد، وإجبارها على عقد اتفاق تسلم بموجبه الملف النفطي بالكامل الى شركة سومو الوطنية، اما الضرر فأصاب الجانب التركي كذلك.
إعادة ارسال النفط الى تركيا عبر ميناء جيهان دخل بمنعرج ضيق، واختلفت الاراء البرلمانية والاقتصادية حوله، فبعضها رمى الكرة في ملعب الحكومة، والأخر عزا أسباب التوقف الى ضغوط تركيا لمحاولة تخفيض الغرامات المفروضة عليها.
لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية، حددت أسباب تأخر إعادة تصدير نفط إقليم كردستان الى تركيا، فيما أكدت عدم وجود أي خلافات لدى الجانب العراقي.
ويقول عضو اللجنة، عدنان الجابري، في حديث له ، إن "ملف تصدير نفط إقليم كردستان الى الجانب التركي عبر ميناء جيهان، متعطل الى الوقت الحالي لأسباب خارجية متعلقة بأنقرة".
ويضيف: "لا توجد أي مشكلة داخل العراق باعتبار أن الاتفاق الأخير بين المركز والإقليم نافذ ولا توجد بين الطرفين اي مشكلة"، مؤكداً أن "المشكلة في الجانب التركي والذي يتحجج بمشاكل فنية، والا فهي مجرد وسيلة ضغط على العراق لتنازل عن المستحقات المالية التي فرضتها محكمة التحكيم الدولية".
ويوضح عضو لجنة النفط النيابية، أن "العراق يسعى لحل هذه المشكلة مع تركيا لكن الى الان لا توجد اي بوادر لحلها"، لافتا الى أن "الانتخابات التركية هي أحدى أهم العوائق باعتبار أن المنظومة السياسية التركية مشغولة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
ويبين الجابري: "نتنظر أن تكتمل العملية الانتخابية، وعودة بغداد للتفاوض مجددا عبر ارسال وفد تفاوضي لأنقرة لحل هذا الملف".
بدوره، عضو مجلس النواب، كاظم الطومي، بين حقيقة تأثير المنطقة الزلزالية على خط نقل نفط العراق الى تركيا، فيما أكد أن انقرة تحاول الضغط لمحاولة تخفيض الغرامات المفروضة عليها من بغداد.
ويذكر الطوكي ، إن "تأخر إعادة ارسال النفط من إقليم كردستان الى تركيا ليس له علاقة بالأضرار الناجمة في المنطقة التركية التي حصل فيها الزلزال".
ويضيف، أن "تركيا تحاول فرض عقوبة غبر مباشرة على العراق بسبب إقامة الحكومة العراقية برفع دعاوى وتغريمها مبالغ مالية كبيرة بسبب تجاوز قرار هيئة التحكيم الدولية".
ويشير الى، أن "هذا ضغط تحاول ممارسته أنقرة على بغداد لمحاولة تخفيض قيمة المبلغ أو التنازل عنه بشكل كامل".
الى ذلك، عد الخبير في مجال الطاقة، صلاح الموسوي، قرار إعادة تصدير النفط من إقليم كردستان الى تركيا بيد العراق، وفيما بين الجهات المتضررة من قرار هيئة التحكيم الدولية، أكد ان القرار وضع تركيا بجانب "ضعيف".
ويؤكد الموسوي في حديث له ، إن " قرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، بشأن إيقاف تصدير النفط من إقليم كردستان الى تركيا جاء لصالح العراق وجعل المبادرة بيد بغداد، باعتبار أنبوب النفط هذا عراقي وملك للحكومة المركزية".
ويلفت الى، أن "هناك اتفاقية عراقية تركية جرت عام 1973 حول استخدام هذا الانبوب، وهو ما دفع المحكمة بإدانة تركيا لاستخدام الانبوب وارتكابها مخالفة صريحة بشأن الاتفاقيات الدولية مع العراق وتغريمها 1400 مليون دولار كغرامة أولية لاستخدامها الانبوب بفترة ما بين 2014 لـ2018، وغرامة أخرى تقدر بـ14 مليار دولار لاستخدام الانبوب من 2018 الى الان".
ويردف خبير الطاقة، أن "هذا القرار سمح للعراق بتقديم غرامة أخرى باعتبار أن هذا النفط مسروق بدون علم الحكومة العراقية"، معتبراً القرار "ملزماً وقوياً وجعل الجانب التركي في موقف ضعيف".
ويبين الموسوي، أن "قرار استئناف التصدير بيد بغداد وليس أنقرة، ويتمثل الحل الصحيح بضغط العراق على تركيا للحصول على جميع الغرامات المفروضة على أنقرة، ويضغط بنفس الوقت على إقليم كردستان للحصول على جميع الحقول النفطية وإلغاء وزارة النفط والثروات الطبيعية بكردستان"، مبينا أن "قرار إعادة التصدير يجب أن يرتبط بهذه النقاط مع تركيا وكردستان".
بعد سنوات من الصراع بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان حول طريقة بيع النفط، والتي عُرضت على المحكمة الدولية، حققت الحكومة المركزية أخيراً انتصاراً كبيراً في هذه القضية، الا أن الانتصار يكمل حين تكسب بغداد فائدة مالية وتسيطر بالكامل على حقول البلد وفق شروط يرضخ لها القريب والغريب.