عاد الحديث عن المتهم الأبرز بارتكاب “سرقة القرن”، نور زهير، التي هزت العراق قبل عامين، إثر نهب مليارين ونصف المليار دولار من أمانات هيئة الضرائب العامة، لاسيما مع قرب محاكمته في 27 من الشهر الجاري.
حيث تعرض، ليلة أمس الجمعة، الى حادث سير خطير جداً في العاصمة اللبنانية بيروت، الأمر الذي أثار التساؤلات حول إذا كان مجرد مسرحية للتهرب من المحاكمة أم حقيقي.
إذ علق النائب مصطفى جبار سند، اليوم السبت، على الحادثة في منشور عبر حسابه في “فيسبوك “: “هل المخادع، يخترع قصة لعدم مثوله أمام المحكمة ؟”.
يذكر أن الكشف عن سرقة القرن، يعود إلى عهد وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، عام 2022، حيث كشف خلال إعلانه استقالته من منصب وزير المالية وكالة، عن سرقة 2.5 مليار دولار (3.7 ترليون دينار) من أموال الضريبة في مصرف الرافدين الحكومي.
إلى ذلك، شكك ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي بحقيقة الحادث مستشهدين ببقع الدماء على لباس نور زهير وعدم وجود بعضها على قميص زهير.
من جهة أخرى، رأى ناشطون على مواقع التواصل، أن ما حدث لنور زهير هو عملية اغتيال لتصفيته لاسيما بعد تصريحاته الأخيرة.
وذكرت وسائل الاعلام اللبنانية، صباح اليوم السبت، أن رجل الأعمال العراقي والمتهم الرئيسي في سرقة القرن نور زهير المظفر، تعرض إلى حادث سير خطير جدًا في منطقة الحدت – بيروت كاد أن يودي بحياته.
وأضافت: على إثره نُقل إلى المستشفى حيث تلقى الإسعافات الأولية، وأظهرت الفحوصات تعرّضه المظفر إلى إصابة بالغة في العمود الفقري والعنق والقفص الصدري إضافة إلى رضوض عدة في الجسم والرأس والرجلين.
وكان من المقرر ان يمثل نور زهير امام المحكمة في 27 آب أغسطس للمحاكمة في قضية الامانات الضريبية المعروفة إعلاميا “بسرقة القرن”.
وكان المتهم نور زهير، قال، في 17 آب الجاري، بمقابلة مع قناة الشرقية ضمن برنامج “المواجهة”، إن “الأموال التي كانت بحوزته تعود لـ”صكوك ومعاملات مدققة من هيئة النزاهة، وهي ليست أموال دولة”، مشدداً بالقول: “ولا دينار واحد يعود للدولة”.
وأضاف زهير، أن “سرقة الأموال الضريبية يجب أن تسمى كذبة الأموال الضريبية”، لافتاً إلى أن “أحد النواب ممن يهرجون الآن طلب مني منزلاً بمساحة أرض تبلغ 1200 متر وبشرط أن يكون في شارع الاميرات (منطقة المنصور ببغداد)”.
وأكد زهير، أنه في حالة محاكمته فسيكشف كل الأسماء المتورطة في القضية خاصة إذا كانت المحاكمة علنية.
وكانت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، قد حددت يوم الأربعاء الموافق 14 من شهر آب الجاري موعداً لمحاكمة “نور زهير”، إلا أنه تم تأجيل محاكمة المتهم الأول بقضية الأمانات الضريبية ما تُعرف بـ”سرقة القرن” الى 27 آب أغسطس الجاري، لعدم حضوره.
وأعلن رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، مطلع آب الجاري، استرداد أحد كبار المتهمين بـ”سرقة القرن” من تركيا بالتعاون مع السلطات في اقليم كردستان العراق، مؤكدا أنها قضية لن تموت مهما حاول ذلك الفاسدين.
وفي منتصف تموز الماضي، عدّ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، موضوع سرقة الأمانات الضريبية المعروفة باسم “سرقة القرن”، نقطة سوداء في تاريخ الدولة العراقية، وأشار الى أنها نُفذت بغطاء رسمي، وكشف عن تهريب نصف أموالها الى خارج البلد.
وكان عضو مجلس النواب ياسر الحسيني، كشف في 7 تموز الماضي، عن رفع جميع القيود عن تحركات المدعو نور زهير، مبيناً أنه يسيطر حالياً على موانئ الجنوب وهو يمثل احجية كبيرة لا يراد لها ان تنكشف.
وفي 15 آذار الماضي كشف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، عن مصير المتهمين بقضية سرقة القرن، فيما أكد أن المتهم الرئيسي نور زهير و30 آخرين سيحاكمون قريباً، مبيناً أن قضية نور زهير حاليا لدى القضاء لاستكمال إجراءات الدعوى وان محكمة التحقيق تعمل على استكمال بعض الأموال، ومن ثم الذهاب الى محكمة الموضوع لمحاكمتهم وفق القانون.
يشار إلى أن الحكومة العراقية أعلنت في تشرين الثاني من العام الماضي، عن تسوية ملف “سرق القرن” عبر مبدأ الإفراج المشروط مقابل استراداد الأموال المنهوبة وذلك خلال مؤتمر صحافي لرئيس الوزراء محمد السوداني.
وكانت القوات الأمنية اعتقلت المتهم الأبرز بسرقة القرن، نور زهير، في 24 تشرين الأول من 2022، قبيل فراره لخارج العراق بطائرة خاصة من مطار بغداد الدولي، حيث جرى منع الطائرة من الإقلاع بعد صعوده على متنها واعتقاله.
وأثارت القضية سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد، حيث باتت حديث الشارع العراقي والأوساط السياسية وغيرها حتى انتقل صداها إلى خارج العراق لتتناولها وسائل إعلام عربية وغربية.
يشار إلى أنه جرى الإعلان أكثر من مرة عن استعادة أموال مجمدة من بعض الدول الأوروبية، وتراوحت بين 20 – 40 مليون دولار، وهي لا تمثل نسبة عالية من مجموع المبالغ التي تقدر بأكثر من ملياري دولار.
وما زال ملف قضية “سرقة القرن” مفتوحاً لدى القضاء العراقي للتوصل إلى جميع خيوطه، وكذلك سبل استعادة الأموال التي تم تهريبها خارج العراق بحسب ما صرح عدد من النواب والسياسيين.
الجدير بالذكر أن لجنة النزاهة النيابية السابقة قدرت في 2023، حجم الأموال المهربة منذ 2003، بنحو 350 مليار دولار، أي ما يعادل 32 بالمئة من إيرادات العراق خلال هذه الأعوام.