"Today News": بغداد
هبة الدين الشهرستاني فقيه وشاعر ووزير ومجدد إصلاحي في مطلع القرن العشرين. إذ دعم نشر العلم والمعرفة كسبيل لترسيخ الثقافة والحضارة في مجتمع نهض للتو من الظلام العثماني الذي دام أربعة قرون جاثماً على صدر العراق. قدم العديد من الإنجازات الفكرية والثقافية لكن أبرزها كان تأسيسه لمكتبة الجوادين العام عام ١٩٤١.
الأسرة والنشأة
هو السيد محمد علي الشهير بـ (هبة الدين) بن حسين بن محسن بن مرتضى بن محمد بن الأمير علي الكبير الحسيني الحائري ، ينتهي نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). وهو من أسرة كربلائية لذا عُرف بالحائري نسبة للحائر الحسيني الشريف. واشتهر بالشهرستاني نسبة إلى أسرته الشهرستانية المعروفة المتواجدة في كربلاء والفرات الأوسط في القرنين الثاني عشر والثالث عشر للهجرة. وفي الكاظمية تُطلق الشهرستانية على أسرة السيد هبة الدين وما تفرع عنها بعد استقراره فيها. (١)
وكان جد الأسرة السيد محمد مهدي بن أبي القاسم الشهرستاني المعاصر للسيد محمد مهدي بحر العلوم والمتوفى عام (١٢١٦ هـ / ١٨٠٢ م) قد هاجر من إيران إلى كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري / الثامن عشر الميلادي. وهذه العائلة منتشرة في كربلاء واصفهان. وكان السيد إسماعيل صدر الدين الوزير في سنة (٩٦٣ هـ / ١٥٥٦م) في الدولة الصفوية هو أحد أجداد السيد محمد مهدي المذكور.
ولهذه الأسرة فروع في كربلاء والنجف والكاظمية في العراق ، وفي طهران وكرمنشاه وهمدان في إيران. وكان السيد محمد بن صادق بن محمد مهدي بن الأمير السيد علي الكبير من الثوار الذين ساهموا في ثورة الدستور عام ١٩٠٥ ، وفي عام ١٩٢٠ أصبح رئيس المجلس النيابي. (٢)
ولد هبة الدين في مدينة سامراء في ( ٢٤ رجب سنة ١٣٠١ / ٢٠ مايس ١٨٨٤ م) ونشأ بها برعاية والده (توفي ١٣٢٠ هـ / ١٩٠٣م) الذي رحل إلى كربلاء مع المرجع الأعلى السيد محمد حسن الشيرازي (١٨١٥ - ١٨٩٦) الذي كان قد اتخذ من سامراء مقراً لمرجعيته ، وأسس هناك حوزة علمية جذبت المئات من طلاب العلوم الإسلامية. وهو صاحب فتوى التنباك الشهيرة عام ١٨٩١ م التي أصدرها لوقف الامتيازات البريطانية المجحفة في إيران آنذاك.
دراسته في حوزة النجف الأشرف
في كربلاء درس هبة الدين علوم العربية والفقه والأصول ، وأكمل المقدمات الأولية قبل البلوغ . وبعد وفاة والده عام ١٩٠٢ عن عمر (٧٣) عاماً ، وكان عمر هبة الدين ١٨ عاماً ، هاجر مع والدته إلى النجف الأشرف بنصيحة من المحدث المشهور السيد مرتضى الكشميري. وبقي فيها ست عشرة سنة ، درس فيها على يد الملا محمد كاظم الآخوند الخراساني (١٨٣٩- ١٩١١) وشيخ الشريعة فتح الله الأصفهاني (١٨٥٠- ١٩٢٠) والسيد محمد كاظم اليزدي (١٨٣١- ١٩١٩).
وكان الشهرستاني يدرّس العلوم العربية والفنون المالية فنبغ من تلامذته الشيخ جعفر النقدي والشيخ محمد رضا الشبيبي والسيد سعيد كمال الدين والشيخ علي الشرقي والشيخ عبد العزيز الجواهري وآخرين.
وحصل السيد هبة الدين على إجازات الفتوى من كبار العلماء كالسيد مصطفى الكاشاني والسيد محمد المجتهد الكاشاني والسيد علي الداماد التبريزي والسيد محمد مهدي الحكيمي والسيد محمد الحجة الفيروزآبادي. (٣)
نشاطاته الفكرية والثقافية
اكتسب معرفة في علوم شتى منها الفقه وأصوله، الهيئة، الرياضيات، وانتشر حديثه في كافة الأقطار الإسلامية، واتصل بأحرار مصر ثم سافر إليها وأكمل بها دراسته في الفلك. وكانت له سجالات أدبية مع السيد عبد الحسين شرف الدين على صفحات مجلة (العرفان).
كانت البيئة التي عاش فيها الشهرستاني بعيدة عن الآداب الحديثة والعلوم العصرية . وكان الجمهور يرفضون قراءة الجرائد والمجلات ، لكن السيد الشهرستاني كان ميالاً للتطلع إلى جميع العلوم والفنون رافضاً الجمود والتخلف الذي ساد في المجتمع العراقي آنذاك. هذا الأمر جعله يراسل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية والسيد محمد رشيد رضا صاحب مجلة (المنار) التي تأسست عام ١٨٩٨ في القاهرة وكذلك صاحبي مجلتي (المقتطف) التي أسسها يعقوب صروف (١٨٥٢- ١٩٢٧) وفارس نمر (١٨٥٦- ١٩٥١) عام ١٨٧٦ في سوريا أولا ثم انتقلت إلى القاهرة، ومجلة (الهلال) التي أسسها جرجي زيدان عام ١٨٩٢ في القاهرة، فربط النجف بمصر وسوريا بينما لم تكن بينهما أدنى صلة أدبية.
وكان العراق قد شهد نهضة إصلاحية في عهد (١٨٦٩- ١٨٧٢) الوالي مدحت باشا (١٨٢٢- ١٨٨٣) حيث قام ببناء عدد من المؤسسات الصحية والتعليمية والعسكرية وتأسيس المدارس الرشدية الملكية أي المدنية. في عام ١٨٧١ أنشأ مدرسة الصنائع في بغداد وهي مختصة بالتعليم المهني لتخريج عمال مهرة ومصلحي الآلات المستخدمة ، إضافة إلى القيام بالأعمال الكتابية في دوائر الحكومة. كما أصدر أول صحيفة في العراق باسم (زوراء) باللغتين التركية والعربية. (٤)
في حادثة وباء ١٩٠٣ م انقطع إلى تدريس الأخلاق من الوجهتين النفسية والاجتماعية معاً ، وتدريس الفنون العقلية الأخرى. وكان الاشتغال بها قبل ذلك نادراً أو ممقوتاً.
في عام ١٩١٠ م أسس الشهرستاني مجلة (العلم) فكانت السبب في توسيع نطاق المطبوعات في النجف وبين الحوزة العلمية. إذ كان لا يقنع بنشرها بين المتعلمين بل كان يوصلها إلى طلاب وأساتذة الحوزة العلمية.
وكان لنشر كتابه (الهيئة والإسلام) عام ١٩٠٩ أثر كبير في الصالونات الأدبية والأوساط المثقفة. وقد أعيدت طباعته عدة مرات ، وترجم إلى الإنكليزية والفارسية والتركية والهندية والهيئة هي علم الفلك . آذ يقارن الشهرستاني بين الظواهر الفلكية والآيات القرآنية والروايات من كبار الأئمة المسلمين في صدر الإسلام، والتوفيق بين ما تم اكتشافه حديثاً وبين قواعد الفلك والنجوم مع المأثورات الإسلامية.
يقول الشهرستاني في مقدمة الكتاب عن أسباب تأليفه الكتاب فيقول:
(صيانة عقائد المشتغلين بالفنون الفلسفية لا سيما الهيئة العصرية ، سواء الأساتذة والتلامذة في المدارس والمستمعون للمحاضرات والخطابات وقراء الصحف والمجلات والمتطلعون على المكتشفات الغربية. ففي الناس أناس غرّتهم الشبهات والنظريات. فزعموا أن سلوك أولياء الشريعة مسلك الحكماء في مباحث الفلك والطبيعة ، وفيهم من ظن أن الهيئة القديمة هي الموافقة للشريعة الإسلامية القويمة ، فتراهم اذا اعتقدوا بطلان تلك الفلسفة الغابرة ضعف إيمانهم بنواميس الشريعة الطاهرة. فقصدت من تصنيف هذا الكتاب إيضاح كون الإسلام بمعزل عن طرق الفلاسفة بل تهدم مقالاته معظم المباني من الهيئة السالفة وتحالف مذاهب الأوائل أشد المخالفة.
فعلى هذا ينبغي أن يكون تصديق الناس للعلوم سبب قوة إيمانهم بالمعارف الإسلامية ومزيد يقينهم بصدق البقية من مقالات النبي الأمين والأئمة من آله الميامين صلى الله عليهم أجمعين). (٥)
غادر النجف في ( ١٤ رمضان ١٣٣٠ هـ / ٢٦ آب ١٩١٢ ) فقام بجولة في السواحل العربية والهند لمدة عامين ، وحج بيت الله الحرام ، وعاد إلى النجف في ( رجب ١٣٣٢ هـ / حزيران ١٩١٤م).
كان من أقطاب الحركة الدستورية في العراق وايران منذ عام ( ١٣٢٤-١٣٣٠ هـ / ١٩٠٥- ١٩١٢ م)
وبعد عودته من رحلته عام ١٩١٤ كانت طلائع الحرب العالمية الأولى قد أطلت. ولما هاجم الانكليز ميناء الفاو في جنوب العراق في ٤ تشرين الثاني ١٩١٤ ، كان الشهرستاني ممن خرج مع علماء الحوزة العلمية وثوار العشائر لقتالهم في جبهة الشعيبة. وقد دوّن ذكرياته عن تلك الحوادث في رسالة سماها (الخيبة في الشعيبة). (٦)
أفكاره الإصلاحية
بدأت الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وبرز علماء مسلمون حملوا مشعل النهضة الفكرية والدينية والسياسية أمثال السيد جمال الدين الأفغاني (١٨٣٨-١٨٩٧ ) وتلميذه الشيخ محمد عبده (١٨٤٩-١٩٠٥) وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا (١٨٦٥- ١٩٣٥) . كما برز الشيخ عبد الرحمن الكواكبي (١٨٥٥- ١٩٠٢ ) وكتابه الشهير (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) ، والشيخ محمد حسين النائيني (١٨٦٠- ١٩٣٦ ) وكتابه (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) في وجوب إقامة النظام الدستوري ، والصادر عام ١٩٠٨.
وكانت الحركة الإصلاحية تتركز في أمرين: الأول تنقية الدين الإسلامي من الشوائب والخرافات . والثاني: الانفتاح على التجارب الإنسانية والاستفادة منها علمياً وحضارياً وتحقيق ازدهار صناعي وتجاري ، وتحول سياسي لخدمة الحقوق والحريات وتداول السلطة سلمياً ومشاركة الشعوب في اختيار حكامها.
ودعا السيد الأفغاني إلى توحيد كلمة المسلمين في بلادهم ولمواجهة الغزو الأوربي الممنهج وفرض الاستعمار ونهب الثروات وإنشاء أنظمة حكم دكتاتورية متعاونة مع الغرب وخططه وشركاته.
ودعا عبد الرحمن الكواكبي إلى منح الشعوب المسلمة حرية التعبير والقول والنشر.
وقد اتسم المنهج الإصلاحي للسيد الشهرستاني بما يأتي:
١-ربط النظريات الحديثة والاكتشافات العلمية بالآيات القرآنية ، وأن لها أصل في القرآن والسنة كما أوضح في مناقشته لعلم الفلك. وأنه كانت هناك نظريات قديمة قبل الإسلام لكن النظريات الحديثة أبطلتها مثل كروية الأرض. في حين أن لها ما يوافقها في النصوص الإسلامية. كما أكد في كتابه (الهيئة والإسلام) أن أحاديث وروايات النبي (ص) (هي أنباء غيبية وخفية ولم تستند إلى أدوات فنية أو آلات واختراعات. فهي موحاة من عوالم الغيب وحقائق خفية لا يقتضي وجودها عقل ، ولا يدركها حس. فقد أخبروا عن وجود أقمار وشموس وراء المحسوس قبل وجود الأنظمة والاكتشافات والمخترعات بألف سنة يذعن له القلب السليم والعقل المستقيم). (٧)
لقد حاول السيد الشهرستاني ربط علوم الحاضر بنصوص دينية من الكتاب والسنة. وهذه مجازفة ومواجهة مع الحقائق العلمية لسببين:
الأول: أن العلم والاكتشافات والنظريات تتطور يوماً بعد آخر ، وتأتي نظريات واكتشافات تهدم النظريات القديمة والحديثة. فكيف يربط النص القرآني والوحي الإلهي الخالد والأبدي بأمور وضعية زائلة ومتغيرة؟ وقد نشأ هذا التيار في التفسير العلمي للقرآن وأن كل ما جاء من اختراعات واكتشافات لها أصل في القرآن. كما أسس بعض الغربيين معالم هذا المنحى أمثال الطبيب الفرنسي المسلم موريس بوكاي (١٩٢٠ - ١٩٩٨ ) وقلده كثير من الكتاب والنشطاء الإسلاميين انبهاراً وإعجابا معتقدين أنهم يخدمون الدين والدعوة إلى الإسلام.
الثاني: أن القرآن الكريم كتاب هداية للعقول وليس كتاب علوم ونظريات قابلة للتغيير. وقد وردت في القرآن آيات ذات معاني علمية فلكية أو فيزيائية أو بيولوجية أو جيولوجية أو طبية من باب أنها من آيات الله للبشر وضرورة التدبر فيها للإيمان بالله والعودة للفطرة السليمة.
٢-نشر العلم والمعارف
وهو أسلوب علمي وحضارية يهدف إلى محاربة الجهل والتخلف والتوجه نحو الرقي والتقدم. ففي بداية القرن العشرين شهد العراق صدور عدة مجلات عربية ودينية وأدبية وسياسية وثقافية واجتماعية مثل (مجلة العلم) التي أصدرها الشهرستاني ، ومجلة (زهيرة بغداد) عام ١٩٠٥ من قبل الآباء الكرمليين ، ومجلة (الايمان والعدل) . وفي الموصل صدرت مجلة (إكليل الورد) بالفرنسية من قبل الآباء الكرمليين.
وكانت هذه المجلات ذات صفات دينية تبشيرية. وكان توزع بين الطوائف المسيحية.
لقد شعر السيد هبة الدين بخلو الساحة من وجود مجلة تعنى بالفكر الإسلامي في العراق توازي المجلات التبشيرية المسيحية. فقرر إصدارها عام ١٩١٠ في النجف الأشرف لأنها تضم الحوزة العلمية والمرجعية الدينية التي تُعد من القواعد الرصينة للإسلام. لقد سعى لتبيان موقف الإسلام من العلاقة بين العلم والدين. وكانت محاولته جدية في عرض أفكاره بشكل عملي ومكثف ، متخطياً العزلة الفكرية ، ومتجاوزاً -قليلاً – الدائرة الفكرية المتشكلة حول التراث فقط ، حين كانت حواضر النجف وكربلاء وبغداد تمثل مكانة مرموقة علمياً ولكنها مشوبة بسلبية الانقطاع عن العالم الخارجي وعدم الاطلاع على ما يدور فيه من تطورات ثقافية وعلمية. (٨)
لقد آمن الشهرستاني بأهمية ودور وتأثير الصحافة فيصفها بقوله (أليست هي للأمة عيناً مراقباً ، ولساناً ناطقاً ، وخطيباً صادقاً ودرعاً واقياً ، ومعلماً هادياً ، ومؤدباً ناصحاً، وصراطاً واضحاً؟ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، لا تحمي في الباطل حميماً ، ولا تهضم في الحق خصيماً. وكل صحيفة أخطأت هذا الصراط فعلى الأمة تأديبها). (٩)
كان ينقل في (مجلة العلم) الأخبار العلمية والاكتشافات الحديثة ، كما تولى فيها الرد على بعض المستشرقين الذين نالوا من الإسلام في كتاباتهم. لقد طبع بعض أعدادها في بغداد ، والأكثر قد طبع في النجف في مطبعة (حبل المتين) ، وكانت تصدر شهرياً ، أي ( ١٢ ) عدداً في السنة. وكان مديرها المسؤول عبد الحسين الأزري. (١٠) صدر منها في السنة الأولى (١٢) عدداً ، وفي الثانية (٩) أعداد، ثم توقفت بإرادة الشهرستاني ، مع أنها لقيت انتشاراً وإقبالاً كثيراً.
كانت السيد يكتب أغلب مقالاته مع أنها نشرت مقالات لمجموعة من الكتاب ، بعضهم بأسماء حقيقية وبعضهم الآخر بأسماء مستعارة خشية الإشارة إليهم في مجالس أهل العلم في النجف ووصفهم بالانحدار العلمي والأدبي!!
وكتب فيها كبار الشعراء والأدباء في العراق أمثال جميل صدقي الزهاوي والشيخ محمد رضا الشبيبي ومعروف الرصافي وعلي الشرقي.
لقد تناولت (مجلة العلم) بعض الأفكار والمفاهيم السياسية كالديمقراطية والوطن. كما عمدت إلى التعريف ببعض الشخصيات الإصلاحية كالسيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد كاظم الخراساني ، وكلاهما من خريجي الحوزة العلمية في النجف.
أكدت المجلة في أغلب أبوابها على الإصلاح والذي كان يقسمه إلى خمسة أقسام:
١-إصلاح سياسة الحكومة
٢- إصلاح العلوم وإداراتها
٣- إصلاح الكتب المدرسية والمعتمدات منها في الأمور الدينية.
٤- إصلاح العقائد الشائعة
٥- إصلاح العادات السيئة العامة. (١١)
لقد أُعجب كثيرون بمجلة العلم فأنشروا شعراً في مدحها ومدح مؤسسها. فقد أرخها الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء بقوله:
هبة الدين أتانا بعلوم مستضيفة *** وله التاريخ (أهدى طلب العلم فريضة)
كما كتب الشاعر علي الشرقي (١٨٩٠- ١٩٦٤):
آمنت فيك وحب العلم إيمان*** فآية العلم إنجيل وقرآن
العلم للمجد والعلياء مرشدنا*** المرشدان له عقل ووجدان
ما فقدك المال حرمان وإن زعموا*** جهلاً ولكن فقد العلم حرمان
وقرضها الشاعر خيري الهنداوي بالقول:
طرقتني (مجلة العلم) والفكر*** كليل من شدة الاطراق
وخيول الهموم تركض في الأحشاء*** ركضاً كالنار في الاحراق
كما أثنى على المجلة الشيخ محمد رشيد رضا (١٢) في مجلته الشهيرة (المنار). وأسس للمجلة مكتبة عامة يرتادها العلماء والأدباء من مختلف الطبقات والأعمار.
٣- محاربة العادات السيئة
فعلى سبيل المثال تصدى السيد هبة الدين الشهرستاني لعادة نقل الجنائز فأصدر عام ١٩١١ رسالته الموسومة (تحريم نقل الجنائز) مستعرضاً فيها آراء المجوّزين والمانعين مع أدلة كل رأي. وكانت آنذاك وسائل النقل بطيئة وغالباً كانت تنقل على الحيوانات، وطرق حفظ الجثث كانت بدائية قبل مائة عام. وكانوا يدفنون الجثث بشكل مؤقت لحين تتوفر القدرة لحين نقلهم. فكانت تتفسخ وتنتشر روائحها قبل نقلها إلى النجف أو كربلاء.
لم تكن هذه الدعوات لمنع نقل الجنائز تجد استجابة أو قبول عند الناس بل استنكروها. كما وقف معهم بعض رجال الدين الذين يرون جواز نقل الموتى. هذا الأمر أدى إلى هياج العامة ضد الشهرستاني وتعريض حياته للخطر ، معتبرين دعوته مخالفة للشرع ، حتي تجرأ بعضهم فوصفه بالكفر والزندقة طالباً منه التوبة والاستغفار. إثر هذه الضجة اضطر الشهرستاني إلى مغادرة النجف ليبداً رحلته في البلدان الإسلامية عام ١٩١٢. ويصف الكاتب الصحفي جعفر الخليلي (١٣) موقف الشهرستاني بالقول:
(لقد كان هذا الرجل الذي تقدم مضحياً بمقامه ومستقبله الروحاني في سبيل الدعوة إلى نبذ تلك الخرافات هو السيد محمد علي الحسيني (أو هبة الدين الشهرستاني) . وكان يومذاك رجلاً من المراهقين للاجتهاد ، وعلى جانب غير قليل من الاطلاع على العلوم الحديثة والأفكار الجديدة إلى جانب اختصاصه في الفقه وعلم الأصول وعلم الكلام.
نقول يضحي بمستقبله الروحاني لأن الوصول إلى المرجعية الكبرى مراسيم وأساليب والتزامات خاصة إذا خرج عليها الروحاني بعدت عنه الزعامة والمرجعية على قدر ابتعاده عن الأخذ بتلك الاعتبارات والالتزامات. فالعرف والمفاهيم العام تتطلب من المرشح للزعامة الدينية الكبرى أن لا يضحك مثلاً ، وأن يكتفي بابتسامة خفيفة إذا اقتضى أن يضحك. وأن يبتعد عن التجديد في هيئة في هيئته وحياته الخاصة والعامة. وأن يقتصر اهتمامه وأكثر اهتمامه في الزهد والقناعة . وأن يقتصد في الكلام ، وأن يمشي مشية رتيبة موزونة ثقيلة ، وإلا كان كبعض الناس). (١٤)
قضية تحرير المرأة
عاصر السيد الشهرستاني قضية تحرير المرأة التي انطلقت من مصر على يد قاسم أمين ، وكمال أتاتورك في تركيا ورضا شاه في إيران. واقتصرت على محاور تعليم المرأة وهذا أمر مطلوب لكنها تركزت على كشف الحجاب الذي اعتبر مشكلة تخلف المرأة في المجتمعات الإسلامية. وأطلق حكام تلك الدول حملات لنزع الحجاب بالقوة كما حدث في تركيا وإيران. فيما ظهرت بنات وزوجة الملك فيصل الأول سافرات. وقلده الرؤساء والوزراء والوجهاء في ظهور زوجاتهم سافرات.
انتقلت قضية نزع الحجاب إلى العراق من قبل بعض الشخصيات مثل الشاعر جميل صدقي الزهاوي الذي قال:
أخّر المسلمين عن أمم الأرض*** حجاب تشقى به المسلمات.
فيما دعا محمد أمين عالي باشا اعيان إلى ( تعليم المرأة المسلمة العلوم أمر لازم شرعاً وعقلاً).
أما السيد الشهرستاني فقد دعا إلى استلهام الجانب الشرعي الفقهي في قضايا الزواج والطلاق والإرث ، وعدم الخروج على الشريعة الإسلامية بالتأثر بالقوانين الوضعية الغربية، ومناقشة موضوع الحجاب من خلال مشروعيته ومنافعه وأهميته. وكان ينشر آراءه عام ١٩١٠ في جريدة (المؤيد) المصرية التي أصدرها الشيخ علي يوسف والشيخ أحمد ماضي أبو العزائم عام ١٨٨٩. وكذلك نشر في مجلة (تنوير الأفكار البغدادية) عام ١٩١٠. وكان ينشر مقالاته باسم (كاتب من كربلاء) في (مجلة العلم) تضمنت أفكاراً جديدة حول قضايا المرأة. (١٥)
نشاطه السياسي
تعود اهتمامات السيد هبة الدين بالقضايا السياسية مع ظهور الحركات الدستورية في ايران (ثورة المشروطة عام ١٩٠٥) ، وتركيا (إعلان الدستور العثماني عام ١٩٠٨). وكانت الحركتان تشترك في الدعوة إلى تدوين دستور وإجراء انتخابات لاختيار ممثلي الشعب وتشكيل برلمان يراقب الحكومة والسلطان. وكان الشهرستاني يؤيد الفقهاء والمراجع الذين ساندوا ثورة المشروطة وضرورة اتخاذ الشورى والحرية ووجود دستور وحفظ القوانين ومنع الاستبداد والقهر لأنها من أسس الدين الإسلامي.
وكان يدعو إلى هذه الأفكار في خطبه في الاجتماعات العامة في النجف مثل غيره من المؤيدين لها. فالدعوة إلى الحكومة النيابية وتدوين الدستور كنموذج لنظام الحكم المرتبط بالمعايير الإسلامية نظرياً وعملياً.
وتعاون السيد هبة الدين سراً مع بعض الشخصيات النجفية خوفاً من المعارضين للدستور من جماعة المرجع السيد كاظم اليزدي. فقد كان يجتمع وينسق مع الشيخ جواد الجواهري ، محمد علي بحر العلوم ، محمد رضا الشبيبي ، سعيد كمال الدين ، أحمد الصافي النجفي ، الشيخ عبد الكريم الجزائري وغيرهم.
وتأييدا للحركة الدستورية في الدولة العثمانية (جمعية الاتحاد والترقي) أرسل السيد الشهرستاني في عام ١٩٠٨ برقية إلى السلطان العثماني ينصحه فيها إلى الاستجابة لحركة الدستور ، إلا أنه قبل أن تصل برقيته كان المعارضون قد عزلوا السلطان عبد الحميد الثاني ونصبوا محمد رشاد بدلاً عنه.
وبعد إعلان الدستور العثماني عام ١٩٠٨ أرسل علماء النجف برقية إلى السلطان الجديد أفتوا فيها بوجوب تنفيذ الدستور وتأسيس مجلس نيابي. وهو أول اتصال مباشر بين مراجع وفقهاء النجف الشيعة بالسلطان العثماني السني.
وعارض الشهرستاني إنشاء سكة حديد تربط البصرة ببرلين عبر بغداد و الموصل وإسطنبول وعواصم أوربية. فقد اعتبر المشروع أداة من أدوات تغلغل النفوذ الألماني في العراق. كما شكك في دوافع ألمانيا في ترويج الإسلام في بلادها ، واعتبرها من وسائل الاستعمار وكسب قلوب المسلمين إلى القوى الاستعمارية. فصار يصب جهده لمواجهة الاستعمار وأخطاره. ففي عيد الغدير في ( ١٨ ذي الحجة ١٣٢٩ هـ / ٨ كانون الأول ١٩١١) ألقى خطبة في جامع عمران في النجف الأشرف وبحضور أكثر من ألفي رجل من بينهم عدد كبير من العلماء ورجال الدين ، قال فيها:
(أيها المسلمون احذروا سياسة الافرنج ، فإن غايتها امتلاك بلادكم واستلاب أموالكم ، وتغيير آدابكم ، وتبديل شرائعكم وأحكامكم ... إن أعداءكم الافرنج يتوسلون بأخذ الامتيازات التجارية والاقتصادية منكم ، وخوض السفن في بطون بحاركم ومد الحديد (السكك) على متون أراضيكم ، تذرعاً إلى تقوية النفوذ في حكوماتكم ، وامتصاص لعابكم ، وابتلاع لبابكم). (١٦)
شارك السيد هبة الدين في التصدي للقوات البريطانية التي نزلت في سواحل البصرة في بداية الحرب العالمية الأولى (١٩١٤-١٩١٨). فقد احتلوا البصرة في ٢٢ تشرين الثاني ١٩١٤ ، وواصلوا تقدمهم نحو القرنة فاحتلوها في ٩ كانون الأول ١٩١٤. وشارك في معركة الشعيبة عام ١٩١٥.
أرسلت الحكومة العثمانية وفداً إلى النجف الأشرف لزيارة المراجع وكبار الفقهاء. كان الوفد يضم شخصيات بغدادية وحكومية ورجال دين من بينهم محمد فاضل الداغستاني وشوكت باشا والشيخ حميد الكليدار سادن العتبة الكاظمية. عقد الاجتماع في جامع الهندي وحضره العلماء والزعماء وشيوخ العشائر في الفرات الأوسط. وتحدث في الاجتماع عدد من علماء النجف وهم كل من السيد هبة الدين الشهرستاني
، السيد محمد سعيد الحبوبي ، الشيخ عبد الكريم الجزائري ، الشيخ جواد الجواهري ، منوهين بضرورة مشاركة الحكومة المسلمة لدفع الكفار عن بلاد المسلمين. ثم تكلم بعض شيوخ العشائر ومنهم مبدر آل فرعون رئيس عشيرة آل فتلة الذي قال: (إن الأتراك إخواننا في الدين ، وواجب علينا مساعدتهم في طرد الاعداء من بلادنا). وقبل أن ينفض الاجتماع أعلن علماء الدين الجهاد ووجوب الدفاع عن البلاد الإسلامية. (١٧)
في الكاظمية أصدر الشيخ مهدي الخالصي حكماً أوجب فيه على المسلمين صرف جميع أموالهم في الجهاد حتى تزول غائلة الكفر. وحكم السيد مهدي الحيدري بوجوب الجهاد ، وأبرق إلى علماء النجف وكربلاء وسامراء يخبرهم بعزمه على محاربة الكفار مهما كلف الأمر.
لم يكتف العلماء بإصدار فتاوى الجهاد ، بل خاضوا الحرب بأنفسهم أمثال السيد محمد سعيد الحبوبي ، الشيخ عبد الكريم الجزائري ، الشيخ عبد الرضا الشيخ راضي ، الشيخ جواد صاحب الجواهر ، الشيخ رحيم الظالمي ، السيد عبد الرزاق الحلو ، السيد محسن الحكيم ، الشيخ محمد رضا الشبيبي ، الشيخ علي الشرقي ، السيد سعيد كمال الدين ، السيد هبة الدين الشهرستاني وأبو القاسم الكاشاني.
ساهم الشهرستاني في الثورة العراقية الكبرى عام ١٩٢٠ التي طالبت بريطانيا بتأسيس حكم وطني وتشكيل مجلس نيابي وحكومة تخضع للدستور. ونشبت الثورة بعد إعلان قرار مؤتمر الحلفاء في ٢٥ نيسان ١٩٢٠ ووضع العراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني ، وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي. وصدرت فتوى الجهاد من قبل المرجع الأعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي التي نصها: (مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين . ويجب عليهم ضمن مطالبتهم رعاية السلم والأمن. ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانكليز من قبول مطالبهم).
كان للسيد الشهرستاني دور كبير في إعلان الجهاد في كربلاء في ٦ آب ١٩٢٠ ، والاتصال بشيوخ العشائر ، والمشاركة في تشكيل إدارة عربية بتوجيه الشيخ محمد تقي الشيرازي للنظر في شؤون المدينة.
وقامت هذه الإدارة قد تشكلت بمجلسين:
المجلس الحربي الأعلى ، الذي تألف من رئيس وأربعة أعضاء: السيد هبة الدين ، السيد أبو القاسم الكاشاني ، الشيخ أحمد الكربلائي ، محسن أبو طبيخ ، وعبد الحسين نجل المرجع محمد تقي الشيرازي.
وانتخب هذا المجلس مجلساً شعبياً آخر عرف بالمجلس الملي أو التنفيذي الذي مثل العلماء فيه الشيخ محمد حسن أبو المحاسن ، وكان يرأسه في الغالب.
واقتدت النجف بما جرى في كربلاء فتشكل مجلسان: تشريعي وتنفيذي. كما تشكلت إدارة مدنية من قادة حزب الاستقلال في بعقوبة ، قامت برفع العلم العربي.
بعد انتهاء الثورة تم اعتقال الشهرستاني في ١٩ تشرين الأول ١٩٢٠ في مرقد الحر الرياحي بكربلاء. ثم نُقل إلى الهندية ٢٧ تشرين الثاني ١٩٢٠ . وفي ٢٥ كانون الأول ١٩٢٠ بدأت محاكمته في كربلاء وتم الحكم عليه بالاعدام شنقاً لتحريضه على الثورة وإسقاط الحكومة في كربلاء ، والحث على الجهاد. تم إرساله إلى سجن الهندية مع السجناء الآخرين. بعد ذلك نقلوه إلي سجن الحلة وبقي فيه تسعة أشهر ثم أطلق سراحه بعد إعلان العفو العام الذي صدر في ٣٠ مايس ١٩٢١.
الشهرستاني وزيراً للمعارف
لما تشكلت أول وزارة في عهد الملك فيصل الأول عام ١٩٢١ تم اختيار الشهرستاني وزيراً للمعارف (التربية) ، ثم استقال منها. وكانت له إنجازات مثل إحلال اللغة العربية محل الإنكليزية التي فرضتها الإدارة البريطانية في العراق. كما حاول إدخال اللغة العربية في المدارس الأجنبية. كما دعا إلى جعل المدارس الأهلية التي تضم ٨٠٪ من الطلاب العراقيين إلى مدارس وطنية ووضعها تحت إشراف وزارة المعارف. وقدم مقترحاً بتأسيس مجلس معارف في كل لواء. ووافق مجلس الوزراء على هذا المقترح. وضم مجلس بغداد أكثر من عشرين عضواً منهم محمد رضا الشبيبي ، يوسف عز الدين إبراهيم ، فهمي المدرس ، جميل صدقي الزهاوي ، أنستاس ماري الكرملي ، محمود شكري الآلوسي ، السيد محمد خليل ، ساطع الحصري ، سليمان فيضي. ومهمة هذا المجلس (تقديم الاستشارات إلى وزارة المعارف في الأمور المهمة ، وحث الأهالي على إرسال أولادهم إلى المدارس ، ومساعدة الطلاب المحتاجين ، بالإضافة إلى جمع التبرعات لإنشاء الأبنية المدرسية أو توسيعها وإصلاحها). (١)
وكان للشهرستاني دور في إرسال بعثة عراقية إلى الخارج. ففي ١١ تموز ١٩٢١ لإرسال عدد من الطلاب. وبعد إجراء المقابلات مع طلاب يمثلون بغداد (٣ طلاب) والموصل (٢) وكربلاء (١) والبصرة (١) ، تم إرسالهم إلى الخارج.
يتحدث الشهرستاني عن أيامه في الوزارة فيقول:
(باشرت شخصياً بتقليم أظافر السياسة العسكرية الاحتلالية التي تمركزت في الوزارة أو تفرعت في المناطق ... وأعدت إلى الوزارة الصبغة الوطنية ، واللغة العربية ، والتقاليد القومية ، والآداب الإسلامية. ثم اتجهت إلى ناحية الدراسة ، فعممت فيها ضرورة أداء الفروض الدينية كالصلاة والآذان ، والاكثار من دروس الدين والقرآن في المدارس ، وضرورة دراسة العقائد ، والتاريخ وتفسير الكتاب والسنة ، والاهتمام بالنواحي الوطنية ، وإشعال روح الحماسة الوطنية في النفوس ، والعناية البالغة بالأناشيد الوطنية). (١٩)
دعا السيد هبة الدين إلى ضرورة الفصل بين المعاهدة العراقية البريطانية والانتداب البريطاني على العراق. وطالب باعتراف بريطانيا بالعراق دولة مستقلة ذات سيادة. لكن بريطانيا رفضت ذلك. عندها اضطر الشهرستاني إلى تقديم استقالته من الحكومة. رفض رئيس الوزراء الاستقالة ، مطالباً إياه بالاستمرار في الوزارة في عمله كوزير لحين تشكيل وزارة النقيب الثالثة في ٣٠ أيلول ١٩٢٢.
رئيس مجلس التمييز الجعفري
بعد انسحاب السيد هبة الدين من وزارة المعارف ، طلب منه الملك فيصل تسنم رئاسة مجلس التمييز الشرعي الجعفري لما وجد فيه الرجل المناسب لهذا المنصب. وقد أصدر وزير العدلية ناجي السويدي في ١٤ آب ١٩٢٣ أمر التعيين. وكان لا يصادق على حكم إلا إذا كان مطابقاً وموافقاً لفتاوى مراجع التقليد المشهورين في النجف وكربلاء والكاظمية.
وقدم السيد هبة الدين مقترحاً إلى وزارة العدلية يتضمن تشكيل لجنة لتوحيد الأحكام ، ليرجع إليها القضاة ، لما رأى أن بعض القضاة لا يحكم وفق الحكم الشرعي بصورة مطردة ، وربما أصدروا أحكاماً متناقضة في قضية واحدة. ويقضي هذا المقترح بإثبات الأحكام المجمع عليها عند الفقهاء. أما المختلف فيها بين الذاهب الفقهية في العراق فيذكر الحكم عند كل مذهب ، ليلتزم القاضي بالحكم المدون طبق الاجماع أو طبق مذهب المتداعيين.
في ١٠ نيسان ١٩٣٣ وافق وزير العدلية محمد زكي على تشكيل لجنة توحيد الأحكام. ضمت اللجنة من السيد هبة الدين ، الشيخ عبد الملك الشواف ، الحاج حمدي الأعظمي ، محمد نافع المصرف ، الشيخ موسى كشكول.
وكان السيد هبة الدين الشهرستاني قد أصيب بعينيه بمرض الرمد الصديدي في بداية ترؤسه لمجلس التمييز الجعفري. ولم يتحسن عيناه رغم التداوي المستمر. في ١١ حزيران ١٩٢٧ أجريت له عملية من قبل الدكتور طوبليان المشهور في المستشفى المجيدي (الجمهوري لاحقاً ثم مدينة الطب حالياً). لم تنجح العملية وفقد السيد هبة الدين بصره ، لكنه استمر في عمله القضائي والإداري ، بالإضافة إلى مواصلته البحث والكتابة إملاء على كاتب. وقام الطامعون بالمنصب بإثارة قضية تولي الأعمى منصباً قضائياً ، لكن الشيخ عبد الكريم الجزائري أصدر فتوى خاصة في ( ١٥ جمادى الأولى ١٣٤٧ هـ / ٢٨ تشرين الأول ١٩٢٨ م) امتدح فيها الشهرستاني وعلمه ودينه ومعرفته بالأحكام الشرعية ثم قال (الجميع واثقون ومأنوسون بإسناد رئاسة مجلس التمييز الجعفري إليه . ولا يضر ضعف البصر أو عدمه بوظيفته شرعاً). بعد قضائه أحد عشر عاماً ترك العمل في المجلس بسبب فقد بصره.
وفاته ودفنه
في الأيام الأخير من حياة السيد هبة الدين ، أصيب بضعف في الذاكرة والإدراك حتى عاد لا يعرف زواره إلا بعد حين ، ربما أصيب بالزهايمر وكان قد بلغ خمسة وثمانين عاماً. في فجر الاثنين ( ٢٥ شوال ١٣٨٦ هـ / ٦ شباط ١٩٦٧ ) توفي ، وتم تشييع جثمانه في اليوم نفسه تشييعاً مهيباً من جامع براثا في الكرخ إلى الكاظمية ، بحضور عدد من الوزراء وسفراء الدول الإسلامية. وتم دفنه في مكتبته في الجانب من الصحن الكاظمي.
وقد أقيمت له مجالس الفاتحة في النجف وكربلاء وبغداد ، وألقيت قصائد تشيد بجهاده ومكانته. ثم أقيمت له احتفالية (أربعينية) في جامع براثا ، ألقيت فيها كلمات وقصائد أشادت بجهاده الفكري والسياسي والجهادي ، وإصلاحاته القضائية والتربوية.
مؤلفاته
السيد هبة الدين الشهرستاني من الذين امتازوا بالموسوعية وغزارة الإنتاج. فقد كتب في مختلف العلوم والميادين منذ أن بلغ من العمر الخامسة عشر عاماً. وهذه يشير إلى سعة في المعرفة وتنوعاً في الاهتمامات. وقد طُبعت بعض مؤلفاته ، فيما بقي أغلبها حبيس المخطوطات. ويمكن تقسيم الموضوعات التي كتب فيها والمطبوعة:
١-في علوم القرآن ( الجامعة في سورة الواقعة ، تنزيه التنزيل ، المعجزة الخالدة )
٢- في الفلسفة وعلم الكلام (المعارف العالية صدر في ١٩٣٥ ، فيض الباري في إصلاع منظومة السبزواري صدر عام ١٩٢٥ ، توحيد أهل التوحيد عام ١٩٢٢ ، الرد على البابية عام ١٩١١ ، حديث مع الدعاة عام ١٩١٠ ، الانتقاد والاعتقاد ، مواهب المشاهد في واجبات العقائد ، أرجوزة في العقائد الإسلامية عام ١٩٠٦ ).
٣- في الفقه وأصول الفقه (وقاية المحصول في شرح كفاية الأصول ، فيض الساحل في أجوبة مسائل أهل الساحل ، أصفى المشارب في حلق اللحية عام ١٩٢١ ، التنبه في تحريم التشبه (بالنساء) عام ١٩٢٦ ، تحريم نقل الجنائز المتغيرة عام ١٩١١ ، الدخانية (في التدخين) ، تهديد الحاكمين بكفر المسلم عام ١٩١٠ ، وجوب صلاة الجمعة عام ١٩٤٧ ، قاب قوسين (في الصلاة عند القطبين) عام ١٩٢٦ )
٤- في علم الحديث (ثقاة الرواة عام ١٩٤٤ ، ما هو نهج البلاغة عام ١٩٣٣ ، جداول الرواية )
٥- التراجم والرجال (التذكرة في إحياء مجد عترة النبي عام ١٩١٣ ، جابر بن حيان عام ١٩٢٤ )
٦- التاريخ (نهضة الحسين عام ١٩٢٦ )
٧- الجغرافية والفلك (الهيئة والإسلام عام ١٩٠٩ )
٨- اللغة والأدب والشعر (رواشح الفيوض في علم العروض عام ١٩٠٧ )
٩- الأخلاق (الحس السادس عام ١٩٢٤ )
١٠- موضوعات متفرقة (الدلائل والمسائل ، حلال المشكلات عام ١٩٥٣ )
مكتبة الجوادين العامة في الصحن الكاظمي
تعد مكتبة الجوادين من أبرز إنجازات السيد هبة الدين الشهرستاني التي ما زالت تنبض بالحياة وتشع علماً وثقافة منذ تأسيسها عام ١٩٤١. فهي تحتوي على نفائس الكتب المطبوعة والمخطوطة ، وجلبت أنظار الباحثين والأكاديميين إضافة رجال الفكر والعلم والسياسية.
بعد نشوب الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٩ قرر السيد الشهرستاني الانتقال من مركز بغداد إلى الكاظمية. وكان يقيم في بغداد ويمارس عمله كوزير للمعارف منذ عام ١٩٢١ وكرئيس لمجلس التمييز الجعفري في العاصمة بغداد. في ١٨ حزيران ١٩٤٠ انتقل إلى الكاظمية مصطحباً مكتبته الخاصة معه.
وحينما انتقل المؤسس بمعية عائلته إلى الكاظمية، اتخذ من جوار الإمامين الهمامين الكاظمين (عليهما السلام) سكناً له، حيث كان يؤم المسلمين في الصلاة الجامعة في الصحن الكاظمي المقدس، كما اتخذ حجرة من الحجرات المحيطة بالصحن مركزاً له يستقبل فيه الزائرين والذين يقصدونه رغبة منهم في التزود من علومه ومعارفه خصوصاً في ضحوات الجمع والأمسيات الأسبوعية.
في مطلع الشهر الثامن من سنة 1940م عَلِمَ السيد هبة الدين أنّ في الركن الجنوبي الشرقي من الصحن الكاظمي – وبالتحديد بين باب القبلة وباب المراد- توجد قاعة كبيرة مهملة يتخذها القائمون على خدمة المرقد المقدس مخزناً لحفظ المواد التالفة والمستهلكة، فرغب باتخاذها مكاناً لمكتبته ليجعلها مكتبة عامة تؤدي خدماتها العلمية إلى طلاب العلم والمعرفة قربة إلى الله تعالى حيث نقل السيد المؤسس رغبته للأستاذ رؤوف الكبيسي مدير الأوقاف العام وأعرب فيها عن حاجته لهذه القاعة ليلقي فيها دروسه.
في يوم الأحد 28 رجب 1359هـ المصادف ١ أيلول ١٩٤٠ استلم السيد القاعة بعد موافقة مديرية الأوقاف التابعة لمجلس الوزراء يومها حيث وافق رئيس الوزراء رشيد عالي الكَيلاني على الطلب المقدم من قبل السيد المؤسس، حيث تم تنظيف القاعة وترميمها بما يتناسب ومكانة المكتبة مع تزويدها بهاتف لتلبية خدماتها. (٢٠)
وقد أرخّ سنة تأسيسها الشاعر العراقي وخطيب الكاظمية كاظم آل نوح بقوله :
هبه الدين كم له***من علوم وموهبة
وتأليف جمّة***وتصانيف طيبة
خدمة العلم دأبه***حسبما الدين أوجبه
أرّخوا أنشئت به***للجوادين مكتبة
وقد قال السيد هبة الدين في بيان افتتاحها : ( بسم الله المتعال .. وبعونه الكريم وفضله المتوال. وضعت نواة هذه المكتبة المتواضعة في الكاظمية في ليلة القدر الثالثة (الليلة الثالثة والعشرين) من ليالي شهر رمضان المبارك لسنة (1360) ألف وثلاثمئة وستين هجرية الموافق ليوم الأثنين الثالث من تشرين الأول (1941م) الف وتسعمئة وواحد وأربعين ميلادية .
ولقد أسميتها ( مكتبة الجوادين العامة) تيمناً بمجاورة الإمامين الجوادين (سلام الله عليهما) في هذا المكان ، ذلك حسبي في الله سبحانه أنْ يتقبلها مني بقبول حسن وينبتها نباتاً حسناً ، وأنْ يسبغ عليها يمنه وبركته ، ويستقيها بوابل دائمة النفع لأرباب العلم ، وطلاب المعرفة ، مادام العلم ، وبقية البشرية ينهلون منها ما ينهلون ، ويذكروني بما أستحق من الرحمة إنْ شاؤوا أنْ يذكروني ، وأدعو الله أنْ يرعاها على الدوام بعينه التي لا تنام ؛ لتبقى كعبة العلم ، وباحة العرفان ، مفتحة الأبواب للأنام ، وأن لا يحرمني جيرة هذا المكان في الحياة والممات ، إنه سميع الدعوات ، فنمَتْ تلك البذرة المباركة في ربوع هذه البيوت التي أذن الله أن يرفع ويذكر فيها أسمه). (٢١)
انتقل السيد الشهرستاني إلى الكاظمية لتكون مكاناً له يلقي فيها على طلبته الدروس صباحاً ومساءً، أما مكتبته فقد نقلها في مطلع سنة 1941م ليستفيد منها عموم الطلبة وعشاق العلم وجعل دوام المكتبة من الساعة الرابعة عصراً حتى السابعة مساءً من كل يوم، وكانت البداية الرسمية لممارسة المكتبة العامة دورها في تقديم الخدمات للجمهور في ١ كانون الثاني ١٩٤٢ م .
عهد السيد المؤسس بإدارة المكتبة لولده السيد جواد منذ سنة 1941 حيث أشرف على إدارتها ثم أصدر السيد المؤسس أمراً رسمياً بتعيين ولده أميناً عاما لها وذلك في ٢١ كانون الثاني 1956م حيث جاء فيه: (قررت إناطة إدارة مكتبتي (الجوادين العامة) في الكاظمية إلى ولدي السيد جواد الحسيني الشهرستاني مع استشارتي في شؤونها المهمة وعينته أميناً عاماً لها وناظراً ومسؤولاً عن كل ما يتعلق بشؤونها وخوّلته جميع الصلاحيات اللازمة لإدارتها وتمشية أمورها وتوسعتها متمنياً له التوفيق والنجاح وللمكتبة السعة والازدهار).
وقد أدى السيد جواد الواجب الملقى على عاتقه وحافظ على الأمانة التي جعلها والده بذمته فصانها رغم المخاطر والمخاوف من غلقها أو مصادرة الكتب الموجودة فيها خصوصاً بعد مجي النظام البعثي سنة 1968م الذي نصب الحراب اتجاه الفكر الأصيل الحر ووجد في الكتب ومطالعيها عدواً يهدد بناءه بالزوال والانهيار.
في عهد وزير الأوقاف أحمد عبد الستار الجواري بادرت الوزارة إلى ضم قطعة أرض مجاورة للمكتبة بدون بدل ورصدت مبلغاً لتشييد قاعتين وعدة غرف ودورة مياه صحية خاصة بالمكتبة، تبلغ المساحة المضافة للمكتبة حوالي (٨٨ متر مربعاً).
المكتبة منبر فكري
ولأهمية هذه المكتبة العلمية ومكانة مؤسسها بين أهل العلم والأدب ، اقترح بعض العلماء على السيّد المؤسّس بإلقاء دروس منظّمة فيها للاستفادة منها ، فشرع بإلقاء دروس في تفسير القرآن الكريم ، شرَع السيد الشهرستاني بتفسير القرآن الكريم في الساعة العاشرة صباحاً من كل يوم في شهري رجب وشعبان سنة 1940م. وفي شهر رمضان مساءً حيث قامت إذاعة بغداد حينها بنقل الدرس مباشرة من قاعة المكتبة وقد حضر الدرس بعض المشاهير أمثال رشيد عالي الكَيلاني ومحمد أمين الحسيني مفتي فلسطين وكبار المسؤولين في الدولة.
وخصصت لها وزارة المعارف سنة (1945م) نصيباً من مساعداتها الماليّة ، وكذلك خصصّت مديرية الأوقاف العامّة حصّة مالية لمساعدة المكتبة سنويّاً.
في مطلع عام 1947م أهدى أمير ولاية حيدر آباد الهندية المكتبة ( 600 كتاب) من الكتب الإسلامية المطبوعة باللغة الأوردية عن طريق السفارة الهندية في بغداد، وفي عام 1948 زار المكتبة أميران من أمراء المقاطعات الهندية وهم (الراجا حيدر خان والراجا محمود آباد) بمعية إحدى الشخصيات الهندية المعروفة فأهدوا للمكتبة خزانات كتب جميلة لجوانبها الثلاثة في القاعة المركزية فرتبت بنسق جميل وأزيلت الرفوف الخشبية البالية. (٢٢)
في عام ١٩٨٢ قامت وزارة الأوقاف بضمّ قطعة الأرض الملاصقة للمكتبة ، ورصدت مبلغاً لتعميرها ، وفي سنة (2001م) ، وضمن حملات الاعمار التي قامت بها وزارة الأوقاف العراقية لسور الصحن الكاظمي الشريف ، فقد تمت أيضاً بعض أعمال الترميم لهذه المكتبة.
الأدوار التي مرت بها المكتبة:
مرت المكتبة بأربعة أدوار هي:
الدور الأول: مرحلة التأسيس وما تمخض عنها من إنجازات أثرت المكتبة من حيث تجهيزها بالكتب والخدمات اللازمة الأخرى، كما شكّلت هذه المرحلة بداية لجذب الرواد الذين سيشكلون الجانب الأكبر من الزوار للمكتبة وقد استمرت هذه المرحلة تقريباً ربع قرن حتى رحيل السيد المؤسس.
بدأت المرحلة الثانية حينما صار السيد جواد السيد هبة الدين الشهرستاني أمينها العام حيث سار على خطى والده في خدمة المكتبة وتقديم كافة التسهيلات للمستفيدين منها، كما حافظ على انتظام انعقاد مجلس المكتبة الشهري والمحاضرات التي تلقى فيه، ولكن في هذه المرحلة تعرضت المكتبة إلى انتكاسة، إذ حاربها البعثيون ومنعوا فتح أبوابها . كما منعوا إقامة المحاضرات فيها. وكان الجواسيس ورجال الأمن يراقبون كل داخل وخارج للمكتبة، فضلاً عن مراقبتهم السيد جواد الذي ذاق الأمرّين من كثرة المضايقات حتى قرر إغلاق أبوابها على مضض، وظل يتردد عليها وحده ليطمئن على الكتب الموجودة فيها بشكل خاص وعلى وضع المكتبة ككل، هذا والسلطات لا يمكن الوثوق بسكوتها عن المكتبة فلا يدري السيد جواد متى تنقض عليها لتفترس تراثها النفيس وآثارها الخالدة ولكن الله جلت نعماؤه حماها ببركة وجود الإمامين الهمامين الكاظمين (عليهما السلام).
شكلت المرحلة الثالثة التي بدأت بسقوط نظام البعث عام 2003م بداية جديدة حيث شمّر السيد جواد عن ساعديه مع أنجاله الكرام ليعيدوا للمكتبة دورها الأصيل ولتعود تخدم الهدف الذي تأسست من أجله فقد توجه إلى ترميم المكتبة وإعادة ما تضرر جرّاء السنين العجاف التي مرت حتى فتحت أبوابها للمطالعين. في عام ٢٠٠٤ زرت السيد جواد الشهرستاني وحدثني عن سيرة والده ومرافقته له ولقاءاته بالشخصيات العراقية والأجنبية.
أما الدور الرابع فيبدأ برحيل السيد جواد الحسيني الشهرستاني إلى الدار الآخرة في ١٩ أيلول ٢٠٠٥ ، حيث أناط مهمة إدارة المكتبة بولده السيد محمد إياد الذي سار على نهج والده وجده في تحسين الخدمات المقدمة من قبل المكتبة وتيسير المصادر للباحثين، إضافة لقيامه بإحياء المجلس المنعقد في فناء المكتبة، حيث يعقد في أول يوم خميس من الشهر الميلادي مجلساً يتم خلاله إلقاء محاضرة لأحد الأساتذة أو المختصين في مجالات منوعة من العلم والأدب.
منذ أن عاودت المكتبة نشاطها قام السيد جواد الشهرستاني رحمه الله بإدخال النظم الحديثة في أرشفة وفهرسة الكتب والمجلات باستعمال التقنيات الحديثة، حيث خصص جناحاً لذلك، واليوم يسعى السيد محمد إياد لتزويد المكتبة بكل تقنية حديثة من شأنها تطوير عمل المكتبة.
وكان المرحوم السيّد جواد الشهرستاني قد عهد إدارة المكتبة سنة (2000م) إلى الدكتور السيّد شادمان محمد نظيف البرزنجي ، يساعده في ذلك ولداه السيّد محمد أياد ، والسيد مصطفى الشهرستاني ، والشيخ عماد الكاظمي.
وصف المكتبة
تقع المكتبة في زاوية الجانب الشرقي من صحن الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) ، وقد تأسست في شهر رمضان المبارك سنة (1360هـ) (1943م) على يد العلامة الكبير الحجة السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني (قدس) ، وتتألف بنايتها من طابقين أرضي وآخر علوي . والطابق الأرضي مربع الشكل يتوزع جوانبه الثلاثة عدد من خزانات الكتب الخشبية ، وقد جمعت هذه المكتبة بعض نفائس المخطوطات فضلاً عن الكتب المطبوعة النادرة في مختلف اللغات كالعربية ، والفارسية ، والتركية ، والإنكليزية ، والاوردو ويبلغ مجموع كتبها ثلاثون الف كتاب ، ومئات المخطوطات.
تتكون المكتبة من طابقين ، الأول يحتوي على قاعتين كبيرتين الأولى مخصصة للمطالعين تعلوها قبة كبيرة عليها نقوش إسلامية وتحيط بجدران القاعة من جوانبها الثلاثة خزانات الكتب ، أما القاعة الثانية فهي عبارة عن مكتبة إلكترونية مجهزة بأجهزة حاسوب متنوعة من رسائل الماجستير ، وأطروحات الدكتوراه ، وبرامج علمية ، ودروس فقهية و حوزوية ، ولعب أطفال ، وتسلية ، وقد سميت هذه القاعة بقاعة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) ، ويحتوي الطابق الأول على غرفة ، وهي مخصصة لإدارة الشؤون الإدارية .
أما الطابق الثاني من المكتبة فيحتوي على قاعة كبيرة مخصصة للدوريات حيث تمتلك المكتبة حوالي (600) عنوان دورية يستخدمها الباحثون ، وقد سميت هذه القاعة بقاعة الإمام الجواد (عليه السلام) ، وقد جهزت القاعة بجهاز حاسوب ، كذلك يوجد في الطابق العلوي قسم الاستنساخ ، والتصوير ، وايضاً توجد غرفة مخصصة للموظفين ، ويوجد في المكتبة قسم مهم جداً وهو قسم المخطوطات ، والكتب النادرة ، وهذه المخطوطات موجودة ، ومحفوظة في خزانات داخل إدارة المكتبة ولا يحق لأي شخص الوصول إليها إلا بموافقة ال