• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الذكاء الاصطناعي .. بين الابتكار والمسؤولية نحو نهضة عراقية مستدامة

الذكاء الاصطناعي .. بين الابتكار والمسؤولية نحو نهضة عراقية مستدامة

  • 27-01-2025, 14:54
  • مقالات
  • 44 مشاهدة
الدكتور محمد عصمت البياتي

"Today News": بغداد 

يشهد العالم اليوم موجة متسارعة من التحولات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح هذا المجال ركيزة أساسية في تشكيل ملامح المستقبل. ووفقًا لتقارير عالمية، من المتوقع أن يصل الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى أكثر من 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2030، مع مساهمة كبيرة في رفع كفاءة القطاعات المختلفة مثل الصحة، التعليم، الصناعة، والنقل. كما أن هذه الثورة التقنية ليست مجرد ترف علمي؛ بل هي ضرورة اقتصادية وتقنية تفرض نفسها في كل مكان.

العراق، كبلد يزخر بعقول مبدعة وطاقات شبابية، أمام فرصة ذهبية للمشاركة في هذه النهضة العالمية. فمن المعروف أن الشعب العراقي يتمتع بمستوى عالٍ من الذكاء والقدرة على التكيف مع التطورات العلمية. لكن المعضلة الأساسية تكمن في الفجوة بين الإمكانات البشرية المتوفرة لدينا وبين البنية التحتية المعرفية والتقنية التي يحتاجها تطوير هذا المجال.

لذلك، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، بدءًا من المؤسسات الأكاديمية والبحثية، مرورًا بالقطاع الخاص، وصولاً إلى الأفراد المهتمين بتطوير أنفسهم ومجتمعهم. الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي توفير المعرفة العملية حول كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته.

على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين العمليات البحثية لطلبة الدراسات العليا من خلال أدوات تحليل البيانات أو تلخيص النصوص المعقدة. كما يمكن للتقنيات المبسطة، مثل تطبيقات تحسين جودة الصور أو إزالة العلامات المائية، أن تكون بوابةً للأفراد للتعرف على الإمكانات الواسعة لهذا المجال. وتشير الإحصائيات إلى أن 70% من الشركات الناشئة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءتها التشغيلية، مما يعكس حجم الإمكانات التي يمكن أن تتوفر إذا تم نشر هذه المعرفة في المجتمع العراقي.

ومن الناحية التعليمية، يمكن تصميم برامج تدريبية وورش عمل مبسطة تستهدف مختلف الفئات، بدءًا من المبتدئين وحتى المحترفين. هذه البرامج يمكن أن تُركز على تعليم أدوات الذكاء الاصطناعي الأساسية، مثل منصات إنشاء المحتوى، تحليل البيانات، أو أدوات البرمجة الذكية. ومن الناحية العملية، يجب أن يترافق هذا الجهد مع بناء بنية تحتية رقمية تدعم البحث والتطوير، سواء في الجامعات أو في المراكز البحثية.

ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على تقديم حلول علمية وتقنية، بل يمتد ليشمل التنمية الاقتصادية. فبحسب البنك الدولي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي للدول النامية بنسبة تصل إلى 25% بحلول عام 2030، إذا ما تم استثماره بشكل صحيح.

لذلك، يجب أن نضع رؤية وطنية واضحة تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الرئيسية في العراق، مثل  النفط ،الطاقة ، التعليم، الصحة، والحوكمة. كما يجب أن يتم التركيز على بناء شراكات دولية للاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال، مع الاستثمار في تدريب الكوادر العراقية لتصبح قادرة على قيادة هذه التحولات داخليًا.

خلاصة، إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية حديثة، بل هو فرصة استثنائية للعراق لاستعادة مكانته العلمية والحضارية على الساحة الدولية. وبتضافر الجهود وتوجيه الطاقات نحو هذا المجال، يمكننا أن نضع الأسس لمستقبل يتسم بالابتكار والاستدامة. العراق قادر على أن يكون في مقدمة الدول التي تتبنى هذه الثورة العلمية، شرط أن نبدأ الآن، وبوعي كامل، في الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا على حد سواء.

Follow the د. محمد عصمت البياتي channel on WhatsApp: https://whatsapp.com/channel/0029Vb3yzoiChq6Jab17A73z

أخر الأخبار