الرئيسية / العراق والإسلام السياسي (٩) .. نظرية السيستاني في تأسيس الدولة العراقية بعد 2003

العراق والإسلام السياسي (٩) .. نظرية السيستاني في تأسيس الدولة العراقية بعد 2003

"Today News": بغداد 
١٤ آب ٢٠٢٤

يعد المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (1930- ) ( ١) من أشهر المراجع الشيعة تأثيراً ونفوذاً، سواء من قبل مقلديه وأتباعه وأنصاره ومحبيه، أو من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الأجنبية والاقليمية. كما أنه من أكثر المراجع تأثيراً في الدولة العراقية المعاصرة بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 . فمنذ اليوم الأول لسقوط النظام توجهت الأنظار إلى السيستاني لاستلام توجيهاته ونصائحه وفتاواه في كل القضايا السياسية والاجتماعية والأمنية. وبقيت الأمم المتحدة تجد فيه الجهة الأكثر حكمة وحنكة في إدارة الملفات العراقية والمشكلات التي أعقبت سقوط النظام. كما بقي مكتب السيستاني قبلة السياسيين والمسؤولين والزعامات الاجتماعية والعشائرية تناقش معه وتلتزم بما يراه من موقف يخدم المصلحة الوطنية.
ينتمي السيد السيستاني إلى مدرسة يمكن تسميتها ب(الليبرالية الدينية) التي تنتهج الديمقراطية منهجاً لتحقيق غايات الإسلام وأهدافه. فقد سبقه مراجع ومجتهدون اتخذوا من المدرسة الديمقراطية سبيلاً لتحقيق العدالة الاجتماعية واختيار ممثلي الشعب ، وتشكيل برلمان يراقب أداء الحكومة، ويسن التشريعات ، وتدوين دستور دائم. وأن تبقى صناديق الاقتراع هي الخيار في التبدل السلمي للسلطة كل أربع سنوات. إذ يضم التراث الشيعي والمرجعي حركات فقهية ودستورية مثل ثورة الدستور عام 1905 في إيران والتي احتضنتها مرجعية النجف الأشرف. وكذلك ما دونه الشيخ محمد حسين النائيني في كتابه الشهير (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) الذي أصدره عام 1908 ، لكن السيستاني يميل إلى الدولة المدنية التي تحترم الإسلام وعقائده وتعاليمه وشعائره. دولة تسمح لجميع من كل المكونات والطوائف والمذاهب من ممارسة عقائدهم وطقوسهم، وتحترم الحريات والحقوق.
تتمثل نظرية السيستاني كما نعتقد فيما يأتي:

أولاً: عدم تدخل المرجعية بشؤون الدولة
إن مدرسة السيستاني لا تتبنى مبدأ ولاية الفقيه وفق النموذج الإيراني الذي يجعل المرجع على رأس السلطة في الدولة ، ويتحكم بكل شؤونها. بل يجد سماحته أنه معني بالشؤون الدينية وإصدار فتاوى للناس في مختلف شؤون حياتهم اليومية أو ما يسمى في الفقه بالعبادات والمعاملات.  
ففي إجابة لسماحته لصحيفة الواشنطن بوست حول دور المرجع في الحياة، يقول: (( الدور الأساس للمرجع هو تزويد المؤمنين بالفتاوى الشرعية في مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، ولكن هناك مهام أخرى يقوم بها المرجع بحكم مكانته الاجتماعية والدينية ومنها إعانة الفقراء ورعاية المؤسسات والمراكز الدينية)). (٢)
والجواب واضح أن المرجع لا يتدخل في قضايا الدولة وشؤون الحكومة والقضاء والمحاكم ومجلس النواب والبنوك والقوات الأمنية والجامعات والمدارس والمراكز الطبية، ولا بالقوانين التي تنظم شؤون المجتمع والدولة وأجهزتها ومؤسساتها الدستورية. إذ يقول سماحته بصراحة ((المرجعية لا تمارس دوراً في السلطة والحكم)). (٣)

ثانياً: شكل نظام الحكم
انطلاقاً من مدرسته الفقهية ، واحترامه لرأي الشعب في تقرير مصيره بنفسه، فإن السيسد السيستاني لا يحدد شكل نظام الحكم طالما يأتي بناء على رغبة كل أبناء الشعب العراقي بكافة مكوناته.
فهو لا يريد تولي الفقهاء زمام الأمور ولا تأسيس دولة دينية ثيوقراطية يتحكم فيها رجال الدين. فسماحته يؤكد موقفه هذا بوضوح بقوله (( أما تشكيل حكومة دينية على أساس فكرة ولاية الفقيه ليس وارداً)). (٤)
ويؤكد سماحته أن الأحزاب الإسلامية الشيعية لا تدعو إلى تأسيس دولة إسلامية فيقول (( إن القوى السياسية والاجتماعية الرئيسة في العراق لا تدعو إلى قيام حكومة دينية ، بل [تدعو] إلى نظام يحترم الثوابت الدينية للعراقيين)). (٥)
ففي وقت مبكر في عام 2003 أوضح السيد السيستاني رأيه بصدد شكل نظام الحكم الذي ستقوم عليه الدولة العراقية بعد سقوط النظام.
يجيب سماحته على هذا السؤال بقوله : (( شكل العراق الجديد يحدد الشعب العراقي بجميع قومياته ومذاهبه. وآلية ذلك هي الانتخابات الحرة المباشرة)) (٦) فهو لم يذكر أية خيارات مثلاً جمهوري ، رئاسي، برلماني، مختلط وغيرها. كما يذكر مشاركة كل العراقيين على اختلاف قومياتهم وطوائفهم في هذا القرار المصيري للبلد.  
 وفي مكان آخر يحدد سماحته آلية تحديد شكل الحكم بقوله (( شكل نظام الحكم يحدده الشعب العراقي ، وآلية ذلك أن تجرى انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور، ثم يُطرح الدستور الذي يقرّه هذا المجلس على الشعب للتصويت عليه)). (٧)

ثالثاً: طبيعة الحكومة العراقية
في نظرته للحكومة ومهامها وطريقة تشكيلها يرسم السيد السيستاني معالمها حسب ما يأتي:
1-حكومة منبعثة من إرادة الشعب حيث يقول سماحته (( الذي نريده هو أن يفسح المجال لتشكيل حكومة منبعثة من إرادة الشعب العراقي بجميع طوائفه وأعراقه)) (٨) فهي حكومة تمثل جميع المكونات والقوميات والطوائف ، وليست حكومة طائفة واحدة أو قومية معينة مهما كان عددها.
2-حكومة ذات سيادة حيث يؤكد سماحته على أن (( المبدأ هو أن الحكم في العراق يجب أن يكون للعراقيين بلا أي تسلط للأجنبي. والعراقيون هم الذين لهم الحق في اختيار نوع النظام في العراق بلا تدخل للأجانب)) (٩).  من هذا النص يبدي السيد السيستاني حساسية مفرطة من التدخل الأمريكي في الحكومة العراقية. فهو يريد للهوية العراقية أن تترسخ في كل مراحل تأسيس الدولة، ومغادرة الهويات القومية والطائفية.
3-حكومة مستقلة عن الأجنبي فيقول (( العراقيون بجميع طوائفهم ومذاهبهم، من الشيعة وغيرهم، موحدون في المطالبة باحترام ارادتهم في تقرير مصيرهم ورفض أن يخطط الأجنبي لمستقبلهم السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي)) (١٠).

رابعاً: علاقة الدين بالدولة
لما كان السيد السيستاني يمثل رأس المؤسسة الدينية الأكبر والأقوى في العراق، فهو يلزم نفسه بالدفاع عن الإسلام وأحكامه وتعاليمه. وهذا أمر طبيعي وقانون دولي ينطبق على كل الأديان. لكن السيستاني لم يتحدث عن المذهب الشيعي رغم أنه أعلى سلطة في هذا المذهب، لكنه يتحدث باسم الأكثرية المسلمة التي هي العنصر الغالب في الثقافة والمجتمع. يتحدث سماحته عن علاقة الدين بالدولة فيقول (( يفترض بالحكومة التي تنبثق عن إرادة أغلبية الشعب أن تحترم دين الأغلبية ، وتأخذ بقيمه، ولا تخالفه في قراراتها شيئاً من أحكامه)) (١١).
الجدير بالذكر أن هذا الموقف قد تجسد في المادة الثانية من الدستور العراقي التي تنص على:
(( أولاً : الاسـلام دين الدولــة الرسمي، وهـو مصدر أســاس للتشريع :
أ – لار يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام)) .
من جانب آخر يقيّد السيستاني دور رجال الدين في الحياة العامة والدولة . إذ يصرح بوضوح ما يأتي:
1-فهو يمنعهم من تسنم مناصب حكومية تنفيذية أو إدارية فيقول (( لا يصحّ أن يُزجّ برجال الدين في الجوانب الادارية والتنفيذية ، بل ينبغي أن يقتصر دورهم على التوجيه والارشاد والإشراف على اللجان التي تتشكل فدارة أمور المدينة والخدمات العامة للأهالي)) (١٢). وهو بذلك يبتعد كلياً عن النموذج الإيراني التي يشغل رجال الدين مناصب حكومية وقضائية. بالطبع إن القيد أعلاه لا يشمل الترشيح في المؤسسات التشريعية كمجالس المحافظات ومجلس النواب، إضافة إلى مناصب ديوان الوقف وأمناء العتبات المقدسة والمراقد والمزارات والمقامات الدينية وهيئة الحج والعمرة وهي مناصب تنفيذية في مؤسسات دينية وتسير وفق الأحكام الإسلامية.
2-وعندما يُسئل سماحته عن وظيفة طلبة الحوزة ورجال الدين عموماً يؤكد أن وظيفتهم دينية واجتماعية وليست حكومية أو تنفيذية فيقول: إن (( وظيفتهم – في هذا الزمان كسائر الأزمنة -  فيما يتعلق بالمجتمع هي السعي في ترويج الشرع الحنيف ونشر أحكامه وتعليم الجاهلين ونصح المؤمنين ووعظهم وإصلاح ذات بينهم ونحو ذلك، مما يرجع إلى إصلاح دينهم وتكميل نفوسهم ، ولا شأن لهم بالأمور الإدارية ونحوها)) (١٣) .
للأسف لم يلتزم قسم من رجال الدين بهذا التوجيه ، فصاروا يتدخلون بالشؤون السياسية والتنفيذية، بل ويصرحون بالتصويت لهذه الكتلة أو ذلك الحزب أو الامتناع عن التصويت لصالح كيان سياسي معين. كما صار بعض خطباء المنبر الحسيني يتحدثون وينتقدون ويهاجمون شخصيات وأحزاب سياسية أو حكومية لأنها بالضد من قناعتهم الشخصية.
3- أصدر السيستاني توجيهاً منع فيه وكلاءه من استلام أي منصب تنفيذي في الحكومة. كما طلب من ممثله الشيخ عبد المهدي الكربلائي بالانسحاب من مجلس محافظة كربلاء قائلاً بأنه (( لا يرتأي تدخل المرجعية وممثليها في الشؤون الإدارية)) للحكومة والمحافظات. (١٤)
4- يرفض السيستاني الاستعانة بالقوة لمراقبة الأخلاق العامة أو مدى التزام الناس بالتعاليم الإسلامية. فهو يرفض تشكيل أي قوة عسكرية مرتبطة برجال الدين تتولى حماية الحوزة العلمية أو لمراقبة و صيانة الأخلاق. (١٥)
يتضح مما ذكر آنفاً أن السيستاني يجد في الدولة المدنية التي تحترم الإسلام وبقية الأديان والمذاهب ولا تعاديها، وتحترم العقائد والحقوق والحريات لجميع أبناء الشعب العراقي بلا تمييز هي الدولة القادرة على إدارة المجتمع العراقي بتنوعه الديني والقومي والمذهبي. كما أن سماحته لا يمانع في تولي المناصب العليا في الدولة من قبل أي شخص كفوء ونزيه بغض النظر عن انتمائه السياسي والطائفي.

خامساً: تدوين دستور دائم
يُعد الدستور أعلى وثيقة قانونية واجتماعية يجتمع عليها الشعب لتنظيم أمور الدولة وتوزيع الصلاحيات واقرار الحقوق والحريات ، وآلية إدارة الدولة ، والتبادل السلمي للسلطة.
لذلك كان السيد السيستاني ومنذ سقوط النظام في وقت مبكر يؤكد على أهمية تدوين دستور عراقي دائم. إذ كانت بياناته ورسائله بهذا الصدد تؤكد على ما يأتي:
1-أن يكتب الدستور بأيدي عراقية ، ولذلك رفض أي تدخل أجنبي في كتابة الدستور. وأن تكون هذه الأيدي منتخبة من قبل الشعب وليست من قبل أشخاص جاؤا بالتعيين. يقول سماحته مبيناً آلية اختيار أعضاء مجلس كتابة الدستور (( لابد أولاً من إجراء انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي مؤهل للانتخاب من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور ، ثم يجري التصويت العام على الدستور الذي يقرّه هذا المجلس. وعلى المؤمنين كافة المطالبة بتحقيق هذا الأمر المهم ، والمساهمة في انجازه على أحسن وجه)) (١٦).  
وفي أغلب تصريحاته وبياناته أكد السيد السيستاني على ضرورة اختيار المجلس الدستوري من خلال الانتخابات، ويرفض كل صيغة تعيين ومن أية جهة جاء، فيقول (( ضرورة أن يعتمد في كتابة الدستور القادم على آلية الانتخابات دون التعيين، وأنه لا شرعية لأي دستور يُكتب بأيدي أشخاص معينين سواء من قبل سلطة الاحتلال أو أعضاء ما يسمى بمجلس الحكم أو غيرهم )). (١٧)                                                                    
 وفي مكان آخر يبدي السيستاني إصراره على انتخاب المجلس الدستوري رافضاً الحجج المعارضة للانتخاب عندما يتساءل بقوله ((قد تم ترتيب انتخابات المجلس الدستوري في تيمور الشرقية بإشراف الأمم المتحدة – كما أخبرنا بذلك ممثل الأمين العام في زيارته لسماحة السيد- فلماذا لا يمكن ترتيب ذلك في العراق؟!! )). (١٨)
 
2-مبادئ الدستور
إضافة إلى الحقوق والحريات والتعددية السياسية يؤكد السيستاني على أهمية الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية التي يجب إدراجها في الدستور فيقول (( الثوابت الدينية والمبادئ الأخلاقية والقيم الاجتماعية النبيلة للشعب العراقي ينبغي أن أن تكون الركائز الأساس للدستور العراقي القادم، إلى جنب مبدأ الشورى واحترام الأقلية لرأي الأكثرية ونحو ذلك)). (١٩)

سادساً: التعددية والعدالة والمساواة واحترام الرأي الآخر
     يرغب السيد السيستاني في دولة ذات تعددية سياسية ، دولة تحقق العدالة والمساواة بين جميع العراقيين بلا استثناء. ولم يتوقف عند أيديولوجية معينة أو يفترض أن الأحزاب السياسية كلها إسلامية أو شيعية أو مسيحية أو علمانية أو قومية، بل الجميع يشتركون في إدارة البلاد، ويتنافسون من خلال صناديق الانتخابات لتبادل السلطة بشكل سلمي. يتحدث سماحته بلسان جميع العراقيين بقوله (( ومن المؤكد أن العراقيين جميعاً سنة وشيعة وغيرهم حريصون على وحدة بلدهم ، والدفاع عن ثوابته الدينية والوطنية. كما أنهم متفقون على ضرورة التأسيس لنظام جديد يقر مبدأ العدالة والمساواة بين جميع أبناء هذا البلد في جنب مبدأ التعددية واحترام الرأي الآخر)). (٢٠)

سابعاً: الأغلبية والأقلية
في كثير من بيانات وإجابات السيد السيستاني يتحدث عن مفهوم الأغلبية السياسية والأقلية البرلمانية. ورغم رسائله المبكرة للأحزاب السياسية بأهمية تحقيق هذا المبدأ الديمقراطي لكنه لم يجبر الكتل السياسية عليه، بل أراد للدولة الخير والصلاح، لكن العملية السياسية سارت باتجاه آخر نحو التوافقية السياسية والمحاصصة الحزبية والطائفية والقومية، التي عانى منها النظام الديمقراطي الجديد. ففي إجابة له يقول (( الحوار الهادئ بين الأطراف المعنية هو الأسلوب الأمثل لحل الخلافات، واحترام الأقلية لرأي الأكثرية ، وعدم محاولة الأكثرية للسيطرة على التحكم بهم هو الأساس الذي يجب أن يُراعى في العمل السياسي)).(٢١)

السيستاني والأغلبية البرلمانية
يذكر الدكتور عباس الإمامي أنه التقى سماحة السيد السيستاني أثناء رحلته العلاجية في لندن وذلك بتاريخ 12 آب 2004 . وأنه سأله عن تصوراته لمستقبل الوضع السياسي في العراق، فأجاب سماحته: (( أتمنى أن يكون في العراق حزبان كبيران من مختلف مكونات الشعب، ويتنافسان في الانتخابات على أساس البرامج، فالفائز يشكل الحكومة ويبقى الآخر مراقباً للأوضاع ، كما في كثير من البلدان)). (٢٢)  
إن حديث السيد السيستاني يتضمن المحاور الآتية:
1-وجود حزبين كبيرين يتنافسان عبر برامجهما . وقد يكونا ائتلافين يضمان عدة أحزاب وكيانات سياسية تتفق على برنامج انتخابي وحكومي مشترك.
2- يتشكل كلا الحزبين من مختلف المكونات العراقية، أي ليست أحزاباً مذهبية أو قومية ، بل كل منها يضم الشيعة والسنة والكرد وبقية المكونات.
3- الحزب الفائز أي الذي حاز على أغلبية مقاعد مجلس النواب يقوم بتشكيل الحكومة. وهذا استحاق انتخابي وبرلماني للحزب أو الائتلاف الفائز في تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، أي حصوله على (نصف + 1) من المقاعد البرلمانية.  
4- الحزب الآخر يبقى مراقباً أي ضمن المعارضة البرلمانية. وهذا هو الموقع السياسي والنيابي الذي للائتلاف الخاسر أو الذي لديه مقاعد (نصف – 1) .
5- وللتوضيح فقد وردت عبارة (كما في كثير من البلدان) حيث أن السيستاني متابع ومراقب للتجارب البرلمانية المعاصرة ، ويجد فيها مثالاً جيداً تتخذه العملية السياسية في العراقي. ولعل أبرز تجربة لحزبين هي في أمريكا (الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي) ، وفي بريطانيا (حزب المحافظين وحزب العمال) ، وفي إيران (المحافظون والإصلاحيون).  
فهذا هو تصور السيستاني للنظام البرلماني العراقي، حيث يؤكد على تشكيل أغلبية سياسية أي ليست طائفية أو قومية، بل تجتمع الكتل المختلفة ضمن برنامج سياسي مشترك. ويدخل هذا الحزبان أو الائتلافان الانتخابات ، وقد يفوز من كان في المعارضة ويقوم بدوره بتشكيل الحكومة، بينما يذهب الحزب أو الائتلاف الخاسر إلى المعارضة. وهكذا يتناوبان على السلطة والمعارضة ، ويتنافسان على تقديم الأفضل للمواطن لكسب ثقته واسترار تأييده لها.

ويؤكد الحديث السابق في عام 2005 ما ورد في استفتاء تم توجيهه عام 2009 إلى مكتب السيد السيستاني جاء فيه :
(( نسبت بعض وكالات الأنباء إلى مصدر رفيع في مكتب سماحة السيد بأن سماحته يؤكد على ( أن العراق لا يحكم بأغلبية طائفية أو قومية، وانما بأغلبية سياسية – من مختلف مكونات الشعب العراقي – تتشكل عبر صناديق الانتخابات). نريد أن نتحقق من صحة صدور هذا التصريح ، وشكراً )).
الجواب:  ((  بسمه تعالى
   نعم قد تمّ الادلاء بالتصريح المذكور ))
    7 جمادى الآخرة 1430 هــ  الموافق 31 أيار 2009
             (ختم مكتب السيد السيستاني) (٢٣)

إن التصريح أعلاه يؤكد الفكرة التي عرضت آنفاً بأن سماحته:
1-يؤيد مبدأ الأغلبية السياسية وليست طائفية أو قومية.
2-يؤكد أن العراق لا يُحكم بأغلبية طائفية (أي شيعية) ولا قومية (أي عربية) . وهذه نظرة واقعية للمشهد السياسي والمذهبي والديموغرافي في العراق. ولذلك يجب الابتعاد عن النعرات الطائفية والقومية في إدارة البلاد أو في توجيه الناخبين ، بل يبقى البرنامج الانتخابي للأحزاب السياسية هو ميزان تفضيل واقتناع الناخب فيصوت لمن يريده.

الهوامش
١-  آية الله العظمى السيد علي بن محمد باقر بن علي الحسيني السيستاني ولد في 9 ربيع الثاني 1349 هـ ( 4 أيلول 1930 م). وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام. فهو من الذرية الحسينية التي استوطنت أصفهان. واشتهر بلقب السيستاني وهو اللقب الذي حمله جده الأعلى السيد محمد الذي شغل منصب (شيخ الإسلام) في مقاطعة سيستان في عهد السلطان حسين الصفوي. فلما انتقل جده إلى سيستان (شرق إيران) هو وأهله، أطلق لقب السيستاني على أولاده وأحفاده من بعده.
 ولد السيد علي السيستاني في مدينة مشهد عندما هاجر والده السيد محمد باقر إلى هناك لإكمال دراساته في مدرسة الملا محمد باقر السبزواري. ويعتبر والده أحد أعلام الفقه والأصول في النجف الأشرف. سافر إلى سامراء، حيث كان من تلامذة السيد محمد حسن الشيرازي صاحب فتوى التنباك الشهيرة. وتخرج على يدي السيد محمد باقر أعلام كبار أمثال الشيخ محمد رضا آل ياسين والسيد إسماعيل الصدر.
درس السيد السيستاني العلوم الابتدائية، وحضر دروس بحث الخارج في مدينة مشهد. ثم انتقل إلى مدينة قم المقدسة في عهد المرجع السيد حسين البروجردي، حيث حضر دروسه في الفقه والأصول. في عام 1951 انتقل إلى النجف الأشرف حيث حضر دروس أساطين العلم والفقه آنذاك أمثال السيد محسن الحكيم والشيخ حسين الحلي والسيد أبو القاسم الخوئي والسيد محمود الشاهرودي. وحصل على إجازات الاجتهاد من السيد الخوئي والشيخ الحلي والشيخ أغا بزرك الطهراني . تقلد زعامة الحوزة العلمية الإمام الخوئي عام 1992 وبعد وفاة المرجع السيد عبد الأعلى السبزواري  عام ١٩٩٣.
 ٢- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 28 في حديث لصحيفة الواشنطن بوست
٣- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 18
٤- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 43 في حديث لصحيفة آساهي اليابانية بتاريخ 28 جمادى الأولى 1424 هـ الموافق 27 تموز 2003
٥- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 43 في حديث لصحيفة آساهي اليابانية بتاريخ 28 جمادى الأولى 1424 هـ الموافق 27 تموز 2003
٦-  حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 26 في حديث لوكالة رويترز بتاريخ 23 ربيع الثاني الموافق 23 حزيران 2003
٧- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 18 في حديث لوكالة الأسوشييتد برس
٨- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 18
٩- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 10 في حديث لوكالة رويترز
١٠- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 19 في حديث لوكالة الأسوشييتد برس
١١- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 28 في حديث لصحيفة الواشنطن بوست
١٢- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 12
١٣- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 16
١٤- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 77 في حديث لجريدة العراق اليوم بتاريخ 15 رمضان 1424 هــ الموافق 9 تشرين الثاني 2003
١٥- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 45 في حديث لصحيفة نيويورك تايمز في 28 جمادى ألأولى 1424 هـ الموافق 27 تموز 2003
١٦- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 45 في حديث لصحيفة نيويورك تايمز في 28 جمادى ألأولى 1424 هـ الموافق 27 تموز 2003
١٧- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 40 ، في حديث لصحيفة (سان فرانسيسكو) بتاريخ 14  جمادى الأولى 1424 هـــ  الموافق 13 تموز 2003 .
١٨- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 36 في حديث لصحيفة (لوس أنجلوس تايمس) بتاريخ 2 جمادى الأولى 1424 الموافق 1  تموز 2003
١٩- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 51 في حديث لجريدة الزمان العراقية بتاريخ 17 جمادى الثانية 1424 هــ الموافق 15 آب 2003 .
٢٠- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 83 في حديث لشبكة CNN بتاريخ 13 ذي القعدة 1424 هــ الموافق 5 كانون الثاني 2004
٢١- حامد الخفاف (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) / ص 71 في حديث لوكالة الأسوشييتد برس بتاريخ 21 شعبان 1424 هــ الموافق 17 تشرين الثاني 2003
٢٢- عباس الإمامي  (الدور السياسي للمرجعية الدينية في العراق الحديث) الطبعة الثانية، ص 442  
٢٣- لدينا نسخة مصورة من الاستفتاء
14-08-2024, 23:32
عودة