بعد أكثر من 7 سنوات على استعادة القوات الأمنية السيطرة على مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الاجرامي، لا تزال حفرة الخسفة التي ابتلعت آلاف المدنيين والعسكريين تمثل شاهدا على المأساة التي شهدتها هذه المدينة.
وتعرف الخسفة، أو ما يعرف محليا الخفسة، بأنها حفرة جيولوجية عميقة تقع على بعد نحو 20 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل (مركز محافظة نينوى) وتعد واحدة من المقابر الجماعية التي استخدمها تنظيم داعش الاجرامي لتغييب جثث ضحاياه فيها خلال سيطرته على الموصل بين حزيران 2014 وتموز 2017.
وتتباين أعداد الضحايا الذين ألقي بجثثهم في حفرة الخسفة، إذ وبحسب منظمات حقوقية، فإن الشهادات التي لديهم من سكان المناطق المحيطة تفيد بأن التنظيم كان يعدم فيها العشرات يوميا وعلى مدى سنوات، ويرجح بأن أعداد المفقودين فيها تصل إلى الآلاف، وهي بذلك تعتبر من أكبر المقابر الجماعية بالعراق إن لم يكن في العالم.
وتوقع مدير عام دائرة شؤون المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء، ضياء كريم، أن يستغرق فتح مقبرة( الخسفة) في محافظة نينوى 5 سنوات على الأقل.
وقال كريم، في تصريح اوردته " صحيفة الصباح" الرسمية إنَّ "المقبرة تعد تحدياً كبيراً جداً للجهات القطاعية المعنية بهذا الموضوع"، مبيناً أنه "لم يسبق لأي فريق في العالم العمل على نوع يشابه هذه المقبرة الجماعية".
وأضاف أنَّ "المقبرة عبارة عن حفرة كبيرة جداً تنتهي بنهر من الكبريت، تعرضت إلى عمليات هدم وردم من قبل عصابات داعش الإرهابية"، مشيراً إلى "وجود وثائق وصور وخرائط جوية تؤرخ لعمليات الدفن وتاريخها".
وأوضح كريم، أنه " تم تقديم مقترحين، أولهما الاكتفاء بجمع الرفات الموجودة على جانب المقبرة، فيما تخلد باقي الرفات وفق بانوراما ونماذج معينة نظراً لصعوبة فتحها، أما المقترح الثاني فهو أن تتضافر جهود أكثر من جهة قطاعية، كالطب العدلي في وزارة الصحة، ومؤسسة الشهداء، والهندسة العسكرية في وزارة الدفاع، والدفاع المدني في وزارة الداخلية، للعمل على فتح المقبرة التي قد يستغرق العمل فيها 5 سنوات على أقل تقدير، كونها عملية ليست سهلة وتحتاج لتخصيصات مالية كبيرة".
وبين مدير عام شؤون المقابر الجماعية، أنَّ "التوجه كان نحو المقترح الثاني، مما استدعى الجهات الأربع لتقديم قائمة بالاحتياجات المالية واللوجستية إلى مجلس النواب، ولم ترد إجابة بهذا الخصوص لغاية الآن".
تابع أنَّ "الدائرة استطاعت الحصول على دراسات عن هذه الحفرة من جامعة الموصل التي اثبتت أن الطبقات الأرضية للتربة فيها معرضة للانهيار في حال رفع الأتربة، إلا أنَّ المؤسسات الحكومية يجب أن تقف عند رغبة ذوي الضحايا لحين ظهور الأمور بشكل جلي أمام الناس، وبالتالي إذا ما استحال الوضع بشكل نهائي يمكن أن تظهر هذه الصورة أمام المجتمع".
وأشار كريم، إلى أنَّ "عدد الرفات الموجود في هذه المقبرة لا يمكن تحديده ما لم يكن هناك إنجاز للسجل الوطني للمفقودين والذي لا يقتصر على البحث فحسب، وانما هو مرجعية إحصائية بالتواريخ، ومتى ما أنجز يمكن أن تكون هناك أعداد وأرقام محددة، وبدونه يكون من الصعب جداً التكهن بهذا الموضوع، إذا ماعلمنا أنَّ الحفرة استخدمت أصلاً بعد عام 2003 إلى حين القضاء على عصابات داعش الإرهابية بآخر معقل لها في محافظة نينوى".