• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العراق والإسلام السياسي (١٤) .. الحرب الطائفية وتشكيل حكومة المالكي

العراق والإسلام السياسي (١٤) .. الحرب الطائفية وتشكيل حكومة المالكي

  • 19-08-2024, 21:10
  • مقالات
  • 59 مشاهدة
د. صلاح عبد الرزاق

"Today News": بغداد 

١٩ آب ٢٠٢٤

السيستاني ومنع الحرب الطائفية

في صباح الثاني والعشرين من شهر شباط 2006 صحا العراقيون على حادث ارهابي جسيم استهدف تفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع) في سامراء. إذ تم زرع عبوات ناسفة في جدار القبة فأدى إلى انهيارها. علماً بأنها واحدة من أكبر قباب العالم الإسلامي. بعد لحظات تجمع أهالي المدينة محتجين ومنددين بالحادث الآثم، وهم يحملون عمامة منسوبة إلى الإمام علي الهادي (ع) وسيفه ودرعه ، التي كانت محفوظة في خزائن المرقد الشريف.
أحدث الاعتداء الإرهابي ردود أفعال واسعة داخل العراق وخارجه. إذ خرج مئات الآلاف من سكان المدن الشيعية في تظاهرات احتجاجية ، منددين بمن ارتكبها من عصابات القاعدة . كما عبرت شخصيات دولية أمثال الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ووزراء ومتحدثين باسم حكومات عربية وإسلامية وأجنبية، إضافة إلى زعامات دينية في إيران ولبنان . وأرسل بعض القادة العرب برقيات تعزية إلى الرئيس العراقي جلال طالباني.  
بعد ثلاث ساعات من وقوع الحادث أصدر المرجع السيستاني بياناً دان فيه الجريمة ودعا إلى ضبط النفس وعدم اتخاذ أساليب غير مناسبة، ودعا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وحذر من الفتنة الطائفية، حيث جاء فيه:
(( بسم الله الرحمن الرحيم
(يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)
 لقد امتدت الأيادي الآثمة في صباح هذا اليوم لترتكب جريمة مخزية ما أبشعها وأفظعها وهي استهداف حرم الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وتفجير قبته المباركة ما أدى إلى انهدام جزء كبير منها وحدوث أضرار جسيمة أخرى.
إن الكلمات قاصرة عن إدانة هذه الجريمة النكراء التي قصد بها التكفيريون من ورائها إيقاع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي ليتيح لهم الوصول إلى أهدافهم الخبيثة.
إن الحكومة العراقية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في وقف مسلسل الأعمال الإجرامية التي تستهدف الأماكن المقدسة. وإذا كانت أجهزتها الأمنية عاجزة عن تأمين الحماية اللازمة ، فإن المؤمنين قادرون على ذلك بعون الله تبارك وتعالى.
إننا إذ نعزّي إمامنا صاحب الزمان عجّل الله فرجه الشريف بهذا المصاب الجلل نعلن الحداد العام لذلك سبعة أيام. وندعو المؤمنين ليعبّروا خلالها بالأساليب السلمية عن احتجاجهم وإدانتهم لانتهاك الحرمات واستباحة المقدسات، مؤكدين على الجميع وهم يعيشون حال الصدمة والمأساة للجريمة المروعة أن لا يبلغ بهم ذلك مبلغاً يجرّهم إلى اتخاذ ما يؤدي إلى ما يريده الأعداء من فتنة طائفية طالما عملوا على إدخال العراق في أتونها.
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
  مكتب السيد السيستاني في 23 محرم 1427 ه، ))
(٢٢ شباط ٢٠٠٦)

رغم أن السيستاني حاول امتصاص غضب الجماهير الشيعية ، وتوجيهها نحو الاحتجاج والإدانة والتظاهرات السلمية، لكن حالة الانفعال والتصعيد الطائفي ارتفعت بشكل سريع، واتسعت لتشمل قطاعات واسعة . الأمر الذي دفع بعض الجماعات الشيعية المسلحة لاتخاذ المبادرة بأيديها بعيدة عن الأجهزة الأمنية وتوصيات المرجع الأعلى، فأخذت تقوم بعمليات خطف وقتل طائفية ، معتقدة أن ذلك هو الذي يعيدون توازن الرعب إلى المستوى الذي يمنع الاعتداء على الشيعة.
وكانت منظمة القاعدة والجماعات الإرهابية السنية قد بدأت بارتكاب جرائم قتل على الهوية منذ عام 2004 . واشتهرت منطقة اللطيفية جنوب بغداد حتى أنها سميت بمثلث الموت لكثرة ما قتل من مسافرين وركاب شيعة أثناء طريقهم بين بغداد والحلة مروراً بناحية اللطيفية ومدينة المحمودية، إضافة إلى مناطق أطراف بغداد الأخرى كالتاجي والطارمية والمشاهدة وأبي غريب والمدائن. فكانت مشاهد الجثث بلا رؤوس أو الجثث والرؤوس المقطوعة تتصدر الأخبار كل صباح ، سواء الملقاة على قارعة الطريق أو تطوف في مياه دجلة. كل ذلك حدث ، وارتفع عدد الشهداء والمغدورين يومياً ، والأوساط الشيعية صابرة تحبس غضبها مخافة إفشال النظام السياسي الذي صاروا يحكمون فيه، والوقوع في ردود أفعال طائفية تجاه ما تفعله الجماعات الإرهابية. كما كانت السيارات المفخخة تحصد العشرات يومياً، إضافة إلى الأحزمة الناسفة، حيث استهدفت الأماكن العامة والأسواق المكتظة والمدارس والجوامع والحسينيات وغيرها.
لكن بعد حادثة سامراء وتدنيس مرقد مقدس لإمامين من الشيعة حدثت ردة الفعل الغاضبة وغير المنضبطة ، فكأن مشاعر الانتقام فلتت من عقالها ،  وانتشرت تبحث عن ضحايا تشبع روح الثأر والمشاعر المكبوتة منذ سنوات . فارتفعت أعداد الضحايا والقتل على الهوية بشكل مضطرد. كما بدأت عمليات التهجير الطائفي حيث تم تهجير الشيعة من مناطق أبو غريب والمدائن، ومن أحياء العامرية والغزالية والسيدية والجهاد والعدل والصليخ والأعظمية. كما شهدت أحياء الشعلة والحرية تهجير عائلات سنية.
انتشر الموت في كل ركن وزاوية في بغداد ، خلت الشوارع من المارة ، والأسواق من الزبائن، والطرق من السيارات ، حتى باتت بغداد مدينة أشباح بعد الظهر. وبات السفر براً خارج بغداد مجازفة خطيرة حتى لو كان برفقة جنازة متوجهة إلى النجف.

حكومة المالكي الأولى
بعد حادثة إعتداء سامراء بثلاثة أشهر أصبح نوري المالكي رئيساً للوزراء في 20 أيار 2006 . أول عمل قام به هو وضع خطة فرض القانون التي بدأت في شباط 2007 . إذ قام بتقسيم مناطق بغداد إلى أحياء معزولة بالجدران الخرسانية، ولكل حي باب واحد للدخول والخروج تشرف عليه سيطرة أمنية. ما إن جاء عام 2008 حتى انخفض معدل الجثث بنسبة 85%. وسرعان ما عاد الأمن والشعور بالأمان، فعادت الأسواق والمجلات التجارية والمطاعم والمقاهي لتزدحم بروادها. وعادت للشوارع والحدائق والمتنزهات العائلات والأطفال والشباب.

الانتخابات البرلمانية الثالثة
جاء موعد الانتخابات البرلمانية الثالثة عام 2010 والعراق يعيش في أمن بنسبة 90% سوى بعض الحوادث الإرهابية. وكاد أن يتم القضاء على القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى.
كان السيد السيستاني يراقب أداء البرلمان والحكومة معاً . ولا يتوانى في إبداء النصح والإرشاد، ونقد الظواهر السلبية التي رافقت النظام السياسي. كما كان يرقب عن كثب مشاعر المواطنين ، وخيبة الأمل التي أصابت قسماً منهم، وهل يشاركون فيها أم لا . ففي 16 شباط 2010 أي قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع ، أجاب السيستاني على تساؤلات المواطنين حول المشاركة في الانتخابات القادمة فقال:
((  بسمه تعالى

1- إن الانتخابات النيابية تحظى بأهمية كبرى ولاسيما في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العراق العزيز، وهي المدخل الوحيد لتحقيق ما يطمح إليه الجميع من تحسين أداء السلطتين التشريعية (مجلس النواب) والتنفيذية (الحكومة).
ومن هنا فان سماحة السيد –دام ظله- يرى ضرورة أن يشارك فيها جميع المواطنين من الرجال والنساء الحريصين على مستقبل هذا البلد وبنائه وفق أسس العدالة والمساواة بين جميع أبنائه في الحقوق والواجبات، مؤكدا على أن العزوف عن المشاركة –لأي سبب كان- سيمنح الفرصة للآخرين في تحقيق مآربهم غير المشروعة ولات حين مندم.

2- إن المرجعية الدينية العليا في الوقت الذي تؤكد على عدم تبنيها لأية جهة مشاركة في الانتخابات فإنها تشدد على ضرورة أن يختار الناخب من القوائم المشاركة ما هي أفضلها وأحرصها على مصالح العراق في حاضرة ومستقبله واقدرها على تحقيق ما يطمح إليه شعبه الكريم من الاستقرار والتقدم، ويختار أيضاً من المرشحين في القائمة من يتصف بالكفاءة والأمانة والالتزام بثوابت الشعب العراقي وقيمه الأصيلة.
وفقّ الله الجميع لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 مكتب السيد السيستاني دام ظله - النجف الاشرف
  2 ربيع الاول 1431هـ ))

من الواضح أن السيستاني يدرك أهمية الانتخابات في النظام الديمقراطي . وأن التبادل السلمي للسلطة يأتي من خلال عملية الاقتراع وتصويت المواطنين لاختيار ممثليهم في البرلمان. لذلك دعا الرجال والنساء الحريصين على مستقبل العراق ، وبناء النظام السياسي وفق أسس العدالة والمساواة. كما حذر السيستاني من العزوف عن المشاركة لأن ذلك سيمنح الفرصة للآخرين في الوصول إلى السلطة وتحقيق أهدافهم غير الوطنية.
من جانب آخر يؤكد السيستاني على موقفه السابق بأنه لا يتبنى أية جهة سياسية مشاركة في الانتخابات. ويأتي ذلك لقطع الطريق أمام بعض الأحزاب الشيعية التي ترفع شعارات تدعي فيها أنها مدعومة من المرجعية ، بهدف كسب أصوات الجماهير التي تولي المرجعية كل الاحترام والطاعة.
وكانت انتخابات مجالس المحافظات قد أجريت عام 2009 ، حيث تم تبني القائمة المفتوحة بدل القائمة المغلقة. وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق قدمت توصياتها بتغيير النظام الانتخابي للسماح للناس بالتصويت لصالح الأفراد وكذلك القوائم الحزبية  المفتوحة.
ونالت دعوة السيد السيستاني إلى تبني القائمة المفتوحة تأثيراً واسعاً بين الجماهير ، حيث صرح بأن عدم اعتماد نظام القائمة المفتوحة سيكون له آثار سلبية على العملية الديمقراطية، وسيقلل نسبة الإقبال أو حتى المقاطعة. وشهد المدن العراقية قرابة ألف تظاهرة تندد بالقوائم المغلقة. وفي النهاية وافقت جميع الأطراف السياسية باستثناء التحالف التحالف الكردستاني. وبذلك تم تطبيق نظام القائمة المفتوحة في انتخابات مجالس المحافظات عام 2009 ثم لتصبح نظاماً سارت عليه الانتخابات البرلمانية عام 2010 ، وما تلاها في كل الانتخابات.
جرت الانتخابات البرلمانية في 7 آذار 2010 حيث تنافس فيها 12 ائتلافاً كبيراً و167 كياناً سياسياً تنافسوا على 325 مقعداً موزعة على المحافظات الثمانية عشرة و8 مقاعد للأقليات (5 للمسيحيين ، ومقعد لكل من الصابئة، الإيزديين والشبك) و7 مقاعد تعويضية تمنح للقوائم التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات.
أسفرت النتائج عن فوز جزئي للقائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي حيث حصلت على 91 مقعداً . في حين حصلت قائمة ائتلاف دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي على 89 مقعداً. وحصل الائتلاف الوطني العراقي الذي يتزعمه السيد عمار الحكيم على 70 مقعداً ، والتحالف الكردستاني على 43 مقعداً.  في 14 حزيران 2010 تم عقد أول جلسة للبرلمان الجديد.  

تشكيل الحكومة الثانية
بعد ثمانية أشهر من الخلافات التي أعقبت الانتخابات في آذار 2010، ثم جولات المفاوضات بين بغداد وأربيل ، تم التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة العراقية المنتخبة الثالثة . وقد ترأسها السيد نوري المالكي ، وأسامة النجيفي لرئاسة البرلمان ، وجلال الطالباني رئيساً للجمهورية. كما اتفق على تولي إياد علاوي منصب رئيس مجلس السياسات الاستراتيجية.
وكان من ضمن الاتفاق تعيين ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية (اثنان من الشيعة هما د. عادل عبد المهدي ود. خضير الخزاعي، وثالث من السنة هو د. طارق الهاشمي). في 21 كانون الأول 2010 تم التصويت في مجلس النواب على الحكومة .

السيستاني ينقطع عن السياسيين
خلال فترة حكومة المالكي الأولى كان السيد السيستاني منفتحاً على جميع السياسيين العراقيين دون استثناء . ولما أعلن عن تشكيل الحكومة أعلن مكتب سماحته أنه لن يستقبل أي مسؤول أو سياسي عراقي. لم يكن لهذا القرار تفسير واضح خاصة في الأوساط السياسية والشعبية لأن سماحته ومنذ عام 2003 لم يتوان عن دعم الحكومة والعملية السياسية، ولم يبخل في توجيه النصح والتسديد للمسؤولين، والمطالبة بتقديم الخدمات للناس .
وكان سماحته قد طلب من النواب والوزراء والرؤساء تخفيض رواتبهم ليرفعوا بعض العبء عن كاهل المواطنين، لكن لم يجد استجابة لطلبه آنذاك.
وحول إضافة منصب نائب ثالث لرئيس الجمهورية وهو الذي منح لمرشح حزب الدعوة الإسلامية – تنظيم العراق د. خضير الخزاعي، قيل أنه كان لديه 12 مقعداً . وكان يفترض أن يحصل على وزارة سيادية ، لكن قوة المنافسة وضرورة استيعاب الكتل السياسية الأخرى حال دون ذلك. فوُعد بالحصول على منصب نائب رئيس الوزراء. ولما استحال تنفيذ ذلك ، قيل له ستجري إضافة نائب ثالث لرئيس الجمهورية ليكون من حصة هذه القائمة. هذا التفسير ربما هو الأقرب لهذا القرار. الأمر الذي جعل السيستاني يغضب على تعيين ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية.
وكان السيستاني يعد هذه التعيينات تزيد من الترهل الحكومي ، وإيجاد مناصب للسياسيين الحريصين على المناصب أكثر من حرصهم على خدمة الناس. وأن سماحته كان يرى وجوب إلغاء كل المناصب الزائدة مثل نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء ، وخاصة أنها تكلف الدولة الكثير على شكل رواتب وحمايات . وكان يجد أن السياسيين لا يطيعونه ، فقرر مقاطعتهم كلهم بلا استثناء. ولم يعد يستقبل رؤساء ولا نواب ولا وزراء ولا محافظين أو أعضاء مجالس محافظات ، وحتى مسؤولي الوقف الشيعي الذي يت تعيين رئيسه بترشيح السيستاني نفسه.
 وقيل في وقتها أن موقف السيستاني قد بلغ أسماع الكتل السياسية ، فبادر د. عادل عبد المهدي لتقديم استقالته استجابة لرأي المرجعية كما أعلن آنذاك.

أسباب القطيعة
يرى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أن قرار السيستاني بمقاطعة السياسيين كان غير واضح ، لأن سماحته كان على تواصل مع تشكيل الحكومة من خلال السيد عبد الهادي الحكيم، فيقول:
((عندما جاءنا السيد عبد الهادي الحكيم أثناء تشكيل الحكومة الثانية للتحالف الوطني قال : المرجعية تقول: يجب حفظ نسبة الشيعة في رئاسة الجمهورية ، فقلنا: كيف تكون عملية الحفظ ؟ أجابنا: يكون النواب ثلاثة ومع الرئيس يصبحون أربعة، اثنان منهم شيعة، والآخران كردي وسني. وعندما قمتُ بتشكيل الحكومة فأعطيتُ تنظيم العراق منصب نائب رئيس الجمهورية، لكي أوفر النقاط. ومضينا بذلك بناءاً على هذا الرأي من السيد الذي بلغنا به السيد عبد الهادي الحكيم. وتقريبا قبل أن نعلن الحكومة بيومين أو أقل جاءنا رأي بأن بيت السيد السيستاني (دام ظله) يعترضون على تعيين ثلاثة نواب. وقسم قالوا: إنهم يعترضون على اسم د. خضير الخزاعي ، وقسم آخر قالوا: لماذا هذا الإفراط ؟ وهم كانوا ( عادل عبد المهدي – طارق الهاشمي – خضير الخزاعي ). عندها قلنا للسيد عبد الهادي: ألم تبلغنا بقرار السيد؟ فقال: نعم بدا لهم أمر آخر أي غيّروا رأيهم، فقلت له :القضية ليست بدا لهم لأني شكّلتُ الحكومة. وإذا ما أردتُ أن ألغي مناصب نواب رئاسة الجمهورية،  فمن أين لي وزارات أعطيها لهؤلاء ؟ وأي طرف يقبل أن آخذ وزارته؟ لقد صار من غير الممكن العودة إلى نقطة الصفر. ثم أن الحكومة سيعاد تشكيلها من جديد وسنرجع إلى المربع الأول، وسنحتاج إلى ثمانية أشهر أخرى. وفعلا لم يكن بالإمكان إعادة تشكيل الحكومة. جاء تنظيم العراق وقالوا: نحن لا نريد منصب نائب رئيس الجمهورية لأنهم وجدوا أنها ليست ذات فائدة لهم. فقلتُ لهم: لا أقدر على تغيير تشكيلة الحكومة، ولماذا وافقتم بالأساس ومن البداية على المنصب؟ وإذا تريدون التغيير فمكانها سيكون وزارة واحدة فقط، ومن أين سأعطيكم وزارة؟ هل تريدون وزارة دولة؟ سأضيف وزارة دولة، قالوا: لا يجب أن تكون حقيبة وزارية، قلت لهم: لا أقدر. فاعتذرتُ لهم لأنه بصراحة لو كان موقفهم منذ البداية ، لكان من الممكن أن أرتب بيت الحكومة والكابينة الوزارية على ضوء المعطيات ، لكن في اللحظات الحرجة من غير الممكن )). (١)

شخصيات استقبلها السيستاني أثناء المقاطعة
خلال فترة مقاطعة السيستاني للسياسيين التي دامت أربع سنوات (2010-2014) ثم تواصلت بعدها ، كان سماحته يلتقي بالعديد من المسؤولين السياسيين الأجانب مثل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (24/7/2014)، ممثل الأمم المتحدة في العراق أمثال مارتن كوبلر الذي التقاه في (20/1/2013 ) ، ونيكولاي ملادينوف ( 19/7/2014)، يان كوبيش (1/11/2015) وكذلك في (20/4/2015) و في (10/3/2016) . واستقبل سماحته رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر موير في ٨ كانون الثاني ٢٠١٧ ، رئيس مجلس النواب الإيراني علي لاريجاني ( في 23/12/2014) . واستقبل زعماء عرب مثل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والوفد المرافق له في ١ نيسان ٢٠١٩ ، ورئيس الجمهورية الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في ١٣ آذار ٢٠١٩ ، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في ٣١ آذار ٢٠١٩ ، والسفير البابوي في بغداد جورجيو ليتغوا. وفي ٥ تموز ٢٠١٥ استقبل سماحته الوفد الكويتي الذي ضم نواباً وشخصيات من الشيعة والسنة لتقديم الشكر لسماحته لموقفه من شهداء التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق (ع) بالكويت.
كما استقبل سماحته ممثلة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) السيدة جنينين بلاسخارت عدة مرات ، منها اللقاء الشهير في ١١ تشرين الثاني ٢٠١٩ الذي جاء بعد عشرة أيام من انطلاق تظاهرات الأول من تشرين ٢٠١٩. وقد سببت تصريحاتها غير الدقيقة نقلاً عن السيد السيستاني جدلاً في الأوساط السياسية والجماهيرية والإعلامية ، الأمر الذي اضطر مكتب السيستاني لإصدار بيان يوضح فيه ما جرى في اللقاء بين السيد السيستاني والسيدة بلاسخارت.
عراقياً في عام ٢٠١٤ التقى بكل من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وحمّله رسالة إلى الحكومة السعودية قبل سفره إليها. كما التقى سماحته كل من رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس الوزراء حيدر العبادي. بعد ذلك عاد سماحته إلى مقاطعة السياسيين العراقيين إلى هذا الوقت.
الهوامش
١- لقاء الكاتب مع السيد نوري المالكي عام 2016

أخر الأخبار