أم البنين الكلابية .. نموذج الوفاء للمرأة المثالية
"Today News": بغداد
الوفاء قيمة سامية من القيم الأخلاقية والإنسانية التي يتميز بها المخلصون والصادقون. إنه تعبير عن الثبات على العهد والميثاق والتمسك بالحق ونشر الخير، وهو ما يعكس جوهر الإنسان المؤمن الذي يتجنب النفاق والابتزاز والكذب.
القرآن الكريم أثنى على هذه الصفات بقوله تعالى:
(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ- البقرة: 177).
السيدة فاطمة بنت حزام الكلابية، الشهيرة بـأم البنين (عليها السلام)، جسدت هذه القيم بأعلى صورها. كانت مثالًا للمرأة النموذجية في الوفاء والتضحية والصبر، حيث كرست حياتها لدينها وأسرتها وخدمة مبادئ الإسلام.
زواجها واختيارها
اختار الإمام علي (عليه السلام) السيدة أم البنين (ع) زوجة له بعد رحيل زوجته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
كان هذا الاختيار بناءً على توصية أخيه عقيل بن أبي طالب، العالم بأنساب العرب، الذي أشار إلى عراقة نسبها وفضائلها وشجاعتها التي ورثتها من قبيلتها بني كلاب.
تزوجها الإمام علي (عليه السلام) بعد السنة 24 هـ، لتصبح نموذجًا للوفاء لمنهج فاطمة الزهراء (ع).
أمومتها وحكمتها
كانت السيدة أم البنين (ع) تتمتع بحكمة وحنان استثنائيين. طلبت من الإمام علي (ع) أن يُكنيها بـ”أم البنين” بدلًا من اسمها “فاطمة”، حتى لا يتجدد حزن أبناء السيدة فاطمة الزهراء (ع) عند سماع اسم والدتهم.
ربّت أبناءها الأربعة: العباس، وعبد الله، وجعفر، وعثمان على حب آل البيت (عليهم السلام) والوفاء لرسالتهم. ورغم عظم دورها كأم، لم تكن عواطفها عائقًا أمام التضحية، بل دفعت أبناءها بوعي وإيمان لنصرة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء.
قمة الوفاء والتضحية
كانت تراجيديا عاشوراء نقطة الذروة في حياة السيدة أم البنين (ع).
دفعت أبناءها الأربعة ليجاهدوا ويستشهدوا مع الإمام الحسين (ع) ضد جيش يزيد بن معاوية عام 61 هجري ، دون أن تسمح للأمومة أن تثنيها عن الوفاء بعهدها تجاه الحق.
وعندما وصلها خبر استشهادهم، لم تسأل عنهم أولًا، بل كانت تسأل بحرقة: “أخبروني عن سيدي الحسين..!”
قالت عبارتها الشهيرة التي أصبحت درسًا خالدًا في الإيثار للذي اخبرها بشهادة اولادها اذ قالت له :
“قطّعت نياط قلبي، أولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء للإمام أبي عبد الله الحسين (ع).”
نشر مظلومية أهل البيت
بعد فاجعة كربلاء، لم تقف السيدة أم البنين عند حدود الحزن الشخصي. عكفت على نشر مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) وتعريف الناس بما جرى للإمام الحسين (ع) وأصحابه. كانت مجالسها مدرسة للوعي والولاء، تسرد فيها تفاصيل الطف وتبكي الشهداء، لتحيي القضية وتُبقي مظلومية الشهداء حية في القلوب .
وفاتها وإرثها الخالد
رحلت السيدة أم البنين (ع) في الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة 64 هـ ، بعد أن قضت حياتها ( تقريبا 60 عاما) مثالًا يُحتذى في الوفاء والتضحية.
تركت إرثًا خالدًا من القيم والمبادئ التي تلهم الأجيال المتعاقبة للسير على خطاها.
السيدة أم البنين (ع) ليست مجرد أم شهداء، بل هي رمز للمرأة التي جمعت بين الحنان الأمومي والثبات على المبادئ، والصبر على المحن والتضحية من أجل الرسالة الإلهية. إنها نموذج مثالي يُستلهم منه في طريق الحق والإيمان.
رحم الله السيدة فاطمة أم البنين (ع)، وجزاها عن الإسلام وأهله خير الجزاء.
وليد الحلي
12 جمادى الآخرة 1446
14 كانون الأول 2024
27-12-2024, 16:00 العراق يلوح بـ"تدويل" قضية أزمة المياه مع تركيا
24-12-2024, 14:45 العراق تلقى طلباً أميركياً بوقف أنشطة الحوثيين على أراضيه
28-12-2024, 22:05 قامات عراقية خالدة - ١٣ .. الدكتور فرحان باقر عميد الطب الباطني في العراق
د. صلاح عبد الرزاق28-12-2024, 12:40 المسألة الفقهية الضائعة "حيرة دمشق"
عباس الجبوري27-12-2024, 13:22 ما يخبِّئه الشام للعراق
علي المؤمن25-12-2024, 21:11 قامات عراقية خالدة - ١٢ المؤرخ جواد علي.. طبري العصر الحديث
د. صلاح عبد الرزاق