قامات عراقية خالدة (من المعارضة إلى السلطة) .. نوري كامل المالكي رجل المرحلة بعد ٢٠٠٣
"Today News": بغداد
د. صلاح عبد الرزاق
يُعد الزعيم السياسي نوري المالكي من أكثر الزعماء الذين تركوا بصمتهم في المشهد السياسي العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام في ٩ نيسان ٢٠٠٣ ، وأبرز الشخصيات التي ساهمت في صنع الأحداث سواء أثناء وجوده في السلطة أو خارجها. فهو أشهر الشخصيات التي يقصدها السفراء الأجانب في بغداد ، ويزوره السياسيون من مختلف الانتماءات السياسية والأيديولوجية ، فيجدون بابه مفتوحاً ، يناقشون معه الأحداث ، ويطرحون عليه مشاريعهم ، فيقدم لهم موقفه ، بلا مجاملة أو مجانباً للحقيقة. ولا يوجد ، تقريباً ، برنامج حواري أو سياسي في القنوات الفضائية وغيرها لايأتي ذكر المالكي ، سواء من قبل أنصاره أو خصومه ، المدافعون عنه أو المنصفون منهم.
وهذه سلسلة من المقالات تتناول أبرز الأحداث في حكومته الأولى والثانية ، والتي دامت ثمان سنوات ، مليئة بالتحديات التي واجهها ، والقرارات الخطيرة التي اتخذها ، في مرحلة سياسية حساسة من تاريخ العراق المعاصر. وستبقى آثارها ونتائجها لفترة طويلة .
الولادة والأسرة
ولد في 20 أيار 1950 في قرية (جناجة) التابعة لقضاء الهندية . جده هو محمد حسن أبو المحاسن الشاعر ووزير المعارف عام 1925 . وأن لقب (أبو المحاسن) قد أطلقه عليه المرجع الشيخ محمد تقي الشيرازي (١٨٤٢-١٩٢٠). أما والده كامل فقد كان يعمل في تجارة التمور، وكان متعلماً متديناً، وتعرض للاعتقال عام 1968 مع وصول البعثيين للسلطة. وكان معجباً بجمال عبد الناصر.
كانت قرية جناجة تسمى قرية الموامنة لأن أهلها متدينون ولديهم خلفية سياسية. وتعرضت إلى إعدام عدد من أبنائها بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. وصل عدد الشهداء إلى 63 شهيداً وأمضى الكثير منهم في السجون أيضاً.
الدراسة
درس المالكي الابتدائية في جناجة ، والمتوسطة والاعدادية في مدينة الهندية. في عام 1968 دخل كلية أصول الدين التي أسسها السيد مرتضى العسكري (١٩١٤- ٢٠٠٧) في الكرادة الشرقية ببغداد. وفي الكلية تعرف على زملاء جدد منهم الشهيد نوري طعمة ، السيد محسن الموسوي . وكان من أساتذته الشيخ عارف البصري (١٩٣٧- ١٩٧٤) والسيد محمد باقر الحكيم (١٩٣٩-٢٠٠٣) والشيخ محمد مهدي الآصفي (١٩٣٩- ٢٠١٥) . تخرج من الكلية عام 1973 . بعد تخرجه التحق بالخدمة العسكرية حيث خدم في مدينة تكريت. وبعد انهاء الخدمة العسكرية عمل بوظيفة إدارية في دائرة تربية بابل.
بداية الوعي
كان الكتاب الإسلامي سبيله في بناء شخصيته واكتساب المعرفة. فقد قرأ كتاب (التكامل في الإسلام) لأحمد أمين وكتاب (اقتصادنا) للشهيد محمد باقر الصدر (١٩٣٥-١٩٨٠)، إضافة إلى كتب دينية ومذهبية متداولة آنذاك مثل كتاب (الأخلاق) و (جامع السعادات) و (أخلاق أهل البيت) و(البيان في تفسير القرآن) للسيد أبو القاسم الخوئي (١٨٩٩-١٩٩٢(.
وكان يحضر ندوات يقيمها الدعاة للشباب الجدد . كما يشارك في المناسبات وزيارة النجف الأشرف وكربلاء في شهر رمضان وأيام الجمعة. وكان يتردد على مكتبة المسجد في القرية مع بقية الشباب. كما شارك في مواكب الطلبة في عاشوراء عام 1969 وموكب طويريج.
العمل التنظيمي
فوتح المالكي بالانتماء لحزب الدعوة الاسلامية في وقت مبكر من عمره. وسرعان ما صعد وتسّلم مسؤوليات حزبية رغم صغر سنه. فبعد انتمائه بثلاثة أشهر تم تكليفه بإدارة حلقة تنظيمية لأعضاء يكبرونه سناً، بل أن بعضهم أقدم منه بسبع سنوات في الدعوة.
كان لحزب الدعوة تنظيم قوي في قرية جناجة ، بل أصبحت مسؤولية التنظيم في قضاء الهندية تدار من جناجة. وكان المالكي مسؤولاً للتنظيم مع آخرين مثل السيد محمد باقر هادي الموسوي والسيد حسين السيلاوي ، وفي بغداد كان معه سهيل طاهر الذي كان زميله في كلية أصول الدين ، وأول من فاتحه بالانتماء لحزب الدعوة الإسلامية. وقد واجه التنظيم حملات الاعتقالات والاتهامات في الهندية، لكن الدعاة كانوا يواجهونها بأساليب الدهاء والمكر.
علم المالكي بإعدام قبضة الهدى عام ١٩٧٤ (وهم الشهيد الشيخ عارف البصري ، الشهيد السيد حسين جلو خان ، الشهيد السيد عماد الدين التبريزي ، الشهيد السيد عز الدين القبانجي والشهيد السيد نوري طعمة ) ، فتوجه مع بعض الدعاة إلى مبنى الطب العدلي في باب المعظم لغرض استلام جثامين الشهداء دون حسبان ما ستؤول إليه الأمور. لكن لم يجدوا أحداً سوى رجال الأمن فتجاوزوهم ولم يلتفتوا إليهم.
مع الشهيد الصدر
كان المالكي يقلد المرجع السيد محسن الحكيم (١٨٨٩- ١٩٧٠) ، وكان يزوره مع الناس ويسلّم عليه. وكان حزب الدعوة يتواصل معه من خلال بعض الدعاة ممن تربطهم علاقة به. وعندما دخل كلية أصول الدين صار التواصل مع ولده السيد محمد باقر الحكيم والذي أصبح حلقة التواصل مع مرجعية الحكيم. وكان السيد محمد باقر الحكيم الأستاذ المشرف على رسالة التخرج من كلية أصول الدين والتي عنوانها (الأخلاق ودورها في التنظيم الاجتماعي).
في الوقت نفسه كان المالكي يزور السيد الخوئي مع بقية زملائه الدعاة. أما علاقته بالإمام الخميني (١٩٠٢-١٩٨٩) فلم يكن بالإمكان زيارته لأنه كان تحت المراقبة الشديدة من عناصر الأمن. وكان يذهب إلى منطقة سكنه فيشاهده أثناء ذهابه وإيابه لجامع الهندي أو المرقد العلوي. وكان المالكي قد قرأ كتابه الشهير (الحكومة الإسلامية أو ولاية الفقيه) الذي ترجمه ووزعه الشيخ الآصفي (رحمه الله).
في عام 1970 توفي السيد محسن الحكيم ، وكان المالكي له من العمر عشرون عاماً. عندما انتقل إلى تقليد السيد محمد باقر الصدر حيث كان الجو الشبابي العام يتجه لتقليده. كما اطلع على تعليقته على رسالة (منهاج الصالحين) للسيد الحكيم. وكانت بداية سطوع نجمه على مستوى المرجعية لأنها أحدثت ضجة كبيرة لتضمنها أراء فقهية جديدة.
قبل تقليده كان المالكي يزور الشهيد الصدر في كل المناسبات في بيته . وهناك وفي عام 1967 تعرف على السيد محمود الشاهرودي (١٩٤٨-٢٠١٨). لقد صار واحداً من مقلدي الشهيد الصدر وأتباعه ومن المتفانين له.
من جهة أخرى كان الشهيد الصدر يعرف قرية جناجة ويسميها بالقرية المحصّنة. وحينما كانوا يقولون في الدعاء المأثور (اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة) ، كان يقول : الحمد لله عندنا قرية كريمة، لأن القرية صارت كلها تقلد السيد الصدر، وعامرة بالوعي الديني والسياسي.
في أحد المرات ، زار المالكي السيد الصدر هو وأحد الدعاة ، والتقى به في غرفة المكتبة في الطابق الفوقاني. وكان يسأله أسئلة الشباب حول الموسيقى والغناء والموسيقى الحربية وغيرها. وكان السيد الصدر يجيب عنها بسعة صدر. وكان يسأله عن قريته وعن بعض الأشخاص يعرفهم فيها. كما كانت هناك زيارات جماعية يقوم بها مع مجموعة من الدعاة للقاء السيد الصدر.
اعتقال المالكي في أمن بابل
تعرض نوري المالكي للاعتقال عندما كان يعمل في مديرية تربية بابل ، حيث تم إلقاء القبض عليه في المديرية من قبل عناصر الأمن، هو والشهيد كريم جارالله. تم عصب عينيه ، ثم نقل إلى مديرية الأمن . هناك تعرض إلى التحقيق ، حيث تم توجيه الاتهام له بتوزيع منشورات في المديرية، إضافة إلى الاتهام بعقد اجتماع مع خلية في أحد مخازن الكتب التابعة للتربية. كما كانوا يسألونه عن علاقته بالشهيد عبد العالي الموسوي الذي كان معروفاً بتشدده وصراحته وشتمه العلني للبعث. وقد أنكر المالكي جميع الاتهامات ومنها توزيع المنشورات ، وبرر الجلوس في المخزن بأنه يحدث أحياناً لتناول الفطور وبعلم مدير المخزن. في اليوم التالي تم ارساله إلى المحكمة لكن القاضي أطلق سراحه، لأنه اتضح لاحقاً أنه أيضاً من حزب الدعوة الإسلامية، وقد استشهد لاحقاً رحمه الله. وتعرض بعد خروجه في نهاية الدوام في مديرية التربية هو والسيد عبد العالي الموسوي ، تعرضا إلى الضرب والاعتداء من قبل خمسة من رجال الأمن.
ملاحقة الأمن
بعد بيعة الشهيد الصدر وتواصل وفود البيعة عام 1979 ، وكانت عناصر الأمن تقوم بتصوير الحضور، قامت سلطات الأمن بحملة اعتقالات واسعة بعد استلام صدام للسلطة. كانت الاعتقالات تتم استناداً إلى معلومات دقيقة توفرت من التحقيقات التي رافقت الاعتقالات السابقة. وكان الداعية يجري اعتقاله ليوم أو يومين ثم يتم اعدامه وتسليم جثمانه إلى أهله.
وقامت السلطة باعتقالات شاملة وقوية لكل شخص عليه شبهة أو معلومة أو ظنة وعلى الخصوص كل من لديه سلاح . آنذاك لم يكن للدعوة خط عسكري، ولكن عندما بدأت حملة الاعتقالات أخذ أعضاء حزب الدعوة بجمع وشراء السلاح لأجل المواجهة مع النظام. وتشكلت خلية لشراء السلاح كان مسؤولاً عنها طالب أبو العيس الأستاذ في كلية الفقه. وكان من أهل بغداد وصهره داعية في الهندية هو الشهيد المدرس عزيز هاشم ، لكن تنظيمه كان في مدينة الهندية. تم اعتقال أبو العيس مع مجموعة من الدعاة ، وتعرضوا إلى تعذيب هائل. كما تم اعتقال مجموعة من الدعاة الذين كان المالكي مسؤولاً عنهم في الخط التنظيمي. شعر المالكي بخطر الاعتقال فحصل على إجازة بحجة السفر خارج العراق.
مغادرة العراق
صدق حدس المالكي إذ سرعان ما داهم رجال الأمن منزله وفتشوه وعبثوا بأثاثه. وتم اعتقال أخيه الحاج صبحي كامل المالكي ، وأخذوه إلى مديرية التربية لاعتقاله، ولكنه كان حذراً، وأخذ إجازة فعادوا ، واعتقلوا أخاه الأكبر عبد الوهاب وابن عمه الشهيد عبد الحسين. فسافر نوري المالكي إلى بغداد ومن هناك ركب الحافلة متوجهاً إلى الأردن. وفي الحدود تعرض إلى مواقف صعبة كادت أن تعيده إلى بغداد لكنه تصرف بحنكة وتخلص منها.
العمل في سوريا
في 19 تشرين الأول 1979 وصل المالكي العصمة الأردنية عَمّان ، وبقي فيها ليلتين ثم توجه إلى دمشق في 21 تشرين الأول 1979 . نزل في بيت في منطقة السيدة زينب أولاً ، ثم في فندق متواضع في سوق الهال (سوق المخضر) . لم يكن هناك سوى عدد ضئيل جداً من العراقيين في سوريا، لكن العدد أخذ يزداد تدريجياً حتى تحوّل إلى مجتمع عراقي كبير. التحق بعض الدعاة مثل أبو أحمد المشهدي (أمين هادي) وأبو رياض المهندس (عبد الكريم العنزي) و أبو حسنين (عدنان الأسدي) وكانوا يفكرون بترتيب الوضع الحزبي في المهجر. وبذلك تم تشكيل أول لجنة تنظيمية في سوريا.
كان آية الله الشيخ محمد باقر الناصري (١٩٣١-٢٠٢٠) قد كلّفه الشهيد الصدر بإيصال تهديد لحزب البعث عن طريق عضو القيادة القطرية لحزب البعث العراقي نعيم حداد (وكان من أهالي الناصرية) فلما التقاه قال له حداد: أخرج من العراق لأن بقاءك أصبح خطراً، فغادر العراق إلى سوريا ، وكان قد سبق المالكي إلى هناك. وجاءت مجموعة علمائية جيدة أمثال الشيخ الدكتور أحمد الوائلي والشيخ طالب السنجري، ثم وصل السيد حسن شبر والدكتور إبراهيم الجعفري، والدكتور علي التميمي اللذان قدما إلى سوريا ثم توجها إلى إيران ، لأن سوريا صارت محطة .
عندما كان المالكي في سوريا وصله نبأ إعدام الشهيد الصدر في 9 نيسان 1980 . فما كان من المالكي وإخوانه الدعاة الكرام إلا أن يقودوا تظاهرة باتجاه السفارة العراقية في دمشق . ضمت التظاهرة ( 45 ) شخصاً من الرجال والنساء ، وهم يطلقون الهتافات المناوئة لنظام صدام، لكن قوات الأمن السورية منعتهم ولم تعتقلهم.
كانت الاحتفالات تقام داخل المرقد للسيدة زينب (ع) وليس في الباحة الخارجية، الصحن. واستمرت النشاطات الاعلامية وإقامة الاحتفالات بالمناسبات. وأصدر حزب الدعوة الإسلامية أول صحيفة اسمها (صدى العراق) . كما كان يصدر بيانات في الأحداث والمناسبات. وقام باحتضان الوافدين إلى سوريا عن طريق الدعاة المنظمين، حتى أصبح حزب الدعوة يملأ الساحة.
بسبب تأزم الأوضاع والملاحقات وتهجير العراقيين إلى إيران، صار كثير من العراقيين يغادرون العراق باتجاه سوريا. ومما سهّل خروجهم هو الاتفاق بين الحكومتين العراقية والسورية على دخول رعايا البلدين بالبطاقة الشخصية. وكان قسم منهم يريد السفر إلى إيران ، فكان المالكي يساعدهم في الحصول على الفيزا من السفارة الإيرانية، فقسم منهم كانوا يلتحقون بمعسكر الشهيد الصدر، وقسم يلتحقون بعائلاتهم المسفّرين إلى إيران، وقسم لزيارة العتبات المقدسة هناك. وكان أغلب موظفي السفارة يتعاونون معه ، ولأن أغلب العراقيين في سوريا بلا جوازات سفر، فيمنحونهم ورقة عبور يدخلون بواسطتها إلى إيران.
بقي المالكي في سوريا من ٢١ تشرين الأول ١٩٧٩ لغاية خروجه منها في ١٣ كانون الثاني ١٩٨١ متوجهاً إلى إيران ، ومباشرة إلى الأهواز حيث معسكر الشهيد الصدر .
معسكر الشهيد الصدر في الأهواز
في عام 1981 جاء إلى دمشق بعض الأخوة من قيادة الدعوة من إيران، وقالوا للمالكي: يجب أن تنتقل إلى إيران. وأن تستلم إدارة معسكر الشهيد الصدر في الأهواز ، جنوبي إيران، لأن لديك تجربة عسكرية وأمنية تنفع في إدارة المعسكر، فقال لهم : موافق. كان الأمر صعباً عليه ، لكنه قبل به لأنه توجيه من قيادة الدعوة .
اصطحب المالكي أسرته وسافر إلى إيران، وسكن مؤقتاً في المركز الإعلامي لحزب الدعوة وسط العاصمة طهران. وكان هناك عائلات أخرى تسكن في شقق في المبنى. بعد فترة قصيرة توجه إلى الأهواز ومباشرة إلى معسكر الشهيد الصدر لاستلام عمل اللجنة الجهادية التي كان يرأسها الدكتور الجعفري. وكان معسكر الشهيد الصدر قد تأسس في بداية عام 1980 أي قبل نشوب العراقية الإيرانية في أيلول 1980. وكان المعسكر عبارة عن مجموعة كرفانات تعود لشركة نفط كورية تركت إيران بعد الثورة، وكان عدد الموجودين فيه يتراوح بين (700-750) مجاهداً. وبلغ عدد الذين تلقوا تدريباتهم فيه أكثر من (6500) مقاتلاً من أبناء المهجرين العراقيين. لقد كان المعسكر عبارة عن مدرسة للتثقيف والتدين والوعي والتدريب العسكري للمشاركة في الجبهات. لقد كان محطة من المحطات المهمة في تاريخ حزب الدعوة.
كان الرابط بين قيادة الدعوة واللجنة الجهادية هو د. إبراهيم الجعفري، وكان مسؤول المعسكر ترك العمل، فاستلم آخر بدلاً عنه ، وكان المالكي معاوناً له. في أحد الأيام سافر مسؤول المعسكر إلى شمال العراق لمتابعة العمل الجهادي، ولما عاد قال: أنا لا استطيع العمل في المعسكر، فقررت قيادة الدعوة تكليف المالكي بمسؤولية المعسكر، وهكذا صار فأصبح مسؤول المعسكر ومرابطاً فيه.
في عام 1983 صار لدى القيادة رأي جديد وخاصة الحاج محمد صالح الأديب والشيخ محمد مهدي الآصفي والحاج إحسان عبد الأمير الأمين (أبو كوثر) أنه من الأفضل ترشيح المالكي للقيادة ، فقال لهم: أنا رجل عسكري ولا يمكنني القبول بقيادة الدعوة، فقالوا: لا يمكنك ذلك لأن المصلحة تقتضي أن تكون عضو قيادة، وهذا ما حصل. في تلك الفترة قامت السلطات الإيرانية بمصادرة المعسكر فتركه، لكنه بقي في مدينة الأهواز. فكان رأي القيادة أن فرص العمل الجهادي قد تضاءلت بعد استيلاء الإيرانيين على المعسكر وأعطوه لجماعة فيلق بدر ، وهو الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بزعامة السيد محمد باقر الحكيم. وكان قد فتح خطاً جهادياً مع داخل العراق ، لكن الإيرانيين من جماعة مهدي الهاشمي المسيطر آنذاك على الحرس الثوري، صاروا يتشددون مع عمله ، ولا يسمحون له بالاتصال بالداخل العراقي.
مهام دعوية
منذ المؤتمر العام الثاني لحزب الدعوة الإسلامية المنعقد عام 1983 أصبح المالكي عضواً في قيادة الدعوة. واستمر يحظى بتأييد الدعاة وبقي عضواً قيادياً حتى الآن.
في بداية الثمانينيات أصبح مسؤولاً للمكتب الجهادي، وهو الجناح العسكري لحزب الدعوة الذي استمر حتى عام 2003 حيث تم حله. وهو مكتب يعنى بحركة ونشاطات مجاهدي حزب الدعوة الذين كانوا يقومون بعمليات جهادية ضد نظام صدام وأزلامه ومؤسساته، إضافة إلى متابعة الخلايا التنظيمية في الداخل.
ومنذ عام 1989 صار المالكي مسؤولاً عن التنظيم الحزبي في سوريا والشرق الأوسط ، وتنظيم داخل العراق حتى سقوط النظام عام 2003 . كما كان عضواً في المكتب السياسي لحزب الدعوة، ومشرفاً على صحيفة (الموقف) لسان حال حزب الدعوة الإسلامية في سوريا حتى عام 2003.
قيادة العمل الجهادي
غادر المالكي المعسكر والأهواز وذهب إلى طهران. وتم تقديم مقترح للقيادة بأنه لا توجد ضرورة للعمل الجهادي، وأنه يقترح بإيقافه. اعترض المالكي وشاركه الحاج أبو ماجد عبود القاضي، وكان السيد كاظم الحائري حاضراً في اجتماع القيادة، فاقترحوا على المالكي استلام العمل الجهادي في الداخل.
بدأ العمل في المكتب الجهادي فوجد الموجودين لا يزيد عددهم عن العشرين فرداً إلا قليلاً ، وبعد العمل والتطوير ارتفع العدد إلى (600) شخصاً ، كما قام بتدريب أكثر من ذلك العدد. وصلت أخبار من معسكر الأهواز بأنه صدر قرار من قبل السلطات الايرانية يتضمن منع عبور مجاهدي حزب الدعوة إلى العراق من المناطق الجنوبية. وكان العبور من المناطق الجنوبية سهلاً حيث تسكنها قبائل عربية من الجانبين. وكان بإمكان الشخص ارتداء ملابسهم (دشداشة) فلا يعرفه أحد.
لم يسمحوا لحزب الدعوة الاسلامية العبور إلى العراق إلاّ من آخر نقطة في الشمال وهي منطقة (نَقَدَة) ، وعليه أن يعبر العديد من السيطرات الإيرانية والعراقية قبل وصولها. وبقي هذا القرار سارياً حتى عندما حدثت انتفاضة آذار 1991 ، وأرادوا الذهاب إلى العراق لم يسمحوا لنا بالعبور.
إزاء ذلك الحصار المفروض على مجاهدي حزب الدعوة من التحرك أو التواصل مع الداخل العراقي، والمضايقات التي يعاني منها حزب الدعوة ، وصلت الأمور إلى طريق مسدود، فقرر المالكي مغادرة إيران بعد ثمان سنوات فيها، والعودة إلى سوريا.
في دمشق مرة أخرى
في عام 1989 وبتكليف من حزب الدعوة الإسلامية غادر المالكي إيران إلى سوريا. تحمل مسؤولية إدارة التنظيم الذي يشمل سوريا ولبنان وباقي بلدان بالشرق الأوسط و يمتد حتى ليبيا. سارع بافتتاح المكتب، وبدأ بنشاطات على كل المستويات السياسية والتنظيمية والخدمية.
تشكيل لجنة العمل المشترك
قبل حدوث انتفاضة شعبان/ آذار 1991 أصبح هناك حراك سياسي قوي في سوريا بعد الإتفاق الثلاثي الذي تم بين سوريا والسعودية وإيران على دعم المعارضة . إذ تشكلت (لجنة العمل المشترك) . كانت لجنة العمل المشترك تضم ( 17 ) عضواً ، يمثلون ( 17 ) جهة سياسية ، وتم انتخاب أمانة تنفيذية من خمس جهات وهي: الدعوة والمجلس الاعلى عن الاسلاميين ، وواحد عن الإتجاه القومي من حزب البعث قطر العراق ، وواحد عن التوجه الديمقراطي والذي كان يمثله الحزب الشيوعي، وواحد عن الجبهة الكردستانية . كان السبعة عشر عضواً يمثلون الأحزاب الصغيرة الموجودة : دعوة ومجلس أعلى وأكراد وحركة جند الإمام وقوميين وحزب الشعب وأكراد الحزب الإشتراكي . انطلق العمل وعقدت إجتماعات مكثفة ، وكان الدعم السياسي من قبل سوريا ، ولكن الدعم الحقيقي المالي كان من السعودية فهي التي كانت تدفع لسوريا من أجل إتمام هذا المشروع .
مؤتمر بيروت للمعارضة العراقية
حدثت الانتفاضة في آذار عام 1991 فصار القرار أن تعقد لجنة العمل المشترك مؤتمراً للمعارضة في لبنان . وقبل المؤتمر صار كل طرف من الأطراف الإقليمية الثلاثة ترغب بأن تدخل جماعتها في العمل المشترك والمؤتمر. قبل المؤتمر تم عقد الاجتماع في فندق الشام بدمشق ، وحضر آنذاك ( اللواء العتيبي ) السعودي وكان مسؤولاً عن ملف العراق في الاستخبارات السعودية ، ومعه تشكيلة مجلس العراق الحر برئاسة سعد صالح جبر (١٩٣٠- ٢٠١٥) وعضوية السيد حسين هادي الصدر وعبد الوهاب الأمين ومجموعة من الشخصيات التي دعمتها السعودية . والطرف الثاني حركة الوفاق والتي كانت موجودة آنذاك ، وكان مسؤولها صلاح عمر العلي التكريتي (١٩٣٨- ٢٠٢٤) ، وكان أياد علاوي أحد أعضائها أو نائب الرئيس . شارك المالكي في المؤتمر جالسين على شكل حرف (u ) الإنكليزي ، وكان الأعضاء الخمسة في لجنة العمل المشترك جالسين في صدارة الحرف . وعلى جهة اليسار كان الوفاق والذين يمثلهم أياد علاوي وصلاح عمر العلي و تحسين عباس معلة (١٩٣١- ٢٠٠٥) وعدد من الشخصيات والذين جميعهم كانوا ضمن خلفياتهم بعثية . ومن الجانب الأيمن: سعد صالح جبر والسيد حسين الصدر وعبد الوهاب الأمين، وكانوا شخصيات غير بعثية . فجأة وأثناء الاجتماع دخل رئيس الاستخبارات السوري حسن خليل ومعه اللواء العتيبي وكانوا جالسين على مسافة من أحد الأجنحة ، وفجأة حمل اللواء العتيبي كرسيه وجلس في منتصف ( الحرف يو) فاستغرب الحاضرون لتصرفه ، فبدأ يتكلم : نحن نكره الأحزاب ولعنة الله على الأحزاب ،
فقال له المالكي : مع من تتكلم ؟ وما دخلك أنت حتى تجلس في هذا المكان ؟ ونحن هنا 17 حزباً ؟
فأجاب العتيبي: هذه الأحزاب لم تفعل شيئاً ,
فأجابه المالكي: لست أنت من يقدّر الموقف. وعندها قرر المالكي الخروج من الاجتماع ، فغادر القاعة.
مؤتمر صلاح الدين
بدأ الاستعداد لعقد مؤتمر في مصيف صلاح الدين القريب من أربيل ، ودُعيتْ لجنة العمل المشترك ، وحتى المجلس الأعلى كانوا مع ذاك التوجه وحضروا مؤتمر فيينا ، ولم يبق سوى حزب الدعوة . وعندما انعقد مؤتمر صلاح الدين وحضر وفد الدعوة فيه، وبذلك انتهت تقريباً لجنة العمل المشترك . أراد السوريون أن يحيوا العمل المشترك بلملمة الأطراف مرة ثانية ، فبعثوا للأكراد لجلال الطالباني وضغطوا عليهم.
خدمة العراقيين في سوريا
تبنى حزب الدعوة الإسلامية قضايا العراقيين في الجانب الخدمي وعبورهم من شمال العراق إلى سوريا ، وعبورهم من سوريا إلى لبنان ، وكذلك السفر من سوريا إلى الخارج. وكان المالكي يتولى هذا الموضوع ، لأنه عندما جاء إلى سوريا وجد سماسرة يستصدرون برقية السفر بـ (300 دولاراً)، ويحصلون كذلك على برقية العبور من زاخو إلى سوريا بنفس السعر، ويعبّرونهم إلى لبنان بنفس المبلغ. فقال المالكي للأخوة الدعاة: نحن لم نستطع أن نفعل شيئاً للعراقيين بإسقاط صدام حسين، فعلى الأقل حين يأتون إلينا نخدمهم، فاجعلوا المكتب (مكتب الشهيد أبو عصام) في حي الأمين بدمشق ، يتبنى بصورة أسبوعية تقديم أسماء الذين يريدون برقيات سفر للعبور من الشمال . وفعلاً عملوا بذلك ومجاناً واستطاعوا تحقيق شيء.
هذه الخطوات سببّت عداءاً مع بعض المسؤولين في الأجهزة الأمنية السورية لأنهم كانوا مستفيدين و يقتاتون على هذه القضية، بينما كان المالكي يقدمها مجاناً ، فكان يذهب للشمال ويقوم بتسهيل عبور الناس المحاصرين هناك. وكان من ضمنهم عوائل كثيرة ، فكان ينقلهم بسيارته الخاصة من قامشلي. وكان كذلك يذهب إلى لبنان ، يأخذ ناس ويدخل ناس . حتى إن أحدهم ذات يوم قال له: هل ما تفعله صحيح؟ أنت عضو مكتب سياسي ومسؤول التنظيم ، يوميا تأخذ نسوان وتحضر نسوان وتعبّر ناس وتودّي ناس ؟ فأجابه: هذه خدمة الناس لا عيب فيها. فكان في بعض الأحيان يحمل حقائبهم ، ويعطي المال لمن لا يملكه بحدود إمكانيته.
صار هناك عمل ونشاط على مستوى التنظيم والجامعة وعلى مستوى المناسبات الإسلامية ، وما كان مكتب الدعوة ما يحصل عليه لتغطية هذه النفقات يأتي من التبرعات فلم تكن هناك أية موارد عدا ما يمكن الحصول عليه من الدعاة الموجودين خارج سوريا . إن سوريا كانت ملتقى للأخوة في الخارج مع عوائلهم. وحينما كانوا يأتون الى سوريا ، كان المالكي يتصل بهم ، فيقدمون تبرعات للعمل التنظيمي . وكذلك كان المالكي يسافر إلى هولندا والدنمارك وبلجيكا وغيرها ويجمع من الدعاة تبرعات ، وبفضل الله كانت الأمور تمشي بطريقة جيدة.
كانت للدعوة حسينية قديمة ، ولما أردوا تأهيلها ، تحدث المالكي مع أحد المحسنين من قطر عن طريق أحد العلماء الأفاضل ، فقام ببناء حسينية جديدة وقد صرف عليها تقريباً ( 450 ألف دولار ) ما بين الأرض والبناء وهي مسجلة باسم المالكي وباسم الشيخ عبد العظيم الكندي. وكانت تقام فيها جميع مناسبات حزب الدعوة ، وتقام فيها صلاة الجماعة ومحاضرات ومناسبة عاشوراء، فكان فيها حضور قوي بعد إن كان حضور الدعوة قليل فصار حضوراً قوياً على مستوى التنظيم وعلى مستوى الجامعة والمناسبات .
نشاطات على الصعيد الدولي
من خلال لجنة العمل المشترك انفتحت أمام المعارضة العراقية نافذة تطل على المجتمع الدولي. فجرت اتصالات وزيارات مع القوى الكبرى والأوربية والمحلية. كانت أول سفرة إلى فرنسا بدعوة منها ، والتقى الوفد بوزارة الخارجية ومع الفعاليات ومع العراقيين للتعريف بالعمل المشترك والنشاط والحراك السياسي الذي تقوم به اللجنة. سافر المالكي مع وفد لجنة العمل إلى هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ . وجرى فيها لقاءات بالمسؤولين الحكوميين في تلك البلدان، وكذلك بالجاليات العراقية في جميع المناطق التي زارها الوفد . كانت زيارات نوعاً ما موفقة فلأول مرة كان هناك تعريف بالمعارضة العراقية وكان النظام العراقي مستفزاً من زيارات اللجنة وكان يتابعها ويلاحقها آنذاك .
رفض قاطع للغزو الأجنبي
كان موقف حزب الدعوة الاسلامية هو رفض الغزو الأجنبي، ويعلن عنه في المؤتمرات، وكان موقف المالكي بالذات شديداً ، حتى أن السيد كاظم الحائري حينما زاره المالكي في إيران بعدما أصبح رئيساً للوزراء قال أمام الوفد المرافق له الذي ضم كل من قصي السهيل وهادي العامري: (حينما كنا نجتمع في القيادة كان أشد شخص فينا على الاستكبار هو المالكي) .
لقد كان المالكي شديداً في رفض دخول المشاريع الأمريكية ، ومعروف عنه هذا الشيء، وحتى وزارة الخارجية الأمريكية كان لديها تقرير بتصنيفه في الجناح المتطرف أو المتشدد في حزب الدعوة . إذ كان يعارض أي خطوة من هذا النوع ، وكان بعض أعضاء قيادة الحزب أرادوا أن يذهبوا مع المؤتمرات ويغازلوها فكان المالكي يمارس عليهم ضغطاً من داخل القيادة لمنعهم من التصريحات. وعندما عُقد مؤتمر صلاح الدين لم يستطع أن يمنعهم، فغلب الجو على حضور المؤتمر. لقد كان المالكي مدعواً للمؤتمر، وبإلحاح شديد من القيادة سافر مع وفد الدعوة الذي ضم كل من عباس البياتي، كاطع الركابي وصادق الركابي . ذهبوا بالسيارة من دمشق الى القامشلي فقال المالكي لهم: أنا إلى هنا حدي ، ولن أذهب معكم إلى كردستان، اذهبوا أنتم لأني غير مقتنع بالقضية. وحينما حضروا المؤتمر انسحب صادق الركابي ومعه بقية الوفد ، وعادوا إلى مدينة القامشلي وعبروا النهر عائدين من مؤتمر صلاح الدين ، فاتصلوا بالمالكي وقالوا: أصدرْ بياناً بأن هذا المؤتمر مهزلة ، وأنه كذا وكذا ، فقال لهم: نحن نعرف إنها مهزلة فلمَ وضعتم أنفسكم وحزب الدعوة فيها؟
تشكلت في مؤتمر صلاح الدين اللجنة السباعية وكان حزب الدعوة من ضمنها ، ولكن الأخوة حينما رأوا المهزلة انسحبوا من المؤتمر ثم أعلنوا انسحابهم من اللجنة السباعية فصارت خماسية تضم ( الوفاق والعراق الحر والكردستانيين والمجلس الأعلى والمؤتمر ). كان المالكي يخشى من تلك الأجواء ويخاف من دخول الأمريكان، وكان يخاف من تفتت العراق. فمن غير المعقول السماح بأن يكون العراق بهذا الشكل ، فكان يخشى من الضربة العسكرية على الناس وعلى العراق وسيادته ووحدته. وكان حينها يتشاور مع السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) والسيد أيضاً كان لديه وجل من هذا الموضوع ورافضاً لهذه العملية، لكنه سبحان الله كان يقول: بودنا أن يضربوا هذا الطاغية ويسقط ولكننا نخاف مما يحدث بعد سقوطه .
مؤتمر لندن للمعارضة العراقية
أقيم مؤتمر في لندن في ٣١ كانون الأول ٢٠٠٢ أي قبل ضرب العراق بثلاثة أشهر تقريباً . وحضرت فيه الكثير من الشخصيات السياسية، ولكن حزب الدعوة لم يحضر. كان المؤتمر برعاية أمريكية وصدرت فيه بيانات للكثير من الشخصيات المشاركة، وبيان ختامي. والغريب أنه لم يناقش قضية حكومة المنفى.
يرى المالكي إن رفض حزب الدعوة حضور مؤتمر لندن يأتي لأنه يتعاكس مع القيم الدعوتية التي تربّى عليها ومع المبادئ التي يؤمن بها ومع الفهم لهذه المعسكرات أنها لا تُريد بنا كما نعتقد. وكان المالكي يقول: نريد وهذه النقطة الأساسية لرفضنا وإلا (لو كنتم صادقين ساعدونا). وهذا ما كانوا يردده أمام الأمريكان دائماً ، (لو كنتم صادقين في هذا الأمر ، فلماذا تحركتم ضدنا حين قمنا بالانتفاضة ؟ إذن عندكم نوايا وأهداف أخرى). وهذا ما كان يخيف حزب الدعوة من الدخول الأمريكي للعراق . كما كان المالكي ورفاقه ويقولون: (ساعدونا إذاً بقرارات دولية أو دعم إذا كنتم صادقين ونحن سنسقط النظام).
العودة إلى بغداد
في يوم سقوط النظام في 9 نيسان 2003 كان المالكي في إيران يتابع الأحداث في اجتماعات القيادة، فقرر العودة إلى بغداد. ونصحه البعض بالتروي وانتظار ما ستؤول إليه الأحداث، لكنه أصر على العودة قائلاً: إن شعبنا اليوم أحوج إلينا، ثم أضاف: أنا عازم على العودة الليلة 9 نيسان، فمن يريد الذهاب معي فليتأهب. سارع اثنان هما د. وليد الحلي والحاج أبو أحمد البصري (علي جبر) لمرافقة المالكي. دخلوا عبر الحدود مع كردستان والتقى بالسيد مسعود البارزاني، ثم أسرع نحو بغداد حيث نزل في منزل الحاج أبو رائد في الكريعات.
وسرعان ما بادر المالكي بكتابة أول منشور باسم حزب الدعوة الإسلامية ليوزع على الناس. تضمن المنشور المباركة بسقوط الصنم ، وإزاحة الظلم والمعاناة عن كاهل العراقيين، وتثميناً للتضحيات التي قدمها الشعب العراقي خلال ثلاثة عقود. واجتمع مع عدد من الشباب الدعاة وأبناء الدعاة ، وتم توجيههم وتوزيع الأعمال عليهم سواء بإتخاذ مقرات أو كتابة منشورات، وكانت آنذاك زيارة أربعين الإمام الحسين (ع).
نتائج ما بعد سقوط النظام
أصرّ الرئيس الأمريكي بوش على الغزو كخيار وحيد لإسقاط النظام الصدام. بدأت العمليات في 19 آذار 2003 واستمرت عشرين يوماً حتى سقوط النظام في 9 نيسان 2003 .
لم تكن لدى الأمريكان خطط سياسية لإدارة البلد فيما بعد. فحينما أتى الجنرال ( جي غارنر ) أراد أن يشكّل حكومة وزراؤها أمريكان ومستشاروها عراقيون. وجاءوا بمجموعة من المستشارين، وعندما قوبلت هذه الخطوة بالرفض، ثم أصبحت حكومة محامين حيث اجتمعوا في النجف الأشرف وجمعوا المحامين على أمل أن يترشح لكل محافظة وزير من قبل نقابة المحامين. ثم جيء بالسفير بول بريمر ليكون الحاكم المدني في العراق.
كان بريمر يرغب بتعيين مستشارين عراقيين ليكونوا المظهر العراقي لإدارته الأمريكية. ولم يكن راغباً في التعامل مع الأحزاب العراقية بصفتها الحزبية. كان الوضع يتطلب موقفاً وطنياً قوياً وضرورة توحيد الجهود لهذا الغرض. قام المالكي بإعادة حزب الدعوة إلى اللجنة السباعية الرئيسة المشاركة في النظام السياسي الجديد، بعدما كان مقاطعاً لها. واستمر بالاجتماعات حتى دخل الدكتور الجعفري، وتولى المشاركة ، ليتفرغ المالكي لفتح مكاتب للدعوة وإعادة التنظيم.
تشكيل مجلس الحكم الانتقالي
عقد اجتماع في نادي الصيد بالمنصور حضره كل من نوري المالكي والسيد عبد العزيز الحكيم (١٩٥٠- ٢٠٠٩) ود. إبراهيم الجعفري وجلال الطالباني (١٩٣٣-٢٠١٧) ومسعود البارزاني وأحمد الجلبي (١٩٤٤-٢٠١٥) وأياد علاوي ونصير الجادرجي (١٩٣٣- ٢٠٢٤). وهم الأعضاء السبعة في اللجنة السباعية. فتم اتخاذ قرار يتضمن: ( بأنه إذا قامت الإدارة الأمريكية بتشكيل حكومة عراقية يكون وزراؤها من الأمريكان ومستشاريها عراقيين ، أو يشكلون حكومة من المحامين ويتجاهلون القوى السياسية، فإننا لن نشترك بهذه الحكومة حتى على مستوى موظف).
تم إبلاغ الأمريكان بهذا القرار وتم تحديد موعد للاجتماع مع بريمر في القصر الجمهوري. وكانت هذه المرة الأولى التي يدخل فيها المالكي إلى القصر. تحدثوا مع بريمر بنفس الكلام بشكل واضح وصريح ، فصار الجدل الذي انتهى إلى تشكيلة مجلس الحكم . كانت هناك عقدة في قبول مجلس الحكم. فذهب المالكي والدكتور الجعفري وإخوة آخرين إلى كردستان والتقوا بمسعود البارزاني وتداولوا معه في الموضوع ، ووضعوا خطة . وتم الاعلان عن القبول بفكرة مجلس الحكم لكي يتم استبعاد الأفكار الأخرى التي كانت تطرح من قبل الأمريكان، وبعدها تأسس مجلس الحكم .
كان بول بريمر يريد أن يكون مجلس الحكم مجلساً استشارياً له ، ولكن الأحزاب السياسية ضغطت باتجاه أن يكون مجلس الحكم حقيقياً ، وتكون لديه صلاحيات بإصدار القرارات، وأن يكون مؤقتاً. وهذا ما كان بريمر يرفضه في بداية الأمر ولكنه أذعن في النهاية.
كان الاتفاق يقضي بأن يكون مجلس الحكم مؤقتاً وانتقالياً، ثم بعده تكون قضية السيادة التي أعلن عنها ، صحيح أنهم سلّموا السيادة ، ولكن ليست السيادة التي كان المالكي يبحث عنها ، وإنما تشكيل الحكومة العراقية. كانت حكومة مجلس الحكم أول حكومة تشكلت بعد سقوط نظام صدام ، وكانت بدون رئيس وزراء . وكانت عبارة عن وزراء يديرهم الرئيس الدوري لمجلس الحكم ، ثم بعدها تشكلت أول حكومة في زمن أياد علاوي والتي كان فيها رئيس وزراء والتي انتقلت إليها السيادة الشكلية، وبقي القرار السياسي والأمني بيد بريمر والقوات الأمريكية والمتحالفة معها ، ثم حكومة الجعفري، ثم استمرت العملية .
لجنة تدوين الدستور
رفض السيد السيستاني (دام ظله) تعيين لجنة من قبل بريمر لكتابة الدستور ، وأصرّ سماحته على انتخاب لجنة . ولذلك فأن الجمعية الوطنية كانت مهمتها الأولى تشكيل لجنة تدوين الدستور، وحكومة الجعفري كانت مكلفة بمهمة إجراء استفتاء على الدستور.
كان المالكي حينها عضواً في الجمعية الوطنية ، يتولى موقع رئيس لجنة الأمن والدفاع. وكان د. حاجم الحسني رئيساً للجمعية ، وكان كلما يشكّل لجنة يضع المالكي عضواً فيها مثلاً لجنة استعادة السيادة رئيسها المالكي ، ولجنة الأمن والدفاع رئيسها المالكي ، لجنة كتابة الدستور المالكي عضو فيها، ولجان فرعية أخرى. وكان المالكي حينها نشطاً ويتحرك على اللجان فوضعوه في لجنة كتابة الدستور. بسبب مشاغله الكثيرة لم يكن يستطيع أن يعطي لكتابة الدستور الكثير مما يستحق , لأنه حينما كان يشارك في لجنة كتابة الدستور فكان عليه الذهاب إلى لجنة الأمن والدفاع وبعدها إلى لجنة السيادة. لذلك لم يكن متفرغاً ليعطيه ما يستحق. كان عضواً في كتابة الفصل المتعلق بالحكومة وشكل الحكومة وشكل النظام .
حكومة الجعفري
انتهت حكومة أياد علاوي في حزيران ٢٠٠٤ لأن أمدها كان محدوداً ويبلغ ستة أشهر، وقد بقيت تسعة أشهر لغاية الانتخابات القادمة. فمن الطبيعي إن قائمة الائتلاف العراقي الموحد هي القائمة الأكبر. وإن كان الدستور غير مكتوب بعد، حيث أن الدستور قد كُتب في زمن حكومة الجعفري. فكانت القائمة الأكبر (الائتلاف العراقي الموحد) ولها رئاسة الوزراء , وآنذاك حدث جدل حول الشخصية التي تتولى هذا المنصب. وصار الاتفاق على تولي الدكتور الجعفري هذا المنصب. وكان السيد عبد العزيز الحكيم متحمساً لأن يكون الجعفري رئيساً للوزراء على أن يكون هو رئيساً للائتلاف , ولكن ما هو السبب ؟ والتفسيرات إنهم لم يريدوا أن يتصدوا لرئاسة الوزراء في الدورة الأولى لصعوبة الفترة والمرحلة فأرادوا إعطائها للسيد الجعفري لمدة عام واحد وبعدها هم سيتصدون للمنصب .
تنحي الجعفري
بعد انتهاء فترة حكومة الجعفري (2004-2005) ، وفي الدورة الثانية ( 2006-2010 ) وبعد الإنتخابات طرح المجلس الأعلى مرشحهم عادل عبد المهدي ، والدعوة طرحت الدكتور الجعفري لرئاسة الوزراء. فاز الدكتور الجعفري بفارق صوت واحد على عادل عبد المهدي. ومن هنا بدأت المؤامرة على الجعفري , فقالوا: لن نسمح له بأن يكون رئيساً للوزراء ، فهم أي السفير الأمريكي زلماي خليل زاد والمجلس الأعلى والأكراد والوفاق أصرّوا بأن لا يستلم الجعفري الرئاسة. فحدث جدل كثير ، وصارت بسببها مشاكل كثيرة بين حزب الدعوة وبين المجلس الأعلى ، حتى أنه في يوم من الأيام تشاجر المالكي معهم. فقد كانوا يتكلمون مع الدعوة بشكل ومع الأمريكان والأكراد وغيرهم يتكلمون بشكل آخر، فقال المالكي لهم: أن هذا لا يجوز ، فهذا يعتبر نفاق، تتكلمون معنا بشكل وتحت الطاولة تتحدثون بشكل آخر ! إلى متى هذا الوضع ؟ يكفي ، فرد عليه الشيخ همام حمودي ، وصار بينهما سجال قوي، فخرج المالكي من الاجتماع ثم أعادوه.
حينما صار الخلاف على الجعفري وقف المالكي معه وقفة شديدة ، وتبيّن فيما بعد إنهم قد طبخوا القضية جيداً ، ولكن الدعوة وحلفائها كانوا يمانعون ويضغطون ، لكن وصلت القضية وبعد كل المحاولات إلى تنحية الجعفري. وكان المالكي وقتها أشد المدافعين عن الجعفري.
ترشيح المالكي لرئاسة الوزراء
كان المالكي مصراً على استمرار تكليف الجعفري برئاسة الحكومة المنتخبة. وبقي على موقفه حتى أعلن الجعفري عن تنحيه. كانت المرة الأولى التي تمت مفاتحة المالكي برئاسة الوزراء جاءت من د. برهم صالح الذي قال له: لماذا أنت مصرّ على ترشيح الجعفري؟ تعال أنت واستلم رئاسة الوزراء. فأجابه المالكي: كلا ، لقد صوّتنا واتخذنا قراراً بأن يكون الجعفري رئيساً للوزراء.
ذهب الدكتور قاسم داود إلى المالكي وقال له: لماذا أنت مصرّ على هذا الموضوع؟ لا مصلحة لك في هذا الموقف، أنت مقبول من قبل الأطراف، فتعال كي تصبح رئيساً للوزراء. أجابه المالكي: أنا لا أريد. ولم يكن المالكي بصدد استلام أي منصب بل كان يفكر باكمال دراسة الدكتوراه مع بقائه عضواً في البرلمان. كما كلّمه المرحوم جلال الطالباني بنفس الأمر ، لكنه رفض قائلاً: لا بديل للجعفري.
وصلت الأمور إلى نقطة النهاية ، فذهب إلى الجعفري في منزله وقال له: الآن ماذا نفعل؟ فالقضية توقفت تماماً. كان الجعفري متأثراً جداً وغير مرتاح، ثم أضاف المالكي: سيدنا لا منفذ لدينا ، فقل لي ماذا نفعل؟ فقال الجعفري: يجب أن نرشح بديلاً. اتفقا على أن يذهب المالكي ويعلن لوسائل الاعلام بأن الدكتور الجعفري قد تنازل عن رئاسة الوزراء، وفعلاً ذهب وصرح بذلك.
بعد أن بلغ الخبر المرجع السيد السيستاني ، الذي نصح بأن يكون البديل من حزب الدعوة الإسلامية لأنه استحقاقهم ، وبالتالي يجب أن تكون رئاسة الوزراء من حزب الدعوة.
دخلت الدعوة في أزمة جديدة حول من سيكون بديلاً للجعفري . وأخذ الجعفري يقول للمالكي: أنت البديل. وصار يضغط عليه بترشيح نفسه ، فقال له المالكي: أنا لا أرشح ولا نية عندي أو توجه لهذا الموضوع أبداً. وكان الأخوة في القيادة والجعفري يلحّون على المالكي كثيراً بأن يترشح وهو يرفض ، بينما كان المالكي يصر على ترشيح علي الأديب الذي هو الآخر رفض العودة لصعوبة الموقف مع الأمريكان الذين يرون أن أصوله الإيرانية لا تنسجم مع المنصب.
لقاء السفيرين الأمريكي والبريطاني
وفي أحد الأيام كان المالكي ومجموعة من السياسيين جالسين قبل الغداء، فاتصل به السفير الأمريكي والبريطاني، وهو لا يتحدث الإنكليزية ، فتكلم معه أحد المترجمين وقال له: يريدون أن يلتقوك ، فقال في نفسه: لن أذهب لهم. فقال له الجعفري: اذهب وأنظر ماذا يريدون منك. فذهب للبرلمان والتقى بهم في غرفة لجنة الأمن والدفاع. فقالوا: من خلال الفحص والتمحيص وجدناك الرجل المناسب لهذا المنصب ، وإذا وافقت سنعمل على إرضاء الكتل الباقية كالأكراد والسنة ، ولكن نشترط موافقتك. وقال السفير البريطاني: ولكننا لدينا شروط ! فرد عليه المالكي: من قال لك إني موافق حتى تملي عليّ شروطك ! أنا أصلاً رافض لهذا المنصب. وهنا تدخل السفير الأمريكي خليل زاد بقوة وصرخ بالسفير البريطاني وطلب منه الخروج من الغرفة . واختلف المالكي مع السفير الأمريكي ، ثم قال له: هذا ليس عالمي وخرج من الغرفة وترك السفير.
موافقة جميع الأطراف
بعد لقائه بالسفيرين عاد المالكي بعدها للأخوة في بيت الجعفري ووجدهم جالسين على الغداء في الطابق الثاني ، فسأله الشهيد أبو مهدي المهندس (جمال جعفر الابراهيمي): ماذا أرادوا منك؟ ، فأجابه بيني وبينك: هؤلاء يريدوني أن أرشح نفسي وسيدعمونني ، وهم سيقنعون السنة والأكراد. فقال له: وماذا قلت لهم ؟ فقال له: قلت لهم أنا غير موافق. وهنا صاح أبو مهدي بصوت عال: انحلّت الأزمة . وكانت حينها أزمة خانقة فردّ الأخوة عليه وكيف ؟ فقال لهم: الأمريكان طلبوا من المالكي أن يرشح نفسه .
وأكمل أبو مهدي المهندس حديثه وأضاف: انحلت المشكلة، فالسفيران الأمريكي والبريطاني قالوا للمالكي: رشح نفسك وسندعمك وسنقنع الأطراف الأخرى. ثم جاءه اتصال من جلال الطالباني وقال له: نحن الأكراد ، أنا ومسعود ، نؤيد ترشيحك. وبعدها بقليل اتصلت به جبهة التوافق التي يتزعمها كل من طارق الهاشمي وخلف العليان وعدنان الدليمي ، وقالوا له: نحن نؤيد كونك رئيساً للوزراء. وكان الإيرانيون أيضاً مؤيدين للترشيح، ولا توجد لديهم مشكلة في هذا الموضوع , فقال الإخوان له: خلاص يجب أن تتصدى لهذا الموضوع ، ويجب علينا أن نُخبر المرجعية بهذا المستجد. فاتصل بهم أبو مهدي المهندس وقال لهم: جميع الكتل وافقت على المالكي وكذلك الأمريكان. وهذه من النقاط المهمة لأن الأمريكان آنذاك كانت الأمور بيدهم فقالوا له: لا مانع لدينا ونحن موافقون ، لأننا كنا نخشى من رفضهم لأنهم سيقفون ضده وبالتالي سيفشلونه، فمادام الأمريكان قد وافقوا فنحن موافقين.
تم تكليف نوري المالكي بتشكيل الحكومة رسمياً من قبل رئيس الجمهورية جلال الطالباني. وفي 20 أيار 2006 عرض تشكيلة حكومته في مجلس النواب ليصبح أو رئيس وزراء لحكومة منتخبة وفق دستور 2005 .
ترشيحه أميناً عاماً
في المؤتمر العام الخامس عشر المنعقد في أيار 2007 ، وهو أول مؤتمر عام لحزب الدعوة بعد سقوط النظام، تم انتخاب نوري المالكي أميناً عاماً لحزب الدعوة الإسلامية. وبموجب المادة (32) من النظام الداخلي فقد جرى انتخابه بالاقتراع السري المباشر حيث حصل على أعلى الأصوات. يمثل الأمين العام الحالة الرمزية في الحزب، والساهر على سلامة عمل الدعوة، ووحدة عملها.
بموجب المادة (33) من النظام الداخلي يتولى الأمين العام المهام التالية:
1-تمثيل الحزب في المناسبات والمؤتمرات والزيارات.
2-التفاوض مع الجهاتت الأخرى، والعودة إلى القيادة لأخذ رأيها في المسائل المهمة.
3-التوقيع على الاتفاقات مع الأحزاب والكيانات الأخرى أو الحكومة أو الدول الأخرى، بعد الرجوع إلى القيادة.
4-ترؤس اجتماعات القيادة.
5-ترؤس الأمانة العامة للحزب.
6-تعيين وعزل منتسبي الأمانة العامة للحزب والصرف وفق ضوابط الصرف المعتمدة.
وفي المؤتمر العام السادس عشر المنعقد عام 2013 تمت إعادة انتخاب نوري المالكي أميناً عاماً عبر الاقتراع السري المباشر. وتم كذلك في المؤتمرات اللاحقة عام ٢٠١٦ و٢٠١٩ .
وإضافة إلى موقع كأمين عام يحتل المالكي المناصب التالية:
1-يرأس حزب الدعوة الإسلامية في المفوضية المستقلة للانتخابات، وهو الذي يوقع استمارات مشاركة الحزب في الانتخابات.
2-يرأس ائتلاف دولة القانون.
المالكي رئيساً للحكومة الثانية
في الانتخابات البرلمانية عام 2010 حصل ائتلاف دولة القانون على 89 مقعداً ، ودخل الجلسة الأولى لمجلس النواب مع بقية كتل التحالف الوطني ليشكل الكتل الأكبر. وقد حصلت قائمة العراقية بزعامة اياد علاوي على 91 مقعداً. وكان علاوي يدعي أنه هو الكتلة الأكبر، لكن المحكمة الاتحادية أصدرت قرارها بأن (الكتلة الأكبر هي الكتلة البرلمانية الأكبر) و ليست (الكتلة الانتخابية).
كان التحالف الوطني يضم (159) مقعداً أي ما نسبته 48,9% من مقاعد البرلمان. وكان بحاجة إلى أربعة مقاعد ليبلغ نسبة النصف + 1 المطلوبة لتمرير الحكومة. لكن استمرار مبدأ المحاصصة والتوافقية السياسية كان يقتضي مشاركة جميع الكتل السياسية.
تأخر تشكيل الحكومة تسعة أشهر بسبب رفض القائمة العراقية المشاركة في الحكومة إلاّ إذا حصلت على منصب رئاسة الوزراء. ولما فشلت في إقناع بقية الكتل بدخول الحكومة ، عادت واقتنعت بتولي نوري المالكي رئاسة الوزراء. وحصلت على منصب رئيس مجلس النواب ، ونائب لرئيس الجمهورية ونائب لرئيس الوزراء ، إضافة إلى ثمان وزارات.
وبذلك أصبح نوري المالكي رئيساً للحكومة الثانية 2010-2014 .
المالكي يواجه سحب الثقة
في عام 2012 وبدعوة من السيد مقتدى الصدر تشكلت جبهة تضم القائمة العراقية والتحالف الكردستاني دعت إلى سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي. إذ سافر السيد مقتدى الصدر إلى أربيل ، وهناك تم الاتفاق مع مسعود البارزاني وأياد علاوي، وكلاهما لديه مشكلة أو أكثر مع المالكي. وكان ال
31-03-2025, 15:53 تحذيرات من تفجر الأوضاع بين أمريكا وإيران.. العراق المتضرر الأكبر
29-03-2025, 16:01 رؤية في يوم القدس
عبدالامير الهماشي24-03-2025, 19:02 العلاقات العراقية - الأميركية في عهد ترامب
إبراهيم العبادي22-03-2025, 15:14 ليلة القدر .. نفحات إلهية تتجاوز حدود الزمن
وليد الحلي20-03-2025, 23:22 الإمام علي .. المدى الذي تعجز الأسماء عن بلوغه، وتذوب فيه الأشباه
د. محمد عصمت البياتي