"Today News": متابعة
أثارت تصريحات وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، بشأن دخول العراق وسوريا مشياً على الأقدام، غضباً سياسياً واسعاً، في الأوساط العراقية، وسط مطالبات، بوقف انتهاكات أنقرة، واستدعاء السفير التركي لدى بغداد علي رضا كوناي.
وقال صويلو في تصريحات، خلال مهرجان في مدينة شرناخ: إن "الأيام التي نذهب فيها إلى العراق وسوريا سيراً على الأقدام من هنا ليست بعيدة، فهي قريبة بإذن الله". بحسب تعبيره
وردت أوساط سياسية عراقية، على تلك التصريحات، وطالبت الحكومة برد فعل واضح وصريح، واستخدام أرواق الضغط الممكنة، تجاه استفزازات أنقرة، دون الاكتفاء بالإدانة والاستنكار.
سياسة توسعية
من جانبه، عد عضو لجنة العلاقات الخارجية، ورئيس لجنة الصداقة العراقية - التركية، ظافر العاني، أمس الخميس، تصريحات وزير الداخلية بأنها تعدي على سيادة العراق.
وقال العاني في بيان، إن "تصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، تنطوي على سياسة توسعية لا تخدم السلم في المنطقة وهي تعدي على سيادة العراق".
وأضاف "كنا ننتظر من تركيا الجارة موقفاً يعزز استقرار العراق لا أن يزيده اضطرابا".
لكن ردود فعل الطبقة السياسية لا تتعدى غير مطالبة الحكومة بالرد، أو توجيه كلمات تهديد ووعيد لتركيا، أو التأكيد على مراعاة حسن الجوار، واحترام السيادة العراقية، من دون نتائج على الأرض ولا حتى اللجوء إلى رد فعل سياسي أو اقتصادي يرد على التهديدات والاستفزازات المستمرة من جانب أنقرة.
ولدى تركيا تاريخ من التهديدات التي تطلقها أعلى الجهات الحكومية في البلاد، ضد بغداد، سواءً بالاجتياح أو بالتلويح بالقوة، أو إطلاق العمليات العسكرية داخل الأراضي العراقية، بداعي ملاحقة حزب العمال الكردستاني.
وسبق لأنقرة أن هددت باجتياح الأراضي العراقية والدخول بقواتها العسكرية إلى داخل العراق، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مطلع العام الحالي 2021، أن بلاده قد تتدخل بنفسها في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، وأن الجانب التركي مستعد دائماً لتنفيذ العمليات العسكرية، مضيفًا: "لدي عبارة أقولها دائما: قد نأتي على حين غرة ذات ليلة.. هذه هي خلاصة الأمر".
"يتخيلون أننا خاضعون للدولة العثمانية"
من جهته، قال عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون كاظم الحمامي: إن "الاستفزازات التركية لم تكن الأولى، التي يصرح بها المسؤولون الأتراك، فوزير الدفاع التركي دخل متبختراً إلى داخل الأراضي العراقية، كما قامت القوات التركية بجرف الغابات العراقية ونقل الأخشاب إليها".
ولفت البرلماني العراقي، في تصريحات صحفية، إلى أنه "لم تكن هنالك ردود أفعال سواء من الحكومة العراقية أو حكومة إقليم كردستان تجاه هذه الاعتداءات على الأراضي العراقية"، مشيراً إلى أن "الرئيس التركي والحكومة التركية يتصورون أن العراق ودول الجوار خاضعة للدولة العثمانية السابقة، ويتخيلون ذلك".
وتوغل الجيش التركي خلال الأشهر الماضية، بعمق يصل لنحو 9 كيلومترات باتجاه مناطق كيسته وديشيش ضمن قضاء العمادية بمحافظة دهوك، ومن ثم عمدت القوات التركية إلى نشر جنودها عبر مرابطات ونقاط أمنية قرب تلك القرى.
كما أطلقت تركيا، في أبريل الماضي، عملية عسكرية جويّة وبريّة ضدّ مقاتلي حزب العمال الكردستاني في منطقة متين في إقليم كردستان أسمّتها (مخلب البرق - الصاعقة)، ومنذ ذلك الحين ثبّت الجيش التركي 12 نقطة عسكرية تابعة له في تلك المناطق، وفق وسائل إعلام كردية.
من جهتها علقت النائبة في البرلمان العراقي، يسرى رجب، على تصريحات صويلو وقالت: إلى وزير الداخلية التركي .. نصيحة اذهب وإجرِ بعض الفحوصات الطبية كون تصريحك يدل على أنك تعاني من الحمى.. أخشى أن تكون مصابًا بكورونا، هذا البلد له أبناؤه الغيارى للدفاع عنه".
حرّكوا الملف الاقتصادي
ويعد العراق ثاني الشركاء التجاريين العالميين لتركيا بعد ألمانيا وأول الدول الثماني المحيطة بها الذي يستورد البضائع التركية بميزان تبادل تجاري بلغ نحو 20 مليار دولار، وهذا الرقم يمثل نسبة كبيرة من الصادرات التركية، وهو ما يجعل العراق قادراً على التلويح بالورقة الاقتصادية، أمام ممارسات أنقرة.
ويرى اقتصاديون أن العراق قادر على تحريك هذا الملف أمام أنقرة، واستغلال جائحة كورونا، التي ضغطت بشكل كامل على ملف السياحة التركي، فيما بقيت الصادرات تمثل أبرز الموارد المالية لأنقرة.
وقال الباحث في الشأن الاقتصادي، سرمد الشمري، إن "الورقة الاقتصادية جاهزة بيد العراق، ويمكن بالفعل تحقيق مكاسب سياسية كبيرة منها، عبر التلويح بمقاطعة صادرات أنقرة، وغلق الحدود، واتخاذ إجراءات أكبر، وفتح قنوات استيراد إضافية من دول مجاورة مثل الأردن والسعودية، فيما يتعلق بالمنتجات المتوافرة لديهما، وهو ما سيمثل ضربة لأنقرة، ويجبرها على وقف عدائها للعراقيين، وإنهاء ممارساتها التوسعية".
ويضيف الشمري في تعليق لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الحكومة العراقية لو أرادت استخدام تلك الورقة، ستكون رابحة، لكن يجب إعداد خطة واضحة قبل ذلك، لتفادي أي مشاكل وعراقيل تظهر، جرّاء منع صادرات تركيا من الدخول للعراق، خاصة وأن بغداد تعتمد بشكل كبير على السلع التركية، لكن فيما إذا كانت هناك خطة على مديات واضحة، ووفق طريق مرسوم، سنحقق تقدماً كبيراً، ونوقف تلك المهازل، من خلال الضغط الاقتصادي".
ويرى اقتصاديون، أن هناك عوامل أخرى ستساعد العراق، على تحقيق تلك الخطة، وأبرزها: تراجع سعر صرف الليرة التركية في الأشهر القليلة الماضية، والنقص الحاد في العملة الصعبة الذي تعاني منه تركيا الآن بسبب المديونية العالية للبنوك الدولية ونفاد السندات والأذون التركية في البنوك الأميركية.
كما أن تفاوت ميزان الإنفاق والدخل، بسبب الإنفاق العسكري الكبير الذي تتحمله تركيا جراء تدخلها في ليبيا وسوريا والعراق واليمن والصومال، بالإضافة الى مشاكلها الداخلية مع الأكراد، مما يجعل اقتصادها منهكا لا يتحمل عقوبات كبيرة.