منذ أيام، بدأت مئات الجواميس والعجول تتساقط تباعًا في حضائر تربيتها ببعض المناطق العراقية، وانتشرت مشاهد مصورة توثق أشبه بـ"المجازر والموت الجماعي" لعشرات العجول والجواميس، لتنتشر اخبار سريعة بـ"مرض مجهول" يفتك بالمواشي في العراق، ووصلت هذه القناعة الى شخصيات برلمانية أصدرت "نعيًا" وتعزية لأصحاب العجول والجواميس.
رئيس اللجنة المالية النيابية عطوان العطواني، وصف ما تتعرض له الجواميس بـ"الإبادة"، لتفشي اوبئة مجهولة المصدر والأسباب، داعيا لاجراء تحقيق عاجل مع وجود روايات شائعة تشير الى استيراد شحنة عجول موبوءة وادخالها الى البلاد ما أدى لانتشار الفيروس الذي تحمله هذه الشحنة، وتسببت بخسائر تقدر بالمليارات.
لكن وزارة الزراعة نفت في اكثر من مناسبة، دخول شحنة عجول موبوءة او مصابة، وأكدت ان حالات النفوق الجماعي للجواميس حدثت في مناطق شرق بغداد ولاسيما الفضيلية، حيث أصيبت هذه الجواميس بمرض الحمى القلاعية، وهو مرض مستوطن في العراق منذ ثلاثينات القرن الماضي ويخرج بين الحين والأخر كلما توفرت الظروف المناسبة لذلك من بينها انخفاض درجات الحرارة.
عملت وزارة الزراعة على فرض "حظر تجوال" على العجول والجواميس بين بغداد وباقي المحافظات، باعتبارها منطقة بؤرة للاصابات والعدوى، فيما يأتي هذا التفشي للوباء مع اقتراب شهر رمضان، وسط مخاوف من ان يتسبب بارتفاع أسعار اللحوم نتيجة انخفاض اعداد المواشي، فحالات النفوق بلغت المئات.
تكشف دوائر البلدية في مناطق شرق بغداد انها ترفع عشرات الاطنان يوميا من المواشي النافقة، فيما كشف بعض مربو الجواميس ان شخصا واحدا منهم فقد 150 رأس من الجاموس دفعة واحدة حيث نفقت جميعها، متهمين شحنة عجول مستوردة بحمل الوباء ونقله.

لم يأتي الحديث عن شحنة العجول الموبوءة من فراغ ربما، بل هذا الاعتقاد جاء مرتبطا بما صدر عن احدى النائبات في منتصف شهر يناير الماضي، عندما كشفت عن استيراد شحنة عجول من جيبوتي مصابة بمرض الطاعون، لكن وزارة الزراعة نفت أيضًا هذه المعلومات، مؤكدة ان شحنة العجول متابعة من قبل دوائر البيطرة.
وبحسب البيانات العالمية، فإن مستوى تسجيل الإصابات بالحمى القلاعية في المواشي بالعراق طوال السنوات الماضية كان يتراوح بين 5 الاف الى 20 الف إصابة سنوية للعجول والابقار والاغنام والمجترات الصغيرة الأخرى مثل الماعز.
بالتزامن، بدأت الكثير من الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة "التوقف عن شراء اللحوم" والتحذير من "مرض طاعون يصيب المواشي"، لكن يبدو ان فكرة "الطاعون" مأخوذة من تحذير النائبة عن شحنة العجول المصابة بالطاعون القادمة من افريقيا وذلك في منتصف يناير الماضي، كما أن وزارة الزراعة نفت إمكانية انتقال مرض الحمى القلاعية من الحيوان الى الانسان.
وعموما، سيعمل العاملان المختلفان بشكل متعارض، على مستويات أسعار اللحوم مع اقتراب رمضان، فبينما يؤدي النفوق الى تراجع المعروض من اللحوم مما يؤدي لارتفاع الأسعار، لكن الدعوات والمخاوف من الامراض ستؤدي الى مقاطعة او تقليل شراء اللحوم بذات الوقت، مما سيؤدي لانخفاض الأسعار في عاملين متناقضين.