تشهد مناطق عديدة من العراق هطول أمطار هائلة، نتيجة تأثر البلاد بحالة جوية بدأت منذ يوم الثلاثاء الماضي (4 آذار/ مارس الجاري)، أدت إلى غرق شوارع وأزقة وبعض القرى وقطعت الطرق فيها، كما تسببت بخسائر مادية، فيما تكتفي السلطات المحلية بتعطيل الدوام الرسمي.
ويراقب العراقيون بحسرة وفي تناقض واضح، كميات هائلة من مياه الأمطار والسيول التي تساقطت على مدنهم ووديانهم خلال الأيام الماضية، وهي تذهب سدى في الوقت الذي هم بأمس الحاجة إلى تلك المياه سواء في الزراعة والثروة الحيوانية وغيرها من المجالات، وسط دعوات للاستفادة من تلك المياه وتخزينها كما تفعل الدول الأخرى.
ويقلل خبراء في الموارد المائية من قدرة العراق على الاستفادة من هذه الأمطار، عازين ذلك إلى عدم وجود خطط استراتيجية للاستفادة منها بما يضمن تخزيناً للمواسم المقبلة التي ربما تكون جافة.
ويحث الخبراء على ضرورة بناء السدود واتخاذ الإجراءات المثلى للتحكم في مياه الأمطار وتخزينها بما يضمن الحد من مخاطر الفيضانات، وتلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه.
وفي هذا السياق، يقول عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية، ثائر مخيف، إن "من مصادر الإرواء في العراق هي الأمطار والمياه الجوفية، وما يحصل من سقوط كميات كبيرة من الأمطار حالياً فيه فائدة آنية وليس مستقبلية إلى حد ما".
ويرجع مخيف في تصريح له ، سبب ذلك إلى أن "العراق متأخر في حصاد المياه بسبب عدم وجود السدود والخزانات، حيث هناك نقص حاد في السدود بالمناطق الوسطى والجنوبية، أما في المناطق الشمالية التي هي مصدر المياه فتم إنشاء سدود هناك".
ويؤكد، أن "الأمطار القادمة من إيران وأيضاً الداخلية، يمكن الاستفادة منها من خلال إقامة السدود لتذهب المياه إلى المسطحات المائية وخاصة في مناطق الأهوار، ويتم إنشاء السدود من خلال تخصيص مبالغها في الموازنة، وهذا ما لم يتحقق سابقاً".
ويوضح النائب، أن "الأموال المخصصة حالياً غير كافية لإداة الإرواء وتطويرها وإقامة السدود، كما تمت المطالبة في وقت سابق بزيادة أموال وزارتي الموارد المائية والزراعة بهذا الخصوص ولم يحصل شيء، لذلك قلة التخصيصات المالية أثرت على حصاد المياه، رغم أن العراق يمر على مدى 5 سنوات الأخيرة بجفاف قاسي بسبب التغيرات المناخية".
ويشكل هطول الأمطار خلال الأيام الماضية انفراجة نسبية للعراق الذي يعد من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً ببعض انعكاسات التغير المناخي في العالم.
وتوجه بغداد انتقادات متكررة إلى دول الجوار، تركيا وإيران، لأنهما تبنيان سدوداً على منابع الأنهر التي تغذي العراق، الأمر الذي أدى الى خفض كبير في تدفق المياه إليه.
فيما تؤكد حكومة إقليم كوردستان، امتلاكها خططاً لإنشاء عدد من السدود وتأمين المياه للسكان، ورفد قطاع الزراعة في الإقليم.
ويتفق خبراء الموارد المائية على إخفاق الحكومات العراقية بالتعامل مع ملف إدارة الموارد المائية وخاصة في مجال بناء السدود لخزن المياه في مفارقة تتمثل بذهاب مياه الأمطار والسيول في العراق إلى الهدر وعدم الاستفادة منها في الوقت الذي يعاني البلد من جفاف كارثي أسفر عنه تقليص المساحات الزراعية وهجرة واسعة من الريف إلى المدن وخسائر كبيرة في الثروة الحيوانية.
ويمتلك العراق 19 سداً، شُيّد معظمها على نهري دجلة والفرات وروافدهما بهدف السيطرة على تدفق مياه النهرين عند وفرة الإطلاقات بشكل يحمي المدن من الفيضانات، علاوة على استعمال خزينها في أوقات الشحّة.