• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

ليلة القدر .. نفحات إلهية تتجاوز حدود الزمن

ليلة القدر .. نفحات إلهية تتجاوز حدود الزمن

  • 22-03-2025, 15:14
  • مقالات
  • 56 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News": بغداد 

قال الله تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر: 3)، ما يعني أن فضلها وثوابها يفوق ما يعادل ثلاثًا وثمانين سنة. إنها ليلة مباركة اختصها الله سبحانه وتعالى بمنزلة رفيعة، فهي محطة روحية يتجدد فيها الأمل، وتتغير فيها الأقدار، وتفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة .

1- أعظم ليالي الإنسانية:

ليلة القدر ليست مجرد ليلة عابرة، بل هي أعظم ليلة تمر على الإنسان، حيث تتنزل فيها البركات، وتُستجاب فيها الدعوات، ويُقدّر الله فيها ما سيكون من أرزاق وأعمار وأحداث الإنسان الصائم العابد فيها  في العام المقبل. يقول الله تعالى:
“فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ” (الدخان: 4-5).

إنها ليلة التقدير الإلهي، حيث تُرسم فيها معالم مستقبل الإنسان وفق إرادة الله وحكمته، فتُكتب فيها الأرزاق والأعمار، ويُقدَّر الخير والشر، والسلام، والفرح والحزن.

2- باب الرحمة والمغفرة:

يروي الإمام علي (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله:
“إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة، فاسألوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة، فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم.”

في ليلة القدر، تعانق أرواح المؤمنين نور الرحمة الإلهية، إذ تتنزل الملائكة بالسكينة، ويعيش الإنسان في سلام مع نفسه ومع الآخرين، محققًا صفاء القلب ونقاء الروح. يقول الله تعالى: “سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ” (القدر: 5).

3- نزول القرآن:

لليلة القدر قداسة خاصة؛ فهي الليلة التي أُنزل فيها القرآن الكريم على قلب النبي محمد (صلى الله عليه وآله) دفعة واحدة فيما يُعرف بـ “الإنزال الدفعي”، بينما استمر نزوله التدريجي على مدى ثلاثٍ وعشرين سنة وفق الأحداث والمواقف التي مرت بها الرسالة الإسلامية. يقول تعالى:
“إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (الدخان: 3-6).

لقد كان نزول القرآن دفعة واحدة إعدادًا للنبي (صلى الله عليه وآله) لتحمل أعباء الرسالة، بينما النزول التدريجي جاء لتربية الأمة وتعليمها، ومواكبة تطورات الدعوة الإسلامية.

4- سر إخفائها:

أخفى الله عز وجل ليلة القدر لحكمة عظيمة، كي يجتهد المؤمن في العبادة والتهجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، ويتحرى هذه الليلة المباركة في الليالي الفردية: 21، 23، 25، 27 أو 29.
إخفاؤها دعوة للتقرب من الله بإخلاص وصدق، ليكون الإنسان في موضع الاستحقاق لرحمته ومغفرته، ولينال جائزته الكبرى التي هي خير من ألف شهر.

5- إحياؤها:

إحياء ليلة القدر يكون بالصلاة وتلاوة القرآن والدعاء والاستغفار، إضافة إلى طلب العلم وتعميق الوعي الروحي. إنها فرصة لمجابهة هوى النفس والانتصار عليها، استعدادًا لجهاد أكبر ضد الشيطان و وساوسه.

ليلة القدر ليست ليلة واحدة فقط في العام؛ إنها لحظة فاصلة بين ماضٍ تُغفر فيه الذنوب، ومستقبل تُفتح فيه الأبواب لتحقيق الأمنيات. هي وعد إلهي بنور يهدي القلوب التائهة، وسلام يعم الروح حتى مطلع الفجر.

            وليد الحلي
          22-3-2025

أخر الأخبار