تتكرر المأساة ويتكرر الحزن والبكاء. تارة على الحسين وتارة على النفس .. على الحسين كمعنى يتكرر في كل يوم وفي كل وقت وفي أي نوع من أنواع الظلم الذي نراه ونسمعه ونقف أمامه صامتين أو متكاسلين لا نقدر على رده ورفضه وتغيره ولا تغير الواقع المحيط به. هناك يكون الحسين حاضرًا للإمتحان .. وحزنا على النفس التي إنحرفت عن خط الحسين فكانت الذكرى هي تغذية راجعة تشدنا إلى الماضي والحاضر لتصنع المستقبل ..
الحسين (ع) هو نهج ونظام معرفي واقعي ينطلق من عمق شعور الانسان بالقيم الأخلاقية في الحرية والعدل والمساوات ويشكل مرجعية ومعيارية عندما تقارن بين ما نحن عليه من القيم وما عليه الحسين ومعسكره من قيم .. ذكرى عاشوراء نظام للتحكم والمقايسة للفرد والمجتمع ويقدم تغذية خلفية لمدخلاتنا القيمية ومخرجاتنا الايمانية والاخلاقية. هنالك معايير بسيطة تختلف من فرد لاخر يستطيع الانسان إختبار ما هو عليه من صدق الحب والولاء. مثلا هل نكون في حال المصيبة كالحسين يصلي الظهر ؟ هل في ليلة الوداع نقرأ القرآن ؟ هل عند نزول الابتلاء نقول هون مانزل بي أنه بعين الله؟ وهكذا معايير كثيرة يمكن أن يضعها كل فرد للمقايسة والتنفيذ وتطبيق المنهج الحسيني على النفس والعائلة. كذلك هل يمكن معايرة وتقيم المجتمع بالحسين ايضا؟. مثلا هل نحن كأمة ومجتمع مستعدين للتضخية والبذل والعطاء كما وقف أصحاب الحسين وهل نستطيع القول لأعداء الحسين هيات منا الذلة حقا وصدقاً؟ ام نجد الذرائع والاعذار ونخلع خاتم الحسين او ربما نقطع إصبعه بحجة اذا لم أفعل هذا سيفعله غيري!.
هكذا يضعنا الحسين كأفراد وكمجتمع أمام الاختبار والاعتبار كل عام وكل يوم وكل زيارة او ذكرى لان الغاية من الذكرى والشهادة هي إستلهام روح الحسين وان ترى الحسين في روحك وبدنك فينتصر الحسين ويخذل يزيد .. إذن المعركة في داخل النفس والمعركة في داخل المجتمع وكل يختار لنفسه المنهج والغاية.
انتصار الحسين ليس في اللحظة بل في كل اللحظات وعلى مدى العصور يقول للانسان أصنع الصح وسر ولا تبالي ولا يهم الوقت ويقول للمجتمع الخطا الذي تصنعه يتركم ويتصاعف وتعيش الهوان وستبقى فاقدا للارادة والمشروعية والتاهيل ان قبلت بحكم ظالم او طاغية او نصرت الحق على الباطل.