الرئيسية / سرقات القرن في العراق تتوالى ومسرحها الجديد "سكك الحديد"

سرقات القرن في العراق تتوالى ومسرحها الجديد "سكك الحديد"

"Today News": م

 لا تلبث فضيحة فساد أن تكشف في العراق حتى تلحق بها أخرى، فبعد "سرقة القرن" وما تلاها من قضية شبكة تنصت محمد جوحي، فجر عضو مجلس النواب ياسر الحسيني قنبلة إعلامية جديدة، وبطلها هذه المرة وزارة النقل، بالشراكة مع نور زهير أبرز المتهمين بقضية سرقة القرن.

وأُعلن عما يعرف بسرقة القرن في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي عام 2022، على خلفية اشتراك تحالف مؤلف من 5 شركات وهمية في سرقة وسحب مبلغ 3 تريليونات و750 مليار دينار عراقي (نحو 2.5 مليار دولار) من الأموال التي أودعتها كبرى شركات النفط في حساباتها الضريبية باستخدام أوراق وشيكات مزيفة.

وتتعلق القضية الجديدة بشبهة فساد في منح عقد إعادة تأهيل خطوط السكك الحديد، حيث كشف النائب الحسيني في تصريحات صحفية تفاصيل العقد الذي "يرهن النفط العراقي مقابل إعادة صيانة شبكات السكك الحديد التي هي بالأصل متهالكة".

وبحسب الحسيني، يتضمن العقد إلزام قانوني للحكومية بتسديد 22 مليار دولار ونصف المليار، متوقعا أن "تنتهي الدورة النيابية وينتهي دور هذه الحكومة وتتم مقاضاة العراق بالمحافل الدولية وتغريمه مبلغ العقد".

وقد أثار رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون الرأي العام بإعلانه اكتشاف هدر للأموال ضمن سرقة القرن في عقد تطوير السكك الحديد بقيمة 18 مليار دولار.

وبيّن حنون، خلال مؤتمر صحافي عقده بمحافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان -في الرابع من الشهر الحالي- أن ملف عقد السكك الحديد سلم إلى القاضي ضياء جعفر المختص بقضايا النزاهة منذ شهرين، دون أي تقدم في الإجراءات التحقيقية.

إعلان

وأضاف أن سكك العراق جرى بيعها بالكامل من خلال قضية سرقة القرن التي لم يتم النظر بها من قبل مجلس القضاء الأعلى والقاضي المخول بملفات النزاهة ضياء جعفر، منذ شهرين، مطالبا السلطات القضائية باستبدال قضاة هيئة النزاهة سنوياً.

الحسيني يرى أن عقد إعادة تأهيل خطوط السكك الحديد لا يقتصر على بيعها وحسب وإنما بيع النفط معها (مواقع التواصل)

ملف خطير

من جهتها، ردت وزارة النقل العراقية على الاتهامات الموجهة إليها على لسان المتحدث باسمها ميثم الصافي الذي نفى وجود هدر للمال العام أو عمليات فساد في وزارته، ضمن ما يسمى سرقة القرن أو غيرها من الصفقات المشبوهة وغير القانونية.

ولمزيد من التفاصيل بشأن العقد وآثاره السياسية والقانونية، تواصلت الجزيرة نت عبر الهاتف مع النائب ياسر الحسيني الذي أكد بدوره المضي بجمع تواقيع لاستجواب وزير النقل رزاق محيبس السعداوي بشأن ملف عقد صيانة وتأهيل السكك الحديدية في العراق.

وقال الحسيني في حديثه للجزيرة نت إن "ملف الفساد المتعلق بتأهيل سكك الحديد يمثل أضعاف سرقة القرن" مبينا أن الملف يرتبط بتعاقد الشركة العامة للسكك الحديدية مع 3 شركات تضامنية، وهي دايو الكورية، والنحالة، والمها لصيانة وتأهيل السكك الحديدية القديمة، وليست سككا كهربائية أو حديثة.



وأوضح أن العقد لا زال قانونيا وملزما للدولة، وأنه، أي العقد، يعتبر من عقود الإذعان للشركات ولم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية وفاعلة لإنهاء الفساد فيه "بعكس ما يصرح به مستشارو رئيس الوزراء بنفي هذا الملف".

وأضاف الحسيني أن العقد لا يقتصر على بيع سكك الحديد وحسب وإنما بيع النفط معها "بالتالي هو ملف خطير وسنعمل على رفد الإعلام بوثائقه وبشكل واضح بما يدحض محاولات نفيه".

إعلان

وشدد على أن القضاء -في حال ذهب إلى فسخ العقد- فإن "العراق سيكون ملزما بدفع قيمة العقد وفوائده والتي تتجاوز 22 مليار ونصف المليار دولار، مما يعني أن هذا الملف بحاجة إلى وقفة جادة ولا نرى أي جدية من الحكومة في مواجهة ملفات فساد كهذه".



عقود رخوة

المحلل السياسي الدكتور محمد حارث المطلبي أكد أن سرقة السكك الحديد تأتي ضمن إطار منح استثمارات بعقود رخوة لا تتضمن حفظ حقوق الدولة ولا برامج محددة للاستثمار والبناء.

وقال المطلبي خلال حديثه للجزيرة نت إن "سرقة السكك الحديد تأتي ضمن الخيمة القانونية التي وفرها ما يعرف بالاستثمار، وهي لا تبتعد كثيرا عن السرقات التي تجري فيما يعرف بالاستثمارات في السكن العمودي والمولات وغيرها من المشاريع التي ظاهرها استثمار وباطنها توزيع موارد الدولة بشكل غير مدروس وبأثمان لا تساوي حقيقتها ثم يتبين لاحقا أن هناك سرقات في هذا المشروع أو ذاك".

واتهم المحلل السياسي هيئة النزاهة بـ"الانتقائية الواضحة في ملاحقة المخالفين او السارقين، حيث تعطي للبعض مرونة في التهرب من تبعات سرقاتهم وقدرة على الإفلات بتلك الأموال" معبرا عن أمله في أن تكون السلطات القضائية أسرع باكتشاف هذه الحالات ورصدها قبل أن تصبح واقع حال يفلت مرتكبوها من قبضة العدالة.

المتهم الأول بسرقة القرن زهير أثناء اعتقاله بمطار بغداد عند محاولته الهرب (الجزيرة)

سرقة القرن الأكبر

من جانبه، فقد أكد الناشط في مجال مكافحة الفساد حسن درباش العامري أن عقد السكك الحديد بالعراق هو سرقة القرن الأكبر من سابقاتها.

وقال العامري خلال حديثه للجزيرة نت إن "ما يحصل في العراق من تفش للكثير من السرقات الكبيرة وغير المسبوقة تتأتى من ضعف الرقابة على المال العام وعدم مطالبة المسؤول بحسابات ختامية، أو ربما بسبب توغل عصابات الجريمة المنظمة".


وأضاف أن سرقة القرن يمكن اعتبارها واقعة كبيرة لم يعهدها العراقيون سابقا، وكانت المعالجات حينها أكثر وقعا من الجريمة نفسها حينما تم إطلاق سراح المتهم بالسرقة وتمكينه من الهرب إلى خارج العراق في سابقة لم يعهدها العراقيون من قبل "ليفاجئنا بإخراج مشاهد تمثيلية عن إصابته بحادث مفتعل للتملص من المحاكمة".

وتابع "ما كان مفاجئا جدا أن المتهم كان مطلوبا بجرائم كبيرة وعديدة أخرى وآخرها بيع السكك الحديد من البصرة حتى بغداد بما يعادل 18 مليار دولار لتكون سرقة قرن أكبر من سابقتها" مستدركا بالقول "وربما هنالك سرقات قرن لم يسلط الضوء عليها بعد".

وأكد العامري أن نور زهير ما زال متحكما بموانئ البصرة ومواقع أخرى رغم هروبه خارج البلد مما يمثل توغلا عميقا من منظومة الفساد بالعراق رغم توجه الحكومة للقضاء عليها، على حد قوله.


8-09-2024, 17:09
عودة