قامات عراقية خالدة – ٢٦ القسم الثالث (السياسة الداخلية ) نوري كامل المالكي .. رجل المرحلة بعد ٢٠٠٣
"Today News": بغداد
- قانون البني التحتية
- قصة سقوط الموصل
-تأسيس الحشد الشعبي
- مجزرة سبايكر
- فتوى الجهاد الدفاعي للسيد السيستاني
١٩ آذار ٢٠٢٥
يُعد الزعيم السياسي نوري المالكي من أكثر الزعماء الذين تركوا بصمتهم في المشهد السياسي العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام في ٩ نيسان ٢٠٠٣ ، وأبرز الشخصيات التي ساهمت في صنع الأحداث سواء أثناء وجوده في السلطة أو خارجها. فهو أشهر الشخصيات التي يقصدها السفراء الأجانب في بغداد ، ويزوره السياسيون من مختلف الانتماءات السياسية والأيديولوجية ، فيجدون بابه مفتوحاً ، يناقشون معه الأحداث ، ويطرحون عليه مشاريعهم ، فيقدم لهم موقفه ، بلا مجاملة أو مجانباً للحقيقة. ولا يوجد ، تقريباً ، برنامج حواري أو سياسي في القنوات الفضائية وغيرها لايأتي ذكر المالكي ، سواء من قبل أنصاره أو خصومه ، المدافعون عنه أو المنصفون منهم.
وهذه سلسلة من المقالات تتناول أبرز الأحداث في حكومته الأولى والثانية ، والتي دامت ثمان سنوات ، مليئة بالتحديات التي واجهها ، والقرارات الخطيرة التي اتخذها ، في مرحلة سياسية حساسة من تاريخ العراق المعاصر. وستبقى آثارها ونتائجها لفترة طويلة .
قانون البنى التحتية
بعد توقيع اتفاقية سحب القوات الأمريكية ، وفرض سلطة القانون واستقرار الوضع الأمني ، والانفتاح العربي والإقليمي والدولي على العراق ، و فوز ائتلاف دولة القانون بانتخابات مجالس المحافظات عام ٢٠٠٩ ، بادر رئيس الوزراء نوري المالكي إلى طرح قانون البنى التحتية. وكان القانون يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات ، ومكافحة البطالة ، وتشغيل الأيدي العاملة ، وتطوير القطاعات المختلفة التي عانت الإهمال منذ عقد الثمانينيات بسبب الحرب على إيران (١٩٨٠-١٩٨٨) التي أدت إلى تدمير واسع في البنى التحتية.
يتضمن القانون تنفيذ مشاريع بقيمة (٧٧) مليار دولار ، تشمل قطاعات الصحة ، التربية والتعليم العالي ، المياه والمجاري ، الزراعة والري ، الشباب والرياضة ، الموانئ والمطارات ، السكك الحديد ، الطرق الخارجية والجسور ، بناء معسكرات للجيش والمنافذ الحدودية. وتعد وزارة التخطيط بالتعاون مع الهيئة الوطنية للاستثمار هي الجهة المسؤولة عن تحتديد المشاريع التي تخص المحافظات ، أو تلك المشاريع الاتحادية مثل الموانئ والمطارات وسكك الحديد وغيرها. وتقوم وزارة التخطيط وليس الشركات الأجنبية بتحديد كلفة المشاريع ، والتي ستكون حسب المواصفات الدولية ، وبمشاركة مؤسسات استشارية عالمية ، في إعداد المخططات قبل بدء عملية التنفيذ.
وتساهم شركات عملاقة من الصين واليابان وكوريا الجنوبية إلى جانب شركات ألمانية وفرنسية في تنفيذ المشاريع. على أن تكون اليد العاملة في تنفيذ المشاريع من العراقيين الذين سيتلقون تدريبات في المجالات الفنية والإدارية والمالية ليكون باستطاعتهم الإشراف وإدارة المشاريع بعد إنجازها وتستغرق ما بين ١٢ إلى ١٥ عاماً.
وتعهدت الصين بعرض (٢٥) مليار دولار قابلة للزيادة لتصل إلى (٤٠) مليار دولار بسعر فائدة ٦٪ ، واليابان عرضت (٣٠) مليار دولار. وأعلنت كوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا عن استعدادها للمشاركة في تنفيذ المشاريع. ويقوم العراق بدفع تكاليف المشاريع إلى الشركات المنفذة حسب ما أطلق عليه (الدفع بالآجل) على شكل شحنات نفطية بأسعار السوق العالمية. وأن يقوم البنك الصيني للتأمين ، بتقديم الأموال للشركات التي سيتم التعاقد معها. وكانت أسعار النفط تتجه نحو الصعود ، أثناء عرض مشروع القانون على مجلس النواب للمرة الأولى عام ٢٠٠٩ حتى وصلت إلى ما يقرب من (١٢٠) دولاراً حتى منتصف عام ٢٠١٤.
حجم المشاريع في البنى التحتية
لقد ضيع العراق فرصاً كبيرة في التقدم الازدهار بسبب المناكفات السياسية. فمن أجل مسايرة المعارضين تم تخفيض القيمة الاجمالية لمشروع قانون البنى التحتية إلى (٤٢) مليار دولار أثناء عرضه للمرة الثانية على مجلس النواب في شهر أيلول عام ٢٠١٢ وحسب الأولوية التي اتبعت في تحديد المشاريع ، فقد تم تخصيص ما يأتي:
-خمسة مليارات دولار لمشاريع الماء والصرف الصحي. وهو مبلغ قابل للزيادة إلى عشرة مليارات دولار بسبب النقص الهائل في هذا القطاع الذي تعرض للإهمال والدمار بسبب الحروب.
-خمسة مليارات دولار لقطاع الصحة من خلال إنشاء مراكز تخصصية في الأقضية والنواحي ، ومستشفيات في جميع المحافظات ، ومختبرات وعيادات لمعالجة أمراض السرطان والعقم وغسل الكلى وغيرها.
-ملياري دولار لإنشاء عشر جامعات في المحافظات ، مع الأقسام الداخلية لسكن الطلاب. و سبعة آلاف من المدارس الحديثة للقضاء على ازدواجية الدوام في أغلب المدارس في العراق ، إضافة إلى تقادم الأبنية المدرسية وتهالكها.
-خمسة مليارات لمشاريع الزراعة والري وإنشاء القنوات والسدود والخزانات ، ومعالجة تصحّر الأراضي ، وتجهيز مستلزمات الري الحديث والمكائن ، وتشغيل مئات الآلاف من العراقيين.
-ملياري دولار لبناء وحدات سكنية للفقراء وذوي الدخل المحدود في جميع المحافظات.
-مليار دولار لبناء طرق خارجية حديثة تربط بين المدن والمحافظات.
-مليار ونصف مليار دولار لإقامة مشاريع في المناطق الحدودية.
-نصف مليار لبناء معسكرات حديثة ومجهزة للقوات الأمنية.
-نصف مليار دولار لبناء ملاعب عصرية ومدن رياضية.
مؤتمر واشنطن للاستثمار في العراق
حرص المالكي على أن يكون إقرار قانون البنى التحتية في مجلس النواب ، بمثابة رسالة إلى المجتمع الدولي يؤكد استعداد العراق لفتح أبوابه أمام الشركات العالمية للمساهمة في إعادة الاعمار. وقد عقد المؤتمر في ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٠ بمشاركة (١٦٠٠) شركة أمريكية. وشاركت في المؤتمر وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون Hillary Clinton نيابة عن الرئيس أوباما، أما الجانب العراقي ، فقد اصطحب المالكي وزراء ومستشارين ونواب ورجال أعمال ومحافظين ، وكنتُ أحدهم حيث بقينا بعد انتهاء المؤتمر عدة أيام لزيارة بعض المؤسسات والمتاحف والمجالس المحلية ، واطلعنا على تجربتها وخبراتها.
التصويت في مجلس النواب
كان التفاؤل يملأ حكومة المالكي والمراقبين والنواب الحريصين على إقرار القانون الذي هدفه خدمة الشعب العراقي أولاً وآخراً. كانت المفاجأة هي عدم إقرار مشروع القانون بسبب عدم اكتمال النصاب المتكرر ، والذي يُعد إحدى الأدوات التي تستخدمها الكتل السياسية لمنع تمرير مشاريع القوانين المقترحة من الحكومة . وتزامنت عملية عدم اكتمال النصاب المتكررة مع وجود المالكي في واشنطن ، واعتبر بمثابة رسالة سياسية مضادة من المعترضين ، إلى المشاركين في المؤتمر الذي راهن عليه المالكي في إعطاء عملية البناء قوة دفع إضافية.
وكانت الكتل السياسية التي فاجئها صعود ائتلاف دولة القانون وفوزه في الانتخابات المحلية عام ٢٠٠٩ ، وتعرضت لهزيمة موجعة بخسارة أغلب مقاعد مجالس المحافظات ، وإقصاء المحافظين التابعين لها في ست محافظات من بينها بغداد والبصرة. وقد شنت تلك الكتل السياسية ونوابها وإعلامها حملة دعائية شرسة ضد مشروع القانون . وادّعت أن المشروع سيرهن النفط العراقي بيد الشركات الأجنبية ، ويزيد من الفساد في المؤسسات الحكومية ، وأن مشروع القانون سيشكل ضربة للشركات الوطنية. وكشفت تلك الكتل عن مخاوفها السياسية من زيادة شعبية المالكي مع قرب الانتخابات البرلمانية التي من المقرر إجراؤها في شهر آذار عام ٢٠١٠. وهي العقدة الأساسية التي منعهت التصويت على مشروع القانون مرتين ، الأولى عام ٢٠٠٩ والثانية عام ٢٠١٢.
وكنتُ مدعواً كمحافظ بغداد لحضور اجتماع مجلس الوزراء للتصويت على مشاريع مجاري في أطراف بغداد هي المحمودية وناحية الجسر والمدائن والطارمية ، لأن التعليمات لا تسمح للمحافظ بالتعاقد على مشاريع قيمتها أكثر من (٦٠) مليارد دينار . وعليه يقتضى موافقة مجلس الوزراء إذا تجاوز المبلغ أعلاه. وقد شرحتُ أهمية المشاريع للسادة الوزراء قبل التصويت عليها. والغريب أن وزراء التيار الصدري كانوا من المتحمسين للمشاريع مع بقية الوزراء الشيعة والكرد، فيما تردد الوزراء السنة وفيهم الدكتور صالح المطلك نائب رئيس الرزراء في رفع أيديهم ، مع أن المشاريع تخدم الجمهور السني في أطراف بغداد.
وقبل جلسة مجلس الوزراء ، جلست مع الوزراء انتظاراً لموعد الجلسة. ثم حضر رئيس الوزراء المالكي ومصادفة جلس بجانبي. وكان مشروع قانون البنى التحتية حديث الساحة السياسية والإعلامية. فسألت المالكي: لعل عدم وضوح الصورة في طبيعة المشاريع وكيفية تنفيذها هي السبب في تحفظ بعض النواب والكتل السياسية في قبول القانون. فلو ظهرتَ في الاعلام وشرحتَ ذلك بالتفصيل ، لرفعت الابهام وبددت الشكوك حول مشروع القانون. فأجاب: لقد أرسلتُ مسودة المشروع للنواب فقرأوه ، وكذلك الوزراء ، وتحدثت عنه في لقاءاتي في القنوات الفضائية. إن المشكلة يادكتور ليس في عدم فهمهم مسودة القانون أو في التحفظات التي يرددونها في وسائل الاعلام ، بل هو خوفهم من أن قانون البنى التحتية سيُعد انجازاً هاماً للمالكي ، ويزيد في رصيده السياسي ، وذلك يعني أن وزنه وحضوره الجماهيري سيتضاعف ، خاصة والانتخابات قادمة.
استمرار الاعتراض وإفشال المشروع
لم يؤثر تخفيض قيمة المشاريع في إيقاف الاعتراضات بل زادت في حدتها لنفس الأسباب السياسية. فإذا كانت معارضة المشروع عام ٢٠٠٩ لمنع الولاية الثانية للمالكي ، بعد حصوله علي (٨٩) مقعداً في انتخابات ٢٠١٠ ، فإن الاعتراض عليه عام ٢٠١٢ قد سبق انتخابات عام ٢٠١٤ التي حصل المالكي فيها على (١٠٣) مقاعد. وقد صرح أحد النواب المعترضين علناً بأن اعتراضهم جاء لمنع تصاعد شعبية المالكي ، وبالتالي حصوله على أكثرية المقاعد النيابية ، ومن تولي رئاسة الحكومة عدة مرات!
سقوط الموصل
خلفيات سبقت السقوط
جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات عام ٢٠٠٩ نقلة جديدة في الحياة السياسية. فقد حقق ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي فوزاً كبيراً في محافظات الوسط والجنوب على حساب التيار الصدري والمجلس الأعلى.
وفي الموصل فازت قائمة الحدباء التي يتزعمها أثيل النجيفي بـ (١٩) مقعداً من مجموع (٣٧) مقعداً لمجلس محافظة نينوى. وكانت هذه النتيجة بمثابة هزيمة سياسية للتحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الكرديين وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني. وفشلت محاولات التحالف الكردستاني في منع انعقاد جلسة مجلس المحافظة لانتخاب محافظ جديد من خلال عملية كسر النصاب ، وانتهى السباق بتصويت (٣٢) عضواً لصالح أثيل النجيفي.
ومن خلفية الصراع السياسي المحتدم بين آل النجيفي والحزبين الكرديين ، جرى استبعاد الكرد من جميع المواقع والمناصب المهمة التي كانوا يشغلونها بعد انتخابات عام ٢٠٠٥ ، حين كان دريد كشمولة ، وهو من أهالي الموصل ، محافظاً لنينوى ، متهماً بأنه مجرد أداة بيد نائبه عضو الحزب الديمقراطي خسرو كوران. وأنه السبب المباشر وراء سطوة الحزبين الكرديين في الموصل. فقد ساهمت قوات البيشمركة إلى جانب القوات الأمريكية بتعاظم نفوذ التحالف الكردستاني بعد عام سقوط النظام في عام ٢٠٠٣ ، وخاصة في نينوى وكركوك وديالى .
وجاء الانهيار الأمني الأول الذي شهدته الموصل في ١١ تشرين الثاني عام ٢٠٠٤ ، ليقوّي الدور الذي سيلعبه الحزبان الكرديان في الموصل في المرحلة اللاحقة. فقد تمكنت الفصائل المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة وحزب البعث تحت لافتة المقاومة ، من بسط سيطرتها على الموصل ، رغم وجود الفرقة الأمريكية المجوقلة (١٠١) التي كان يقودها الجنرال ديفيد بترايوس ، واستجاب الزعيمان طالباني وبارزاني لطلب رئيس الحكومة المؤقتة اياد علاوي بتدخل البيشمركة لمساعدة القوات الامريكية في استعادة السيطرة على المدينة ، التي ظلت لخمسة أيام في قبضة الجماعات الإرهابية.
واعتبر سقوط جميع مراكز الشرطة بيد الجماعات الإرهابية ، ضربة موجعة للقوات الامريكية ، مع أن بترايوس نجح في مد جسور العلاقة مع عدد من كبار ضباط الجيش السابق ، والمخابرات في الموصل. فقد أعطى بترايوس في عام ٢٠٠٣ مبلغ (٨٠٠) ألف دولار إلى ضباط موصليين.
لم تستمر القطيعة بين الحزبين الكرديين وآل النجيفي طويلاً ، فقد توسطت واشنطن إلى إعادة المياه إلى مجاريها بين الطرفين ، مع موعد انسحاب القوات الأمريكية في نهاية عام ٢٠١١. وكانت الخطوة الأولى هي التقريب بين الإقليم وتركيا التي تربطها علاقة تاريخية مع آل النجيفي. ولطمأنة مخاوف تركيا ، والسنة في العراق من أن انسحاب الأمريكان من العراق سيؤدي إلى:
أولاً: تقوية الحكومة الاتحادية في بغداد والقوى السياسية الشيعية .
ثانياً: تعاظم النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة.
المذهب أولاً
طرحت واشنطن فكرة عقد حلف بين السنة والكرد بمساندة تركيا ، وأن يأخذ التحالف عملية ملء الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات الأمريكية من العراق.
تنفيذاً لفكرة الحلف المذكور ، دعت السعودية الرئيس جلال الطالباني (١٩٣٣-٢٠١٧) لزيارة المملكة ، واستقبله الملك عبد الله في ١١ نيسان ٢٠١٠، وعرض عليه مشروع أمريكا الذي يتلخص في أن الكرد هم سنة ، يتحالفون مع العرب السنة في العراق. وفي مقابل أن تقوم السعودية بتقديم كل ما يريده الكرد من مساعدات مالية واقتصادية. عاد الطالباني إلى العراق ونقل للمالكي ما جرى في السعودية ، ومشروع واشنطن.
في اليوم التالي في ١٢ نيسان ٢٠١٠ وصل مسعود بارزاني إلى الرياض ، وأعاد الملك عبد الله عليه فكرة التحالف بين السنة والكرد.
دخلت العلاقة بين الحزبين الكرديين وأسامة النجيفي مرحلة جديدة وشهر عسل طويل شارك في إعداده وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي قام بزيارة أربيل ، وإقناع بارزاني بالتصويت لصالح أسامة النجيفي لرئاسة البرلمان.
بعد انتخاب أثيل النجيفي محافظاً لنينوى عام ٢٠٠٩ ، وأسامة النجيفي عام ٢٠١٠ ، تناسى الشقيقان المادة (١٤٠) الخاصة بالمناطق المتنازع عليها مع الكرد. ورفعا شعار استعادة الأراضي التي احتلها الكرد بالقوة من قبل. وصار المالكي العدو رقم واحد لآل النجيفي.
ومن بين مظاهر هذا التحالف (الكردي-السني) هو استعادة التحالف الكردستاني لجميع المناصب في محافظة نينوى بعد انتخابات مجالس المحافظات عام ٢٠١٣ ، والتي فقدها بعد انتخابات عام ٢٠٠٩ ، ابتداءً من رئاسة مجلس المحافظة ، مروراً بالنائب الأول للمحافظ والقائممقامين ومدراء النواحي ، وانتهاءً بالمديريات التنفيذية واللجان المهمة في مجلس المحافظة ، ومنها لجنة الاستثمار ، مع أن عدد مقاعد التحالف الكردستاني في مجلس محافظة نينوى كانت (١٢) مقعداً.
أهل الموصل يدفعون الجزية للقاعدة
كان تنظيم القاعدة يأخذ (الجزية) من القطاعين الخاص والعام ، حتى وصلت عام ٢٠١٤ إلى ما يزيد على أحد عشر مليون دولار شهرياً ، بحسب تقدير أحد المسؤولين في المحافظة. فالأطباء وحسب اختصاصاتهم كانوا يدفعون (٥٠٠) دولار شهرياً ، والصيادلة ما بين (١٠٠) إلى (٣٠٠) دولار ، وأصحاب محال الموبايل بين (١٠٠) إلى (٢٠٠) ، والأدوات الاحتياطية من (٥٠٠) إلى (٧٥٠) دولار ، وورش تصليح السيارات من (١٠٠) إلى ( ٣٠٠) دولار ، ومحلات المواد الغذائية من (٢٠٠) إلى (٥٠٠) دولار ، وأصحاب المولدات (٣٠٠) دولار وكان عددها يصل إلى (٣٥٠٠) مولدة في الموصل ، ومن سوق الجملة لبيع الفواكه والخضر الذي يطلق عليه تسمية (سوق المعاش) (٢٠٠) ألف دولار شهرياً. كما يدفع من يبيع أو يشتري أرضاً أو عقاراً نسبة محدودة حسب نوع العقار تصل إلى ١٠٪ من قيمته. أما أصحاب الشركات ، فيدفعون ما نسبته ١٠٪ من الأرباح . ومن يمتنع عن الدفع يتعرض للقتل أو تُحرق شركته وتُنهب ممتلكاته. ويقول أحد أعضاء مجلس محافظة نينوى ، أنه حتى أصحاب الأكشاك من الذين يبيعون الشاي ، كانوا يدفعون الاتاوات للقاعدة قبل أن يتحول إلى داعش. أما أولئك الذين يرفضون دفع الاتاوات للقاعدة ، فيتعرضون لشتى أنواع المضايقات ، ومن بينها تفجير مقرات شركاتهم ومشاريعهم. هذه الأرقام والوقائع كانت معروفة لدى أهالي الموصل ، ووردت في إفادات الضباط في اللجنة التحقيقية البرلمانية. وكانت المحافظة تغض النظر عن عناصر القاعدة وهم يتجولون ويجمعون الاتاوات. وبعد سقوط الموصل كان موظفو الدوائر الحكومية يدفعون اتاوات لداعش ، حيث يتم استلام رواتبهم من وزارة المالية الاتحادية ، التي ترسلها شهرياً إلى المحافظة ، وهناك يجلس محاسبو داعش ويستقطعون مبلغاً من راتب كل موظف ، ويعطونه وصلاً بذلك.
لقد كان المصدر الأساس لتمويل داعش يأتي من خلال تهريب النفط من خط النفط العراقي المتوجه إلى تركيا. وتتم عملية التهريب بأوراق رسمية يُطلق عليها تسمية (قطوعات). وكانت هناك شركات هي بالأصل واجهات لتمويل الجماعات الإرهابية ، سواء المرتبطة بالقاعدة أو بحزب البعث ، من بينها (شركة الرافدين) لصاحبها قيس زكي. وقد توسط أسامة النجيفي لإطلاق سراحه ، بعد اختطافه عام ٢٠٠٥ ، مقابل دفع مبلغ (٤٠٠) ألف دولار للقاعدة . وكانت (شركة الرافدين) تحظى باستلام غالبية المشاريع الاستثمارية في المحافظة ، إلى جانب شركة (تاج السلطان) التي أحيل إليها مشروع مجرى صندوقي في حي الزهور بقيمة (٤٩٠) مليون دينار ، مع أن الشركة كانت مدرجة ضمن الشركات الداعمة للإرهاب ، حسب كتاب رسمي من وزارة الداخلية والأمن الوطني بتاريخ ٢٣ مايس ٢٠٠٨. وقد صدرت مذكرة إلقاء قبض بحق أصحابها.
لقد عانت هيئة الاستثمار التدخل في عملها من أجل منح إجازات لشركات مشبوهة . كما عانت دائرة التسجيل العقاري من تغييرات جسيمة في سجلاتها التي تعرضت للحك والشطب، كما فقد (١٦) سجلاً عقارياً. ولما اعترضت مديرة التسجيل العقاري (خولة السبعاوي) وجدت مقتولة ، كما قُتل قاتلها لتذهب قضيتها نحو المجهول. وتم تحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية في الدوائر المعنية بالمحافظة. وتم تسجيل عوائل الإرهابيين في شبكة الحماية الاجتماعية ليستلموا رواتب شهرية. وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تدفع رواتب (٢٠٠) ألف مستفيد ، في حين كان العدد (٨٦) ألف مستفيد. وبلغ ما تدفعه الوزارة (١٥٩) مليار دينار شهرياً.
لجنة مكافحة الجزية
في عام ٢٠١٢ أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي أمراً ديوانياً بتشكيل (لجنة مكافحة الجزية في الموصل). تشكلت اللجنة من زهير الجلبي الذي يترأس (لجنة إسناد أم الربيعين) ، وعضوية (١٧) موظفاً يمثلون دوائر المحافظة ، وقائد عمليات نينوى الفريق مهدي الغراوي والمحافظ أثيل النجيفي. وواجهت اللجنة مشكلتين أفرغتها من محتواها وهما:
الأولى: خشية الموظفين من الحديث أمام المحافظ عن شبكة جواسيس القاعدة في دوائر المحافظة ، وعملية التمويل المتعددة الأشكال ، التي تحصل عليها القاعدة ، وجيش النقشبندية من القطاعين العام والخاص.
الثانية: تحول اللجنة إلى حلبة صراع ، وتنازع في الصلاحيات بين المحافظ وقائد العمليات.
تظاهرات ضد الحكومة
في ٢٨ كانون الأول ٢٠١٢ خرجت تظاهرات بعد صلاة الجمعة في الجامع النوري الكبير ، لتمثل واجهة سياسية للدولة العميقة ، التي يقودها الثنائي حزب البعث والقاعدة إلى جانب الحزب الاسلامي العراقي ، وجماعة الاخوان على خلفية اعتقال حماية الدكتور رافع العيساوي. بعد عشرة أيام من الاحتجاجات حدث اشتباك محدود مع القوات الأمنية ، أدى إلى إصابة أربعة متظاهرين. وفي تطور ملفت عكس أمراً مدبراً ، قدم مجلس المحافظة المتضامن مع المحافظ ، دعوى قضائية ضد القائد العام للقوات المسلحة والقوات الأمنية بحجة قمع المتظاهرين الذين استولوا على عجلة عسكرية تمت استعادتها بتدخل مباشر من مكتب المحافظ.
لقد عادت الموصل إلى ما كانت عليه من الانفلات الأمني قبل عملية (أم الربيعين) عام ٢٠٠٨ التي نجحت في بسط الأمن. لقد أصبحت الموصل مع انطلاق الاحتجاجات ، في ظل شعور أطراف الدولة العميقة ، بأن التظاهرات قد وفرت لها شرعية شعبية ، وسياسية مع غطاء دستوري ، باعتبار أن الدستور يكفل للمواطنين حق التظاهر ، مع أن الجهات التي تقود التظاهرات تعلن صراحة رفضها للنظام السياسي والدستور.
تطورت التظاهرات إلى اعتصام مفتوح ، وقيام المتظاهرين بالمبيت في (ساحة السجن) التي أطلق عليها حزب البعث تسمية (ساحة الأحرار). وحرص المحافظ على زيارة ساحة الاعتصام من دون التنسيق مع قيادة العمليات ، مما أدى إلى حدوث ملاسنة شديدة مع الفريق مهدي الغراوي.
بدأت القطيعة في مرحلة جديدة مع رفض محافظ الموصل التفاوض مع الحكومة الاتحادية ، على خلاف ما جرى في الانبار التي دخل محافظها في حوار مع الحكومة ، عندما اجتمع نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني بالمسؤولين في المحافظة.
في شهر كانون الثاني عام ٢٠١٣ جرى اتصال من مكتب رئيس الوزراء برئيس مجلس المحافظة جبر العبد ربه ، يطلب منه الحضور إلى بغداد لإيجاد حلول لمطالب المتظاهرين. توجه العبد ربه إلى بغداد لكن بسبب ضغط المحافظ ، اضطر إلى العودة إلى الموصل قبل أن يصل إلى سيطرة بغداد داخل الحدود الإدارية للموصل.
وفي اليوم الذي وصل نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ، ترك النجيفي الموصل . وقد اجتمع الشهرستاني الذي ترأس لجنة سباعية تضم شخصيات شيعية وكردية وسنية ، برئيس مجلس المحافظة في ظل شعار رفعه المتظاهرون يقول (من يلتقي مع الوفد ، خائن ولا يمثل المتظاهرين). وأثناء تواجد الشهرستاني في الموصل ، كان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي يزور مدينة سامراء ، وألقى خطاباً متشدداً بالمتظاهرين . وبعد انتهاء زيارته توجه النجيفي إلى الموصل ، واجتمع برئيس مجلس المحافظة في منزل والده عبد العزيز النجيفي ، للاطلاع على ما جرى في زيارة الشهرستاني.
وفي موقف جديد يؤكد نهج القطيعة مع الحكومة ، رفض أثيل النجيفي قرار مجلس الوزراء في ١٩ آذار ٢٠١٣ تأجيل انتخابات مجالس المحافظات لشهرين بسبب عدم الاستقرار الأمني في محافظة نينوى. لقد حرص على استغلال الأجواء المشحونة طائفياً ضد القوات الأمنية والحكومة الاتحادية لتحقيق مكاسب سياسية ، تعزز فرص قائمته للفوز بأغلبية مريحة ، كما استغل عام ٢٠٠٩ الجانب العنصري بسبب وجود قوات البيشمركة والحزبين الكرديين.
وعلى خلاف ردود الفعل في ساحات الرمادي وسامراء وصلاح الدين وديالى على خلفية حادثة الحويجة في كركوك، شهدت الموصل تصعيداً عسكرياً وأمنياً غير مسبوق. إذ قام عناصر النقشبندية ، وهي جماعة مسلحة بعثية أسسها عزت الدوري نائب صدام ، في ٢٤ نيسان ٢٠١٣ بمهاجمة مراكز الشرطة في غرب الموصل تحت شعار (الثأر لدماء المعتصمين في الحويجة). وخلال الهجوم على حي ١٧ تموز الذي يقع تحت سيطرة الفوج السادس طوارئ من الشرطة المحلية، تم احتجاز (١٧) رهينة من الشرطة المحلية. وبعد اشتباكات عنيفة على مدى يوم كامل ، نجحت القوات الأمنية من استعادة السيطرة على المناطق الغربية في الجانب الأيمن من المدينة. وانتهت المعركة باستشهاد (١٥) من عناصر الشرطة ومقتل (٣١) من المسلحين. وأصدرت النقشبندية بياناً تضمن توجه الفصائل المسلحة إلى اللجوء لخيار العنف من خلال الإعلان صراحة عن نيتها استهداف القوات الأمنية ، كما حذّر البيان الجيش والشرطة الاتحادية بضرورة ترك مقراتهم وأسلحتهم وآلياتهم. وللأسف لم تقرأ قيادة عمليات الموصل أبعاد وأهداف البيان كما يجب.
وصدر عن الشقيقين النجيفي تصريحات تصعيدية . فقد وصف أسامة النجيفي الجنود والضباط الذين هاجموا ساحة الاعتصام في الحويجة بأنهم (أداة قتل). فيما وصف أثيل النجيفي المتظاهرين والقتلى بـ(الثوار) ، ودعا إلى تشكيل (لجان شعبية) في المساجد والأحياء. وجدد النجيفي مطالبته بخروج الجيش والشرطة الاتحادية ، وتسليم الملف الأمني إلى الشرطة المحلية التي يشرف عليها المحافظ ، يتبلغ عددها (٢٥) ألف شرطي. وهو ذات المطلب الذي تنادي به القاعدة والنقشبندية وجيش المجاهدين.
سقوط الرقة بيد داعش
في ٤ آذار ٢٠١٣ سيطرت الجماعات التكفيرية ومن بينها (جبهة النصر) على مدينة الرقة التي تقع شمال سوريا ، محاذية للحدود مع تركيا ، على يمينها حلب ، وعلى يسارها الحسكة ودير الزور ، وإلى جنوبها محافظة حمص. وهي أول مركز محافظة سورية تخرج عن سيطرة الحكومة ، عندما تمكنت داعش من فرض سيطرتها المطلقة على الرقة. ومع التمدد السريع في المدن المجاورة للرقة ، أصبحت داعش التنظيم الأكثر شراسة ، واثارة الرعب في سوريا ، خاصة بعد وصول مقاتلين من العراق. واستقطبت داعش تنظيمات إرهابية أخرى ، كما جذبت متطوعين من أوربا ودول آسيا الوسطى من الشيشان والآوزبك والقرغيز، إضافة الى العرب من فلسطين وتونس ومصر والسعودية.
كانت الجماعات التكفيرية تحظى بدعم مالي خليجي ولوجستي تركي تمثل في:
١-استقبال المتطوعين الإرهابيين في مطاراتها ونقلهم جنوباً نحو سوريا.
٢- إيصال التحويلات المالية عبر مكاتب صيرفة تركية.
٣- توفير شبكة انترنت عبر شركة اتصالات تركية .
٤- تسهيل ونقل النفط السوري المهرب عبر شاحنات تركية .
٥- توفير المواد الغذائية والتجهيزات المنزلية والعسكرية .
وفي تحول خطير لم يلق أي اهتمام لدى الجهات الأمنية والعسكرية ، إعلان أبو بكر البغدادي واسمه الحقيقي إبراهيم عواد البدري السامرائي (١٩٧١- ٢٠١٩) في ٩ نيسان ٢٠١٣ في تسجيل صوتي (أن جبهة النصرة في سوريا ليست إلا امتداداً لدولة العراق الإسلامية ، وأنه قرر دمج التنظيمين معاً تحت اسم جديد هو (الدولة الإسلامية في العراق والشام) والتي اختصرت باسم (داعش) . مع أن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني (أحمد حسين الشرع) نفى دخوله تحت عباءة البغدادي ، لكن مجرد الإعلان عن قيام (الدولة الإسلامية في العراق والشام) يعني أن المعركة في العراق ستكون جزءاً من الحرب في سوريا.
في ظل الصعود السريع لداعش في سوريا ، اختفى اسم القاعدة من الاعلام ، والتي كانت الرقم الأول في أفغانستان والعراق والمنطقة. ومع أن زعيم النصرة أبو محمد الجولاني بايع زعيم القاعدة أيمن الظواهري ، لكن ذلك لم يفلح في إعادة البريق للقاعدة. وأفل نجم القاعدة منذ بداية عام ٢٠١٣ عندما شهد العراق ظاهرة (عسكرة التظاهرات) ، وحل اسم داعش في الاعلام الغربي والعربي ، ودخلت صناعة الإرهاب مرحلة جديدة.
حادثة الزنا
مع صعود نجم داعش في سوريا والمنطقة الغربية ، وقيام جيش النقشبندية بعمليات عسكرية في الموصل ، دخلت القطيعة مع الحكومة الاتحادية في مرحلة جديدة. فأصبح الجيش والشرطة الاتحادية والأجهزة الأمنية في الموصل الهدف الأول للدولة العميقة التي شارك فيها المحافظ وبعض موظفي الوقف السني ومشايخ دين ، وشيوخ عشائر ، وقوى سياسية فاعلة في الحكومة ومجلس النواب ، وفي تفاقم الهجمة المنظمة ضد القوات الأمنية.
كانت الخطوة الأولى في ترسيخ القطيعة ، هي في صناعة شرخ في العلاقة بين القوات الأمنية من جهة ، وأهالي الموصل من جهة أخرى ، من خلال وصف تلك القوات بأنها طائفية وصفوية ومجوسية ، وأنها جيش المالكي ، ولا تمثل العراق ، وتنفذ أجندة إيرانية. وبدأت الحملة العدائية في شهر كانون الأول ٢٠١٢ ، وتصاعدت خلال عام ونصف ، حتى تحولت إلى تمرد على الدولة ومؤسساتها.
في ١٨ كانون الأول ٢٠١٢ نشر المحافظ ليلاً على صفحته الرسمية (فيس بوك) خبراً مفاده أن أحد ضباط الجيش ومعه ثلاثة جنود قاموا بإدخال فتاة موصلية قاصرة عنوة إلى ثكنتهم العسكرية وقاموا باغتصابها. في الصباح قام طلاب كلية الامام الأعظم بتنظيم مظاهرة حاشدة ، هاجموا خلالها القوات الأمنية وطالبوا بإخراجها من الموصل. رغم عدم التأكد من الحادث ، قام الوقف السني بتنظيم مؤتمر صحفي ندد فيه بما حدث مع الفتاة الموصلية ، داعياً إلى إخراج الجيش والشرطة الاتحادية من المدينة بأسرع وقت. بعد المؤتمر والتظاهرة ، قام شيوخ ووجهاء نينوى بإصدار بيانات نددت بالجريمة. وأشيع في وقتها أن الضابط من أهالي العمارة جنوبي العراق ، وذلك في محاولة لتأجيج مشاعر الأهالي ، وإضفاء بعداً طائفياً على الحادثة. وبعد التحقيق في اليوم التالي ، تبين أن النقيب شعلان ذياب ، وهو ضابط من أهالي الموصل ، هو من ارتكب الزنا مع المرأة الموصلية التي لم تكن قاصراً.
كانت حادثة الزنا في الموصل ، تشابه قصة صابرين الجنابي التي روج لها طارق الهاشمي وعدنان الدليمي (١٩٣٢- ٢٠١٧) ورئيس الوقف السني عبد الغفور السامرائي (١٩٥٥-٢٠٢٤) في شباط ٢٠٠٧ ، بعد ستة أيام من إعلان المالكي عن خطة فرض القانون. وحسب تقرير بثته قناة الجزيرة ، أشيع أن ثلاثة ضباط شيعة قاموا باغتصاب صابرين ، فأثاروا مشاعر أهالي بغداد . وأظهرت التحقيقات أنها قصة مفبركة كانت تهدف لتأجيج الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة. ولم يعتذر أي واحد من مروّجي القصة حتى خمدت.
هاتان الحادثتان المفبركتان تشير إلى المستوى الدنيء الذي استخدموه في معاداة القوات الأمنية العراقية. فهم يعلمون أن قضايا العرض والشرف حساسة جداً في العقلية العراقية ، لذلك جعلوا من الجاني شيعي ، والضحية سنية ، ليكمل إخراج المسرحية بأعلى مستوى من الانفعال والهياج وردود الأفعال القطيعية.
إشاعة استخدام اللغة الفارسية
من خلفية وصف القوات الأمنية بأنها (صفوية) تنفذ أجندة إيرانية ، أشاعت الدولة العميقة في الموصل ، أن جميع أفراد وحدة مكافحة الإرهاب في الموصل يتحدثون باللغة الفارسية. وطبقاً لإفادة قائد الوحدة اللواء كريم التميمي إلى لجنة التحقيق البرلمانية ، قال التميمي: أن اثنين من المهندسين من أبناء الموصل اللذين أحضرتهما لمقر القيادة لإجراء أعمال البناء ، سألاه باستغراب: لماذا لا يوجد من يتحدث الفارسية في المقر؟ فأجابهما: وما هي الحاجة إليها؟ قال أحدهم: إن الانطباع السائد لدى الناس بأن جميع أفراد القوة يتحدثون الفارسية. وأضاف اللواء التميمي: طلبت من المهندس أن يتحدث مع من يشاء من أفراد الوحدة ليكتشف بنفسه بأن هذا الأمر كذب ومجرد إشاعة صنعتها الماكنة الدعائية.
دور القنصل التركي
في مقابل الترويج للتدخل الإيراني في نينوى بهدف إثارة العصبية قومياً وطائفياً ، كان القنصل التركي حسين عوني بسطلي يقوم بافتتاح المدارس بمرافقة المحافظ ، والتنقل بحرية في المدينة ، والاجتماع بمن يشاء من المسؤولين دون مراعاة أي من الضوابط التي تحكم نشاط الدبلوماسيين الأجانب.
وفي إشارة واضحة إلى دور جهاز المخابرات التركي ، قال قائد الفرقة الثانية الأسبق اللواء الركن ناصر الغنّام في إفادته: كان هناك طابق في فندق (نينوى أوبروي) هو الطابق السادس ، غير مسموح السكن فيه ، ويخلو من كاميرات المراقبة التي تنتشر في بقية الطوابق والمطعم والاستعلامات. كان الطابق مخصصاً لعقد اجتماعات مريبة ومثيرة للشك يحضرها المحافظ أثيل النجيفي مع القنصل التركي وقيادات النقشبندية وجيش المجاهدين ، وما أطلق عليهم تسمية (الضباط الأحرار).
واختصر مدير مكتب جهاز المخابرات في الموصل في إفادته بالقول: (إن القنصل التركي كان يشرف على المدينة باعتباره محافظ الموصل الحقيقي ، وأنه هو المسيطر على الموصل. وأن النشاط المخابراتي الأبرز في محافظة نينوى كان لجهاز المخابرات التركي . وأن القوة الأمنية الوحيدة التي لم تنسحب من محافظة نينوى بعد سقوطها بيد داعش ، هم حرس القنصلية التركية. وعندما قام العميد محمد الوكاع مدير حماية المنشآت بإبلاغ القنصلية بأن الإرهابيين سيدخلون كل المناطق قالوا له: اذهبوا أنتم ولا شأن لكم بنا. فلماذا يشعر موظفو القنصلية التركية بالأمان من داعش ولم ينسحبوا؟ وهذا يكشف عن طبيعة العلاقة بين المخابرات التركية وداعش آنذاك.
كما رفض القنصل التركي عرضاً بتنفيذ عملية نقل آمنة لموظفي القنصلية ، قدمه مدير الفرع (١٤) للحزب الديمقراطي عصمت رجب. ومعلوم أن (٤٩) من موظفي القنصلية التركية ، وجميعهم ضباط في جهاز المخابرات ، ومن بينهم القنصل بسطلي وزوجته وأطفاله وأفراد من القوات الخاصة التركية ، غادروا الموصل بعد ستة أشهر من احتلالها ، وإعلان الخلافة من قبل أبو بكر البغدادي ، بدء تطبيق أحكام الشريعة الإسلامي بحسب تفسير داعش.
اجتماع واشنطن
في محاولة لاستكشاف رؤية الإدارة الامريكية مما يجري في العراق والمنطقة ، قرر رئيس الوزراء نوري المالكي ارسال وفد ضم مستشار الأمن الوطني فالح الفياض والنائبين سامي العسكري وياسين مجيد ، إلى واشنطن في شهر آذار ٢٠١٣. وخلال الزيارة التي استمرت خمسة أيام ، أجرى الوفد لقاءات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية بيهم مساعد وزير الخارجية لشؤون الدفاع ، ومساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الانسان ، ونائب وزير الخارجية وليم بيرنز William Burns الذي عينه جو بايدن بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة مديراً للمخابرات المركزية ، ومساعد وكيل وزير الخارجية لشؤون الطاقة كارلوس باسكال Carlos Pascual الذي تحدث عن أهمية مد أنبوب النفط من العراق إلى تركيا عبر كردستان وصولاً إلى أوروبا.
كما التقى الوفد العراقي بعدد من رجالات الكونغرس بينهم السيناتور جون ماكين (١٩٣٦ – ٢٠١٨) John McCain ، والسفير الأمريكي الأسبق في بغداد جيمس جيفري James Jeffrey وروبرت فورد ، والمبعوث بريت ماكغورك ، والجنرال بترايوس . وختم الوفد زيارته بلقاء مع نائب الرئيس الأمريكي بايدن في البيت الأبيض.
تحدث في الاجتماع توني بلينكن Tony Blinken الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس بايدن ، وأصبح فيما بعد وزيراً للخارجية لدى الرئيس بايدن. تحدث عن أهمية تطوير العلاقات بين العراق وأمريكا في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي ، وإقامة مشاريع للطاقة المشتركة بين العراق وتركيا.
واحتلت الأوضاع في سوريا جانباً هاماً من الاجتماع. إذ قال الفياض: (أننا لا نريد أفغانستان مجاورة للعراق. ولدينا استعدادا للمشاركة في أية حلول سياسية للأزمة في سوريا). وقال النائب ياسين مجيد: (إن سقوط نظام الحكم في سوريا من خلال استخدام القوة العسكرية ، سيؤدي إلى إشاعة التطرف والحرب الطائفية في عموم المنطقة).
أما نائب الرئيس بايدن مثل بقية الذين التقاهم الوفد ، فقد تحاشى الحديث عن التظاهرات في المناطق الغربية ، وتحولها إلى حالة تمرد على مؤسسات الدولة وتهدد النظام الديمقراطي. هذا التحاشي يشير إلى أن إدارة الرئيس أوباما كانت متورطة بشكل غير مباشر في الاحتجاجات ، بدءاً من انطلاقها وحتى خروجها عن مسارها. كان إدارة أوباما تحاول النأي بالنفس عن ملف التظاهرات التي تطالب بإلغاء الدستور ، وإقامة الإقليم السني والتهديد بالحرب الأهلية. لقد أظهر الموقف الأمريكي أنه منحاز إلى جانب السنة ضد الشيعة ، لاسيما أنه يدعم الاحتجاجات السنية في سوريا بتوجهاتها السياسية والطائفية.
تحدث بايدن عن عدم رضاه عن مواقف حكومة المالكي تجاه التظاهرات السورية منذ عام ٢٠١١ ، ومروراً بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ، وسحب السفراء العرب من دمشق ، وانتهاء بعسكرة التظاهرات ، واتهام الجيش السوري باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً. وخلص بايدن بالقول: إنه لم يكن مفهوماً من العراق الذي تخلص من الحكم الدكتاتوري البعثي ، أن يقف إلى جانب الأسد الذي أصبح واضحاً أنه دكتاتوري وطائفي. وعبّر بايدن عن قلق الولايات المتحدة من عدم اتخاذ العراق الإجراءات اللازمة لوقف امدادات السلاح ، التي تنقل بالطائرات من إيران إلى سوريا عبر العراق ، على الرغم من إبلاغ واشنطن بضرورة وقف نقل السلاح من طهران إلى دمشق.
إن الموقف الأمريكي كان إلى جانب الأسد إلى ما قبل ٢٠١١ ، ولم يكن آنذاك ، برأي واشنطن ، ثم أصبح وبشكل مفاجئ دكتاتورياً وطائفياً ، ولابد من اسقاطه. وكانت واشنطن والدول العربية قد اصطفت إلى جانب سوريا أثناء الازمة الدبلوماسية بين العراق وسوريا بعد تفجير وزارة الخارجية العراقية عام ٢٠٠٩ ، واتهم العراق حكومة دمشق بأنها وراء الحادث الإرهابي.
طريق داعش نحو الموصل
في شهر حزيران ٢٠١٣ قرأ محافظ الموصل أثيل النجيفي بياناً ، طالب فيه بخروج قوات الشرطة الاتحادية والجيش من الموصل ، استناداً إلى قرار مجلس محافظة نينوى برئاسة الكردي بشار حميد الكيكي. جاء القرار متزامناً مع مطالبات مماثلة صدرت من ساحات الاعتصام في الرمادي وسامراء وديالى وكركوك ، مما يؤشر إلى وجود تفاهم سياسي يهدف إلى ممارسة الضغط على حكومة المالكي ، التي ستظهر وكأنها معزولة سياسياً ومحاصرة من المكونين السني والكردي.
أعقبت المطالبة بإخراج الجيش والشرطة الاتحادية ، دخول تنظيم القاعدة على خط ساحات الاعتصام. إذ حدث تدهور أمني غير مسبوق في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب عام ٢٠١٣ ، لتظهر حكومة المالكي عاجزة عن حماية المواطنين في بغداد والمدن الشيعية. وجاء الهجوم على سجن (أبو غريب) في شهر تموز ٢٠١٣ وهروب ما يقارب (٥٠٠) إرهابي من تنظيم القاعدة ، ليهز مصداقية حكومة المالكي التي تعرضت لانتقادات قاسية من أياد علاوي وزعامات شيعية أخرى ، حتى أنهم طالبوا باستقالة المالكي ، بينما لزمت الزعامات السنية والكردية الصمت.
واشنطن ترفض تزويد السلاح
من خلفية التحديات الأمنية الخطيرة قام نوري المالكي بزيرة لواشنطن في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٣. وكانت الزيارة الأولي بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وكان هدف الزيارة الحصول على طائرات هليكوبتر أباتشي ومعدات وتجهيزات عسكرية تحتاجها القوات الأمنية في مكافحة الجماعات المسلحة ، والمطالبة بتسريع تسليم الدفعة الأولى من طائرات (ف ١٦) المقاتلة ، التي تعاقد عليها العراق عام ٢٠١١ وتتضمن شراء (٣٦) طائرة بقيمة (٥،٤) مليار دولار.
احتل الملف الأمني الأولوية في الاجتماعات التي حضرها المالكي وأوباما ونائبه بايدن في البيت الأبيض ، إضافة إلى وزير الدفاع تشاك هاغل ، ورئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي Martin Dempsey ، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز Bob Menendez.
كان المالكي قد أعرب عن مخاوفه من تداعيات ما يجري في سوريا على الوضع الأمني غير المستقر في العراق. فالإعلان عن ولاية (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) عام ٢٠١٣ شكل مؤشراً قوياً على أن العمليات الإرهابية في سوريا ، ستنتقل إلى العراق عاجلاً أم آجلاً. وكانت واشنطن تستعد للتدخل العسكري في سوريا في أيلول ٢٠١٣ ، أي قبل شهر واحد من زيارة المالكي.
لقد أجمع المسؤولون في واشنطن على رفض بيع العراق أي نوع من الأسلحة ، رغم التحديات الخطيرة التي كان يجتازها. وأثناء المفاوضات التي جرت في ١ تشرين الثاني ٢٠١٣ ، قال أوباما : إن العلاقة بين السنة والشيعة ، أصعب من العلاقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة. وطالب أوباما بحل قضية الدكتور رافع العيساوي ، وتحسين العلاقة مع أسامة النجيفي ، وتنشيط مشروع الصحوات، وإيجاد حل لاجتثاث البعث ، الذي استبدل بقانون المساءلة والعدالة ، وإصدار قانون العفو العام.
من الواضح أن حكومة المالكي لم تعد مرضية عنها لدى الإدارة الامريكية. فواشنطن أظهرت انحيازها التام إلى السنة والكرد ، وتدافع عن مطالبهم ، وتسعى لحلول لمشاكل المكون. كما كان أوباما يلح على ضرورة تطبيع العلاقة بين العراق وتركيا ، رغم أن اردوغان اتخذ مواقف حادة ومستفزة بشأن ملف طارق الهاشمي ، وتشجيعه اجتماع أربيل عام ٢٠١٢ لسحب الثقة عن حكومة المالكي.
كان المالكي يتوقع هجوم داعش على العراق ، فسعى إلى الحصول على طائرات أباتشي وتجهيزات عسكرية وأسلحة لتدمير مقرات داعش في الصحراء الممتدة بين الموصل والرمادي. وأشار المالكي إلى أن وكالة المخابرات المركزية زودت وزارة الدفاع العراقية بصور جوية لمعسكرات وتجمعات داعش في طول منطقة الجزيرة وعرضها. لقد ماطلت واشنطن في تسليم طائرات (ف ١٦) وجرى تسليم أربع طائرات فقط في شهر تموز ٢٠١٦ أي بعد سقوط الموصل بسنتين!!! وقبل عام من تحريرها عام ٢٠١٧.
رغم إلحاح المالكي بضرورة قصف معسكرات داعش لكن أمريكا امتنعت عن ذلك ، وكأنها تمهد الطريق أمام داعش لاحتلال الموصل. كما خاطب وزير الخارجية هوشيار زيباري الخارجية الأمريكية برسالة رسمية يطلب فيها قيام الطائرات الأمريكية بقصف مقرات القاعدة في الصحراء. وبعد متابعات حثيثة من المالكي ، جاء الرد الأمريكي مثيراً للدهشة ، وهو أن يطلب العراق من الأردن قصف مقرات القاعدة في الصحراء !!!. مع العلم أن واشنطن تعلم أنه لا يوجد اتفاق مع الأردن يسمح له بشن عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية ، بحسب المالكي.
الولاية الثالثة
أشارت التقديرات ، داخلياً وخارجياً ، إلى أن المالكي سيتعرض إلى هزيمة في الانتخابات ، التي ستجري في شهر نيسان ٢٠١٤ ، تساعد خصومه من الشيعة والسنة والكرد في منعه من العودة إلى رئاسة الوزراء. مما شجع معارض المالكي على الوقوف صفاً واحداً ، رفض الولايات المتحدة بيع السلاح للعراق ، باعتباره موقفاً سياسياً تجاه المالكي ، لان قضية بيع السلاح الأمريكي إلى دول العالم تنطلق من اعتبارات سياسية قبل كل شيء ، علماً أن وزارة الخارجية ولجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ، وليست وزارة الدفاع هي من يعطي الموافقة على بيع الأسلحة.
اعتبرت انتخابات عام ٢٠١٤ من بين أكثر الدورات الانتخابية التي شهدت حملات دعائية شرسة ضد المالكي. فرغم أن الساحات الانتخابية تكاد تكون متباعدة بين المكونين الشيعي والسني ، باستثناء العاصمة ، لكن الشعار المركزي الذي تردد بقوة في جميع الساحات ، هو رفض الولاية الثالثة ، وكأنها انتخابات رئاسية وليست برلمانية ، مع أن الدستور لا يمنع من تولي المالكي الترشيح لولاية ثالثة أو رابعة.
شكّلت نتائج الانتخابات ، رغم مطالبة بعض القوى السنية بتأجيلها ، صدمة سياسية لمعارضي الولاية الثالثة للمالكي. إذ حصل ائتلاف دولة القانون على (٩٣) مقعداً ، أي بزيادة (٤) مقاعد عن انتخابات عام ٢٠١٠ ، في حين حصل معارضوه على (١١٩) مقعداً. وجاء ائتلاف دولة القانون في المرتبة الأولى في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب. وهو ما اعتبر بمثابة استفتاء شعبي على سياسات المالكي ، الذي حصل شخصياً في بغداد على (٧٢١) ألف صوت ، في مقابل (٢٢٩) ألف صوت حصل عليها اياد علاوي. ومع انضمام كتل صغيرة ، ارتفع عدد مقاعد ائتلاف دولة القانون إلى (١٠٨) مقعد ، تؤهله ليكوّن الكتلة البرلمانية الأكبر ، التي يحق لها دستوريا تشكيل الحكومة الجديدة.
من جهة أخرى فشلت كل الجهود لإزاحة المالكي ديمقراطياً ، لذلك كان لابد من إبعاده ومنعه من تشكيل الحكومة الثالثة. ولم تكن واشنطن مستعدة لتكرار تجربة حكومة ٢٠١٠ . ولم تمض سوى ثلاثة أسابيع على إعلان نتائج الانتخابات في ١٩ مايس ٢٠١٤ حتى حدث زلزال الموصل الذي اعتبر بمثابة كلمة السر لإزاحة المالكي ، كما شكّل صفارة البداية لإعادة رسم خارطة المنطقة على أسس طائفية واثنية.
هدف الخلافة .. من دمشق إلى الموصل
كانت دمشق هي الهدف الأول في مشروع الخلافة التي أعلنها البغدادي في ٩ نيسان ٢٠١٣ بعد سيطرة داعش على مدينة الرقة في آذار ٢٠١٣ ، لكن تحول الهدف من الجنوب (دمشق) إلى الشرق (الموصل). وذلك بسبب التدخل العسكري لإيران وحزب الله ، واستخدام روسيا والصين حق النقض في مجلس الأمن من جهة أخرى ، أحبط المشروع الأمريكي بإسقاط نظام الحكم في سوريا على الطريقة الليبية.
بالتزامن مع إعلان المتحدث باسم داعش أبو محمد العدناني الشامي واسمه الحقيقي طه صبحي فلاحة (١٩٧٧-٢٠١٦) في تسجيل صوتي في ٢٩ حزيران عن إقامة (الخلافة الإسلامية) ، وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين ، وإلغاء الحدود بين العراق وسريا ، وحذف كلمتي العراق والشام. في ٥ تموز ٢٠١٤ ظهر البغدادي للمرة الأولى ، وهو يرتقي منبر جامع النوري الكبير بطريقة استعراضية.
إلى جانب النقشبندية والشركاء الآخرين الذي مهدوا لدخول داعش ، كان حزب البعث. وكان المخطط هو أن تنسحب قوات داعش بعد ثلاثة أيام من احتلال الموصل ، لكنها لم تنسحب. الأمر الذي دفع حزب البعث إلى تعيين العميد الركن هاشم الجماس (١٩٥٣- ٢٠١٤) محافظاً لنينوى ، لكن داعش طردته بعد (٣٦) ساعة من تنصيبه ، وقتله في ظروف غامضة. لأن المدينة كانت مستعدة لقدوم (خليفة المسلمين الجديد) بحسب الخطة الأمريكية. وكان قد أشيع بين أ
27-03-2025, 22:07 بعد هتافات "غير لائقة".. حراك برلماني لقطع نفط العراق عن الأردن
29-03-2025, 16:01 رؤية في يوم القدس
عبدالامير الهماشي24-03-2025, 19:02 العلاقات العراقية - الأميركية في عهد ترامب
إبراهيم العبادي22-03-2025, 15:14 ليلة القدر .. نفحات إلهية تتجاوز حدود الزمن
وليد الحلي20-03-2025, 23:22 الإمام علي .. المدى الذي تعجز الأسماء عن بلوغه، وتذوب فيه الأشباه
د. محمد عصمت البياتي