يمر العراق بازمة خانقة. ولا اريد الخوض في اثبات هذه المقولة التي برهنت عليها انتفاضة الاول من تشرين الاول، والتي جسدت انعدام الثقة التام بين الطبقة السياسية الحاكمة وبين عموم الناس في المجتمع.
ابتداءً، ليسمح لي القراء باني ادعو للتغيير والاصلاح منذ تشكيل مجلس الحكم الذي دشن سلسلة عيوب التاسيس واخطاء الممارسة التي كانت ومازالت حاضنة الفساد المالي والسياسي والاداري.
وهناك طريقان للخروج من الازمة: الطريق الدستوري، والطريق الثوري.
يلتزم الطريق الدستوري بمواد الدستور والاليات الديمقراطية التي شرعنها، اما الطريق الثوري فهو يتجاوز الدستور والاليات الديمقراطية ويستولي على السلطة بالثورة الشعبية او الانقلاب العسكري.
وهنا اركز القول على انني مع الطريق الدستوري ما دام ممكنا، فان تعذر ذلك، فلابد من الطريق الثوري. وليس عندي عقدة سياسية من الحل الثاني اذا تعذر الاول.
نقطة البداية في الحل الدستوري تتمثل في تفكيك مؤسسة صناعة السلطة وتقاسمها، واعني بذلك مجلس النواب. والدستور يتيح لنا حل البرلمان بطريقة شرعية، حسب منطوق ونص المادة ٦٤ منه والتي تقول:
"اولاً :يُحل مجلس النواب، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث اعضائه، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية."
فاذا تم ذلك ننتقل الى الخطوة الثانية التي تنص عليها نفس المادة وهي:
"ثانياً :ـ يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية".
وهذا يعني ان الحكومة تصبح حكومة "تصريف اعمال" لمدة اقصاها ٦٠ يوما.
في هذه الاثناء يجب اجراء انتخابات برلمانية جديدة. ومن اجل تحقيق الغرض من هذه الانتخابات يجب ان تجرى بطريقة #الانتخاب_الفردي، وليس بطريقة الانتخاب بالقائمة، وفي دوائر متعددة بقدر عدد النواب. الدستور نص على الانتخابات، ولم يذكر طريقة الانتخابات بالقائمة التي اختارتها الطبقة السياسية لضمان بقاء كتلها في البرلمان.
فقد اجاز الدستور العراقي لكل مواطن عراقي الترشح لاشغال مقعد في مجلس النواب. وقالت المادة ٤٩/اولا من الدستور انه "يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب ان يكون عراقياً كامل الاهلية". وواضح ان النص الدستوري يتحدث "المرشح الفرد" ولم يتحدث عن "قائمة المرشحين". لكن الفقرة (ثالثا) من المادة المذكورة قالت؛ "تنظم بقانونٍ، شروط المرشح والناخب وكل ما يتعلق بالانتخابات".
قام قانون الانتخاب رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٣ المعدل (مرتين) بتنظيم شروط المرشح والناخب وكل ما يتعلق بالانتخابات. ففي المادة الاولى عرض القانون تعريفات المفردات المتعلقة بالانتخابات كما يلي:
"المرشح : هو كل عراقي تم قبول ترشيحه رسمياً من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لعضوية مجلس النواب العراقي.
القائمة المنفردة : وهي القائمة التي يحق لفرد واحد أن يرشح بها للانتخابات على أن يكون مسجلا لدى المفوضية .
القائمة المفتوحة : وهي القائمة التي تحوي على أسماء المرشحين المعلنة.
الدائرة الانتخابية : كل منطقة محددة خصص لها عدد من المقاعد وفقاً لأحكام هذا القانون."
ويلاحظ ان القانون اضاف مفهوم "القائمة المفتوحة" الى اسلوب الترشيح، وهو ليس مذكورا في الدستور.
وفي المادة (12) قال القانون:"يكون الترشيح بطريقة القائمة المفتوحة ولايقل عدد المرشحين فيها عن ثلاثة ويحق للناخب التصويت للقائمة اوالقائمة وأحد المرشحين فيها ويجوز الترشيح الفردي".
ويلاحظ ان هذه المادة جعلت "الترشيح بطريقة القائمة المفتوحة" هو الاساس، واجازت، استثناء من هذا الاساس، "الترشيح الفردي". ولم يتعرض القانون الى الترشيح الفردي بغير هذا الموضع.
والدعوة الى الانتخاب الفردي لا تتضمن اكثر من تعديل هذه المادة لتكون على الشكل التالي:"يكون الترشيح في انتخابات مجلس النواب بطريقة فردية". مع حذف عبارة "يكون الترشيح بطريقة القائمة المفتوحة ولايقل عدد المرشحين فيهاعن ثلاثة ويحق للناخب التصويت للقائمة اوالقائمة وأحد المرشحين فيها".
فاذا ما تم هذا يصبح بالامكان اعادة النظر بالمادة ١١ التي تتحدث عن الدوائر الانتخابية بحيث يُصار الى زيادة عددها لتسهيل عملية الترشيح الفردي والتصويت الفردي وفرز الاصوات.
واذا تعذر تعديل القانون، فقد تجد مفوضية الانتخابات طريقة لاعتماد الانتخاب الفردي.
وبهذا يتضح ان الدعوة الى الانتخاب الفردي هي في حقيقة الامر عودة الى النصاب الدستوري الصحيح بعد ان حرفه قانون الانتخاب الحالي
كما ان الدعوة الى تطبيق المادة ٦٤ تمثل الخطوة الصحيحة باتجاه الاصلاح والتغيير السياسيين.