"Today News": بغداد
النَّاقد / خليل الطيار
لِنعْتَرف مُنْذ البداية، أنَّ الكيَان الغاصب، بِسياسة مَكره، وهيْمنته على مُخْتلف صُنوف وسائِل الإعْلام العالميَّة، التَّقْليديَّة مِنهَا والرَّقْميَّة، وَهِي الصَّانع الأقْوى للبروغانْدا مُعسْكَر الاستكْبار العالميِّ، والْمتحكِّم بِإدارات ومخْرجات أَغلب مَواقِع التَّواصل الاجْتماعيِّ.
لِنعْتَرف وَنقِر وخلال أَكثَر مِن عَقْد مِن الزَّمن، أنَّ هَذِه السِّياسة الخبيثة الماكرة اِسْتطَاع خِطابهَا المصْنع والْمدْروس بِعناية، تَوهِين وَتنمِيط عَقْل المتلقِّي العرَبيِّ ، والْعالميَّ، والتَّلاعب بِصناعة قناعَته، ومصادرة قُدرَة تفْكيره اَلمُجرد، ونجحتْ فِي تَلوِين وتكيُّف آراءه بِالتَّزْييف والْخداع. لِيؤْمن بأنَّ الكيان اللقِيط حَتمِية لََا تَقهَر، وَحالَة وجودِيَّة لََا تُكسِر وعبارة أَزلِية لََا تمحًى. وان أَيَّة مُحاولة لِمواجهته هِي ضرْب مِن الخيَال، وَحُلم بعيد المنَال. وَهذَا مَا جعل (جَحوَش) الإعْلام العرَبيُّ، بِمخْتَلف وَسائِله الرَّسْميَّة، أو تِلْك المموَّلة بِمَالٍ وعقْلٍ وخطابٍ "مَردُوخي" تَسارُع لِتسْوِيق فِكْرَة أنَّ مَا حصل مِن ردٍّ (أي- راني) على الكيَان اَللقِْيط، مَا هُو إِلَّا مَسرحِية أعُدَّ نَصهَا، وَكتَب حِوارهَا، ووزَّعتْ أدْوارهَا بِالتَّوافق بَيْن أطْرافهَا، (الكاتب والْمخْرج)!
كمَا عَملُوا بِقوَّة على مُحَاولَة إِقنَاع اَلجمِيع بِحبْكتهَا الدِّراميَّة. لِتنْتَهي بَعْد عَرْض دام خَمْس ساعات بِإسْدَال السِّتَار وقد أَزَال الممثِّلين (النَّصَّابين) عن مَكْيَاج وُجوهِهم، وتصافحوا خَلْف الكواليس مُتعانقين لِنجاح العرْض!!!
بِهَذه العقْلية السَّاذجة تبنَّت وسوَّقتْ مُعظَم وَسائِل الإعْلام وصفحَات التَّواصل الاجْتماعيّ. وشحنتْ عُقُول بَعْض جَهابِذة التَّحْليل الخرافي، لِيتقيئْوَا هذَا الوهْم والزَّيْف والاعْتقاد، ويتباروْن على سُرعَة نَشرِه وتنْميطه فِي العقْل العرَبي!
نعم قد نُؤْمِن أنَّ مِساحة كَبِيرَة مِن هذَا العقْل اَلجمْعِي، مَصادِره ومحْشوَّة بِالْوَهْم والتُّرَّهات. لَكِن لََا يُمْكِن أن يَصِل إِلى تَقبُّل مُستوى التَّجْهيل والاسْتغْباء والتَّسْفيه، وَبهَذِه الكيْفيَّة والْكمِّيَّة مِن الحقْد والْحقن الطَّائفيّ.
وبمجرد الافْتراض أَنهَا كَانَت مَسرحِية، فقد حَقَّق عَرضها رواجًا مُؤَثرا لِشبَّاك التَّذاكر! بِحَيث تَهافَت على مُشاهدتهَا أَغلَب سُكَّان العالم، جَلسُوا مَسمًرِين على مقاعدهم لِساعَات لِرؤْية حَبكتِها اَلتِي مرَّ أَكثَر مِن خمْسين عامًا ولم يُشاهدوا هَكذَا دِرامَا مَسرحِية فَاعِلة، وبمثْل هذَا اَلنَّص اَلمُؤثر وَبِهذَا النَّوْع مِن الأبْطال، الَّذين ساهموا بِأداء أدْوارهَا بِإتْقَان، بِحَيث اُضطُر مُمثِّل دَوْر "اَلضحِية" دفع مِليًار دُولار ثمن "سِينوغْرافْيَا" إِسقَاط مُفرْقعات المسْرحيَّة العالميَّة!
ومع الاعْتراف بِنجاح تَسوِيق هَذِه القيْح الإعْلاميِّ ، لَكِن وَبكُل مِهْنِية مُكرَه، لَم يَنجَح بِتسْوِيق اِسْم المسْرحيَّة الحقيقيِّ، اَلذِي أَعلَنه أصْحابهَا بِمانشيت عريض وَهُو "الوعْد الصَّادق". وأرادوا اِسْتبْداله بِعنْوَان مَسرحِية "شَاهِد مُشَافِش حَاجَة"متناسين أنَّ هذَا الشَّاهد التاريخي قد خرج لَهُم مِن مَسرحِية "العيًال كَبرَت". إِذ لَم يعودوا صِغارًا مُهمَّشِين تَتَحكَّم بِهم البنْت اللَّقيطة، ويُتْرك لِحكَّام مأْجورين العبث بِمسْتقْبلهَا، وطمْس هُويَّتِهَا الإسْلاميَّة والْعربيَّة، والْمساهمة بِصدِّ المفرْقعات عَنهَا!
كمَا أنَّ هذَا الشَّاهد اَلذِي أَرَاد الإعْلام اَلمُزيف مَنْع نَشْر وإظْهَار حَقائِق اِعْترافاته فَإِن العيَال الَّذين كَبرُوا ، صَارُوا يمْتلكون إِرادة وَصَلابَة قَاهِرة يَستحِيل أشْغالهم بِمفاهيم تطْبيعيَّة يمْضغونهَا بِنكْهة تُبْقيهم مُخدرَين إِلَّا مَا لََا نِهاية. ولَا يَسمَح لَهُم بِالْإفْصاح عن مواقفهم الصَّادقة والصَّريحة.
"وأير-ان" كمَا هُو وَاضِح نَجحَت أن تَكتُب، وَتَمثَّل، وَتَخرَّج، وَتَقدَّم لِلْعالم أَصدَق وأقْوى مَسرحِية، ستبْقى خَالِدة فِي تاريخنَا المعاصر، رَغْم أَنهَا لَم تَعرِض كُل فُصولِهَا، مُكتفيَة بِمشْهد بسيط عِبارة عن جِنرال بُرُوفَة، دَعايَة لِمسْرحيَّتهَا اَلكُبرى، اَلتِي لَن يَطُول رَفْع السِّتَار عَنهَا، وَإذَا مَا حان وَعْد اَلحَق، فلَا يَعُد هُنَاك مُتَّسعًا لِحَجز مَقاعِد لِمشاهدتهَا وشراء تذاكرهَا، لِأنَّ الإنْتاج الضَّخْم لِفصول المسْرحيَّة الأصْليَّة لََا شك سيحقِّق جَائِزة أُوسكَار اَلكُبرى تَضطَر معه عَائلة "رُوتْشيلْد" دَفْع ثمن ذهبيَّتهَا. لِعُْهَار الإعْلام العرَبيِّ نَقُول؛ إِنَّ مَا تَحقَّق فِي مَسرحِية "الوعْد الصَّادق" مِن نَجَاح بَاهِر بِأداء مُمثِّليهَا فِي المنْطقة، ستكْتب عَنْه أَقلَام النُّقَّاد الشُّرفاء، بِلَا تَعابِير طَائفِية مَقِيتَة، وَبلَا توْصيفات رَعْناء. وَسَتفشَل قُبَاله شَبابِيك تَذاكِر من تسويق مَشارِيع أفْلامكم التَّطْبيعيَّة الإباحيَّة!