الصيام تمتين الإرادة لبناء مجتمع العدل والإنسانية
"Today News":
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183)
الصيام في شهر رمضان فريضة إلهية، لكنه ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل تجربة متكاملة تعزز الإرادة، وتنقي الروح، وتبني مجتمعًا أكثر عدلًا وإنسانية. فهو تمرين يومي على ضبط النفس، ودعوة لتغيير الفرد والمجتمع نحو الأفضل:
1. الصيام.. رحلة نحو قوة الإرادة
ليس الصيام مجرد حرمان مؤقت من الملذات، بل هو تدريب عملي على التحكم في الذات. حين يمتنع الإنسان عن الطعام والشراب بإرادته، لا لمكسب مادي بل طاعة لله، فإنه يكتسب قدرة هائلة على مواجهة التحديات الأخرى في حياته. إن القدرة على مقاومة الجوع والعطش تعكس تحررًا من عبودية الشهوات، وتجعل الإنسان سيدًا على رغباته بدل أن يكون عبدًا لها.
2. حكمة إلهية يدعمها العلم الحديث
قال الله تعالى: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 184)، وقال النبي (ص): “صوموا تصحوا”. اليوم، تؤكد الدراسات العلمية الحديثة فوائد الصيام الصحية، فهو يساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم، وتحفيز عمليات تجديد الخلايا، وتقليل مخاطر أمراض القلب. كما أظهرت الأبحاث أن الصيام يعزز الأداء البدني والذهني، ما يدحض الاعتقاد الخاطئ بأنه يضعف الجسد. إنه ليس مجرد عبادة، بل أسلوب حياة يعزز الصحة والعافية.
3. تهذيب النفس وتعزيز السلام الداخلي
الصيام ليس فقط انضباطًا جسديًا، بل هو تهذيب روحي وأخلاقي. فهو يعلم الإنسان الصبر وكبح الغضب، مما ينعكس إيجابًا على سلوكياته. وتظهر الإحصائيات أن معدلات الجريمة والعنف تتراجع في المجتمعات الإسلامية خلال شهر رمضان، إذ يصبح الناس أكثر تسامحًا وهدوءًا. فحين يسيطر الإنسان على رغباته، فإنه يكتسب توازنًا نفسيًا ينعكس على حياته اليومية.
4. مجتمع أكثر تماسكًا وتكافلًا
الصيام تجربة جماعية تقوّي الروابط الاجتماعية، وتعزز قيم التضامن والتكافل من خلال:
أ-الإحساس بالآخرين: عندما يشعر الصائم بالجوع، يدرك معاناة الفقراء، فيتحرك لمساعدتهم. لذا، تنتشر في شهر رمضان موائد الإفطار والمبادرات الخيرية.
ب- الالتزام الأخلاقي: من يمتنع عن الطعام والشراب طاعة لله، يسهل عليه ضبط لسانه وأفعاله. فتنخفض النزاعات، وتنتشر قيم التسامح والعفو.
ج- إعادة ترتيب الأولويات: في عالم مادي، يأتي الصيام ليذكّر الإنسان أن القيم الأخلاقية والإنسانية أهم من المصالح الضيقة.
5. الصيام.. سلاح ضد الفساد والظلم
الصيام يعلّم الإنسان قول “لا” للفساد والظلم. فالشخص الذي يعتاد مقاومة رغباته، يصبح أكثر قدرة على مقاومة المغريات غير المشروعة، ويرفض الرشوة والظلم مهما كانت الإغراءات أو الضغوط. قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2). وهكذا، يصبح الصيام تدريبًا عمليًا على النزاهة والشجاعة في مواجهة الفساد.
6. أمة قوية تسعى لعالم أكثر عدلًا
الأمة التي تربّي أبناءها على الصيام تخرّج أجيالًا ترفض الخضوع للظلم، وتتمسك بمبادئها رغم الإغراءات والتحديات. تخيّل مجتمعًا يقوم على:
أ-التماسك والعدل: حيث التعاون مبني على الخير وليس على المصالح الأنانية.
ب- رفض الاستبداد: أمة لا تبيع قيمها ولا تستسلم للطغاة.
ت- الإنسانية: الرحمة والإحسان قيم أساسية، فتكون يدها ممدودة لكل محتاج ومظلوم.
7. الصيام.. دعوة لتغيير العالم
ليس الصيام مجرد عبادة موسمية، بل هو مدرسة لإصلاح النفس والمجتمع. إنه يفتح أبواب التأمل في القدرة على التطور الذاتي، وتحسين السلوك، وبناء بيئة أكثر عدلًا. فهل نكتفي بالصيام كشكل، أم نجعله منهجًا نعيشه في كل أيامنا؟ الصيام ثورة صامتة تبدأ من الداخل، لكنها قادرة على تغيير العالم.
فلنحمل قيمه معنا بعد شهر رمضان المبارك، ولنكن نموذجًا للإرادة القوية والعدالة والرحمة.
وليد الحلي
26-2-2025
24-02-2025, 12:52 هل أطاح "تكسي الشركات" بسيارات الأجرة التقليدية في العراق ؟
23-02-2025, 09:40 جدل برلماني حول تعديل قانون الانتخابات قبيل استحقاق 2025
26-02-2025, 15:44 في حضرة الزعيم
د. صلاح عبد الرزاق26-02-2025, 15:34 الصيام تمتين الإرادة لبناء مجتمع العدل والإنسانية
وليد الحلي23-02-2025, 11:33 لا يكتب عن الشهادة غيرنا…....
د. عمران كاظم الكركوشي23-02-2025, 11:20 أطالَ الله أعمار العصافير .. قــــمـة الـــريــاض (التهجير والتشييع ) !
عباس الجبوري