أكد تقرير صادر عن البنك الدولي، اليوم الأربعاء، أن الصدمة المزدوجة لجائحة كورونا (كوفيد - 19) وانهيار أسعار النفط تسببت في بروز تحديات اقتصادية جسيمة للعراق ودفعت الملايين من العراقيين نحو هاوية الفقر.
وأوضح تقرير تحت عنوان : "حماية الفئات الهشة في العراق في زمن الجائحة: دعوة الى حزمة محفزات مالية عاجلة واصلاحات اقتصادية"، اليوم، أنه حتى في ظل سيناريو الأثر المخفف قد يواجه ما يصل الى 5.5 مليون عراقي الفقر نتيجة لهذه الصدمة المزدوجة.
وذكر، أنه يمكن للتقليص المحتمل لفاتورة الأجور العامة والرواتب أن تدفع ما بين 0.4 الى 1.7 مليون عراقي أخر إلى الفقر ما لم يتم تنفيذ إجراءات التقليص على نحو تدريجي وفعال.
ويتوقع تقرير المرصد الاقتصادي للعراق التابع لمجموعة البنك الدولي،بأن الناتج المحلي الإجمالي للعراق سوف ينكمش بنسبة 9.5 بالمائة خلال عام 2020.
وبينما انخفضت أسعار النفط الى أدنى مستوى لها خلال خمس سنوات، انكمش الاقتصاد العراقي بنسبة 6.8 بالمائة خلال النصف الأول من العام، بما في ذلك انكماش الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 9.2 بالمائة بعد أن ألقت إجراءات الإغلاق العام والاحتواء الخاصة بجائحة كورونا بظلالها على قطاع الخدمات.
وفقاً للتقرير، تراجعت إيرادات الحكومة العراقية بنسبة 47 بالمائة في الشهور الثمانية الأولى من عام 2020 بينما بقيت النفقات مرتفعة نتيجة لفاتورة الأجور العامة والرواتب التقاعدية.
وتولّد مثل هذه الالتزامات الصارمة في الموازنة ضغوطاً على احتياجات التمويل الحكومية التي يتوقع أن تصل الى نسبة ضخمة تبلغ 25.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2020.
لقد تركت الأزمات الأمنية والاقتصادية المتعددة في السنوات الأخيرة تأثيرات مناطقية وفئوية متفاوتة في العراق، ولكن أفاق المستقبل الاقتصادي للبلد تتوقف على احتمالات تحسن أسواق النفط وقدرة قطاع الرعاية الصحية على التكيف مع الجائحة.
وأشار التقرير، إلى إطلاق الحكومة العراقية في أكتوبر/ تشرين الأول ورقة بيضاء شاملة للسياسات والإصلاحات تطرح مخططاً أولياً للإصلاحات على مدى السنوات ما بين الثلاث إلى الخمس القادمة بحيث إذا ما تم تنفيذها ستشكل نقطة انعطاف في الاقتصاد العراقي.
وتهدف الورقة البيضاء إلى إعادة التوازن للاقتصاد ووضعه على مساره الصحيح من خلال تمكين الدولة من اتخاذ الإجراءات الضرورية لخلق اقتصاد ديناميكي متنوع.
وتعقيبا على ذلك، قال ساروج كومار جها، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي "إذا ماتم تنفيذ الاصلاحات التي نصت عليها الورقة البيضاء للحكومة فسوف تعزّز خلق الوظائف، وخصوصاً في القطاع الخاص، والنمو الاقتصادي، وهما شرطان أساسيان لتحسين سبل العيش للعراقيين".
وألمح، إلى أنه هناك مكاسب اقتصادية كبيرة يمكن بلوغها من خلال تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها.
ويرى البنك الدولي أن مثل هذه الإصلاحات يمكن أن تضيف ما يصل إلى 58.4 بالمائة إلى نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العراق.
وبشكل عام، يعتمد النجاح النهائي لمبادرة الإصلاح هذه على توافر الإرادة السياسية وحشد الدعم العام للمضي بالعراق نحو الخروج من واقع الهشاشة الذي ظل يعاني منه لفترة طويلة.
وتستدعي سياسة الاستجابة العمل على دعم الرعاية الصحية وسبل العيش على المدى القصير، بما في ذلك استخدام أدوات مثل التحويلات النقدية، أو الأشغال العامة، أو برامج أسواق العمل النشطة، ولكن يتعين عليها أيضاً معالجة القضايا الهيكلية من خلال برنامج إصلاحات أعمق.