(السيستاني) و غــــزة ( المبتدأ والخبر)
"Today News": بغداد
١-عندما وصل طلب الطبيب العراقي (الفلسطيني ) محمد ابو رغيف الموسوي..لزيارة المرجعية العليا ..تناثرت شظايا عبارات الامتنان وشهادات البطولة بحق هذا الطبيب في الازقة القديمة (الحانية) على العلم والممتلئة بالحب والفقه والشعر ..أزقة تنتهي ببيوت ومراقد تضوع من طابوقها عطور الشريف الرضي وهو (يتلفت) على أطلالها..والشيخ الطوسي وهو يستند اليها بدرسه العميق والطويل..والكوفي الاول(المتنبي) الذي جال بها على واحات وساحات الخيل والليل… والكوفي الثاني( الجواهري) الذي سكنته أينما حلَّ ونزل..على مساحة قرن من الشعر والتمرد ..
٢-دخل الطبيب الى منزل المرجع الاعلى..وبعد ترحيب زاخر من مستقبليه.. تنقلت عيناه على جدران البيت وأثاثه ..وتحيات طلبة يتبادلون عناويناً وأسئلة ومواعيداً بلقطات سريعة..
تأمل في قدحين (إستكانين) صغيرين..الاول للشاي ..والاخر ليمون (نومي بصرة) فتناول الليمون برشفات طبيب صامتة..نبش في ذاكرته الكثير بحنين كاتم ..زاد على صمته الاول..
٣-الجلوس بين يدي الأب ..هكذا وصف أحدهم جلوس الطبيب في حضرة (الفقيه)..كان حواراً بالعيون والشفاه والآذان..والقلوب..
تشابكت مشاعر وازدحمت عواطف وتدافعت أمنيات .. وتدحرجت دموع من عيني الطبيب وهو يمررعلى ( وجه السيد) نظراته بإستحياءٍ بالغ…
هذا الطبيب الذي لم يرتعد تحت دمدمة الموت والقصف بأطنان المتفجرات.. هنا سكنت أنفاسه .. وهو يقبض على (قلبه) بأصابع جراح عتيد..
٤- هكذا كانت غزة.. آخر جملة قالها الطبيب بعد أن أسهب في وصف (الانسان) هناك ..حيث لم يتبق الا خيط واحد لخياطة جراح.. وخيط طويل من الجوع ليشنق الحياة.. وخيط من الأمل يتدلى مع الفجر على شقوق الانفاق والاكواخ ..وبقايا الروح والعظام .. وخيط ماء من بئر معطلة تحت مرمى المسيّرات.. وكان هناك ..
٥-وكان هنا..كان السيّد يصغي لبوح الجراح القادم من بين الجروح .. والحي الاخير من بين الموتى ..والقادم الذي يمشي برجليه بعد أن ترك طفلاً بلا حليب .. وامرأة بلا ضلوع.. وبطلاً بلا ساقين .. و حوامل بلا طبيبة نساء.. هذا ما شاهده بعينه… أما ما شاهده بقلبه وروحه وعقله..فكانت جبالاً من الصبر .. وبراكيناً من الغضب .. وجحافلاً من الشجاعة.. (كانت آيتان..)
وكانت حياتين ..بعد قيامة حمراء ..
٦-كادالطبيب بين ذراعي المرجع أن (يفحط) من الحب والابوة و (طوفان الدفء )الذي غطاه .. وهو تحت عباءة (زاهد القرن ) الرؤوم.. وتذكر (بردة ) الرسول الكريم وكيف (كفكف) بها كعب بن زهير دموعه بين يدي النبي شوقاً الى (سعاد) التي (بانت) .. ولم يعوضه عن فراقها الا (عطر البردة) النبوية التي (لايشتكي قصرٌ منها ولا طولُ..)
٧-شكر المرجع غزة.. كل غزة ..(بشهيدها )ومفقودها ونسائها وشبابها و(شبابها) مرتين (لأن غزة بلا أطفال)..وشيوخها ومساجدها وآبارها وفقيرها وغنيها.. وبحرها الذي (تمدَّه) (بسبعة أبحر) من الايمان و الصبر الجميل ..وشكر الطبيب والاديب .. وأقدام الحفاة العابرين على دروب الديناميت وجمر القسوة القاسية..وأرسل دعائه الى غزة مع حمام المرقد العلوي الذي كان (يرفرف ويحمحم) على غزة هاشم ..التي يبادلها البريد ( من قبلُ ومن بعد)..
٨-كنتُ من المنتظرين لخروج الطبيب .. و كان غيري (يظن أن لا يخرج الطبيب حيّاً) من كثافة الحب و حجم الشوق و(قلبه ) الذي تركه في غزة وعاد ..عاد بلا قلب ..ليتلاشى في (قلب كبير) يأن على أنين المتعبين والفقراء والضحايا ..(يغفو على ألم .. ويصحو على ألم)..وفي يده (مسبحة) الحمد لله..يقلبها على مدار الزمان والمكان ..
٩-خرج الطبيب من زقاق الزهد..فرحاً ..وهو يسحب هواءً كالطوفان ليملأ رئتيه.. ويحمل (حباً) بحجم العالم.. وصبراً كالرواسي..
ورفع رأسه الى السماء .. وتمتم بطول العمر لأهل غزة والعراق ..قبل أن يرمي جسده على شباك (الامام علي ع).. ليذرف دمعته الاخيرة.. بنحيب يسمعه أهل غزة وجنوب لبنان.. وسيدة ريف دمشق ..
١٠-كان المبتدأ المرفوع .. للأمة.. وكان إسمها المرفوع ..لخبرها المؤلم ..ودموعها الغزيرة ..وأردت أن أكمل.. ولكن (غابت عني أشياء)..ربما لقدسية المشهد.. وربما لأن ( البوح على أبواب الزهد)
لايسمعه المنشغلون بالرجاء ..
عباس الجبوري
مجلس النواب العراقيين
1-03-2025, 22:31 بسبب سوريا .. تركيا وإيران تدخلان بمواجهة علنية للمرة الأولى
24-02-2025, 12:52 هل أطاح "تكسي الشركات" بسيارات الأجرة التقليدية في العراق ؟
أمس, 19:55 (السيستاني) و غــــزة ( المبتدأ والخبر)
عباس الجبوري1-03-2025, 20:59 الاحتفال بيوم المعلم .. تقديرٌ للعطاء وإعلاءٌ لقيمة العلم
وليد الحلي1-03-2025, 15:03 لابد من التصدي لعنجهية ترامب بعد أن طفح الكيل .. زلنسكي نموذجاً
د.رعدهادي جبارة26-02-2025, 15:44 في حضرة الزعيم
د. صلاح عبد الرزاق