ما زال أهالي ناحية المشرح في محافظة ميسان، يطلقون مناشداتهم بسبب استمرار أزمة الجفاف في نهر المشرح، حيث دعا الأهالي، شخصيات سياسية ومسؤولي المحافظة للإطلاع على أوضاعهم عبر تظاهرات وتجمعات لتوثيق جفاف النهر وحجم المأساة.
ويعاني سكان هذه الناحية والقرى التابعة لها من آثار الجفاف المستمر الذي يضرب المنطقة سنوياً، وينعكس على حياة الإنسان والمكونات الأخرى.
يؤكد الناشط البيئي مصطفى هاشم، من ناحية المشرح أن "جفاف نهر المشرح يتكرر منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، شأنه شأن جميع أنهار أقضية محافظة ميسان".
ويضيف في حديث صحفي ، أن "مئات العائلات تعتمد على الأنهار في الزراعة وتربية المواشي، وأن هذا النهر هو الأمل الوحيد الذي دفع الأهالي للصمود بعد موجة الجفاف التي ضربت هور الحويزة".
ويتابع: "بعد جفاف نهر المشرح لم يتبقَ سوى مياه الصرف الصحي التي أدت إلى انتشار الأمراض الجلدية بشكل واسع، وهجرة العديد من العائلات من القرى التي كانت تعتمد على نهر المشرح، مثل قرية مويلحة والعوينية ووسط العمى وغيرها".
وتعود أسباب الجفاف في أنهر واهوار محافظة ميسان إلى قلة الاطلاقات المائية الواردة إلى المحافظة.
ووفق معنيين، ينخفض معدل الإطلاقات المائية الواصلة إلى منطقة التماس بين محافظتي واسط وميسان عند مدخل نهر دجلة في قضاء علي الغربي، إذ يبلغ المعدل 140 م³/ ثانية، في حين أن المفترض تصريفه باتجاه البصرة هو 70 م³/ ثانية، يشاركه في هذا التصريف قضاء المجر الكبير وقلعة صالح وناحية العزير وجميعها تقع في محافظة ميسان.
رئيس منظمة أبناء الأهوار علي محسن، أشار في حديث له ، إلى أن "مجموع الإطلاقات لنهري الكحلاء والمشرح لا يتجاوز 21 م³/ ثانية، موزعة بواقع 14 م³/ ثانية لنهر الكحلاء و7 م³/ ثانية لنهر المشرح، ما يؤدي الى شحة مياه حادة في قرى ذنائب نهر المشرح".
"مع الانفاس الاخيرة التي يلفظها حالياً نهر المشرح الذي طالما تغنى به شعراء، لا توجد سوى حلول ترقيعية ووقتية"، يقول عضو لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية ثائر الجبوري في تصريح له حول الموضوع .

ويضيف الجبوري، أن "شحة المياه لا يتعلق بنهر المشرح وحده، بل هي شحة عامة تشمل جميع انهار واهوار العراق ولا يمكن معالجة حالة دون أخرى"، مؤكداً على "أهمية معالجة شح المياه معالجة جذرية عبر التفاهم مع الدولتين المتشاطئتين مع العراق، وهما تركيا وإيران".
ويضيف، أن ملف المياه سيكون ضمن الأولويات التي سيضعها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في جدول أعماله خلال زيارته المرتقبة إلى تركيا".
وينوه، الجبوري إلى أن "مياه الأنهار تعتمد على السيول، وأن هناك 42 من مجاري الأنهار التي تصل إلى العراق من الجارة إيران، وأن بعض هذه الانهار دائمة وأخرى موسمية الجريان".
ويلفت إلى أن "إيران وضعت سدوداً اروائية على هذه الانهر، وحولت مجاري المياه إلى مناطق غير مروية سابقاً، ما أدى إلى قطع المياه عن الأراضي العراقية".
و لمعالجة أزمة جفاف نهر المشرح وما رافقها من مأساة للأهالي، اتخذت وزارة الموارد المائية بالتعاون مع دائرة الموارد بمحافظة ميسان عدة إجراءات لتجاوز أزمة شحة المياه بهذا النهر.
ويقول مدير الموارد المائية بمحافظة ميسان كاظم الساعدي، في تصريح صحفي، إن "ثمة أسباب وراء جفاف نهر المشرح الذي يتجدد سنوياً بسبب قلة الاطلاقات المائية ونمو نبات الشمبلان الذي يمنع النهر من الجيران".
ويضيف، أن "شبكة المياه العريضة بمدينة العمارة تساعد على نمو هذا النبات بسرعة في العديد من أنهر المحافظة، ومنها نهر المشرح".
ويؤكد الساعدي، أنه "تم خلال تفاقم الأزمة المائية في أنهر ميسان، التواصل مع الوكيل الفني في وزارة الموارد المائية الذي أوعز بدوره إلى دوائر الصيانة والدوائر الساندة لدعم مديرية الموارد المائية في ميسان".

ويشير إلى "تشكيل خلية ازمة في مناطق المجر والعدل والسلام لتشغيل محطات الضخ والمجمعات المائية، وأن كوادر المديرية والجهات الساندة لها بذلت جهوداً كبيرة من أجل تجاوز جفاف نهر المشرح على وجه الخصوص".
ويلفت إلى استخدام برمائيات وحفارات لإزالة نبات الشمبلان وفتح مجرى الأنهر"، معرباً عن أمله في أن "تنتهي أزمة الجفاف في هذا النهر خلال الأيام المقبلة".
ويعزو معنيون أزمة الجفاف المتكررة في نهر المشرح والأنهار الأخرى في المحافظة، إلى التجاوز على الحصص المائية، وإنشاء بحيرات صناعية بشكل غير قانوني، فضلاً عن استخدام أنظمة ري غير ملائمة.
ويؤدي جفاف الأنهار في ميسان إلى أزمات اقتصادية وصحية، إضافة إلى التسبب بهجرة واسعة لأهالي النواحي والقرى التي تعتمد في حياتها بشكل مباشر على الأنهار.
ويقول النائب عن محافظة ميسان جاسم العلوي، في تصريح صحفي، إنه "بعد ورود الشكاوى والمناشدات الكثيرة المتعلقة بمعاناة المواطنين جراء جفاف نهر المشرح، تم تحديد موعد مع وزير الموارد المائية خلال الأيام المقبلة للبحث عن حلول جادة لتجاوز مشكلة الجفاف".
ويضيف، أن "المرحلة الحالية هي مرحلة الرية الأخيرة بالنسبة للموسم الزراعي، وهي تتطلب كميات كبيرة من المياه وأدى ذلك إلى قلة مياه الأنهر.
ويوضح، أنه "في حال تم التفاهم مع وزير الموارد على اطلاقات مائية دائمة خلال الصيف لمحافظة ميسان، فذلك سيساعد كثيراً على تجاوز أزمة الجفاف".
وينوه العلوي، إلى أن "جفاف الأهواء والأنهار والوضع البيئي المتردي في محافظة ميسان، انعكس على الوضع الصحي للمواطنين وتسبب بالعديد من المشاكل الاقتصادية أيضاً، إضافةً إلى هجرة السكان، خاصة مع وجود تلوث فيما تبقى من المياه، ما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري، كما أثر تلوث المياه على التربة والنبات، بينما ترتفع نسبة الأملاح والمياه الآسنة في نهايات الأنهار".
وللجفاف مأساة لا يمكن تصورها بالنسبة لمئات العائلات التي ترتوي من الأنهر وتسقي منه المواشي وتعيش على الزراعة والثروة الحيوانية.
ويقول المواطن ليث عباس (46 عاماً) من ناحية المشرحة، إن "جفاف النهر أدى إلى ظهور أمراض متعددة بين الأهالي وساعد على تدهور وانهيار الثروة السمكية".
ويشير عباس، في حديثه ، إلى "تعرض القرى الواقعة على ضفاف نهر المشرح والبالغ عددها أكثر من 50 قرية إلى أضرار صحية، فضلا عن الأضرار الكبيرة في الثروة الحيوانية" .
من ناحيته يقول المواطن إحسان محمد علي (32 عاماً)، أحد سكان الناحية، إن "نسبة جفاف نهر المشرح كبيرة للغاية، ولم يعد يسمح جفاف النهر بسقي المواشي والغسيل، وهو ما دفعنا لشراء المياه من السيارات الحوضية من أجل الشرب وسقي المواشي".
ويوضح أن "الزراعة في القرى المحيطة بناحية المشرح لم يعد لها وجود بسبب الجفاف، وانعكس ذلك بشكل سافر على الأوضاع الاقتصادية للأهالي في جميع القرى المجاورة لناحية المشرح".