"Today News": متابعة
تقرير: صفا احمد
القصص كثيرة عن معاناة لكبار السن في العراق، البعض وجد نفسه وحيدا لا مأوى له والبعض الاخر ترك على ارصفة الطريق ينتظر من المارة صدقة جارية ولقمة تسد جوعه.
وعلى الرغم من وجود دور لمسنين في بغداد وبقية المحافظات الا ان هناك اعداد كبيرة لم يجدوا مكانا يحميهم من قسوة الحياة، فهذه الدور غير كافية لاحتواء الاعداد الكبيرة .
وتعد دور رعاية المسنين وفقًا لقانون رقم (4) لسنة 1985 مساحة آمنة لكبار السن من حيث الاستراحة والتغذية والعناية، وفق شروط حددها القانون، ولا يمكن لهذه الدور مخالفة القانون إلا على المسؤولية الشخصية.
معناة في منتصف الطريق
سيدة ذات الرداء الازرق تجلس كل صباح على طريق احدى المناطق في بغداد (العرصات) تجعل من الرصيف ملاذا لها، تجاوزت هذه السيدة السبعون عاما، تقول ودموعها تنهمر: "كنت كثيرة الكلام وفضة التعامل اعترف بطيبعتي ولكني كنت احبهم ولم اقصر يوما عليهم بشيء، رفض اولادي ان اكمل عيشي معهم بعد الكثير من المشاكل بيني وبين زوجاتهم ارادوا ان يأخذوني الى دار المسنين وعندما سمعتهم يتحدثون بالامر هربت الى هنا ، ومن وقتها لم يسأل عني احد وها انا منذ سنوات اعيش في الشارع يتصدق عليه المارة".
لم يختلف ابو فراس الرجل الملتحي، الذي يسكن حديقة في منطقة الكرادة، يتحدث "ابو فراس" الذي تجاوز عمرة الخامسة والسبعون ربيعا عن ماحدث له قائلا: "وجدت نفسي وحيدا بين جدران المنزل بعد ان تزوج ولدي وسافرت ابنتي خارج العراق، اضطررت الى السفر انا ايضا ولكني بعد سنة ونصف لم استطع ان اكمل الحياة في الخارج، عدت الى العراق وصدمت بأن منزلي يسكنه اشخاص رفضوا تركه، ولم يستقبلني احد فضطررت الى العيش في هذه الحديقة ".
غياب الدعم الحكومي
خلود الشمري مديرة احدى دور الرعاية اكدت ان "هناك حالات كثيرة لكبار السكن والاعداد تتفاقم يوم بعد اخر، طالبنا مرارا من الجهات الحكومية الدعم المادي والمعنوي لكن لا جدوى".
وتضيف الشمري، ان "الدار لكبار السن وليس للعاجزين فهو للاستراحة ، وليس لرعاية المرضى، كما أن أغلب المسنين الذين لجؤوا إلى الدار ناجون من عنف أبنائهم أو يعانون من الوحدة والإهمال الشديدين، أو تجدهم الناس يتوسدون الشوارع فيتصلون بنا".
وتضيف "أغلب هذه الحالات من فئة النساء المسنات، وبعضهن يرفضن الذهاب إلى دور الإيواء، ويفضلن الانتظار في الشارع على أمل عودة من احتال عليهن".
ان ازدياد المشاكل الاجتماعية غير الإنسانية، ومن بينها عقوق وهجران الوالدين، أو التخلي عنهما ؛ تعود لعدة أسباب توضحها الباحثة الاجتماعية تقول : ان "غياب الوازع الديني والأخلاقي، وغياب الإحساس بالمسؤولية، والظروف المعيشية الصعبة لدى الأبناء وانشغالهم بالعمل بعيدا عن رعاية الوالدين، أو قد يكون الاستقلال المالي للأبناء أحد الأسباب".
وتشير الشمري إلى أن "المسنين المرضى والمقعدين والمصابين بارتعاش الأطراف وفاقدي الذاكرة والحالات المشابهة هم الشريحة الأكثر تعرضا للعنف بكل أشكاله، ويتعرضون غالبا للإيذاء بعد وفاة الزوج/الزوجة، مبينة أن "المسنين داخل منازلهم يواجهون يوميًا مختلف أنواع العنف، وزادت تلك الممارسات خلال فترة الحظر الصحي بعد تفشي وباء كورونا".
برامج دعم المسنين لا تزال ضعيفة
و رغم وجود العديد من منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية والمنظمات الدولية في العراق، فإن برامج دعم المسنين لا تزال ضعيفة، أو تكاد تكون غير موجودة مقارنة بما تقدمه تلك الجهات لفئات المجتمع الأخر.
الناشط في مجال حقوق الانسان عمار الاسدي يبين "اهمية إطلاق الفعاليات المجتمعية ذات التواصل المباشر مع المسنين لتخفيف معاناتهم وتحسين حياتهم، من خلال استجابة دولية فعلية تركز على برامج حماية حقوق كبار السن وتدفع باتجاه رعايتهم".
كما على الحكومة الدور الاكبر في الالتفات الى هذه الشريحة المتهالكة وتوفير دور ايواء تضم اعدادهم وتوفر كل المتطلبات الاساسية لهم، ومن الضروري ايضاتخصيص مبالغ مالية ضمن الموازنة العامة ".