"Today News": بغداد
نتنقل في الكوفة العلوية في ذكرى استشهاد المولى علي، بين بيته وميثمه ومحرابه وهانيه ومختاره. ومن مسجد الكوفة الى شوارعها وأزقتها وشاطئها. ولاينكر منصف أن تحولاً كبيراً من ناحية الإعمار والخدمات حدث في الكوفة، قياساً بما كانت عليه في ظل النظام السابق، إلا أن كوفة علي لاتزال مهملة، لاتزال تعاني، لاتزال دون مستوى منزلتها التاريخية والمستقبلية بكثير.
الكوفة العظيمة، هي العاصمة الحصرية للإمامة؛ من أمير المؤمنين علي بن ابي طالب الى أمير المؤمنين المهدي بن الحسن المنتظر. عاصمتنا التاريخية المستقبلية هذه؛ لاتزال مُهملة، ولايقدر قيمتها أغلب المعنيين في العراق؛ لا الدولة ولا الشيعة ولا أبناء المحافظة. وإذا ابتعدنا عن الجانب الديني والمذهبي والسياسي، وركزنا على البعد التاريخي الإنساني؛ فإن الكوفة كانت في يوم ما عاصمة أكبر دولة في العالم. وبالتالي؛ فهو تراث إنساني وديني ومذهبي من جهة، ومستقبل بالمواصفات نفسها في المستقبل، وهو ما لايتوافر في أية مدينة عراقية وغير عراقية أخرى.
لذلك؛ ينبغي أن تكون الكوفة محمية إسلامية شيعية عالمية، من خلال قرار مشترك من مرجعية النجف والدولة العراقية ومنظمة الايسيسكو، كما ينبغي أن تكون محمية دولية من خلال تسجيل جميع معالمها في منظمة اليونسكو. ولايقتصر مشروع إعادة بناء الكوفة وحمايتها، على الجانب الديني والمذهبي والتراثي وحسب؛ بل على الجانب الإعماري والتحديثي والخدمي أيضاً، فإلى جانب إعادة إنشاء الحوزة العلمية الكوفية الكبرى والجامعات والمدارس الدينية؛ ينبغي أن تكون هناك جامعات أكاديمية وفنادق ومستشفيات حديثة وشوارع لائقة، فضلاً عن الخدمات الاستثنائية.
والى جانب ذلك؛ ينبغي تحويل الكوفة الى عاصمة للسياحة الدينية في العراق، ومركز عالمي للجذب السياحي؛ لأن ما في الكوفة من معالم دينية ومقامات وآثار؛ لعله يندر مثيله في أي مدينة إسلامية تاريخية أخرى. ويكفي أن فيها مسجد الكوفة ومافيه من كنوز ومقامات، وماوقع فيه من أحداث، وهو أحد المساجد الأربعة، الى جانب المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، ويكفي أن في الكوفة بيت الامام علي والإمام الحسن ومحراب عبادتهما ومقعد إمامتهما وكرسي خلافتهما، ويكفي ان فيها مسجد السهلة التاريخي المتفرد في عظمته.
هذا المشروع ليس مشروعاً محلياً على مستوى قضاء الكوفة أو محافظة النجف، بل هو مشروع وطني شيعي إسلامي عالمي، ينسجم مع عالمية الكوفة وعظمتها، ومن واجب الدولة العراقية، التي ينتسب أغلب حكامها الى مذهب أمير المؤمنين، أن تنهض بهذا المشروع، وتكرس اهتماماً استثنائياً مكثفاً ومستداماً بمدينة الكوفة؛ لتكون لائقة بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.