"Today News": بغداد
حمل رسول الإنسانية محمد (صلى الله عليه وآله) رسالة الرحمة إلى العالم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء: 107، برؤيته الواضحة لخير البشرية ومعيشتها وعلاقاتها ومستقبلها.
إنه الوعد الحق والأمل الكبير للسائرين في طريق الصراط المستقيم بالنجاح في الدينا والفوز بالآخرة الجنة.
لقد نجح رسول الله (ص) بتغيير أخلاق الصحراء القاسية والبعيدة عن الحضارة، والغارقة في مستنقع الجاهلية والعدوان والعادات الضالة إلى أخلاق التعاون والمحبة والتضحية والإيثار والعمل الصالح والخير لصالح الإنسانية.
ونقل الرسول حياة الإنسانية من ضيق الدنيا وآلامها واضطهادها ومكرها وتصفياتها للبشر إلى سعة الأرض والسماوات ورحماتها، ومن الجاهلية والتخلف والظلم إلى الوعي والعلم والفضيلة، ومن اضطهاد الانسان والدول والإساءة إليها وتعذيب مجتمعاتها وانتهاك حقوقهم بقسوة وتعذيب وإبادة إلى الرحمة والعدل والكرامة الإنسانية.
عني النبي الكريم بمخاطبة العقل عبر القلب بإعطاء المصداق الأخلاقي الصادق، ولإقناع الإنسان بضرورة تغيير نفسه وإعادة تأهيل أفكاره وسلوكه.
كما أنه انتهج الحوار السلمي والإقناع الحر بالدليل والمنطق والبرهان، واهتم باستخدام أسلوب السلم والسلام واللين في التعامل، وعدم اللجوء إلى القوة والغلظة والعنف إلا في الدفاع عن النفس.
وبالمقابل تكالبت دول الاستكبار، ومن معها بالمضي قدماً بشن الحروب الباردة والساخنة المدمرة، وغيروا بسلوكهم معايير حقوق الانسان والأخلاق وعمل الخيّر إلى بضاعة اقتصادية ومالية واستكبارية وطغيان واحتلال ومكر وإرهاب، وذلك عبر إسنادهم للمعتدي والمجرم والمسيء لتحقيق مصالحهم.
اليوم تقف هذه الدول المستكبرة بصورة أكثر تمردا على قيم العدل والأخلاق والحقوق والحريات والواجبات لترعى، وتدافع عمن يقف معهم بغض النظر عن جرائمه وانتهاكاته القاسية لحقوق الانسان، وحتى جرائم الإبادة الجماعية للأطفال والنساء والشيوخ والشباب، والمرضى وغيرهم.
فقد وصل الاضطهاد والقهر والتدمير إلى أوجه في فلسطين كلها وغزة بشكل أكبر، حيث ومنذ أكثر من سبعين عاما وبشكل قاس ومؤلم تضطهد وتنتهك حرماتها من دون مُعين قادر لإنقاذها!؟
واشتدت الجرائم بشكل أكبر في الأشهر العشرة المريرة الأخيرة على غزة ومدن فلسطينية أخرى، وبدلا من أن تقف دول العالم لمساعدة فلسطين نجد معظمهم ضرباً بقوانين حقوق الانسان واتفاقيات هيئة الأمم المتحدة وقوانين دولهم عرض الحائط من أجل الكيان اللقيط المحتل الذي استخدم كل ما يستطيع من وسائل الشيطان الشريرة من التعذيب والقتل وإهانة المقدسات لإبادة أهل فلسطين وبإسناد من الاستكبار.
إن ما يدعو للاستغراب أكثر من أي وقت مضى، هو وقوف الكثير من الدول العربية والإسلامية مكتوفة الأيدي أمام جرائم الإبادة الجماعية للمحتل المجرم في غزة ومدن فلسطين المحتلة، وكأنما أصبحت الإنسانية المعذبة تفتقر إلى الطاقة الروحية لاستبعاد طغيان المصالح المادية والتسلط والحروب والعدوان عليها.
إننا نجد في ذكرى رحيل منقذ الإنسانية خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله (ص) في 28 صفر عام 11 هجري (حزيران عام 632 ميلادي في المدينة المنورة) أن العالم بحاجة إلى وعي واجباته، والتخلص من الجور والطغيان والظلم والفساد في العالم، وتأهيل البشرية لاحترام الانسان لأخيه الانسان من دون تمييز، وإلغاء مشاريع إذلال الانسان الذي كرمه الله سبحانه، مثل التغيير الجنسي للبشر خلافا لما خلقه الله -عز وجل- من ذكر وأنثى وغيرها من المشاريع المذلة للبشرية، ونبذ الرذيلة والنفاق والكذب والابتزاز والاحتكار، ومحاصرة الشعارات الخادعة والماكرة، وتحريم ومعاقبة الكيل بمكيالين، والتزام التعاون بين الناس والدول على البر والتقوى، ونبذ العنف والشر بأنواعه، والتمتع بالعلم والوعي والأخلاق الحميدة والفضيلة لسعادة البشرية في هذه الدنيا وما بعدها.
وليد الحلي
26 صفر 1446هـ
31-8-2024