• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

الإمام الحسن المجتبى (ع) .. نور الهداية ورائد الإصلاح

الإمام الحسن المجتبى (ع) .. نور الهداية ورائد الإصلاح

  • 15-03-2025, 20:24
  • مقالات
  • 66 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News": بغداد 


في رحاب شهر رمضان المبارك، حيث تتجلى الرحمة والبركة، تحل علينا ذكرى ولادة سبط النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله) سيد شباب أهل الجنة، الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، الذي أشرقت الدنيا بنوره في 15 شهر رمضان المبارك سنة 3 هـجري في المدينة المنورة (عام 625 م)،

 كان الامام الحسن (ع) نموذجا للأخلاق الرفيعة ، مجسداً أسمى معاني العطاء والصبر والحكمة في مسيرته المباركة:

1-سيد شباب أهل الجنة:
الامام الحسن (ع) هو الأبن البكر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وتربّى في كنف جده رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، الذي قال عنه وعن أخية الإمام الحسين (عليه السلام): “الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا”، و " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".

وقد جسّد الإمام الحسن (ع) أسمى معاني الشجاعة، والمروءة، والكرم، وكان مثالًا للقيادة الرشيدة، حيث تولّى الإمامة بعد أبيه علي أمير المؤمنين (ع)، ليصبح الإمام الثاني من أئمة أهل البيت (ع).

2-كريم أهل البيت:
عرف الإمام الحسن بن علي (ع) بسخائه وكرمه حتى لقب  بـ "كريم أهل البيت" إذ لم يردّ سائلاً، وكان يعطي من ماله بسخاء غير محدود. كان كرمه انعكاسًا لزهده في الدنيا، واهتمامه برفعة الأمة، ونشر الخير بين الناس، مؤكدا (ع) على:
 "أَمَّا الْكَرَمُ فَالتَّبَرُّعُ بِالْمَعْرُوفِ، وَ الْإِعْطَاءُ قَبْلَ السُّؤَالِ، وَ الْإِطْعَامُ فِي الْمَحْلِ".

3-التوعية والتربية والتعليم والتثقيف:
التزم الأمام منهج التوعية والتربية والتعليم والتثقيف على المبادئ والقيم الخيرة، وسعى في ترسيخها في ضمير الأمة الإسلامية لكي لا تتأثر بعمليات التمويه والتشويه والخداع والتضليل الذي يمارسها أعداؤها.
وقد كان (عليه السلام) يقيم المجالس والندوات لتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، ويحثهم على التمسك بالقيم والأخلاق الإسلامية، ومن حكمه (ع):
" رَأْسُ‏ الْعَقْلِ‏ مُعَاشَرَةُ النَّاسِ بِالْجَمِيل‏ ".و "إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ قُوَّةً فِي دِينٍ‏، وَ كَرَماً فِي لِينٍ، وَ حَزْماً فِي عِلْمٍ،
وَ عِلْماً فِي حِلْمٍ، وَ تَوْسِعَةً فِي نَفَقَةٍ، وَ قَصْداً فِي عِبَادَةٍ...".

4-القائد الحكيم ورجل الدولة:
بعد استشهاد الإمام علي (ع)، اجتمع المسلمون على بيعة الإمام الحسن (ع) ليكون خليفة المسلمين الخامس بعد شهادة الإمام علي (ع) بيومين في 23 شهر رمضان عام 40 هـ. وقد كان (عليه السلام) قائدًا حكيمًا ورجل دولة محنكًا، حيث تمكن من إدارة شؤون الدولة لمدة سبعة اشهر في فترة عصيبة من التاريخ الإسلامي وفق المنهج القراني ، مؤكدا (ع) على
  "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ فِيهِ مَصَابِيحُ النُّورِ، وَ شِفَاءُ الصُّدُورِ، فَلْيَجْلُ جَالٍ‏ بَصَرَهُ، وَ لْيُلْجِمِ الصِّفَةَ قَلْبُهُ، فَإِنَّ التَّفْكِيرَ حَيَاةُ قَلْبِ الْبَصِيرِ، كَمَا يَمْشِي الْمُسْتَنِيرُ فِي الظُّلُمَاتِ بِالنُّورِ" .

5-منهج الإصلاح والتغيير
كان الإمام الحسن (ع) يؤمن بأن الإصلاح لا يكون فقط بمواجهة الطغاة، بل ببناء أمة واعية على أساس الإيمان والعقلانية. لذا ركّز على:

أ‌-ترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة، تعزيز وعي بالقيم الأخلاقية، وحثّ الناس على الإخلاص والعدل والإنصاف.

ب‌- تثقيف الأمة دينيًا وسياسيًا لحمايتها من التضليل والخداع، وتعزيز ثقافة الحوار والوحدة، والابتعاد عن الفرقة والطائفية.

ج- إعداد جيل من القادة المخلصين، القادرين على مواجهة الظلم والانحراف، وهو ما مهّد لاحقًا لإنتفاضة الإمام الحسين (عليه السلام) ضد الظلم والفساد.

6-الإمام الحسن (ع) دروس خالدة للأمة:
إن مسيرة الإمام الحسن (ع) مدرسة في الحكمة والصبر والتضحية، فهي تعلمنا:
أ‌-كيف نواجه التحديات السياسية والأخلاقية ببصيرة ووعي.
ب‌- كيف نضع مصلحة الأمة فوق المصالح الشخصية.
ج- كيف يكون القائد حاميًا للحق حتى لو تطلّب الأمر تنازلات وقتية لصالح مستقبل الأمة.

7-التضحية من أجل المصلحة الإسلامية العليا:
أدرك الإمام الحسن (ع) أن الأمة تمرّ بمرحلة حساسة من الفتن والانقسامات، وأن معاوية يوظّف المال والمناصب لإغراء الناس وإضعاف الجبهة الإسلامية. ورغم امتلاك الإمام كل مقومات القيادة العسكرية والسياسية، إلا أنه اختار طريق السلام والتضحية، حيث أبرم صلحًا مشروطًا مع معاوية، حفاظًا على دماء المسلمين، وإبقاءً للحق في موقعه الحقيقي بعد مشورة المخلصين والأمناء على الرسالة الأسلامية، قائلا (ع):  مَا تَشاوَرَ قَومٌ إلاَّ هُدُوا إلى رُشْدِهِم ".

كان يعلم أن الانتصار لا يُقاس بالمعارك فقط، بل بمدى الحفاظ على المبادئ واستمرار الدعوة إلى الإصلاح، حتى في أحلك الظروف.

8-الأنتصار بالوعي والصبر: إرث خالد للأجيال
لقد علّمنا الإمام الحسن (ع) أن الإصلاح ليس مجرد مواجهة، بل بناء أمة واعية، وصابرة ومضحية في طريق  المبادئ العليا هي أعظم انتصار.

في ذكرى ميلاده الطاهر، نستذكر سيرته العطرة ونتعلم من حكمته وصبره، فهو مثال حي للقيادة الرشيدة والإصلاح الحقيقي.

وليد الحلي
15 آذار 2025

أخر الأخبار