• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

صفقة أم ضربة ؟ غيوم الحرب تتلبّد في سماء إيران

صفقة أم ضربة ؟ غيوم الحرب تتلبّد في سماء إيران

  • أمس, 16:28
  • تقاير ومقابلات
  • 22 مشاهدة
"Today News": متابعة 

 تتصاعد في الآونة الأخيرة لغة الحرب على إيران، وتنحسر ثم تعاود الظهور بشكل غير مسبوق؛ وذلك على خلفية تطورات سياسية وعسكرية شديدة التعقيد تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

فمن جانب، تظهر مناورات بحرية مشتركة بين إيران وروسيا والصين قبالة السواحل الإيرانية، تبرز من جانب أخر التصريحات الأمريكية والإسرائيلية والتي تقدم إيران في أضعف مراحلها داخليًا وإقليميًا، ما قد يتيح توجيه ضربة عسكرية إليها.

تمتلكُ إيران ذراعًا صاروخية ضخمة تعوّل عليها في ردع أيّ هجوم محتمل، أو في "الانتقام من أيّ جهة قد تطال برنامجها النووي"، كما يشير مسؤولو الحرس الثوري، وفي الوقت ذاته، يقول خبراء إنّ إسرائيل لا تستطيع بمفردها تدمير ذلك البرنامج أو إلحاق ضرر بالغ به، وإنّها لا غنى لها عن دور أمريكي مباشر في أيّ عمل عسكري واسع.

حكومة بنيامين نتنياهو، المدعومة بوزراء من اليمين المتشدد، تعتبر اللحظة سانحة لإقناع الإدارة الأمريكية بالتشارك في ضربة عسكرية موحّدة ضد إيران، وبأدوات وأساليب متعدّدة.

في المقابل، تحذّر إيران، صراحة أو ضمنا، من أنّ المنطقة بأكملها ستتعرّض لزلزال إقليميّ واسع إذا ما تعرّضت لذلك الهجوم، في إشارةٍ إلى احتمالات امتداد النزاع إلى العراق ودول الخليج، إضافةً إلى إسرائيل نفسها.

لماذا، وكيف؟

تعرضت ايران لسلسة انتكاسات لا يستهان بها منذ اكتوبر/تشرين الاول 2023، ضمن أركان ما يعرف بمحور المقاومة الذي تدعمه طهران، فحركة حماس خاضت معركة مدمرة مع اسرائيل، حولت قطاع غزة الى ركام شبه شامل، وفقدت مجموعة كبيرة من كبار قادتها العسكريين والسياسيين، وتحديدا يحيى السنوار ومحمد الضيف واسماعيل هنية.

أما حزب الله اللبناني، فان خسائره لم تكن أقل شأنا، بخسارته أكبر زعيمين للحزب حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، ومجموعة كبيرة من قياداته العسكرية البارزة وترسانته الصاروخية القوية.

ولكي يكتمل مشهد الانتكاسات الكبيرة، تهاوى نظام بشار الأسد في سوريا في كانون الأول/ديسمبر الماضي في غضون أيام، أمام هجوم الفصائل الاسلامية المسلحة المدعومة بجزء كبير منها من تركيا وقطر، وانقطع التواصل البري الجغرافي الذي عملت عليه منذ سنوات عديدة لـ"محور المقاومة"، من اراضيها الى سواحل البحر المتوسط.

وفي الوقت نفسه، تعرض العراق وفصائل "تنسيقية المقاومة" فيه الى ضغوط اميركية وتهديدات اسرائيلية، دفعت الحكومة العراقية الى فرض ترتيبات وتهدئة، ومرحلة "نأي بالنفس" عن الحرب الاقليمية التي تواصلت طوال 15 شهرا.

لكن واشنطن أضافت خلال الساعات الماضية، شرارة مثيرة للقلق على الموقف العراقي، حيث لم تجدد الإعفاء الرئاسي على واردات الغاز والكهرباء الإيراني، في إطار تطبيق سياسة "العقوبات الأقصى" التي انتهجها ترامب في ولايته الرئاسية الاولى، ويستعيدها تدريجيا الآن.

أمام هذه المعطيات، ترى إسرائيل أنّ الظروف باتت مناسبة لشن هجوم على إيران، لا سيّما مع وصول رئيس الأركان الجديد الجنرال إيال زمير، الذي طرح سبعةَ تصورات لتحقيق النصر على إيران في حرب إقليمية متعدّدة الجبهات.

عودة الوساطات وحديث ترامب عن صفقة محتملة

في الثلاثاء الماضي، أعلن الكرملين أنّ الرئيس فلاديمير بوتين وافق على التوسّط بين إيران والولايات المتحدة. وبعد ثلاثة أيّام، كشف ترامب أنّه وجّه رسالةً إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، عبّر فيها عن أمله في التفاوض، محذّرًا من أنّ "التدخّل العسكري سيكون كارثيًا بالنسبة لإيران"، ومؤكدًا تفضيله عقد صفقةٍ بدلًا من خوض الحرب. وأضاف أنّ "شيئًا ما سيحدث مع إيران قريبًا، وأنّ الأيام المقبلة ستكون مثيرةً للاهتمام".

على الرغم من نفي طهران على الفور استلام الرسالة، لكنّ خامنئي ردّ في اليوم التالي، في ما بدا كأنّه خطاب موجّه لترامب، معتبرًا أنّ "إصرار بعض الحكومات المتسلّطة على المفاوضات لا يهدف إلى حلّ المشكلات بل إلى تحقيق الهيمنة"، مضيفًا أنّ هذه الجهات "تطرح توقّعات جديدةً تتجاوز الملف النووي، وهي توقّعاتٌ لن تتحقّق أبدًا من جانب إيران".

يرى مراقبون أنّ تردّد إيران في التجاوب مع أيّ مبادرة تفاوضية حاليًا مبرّرٌ لسببين: الأوّل، أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل مقتنعتان بأنّ طهران في حالة ضعفٍ نسبي، وتسعى لحشرها دفاعيًا بعد حرب "طوفان الأقصى". والثاني، أنّ ترامب نفسه هو من أسقط الاتفاق النووي المبرم عام 2015 إبّان ولاية باراك أوباما، ما يجعل وعوده أو تصريحاته الأخيرة محلّ شكٍّ من جانب الإيرانيين.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، أشارت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة إلى استعدادٍ ضمني للتفاوض إن كان الهدف هو تبديد المخاوف حيال "أي عسكرة محتملة للبرنامج النووي الإيراني"، لا تفكيكه بالكامل، مؤكدةً أنّه في حال كانت غاية المفاوضات هي إنهاء البرنامج السلمي لإيران، "فلن تكون هناك مفاوضاتٌ مطلقًا".

الخيار العسكريّ لا يزالُ مطروحًا

على الرغم من تأكيد المسؤولين الإيرانيين، وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدم سعي إيران إلى امتلاك سلاحٍ نووي، وتحذير طهران من أنّ سياسة "الضغوط القصوى" فشلت سابقًا وستفشلُ ثانيةً، فإنّ عدّة مؤشراتٍ توحي ببقاء الخيار العسكري ضد إيران قائمًا بقوّة.

بحسب موقع "رابطة الأخبار اليهودية" الأمريكي-الإسرائيلي، فإنّ سيناريو "اضرب واهرب" بقوة جوية محدودة كما حصل ضد المفاعل النووي العراقي عام 1981، أو ضد منشأة الكِبَار السورية عام 2007 لا يمكن تطبيقه على إيران اليوم.

ويشيرُ التقرير إلى أنّه "لم يتبقَّ أمام إسرائيل خيار آخر"، مؤكّدًا أنّ طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وانتشاره الجغرافي على مساحة شاسعة، يجعل أيّ ضربة جوية بسيطة أمرًا غير مجدٍ، وأنّ هناك حاجةً إلى عدد كبير من الطلعات الجوية وموجات متعددة من الضربات، ربّما تمتدّ لأكثر من يومين أو ثلاثة، بحسب حجم الأهداف ومستوى تدمير المنشآت النووية المطلوب.

يقول التقرير أيضًا إنّ المواقع النووية الإيرانية الجديدة دُفنت تحت عمقٍ كبيرٍ من الأرض، لدرجة أنّ القنبلة الأمريكية الأكثر قدرةً على اختراق التحصينات قد لا تتمكّن من بلوغها. ويضيف أنّ إيران باتت قادرةً على امتلاك ما يكفي لصنع 4 أو 5 قنابل نووية في غضون شهر، إذا قرّرت رفع نسبة التخصيب من 60% إلى 90%.

ويلفت تقرير الرابطة إلى أنّه خلال عملية هجومية إسرائيلية سابقة على إيران في الخريف الماضي، كانت القوات الأمريكية على أهبّة الاستعداد لإنقاذ الطيارين الإسرائيليين إذا أسقطت طائراتهم فوق إيران؛ غير أنّ الخطر الحقيقي يكمن في قدرة إيران على الردّ الفوريّ خلال تعرّضها للهجوم، إمّا باستهداف إسرائيل بصواريخها مباشرةً، أو بضرب القواعد الأمريكية في المنطقة، أو استهداف حلفاء واشنطن.

من هنا، تأتي "المجازفة الكبرى"، فالهجوم الواسع على إيران قد يشعل مناطق أبعد بكثير من المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل. ولذلك، تجهدُ واشنطن في تعزيز أنظمة الدفاع الإقليمي، ليكون أشمل مما اعتمدته سابقًا لمواجهة الهجمات الإيرانية المحتملة على إسرائيل خلال العام 2024.

وبانتظار ما إذا كانت نافذة الحلّ الدبلوماسي قد تنفتح برعاية بوتين بين خامنئي وترامب، واستنادًا إلى ما إذا كانت إيران قادرة على الخروج من حالة الضعف الإقليمي والتردّي الاقتصادي الداخلي، تظلّ كافة السيناريوهات مفتوحة؛ والخيارُ العسكري قد يبقى مطروحًا بقوةٍ على الطاولة.

في حال قرّر ترامب المضيّ في العملية، فبإمكانه الاعتماد على نحو 40 ألف جندي أمريكي منتشرين في مناطق مختلفة حول إيران، إلى جانب ترسانة ضخمة من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطوّرة، والأساطيل الحربية في المياه الإقليمية. كما تمتلك الولايات المتحدة مرونة حركية عالية في المنطقة؛ إذ تنتشر قواتها في قواعد برية وجوية وبحرية ممتدة من العراق والكويت والسعودية والإمارات والبحرين وقطر وصولًا إلى الأردن وتركيا وسوريا وإسرائيل ومصر.

وممّا يزيد التوتّر، حديث السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، تعليقًا على وساطة بوتين المحتملة في اتفاق نووي بين طهران وواشنطن، حيث قال إنّ "هناك فرصة ضئيلة جدا للتوصل إلى اتفاق نووي، وإنّ آيات الله النازيين يريدون تدمير إسرائيل، يجب على الرئيس ترامب أن يمنح إسرائيل الأدوات اللازمة لتدمير البرنامج النووي الإيراني".

فيما اكتفى نتنياهو قبل ذلك بساعاتٍ بالقول أمام الكنيست: "هناك أمورٌ من الأفضل أن تبقى طيَّ الكتمان وتُدار بهدوء".

أخر الأخبار