• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الامام الكاظم و وصاياه لاصحابه بين التوازن النفسي و السلوك السياسي

الامام الكاظم و وصاياه لاصحابه بين التوازن النفسي و السلوك السياسي

  • 25-01-2025, 20:47
  • مقالات
  • 26 مشاهدة
عبدالأمير الهماشي

"Today News": بغداد 

  مما يجدر الاشارة اليه  إن الباحث التاريخي  والمحلل او القارئ لشخصية  اسلامية تاريخية أن لا ينتقي  وصيةً أو مقولةً  هنا ويترك وصيةً أو مقولةً هناك  ، أو يركز على سلوك في فترة ما ، دون أن يستوعب كل حركته ،سيما تلك الشخصيات التي كانت محوراً للاحداث في  الامة الاسلامية  .
ومن هذه الشخصيات  موسى بن جعفر(ع)  حفيد رسول الله (ص) الذي كانت له زعامة بني هاشم  بعد وفاة أبيه جعفر بن محمد الصادق (ع) ، وهو الامام السابع في سلسلة الائمة الاثني عشر .
  فقد نرى للوهلة الاولى  اختلافاً في وصاياه أو فتاواه عندما يُسأل في مواضيع لها ارتباط بالتعامل مع السلطة الحاكمة آنذاك، أو إنه  يثير مع أصحابه الحالة النفسية  التي يكونون عليها  فيغلب الطابع على التطبع  ، ولكن بقراءة أُخرى  نرى أنه يعلم أتباعه  أو يُوطنُ في نفوسهم على رفض الظلم ، وان التعايش لا ينبغي أن يتسلل الى القلب مما يؤدي الى خلل في الايمان ، ولكننا نرى اختلافاً في التوجيهات مع اخرين وصلوا الى مراتب القرار  والقضاء في حكومة بني العباس لكنه يحث على بقائهم ويحميهم بل يطلب منهم أن يعملوا  بفقه الجماعة  السائدة أنذاك .
كما إن الباحث التاريخي عليه أن يقرأ الاخر ، السائل ،وكيف تعامل الامام معه  وفي مسأله  قربه منه ،  وربما تحمله للأمر  فيما يتعلق بالامامة و ولاية الائمة من أهل البيت  فقد ورد عنهم "حديثنا صعب مستصعب."
ولعلنا نقف على نموذجين مختلفين من وصاياه لشيعته او مَن يعتقدون بإمامته  حول تعاملهما مع السلطة الحاكمة وكلاهما له شأن في الدولة أنذاك أحدهما سياسي  والاخر تجاري .
سأبدأ بكلامه ووصيته مع صفوان الجمال،فقد اشتهر هذا الرجل بمهنته  رغم انه خطيب محدث عالم صحب الامام جعفر الصادق وبعدها  ولده الامام موسى بن جعفر  صاحب الذكرى ولنرى حديثه معه  وترى تشدد الامام وهو يتحدث عن حالة نفسية  عندما تمنى بقاء الظالم وسلامته لأن تجارته ارتبطت معه ولا حاجة  لشرح مفردات الحوار فهي واضحة الدلالة والبيان والتعليل إنْ جاز التعبير " الامام يا صفوان كل شيء منك جميل وحسن ولكن هناك شيء؟ قال ماهو جعلت فداك؟ قال كراءك جمالك لهذا، من هو هذا؟ يعني هرون الرشيد فيقول صفوان قلت سيدي انا ما اكريته اشراً ولابطراً، لاللصيد ولا لللهو ولكن اكريته لطريق الحج وانا لم اذهب معه، انا اذهب فقط مع ابوك الامام الصادق فقال له الامام طيب ولكن ألك بذلك كراء؟ تأخذ اجره؟ قلت نعم فقال له لابد انك تحب بقاءه حتى يبعث اليك كراءك؟ يعني انك تتمنى ان يبقى حياً ليبعث لك اجرك؟ فقلت نعم فقال لي أما تعلم بأن من احب بقاءهم كان منهم"
وعبارة كان منهم هي التي تهمني  بعد أن يرتبط التاجر أو صاحب المهنة مع السلطة الحاكمة فإنه يتمنى سلامتها وبقاءها ليضمن تجارته او أجره كما هي الحالة التي حذر منها الامام موسى بن جعفر (ع) صاحبه وثقته !!.
و قد يكون هذا منهجاً لمن يتعامل في الامور التجارية والمالية مع الظالمين فيكون حريصا على سلامتهم !!!.
وقد باع صفوان الاسدي كل جماله ،وأثار غضب هارون العباسي  حينها ،إلا انه سلم من العقاب لحسن سيرته مع بني العباس .
وفي موقف اخر مع صاحب اخر  كان وجوده ضرورياً في السلطة لدفع الاذى عن المظلومين فنرى الامام يرشده الى سلوك مغاير عما اوصى به صفوان الاسدي الملقب ب(صفوان الجمال) .
 ونقرأ أنه أثنى  على  عمل الوزير في حكومة بني العباس  وهو علي بن يقطين .
باستعراض هذين النموذجين  نستطيع القول أنَّ المنهج  السياسي  المعارض لا ينبغي ان تكون القطيعة  التي تؤدي الى تدهور أحوال الناس وضياع حقوقهم وربما  الى تذمرهم ونفورهم  من المنهج المتشدد أو الصارم ..
فالاعتزال لا تعني العزلة ،والرفض القلبي  للمنكر من أسس الرفض  الثلاث التي  تكون منهجاً عندما يكون أصحاب الحق في أضعف حالاتهم ، وتبعد عنهم الاذى الجسدي والاقتصادي أيضا.
 كما أن  الائمة لم تكن السلطة هدفاً للحكم  بقدر ما كان هدفهم  هو  الاصلاح للنفوس وللمجتمع الاسلامي للسير بسنة رسول الله (ص) المطهرة والعمل بكتابه المجيد دستور الاسلام الخالد .
 ومن هنا علينا أن نقرأ  سلوك وتعامل الائمة بصورة عامة ، أما الاجتزاء لمرحلة أو لحديث  واحد فقد تكون القراءة ناقصة ، ولا تعطينا الصورة التي ينبغي ان نصل إليها لنستطيع السير بسلوك قويم من هدي الكتاب الكريم والسنة المطهرة .

أخر الأخبار