كشف مرصد "العراق الأخضر" المتخصص بشؤون البيئة، يوم السبت، عن الأسباب الكامنة وراء انتشار رائحة الكبريت في سماء العاصمة بغداد بشكل متكرر.
وأوضح المرصد، في تقرير له ، أن هذا التلوث ناجم عن استخدام نفط عالي الكبريت في محطات توليد الكهرباء، كما حذّر من أن هواء بغداد، خاصة خلال الأيام الأخيرة، بات محمّلاً بمواد خطرة تهدد صحة الأطفال وكبار السن.
وبين المرصد أن هناك أكثر من خمس محطات لتوليد الطاقة الكهربائية في العاصمة، أبرزها في مناطق الدورة والزعفرانية، ترافقها مصافٍ لتكرير النفط الخام، موضحا أن هذه المحطات تعمل بطاقة قصوى خلال ساعات الصباح وحتى الظهيرة، ثم تنخفض كفاءتها تدريجياً خلال الليل.
وتابع، أنه ورغم انخفاض النشاط البشري ليلاً، تصبح رائحة الكبريت أكثر وضوحاً، مما يثير قلق السكان بشكل متزايد.
وفي هذا السياق، صرّح الباحث سجاد السوداني، عضو مرصد العراق الأخضر ، بأن "وزارة الكهرباء تعتمد على نفط عالي الكبريت لتوليد الطاقة الكهربائية، خصوصاً في محطة كهرباء الدورة"، مضيفاً أن "المحطة تم إنشاؤها عام 1965 ولم تخضع لأي تحديثات تُذكر حتى اليوم".
وأشار السوداني إلى أن "وزارة الكهرباء تلجأ لاستخدام النفط عالي الكبريت كلما ارتفعت أسعار النفط منخفض الكبريت، كما هو الحال حالياً"، وهو ما يساهم في زيادة الانبعاثات الضارة في الجو.
كما لفت السوداني إلى أن "وجود 750 معمل طابوق في ضواحي بغداد تستخدم نفس الوقود الملوث يزيد من تفاقم الوضع البيئي، مما يعكس تهاوناً واضحاً في الالتزام ببرامج حماية البيئة التي أُعلن عنها في البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
من جانبه، أوضح حسام صبحي، المتخصص برصد التلوث عبر الأقمار الصناعية، أن "هواء بغداد شهد يوم أمس ارتفاعاً حاداً في مستويات ثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروز، والجسيمات الدقيقة، حيث وصل مؤشر جودة الهواء إلى 515 ميكروغرام/متر مكعب ليلاً، وهو مستوى غير مسبوق وخطير للغاية".
وبيّن صبحي أن "هذه المعدلات المرتفعة تشكّل خطراً شديداً على صحة سكان بغداد، لا سيما الأطفال، كبار السن، ومرضى الجهاز التنفسي"، مؤكداً أن هذه الظروف تتطلب تدابير صحية صارمة للحد من التعرض لهذه الملوثات.
وأمس الجمعة، عادت رائحة الكبريت الكريهة والسماء الضبابية لتسيطر على أجواء بغداد، حيث اشتكى السكان من انتشار دخان كثيف يغطي المدينة منذ أيام.
كما غطى الدخان مناطق شمال بغداد وصولًا إلى محافظة ديالى وعند حدود اقليم كوردستان، دون معرفة المصدر، مما دفع المواطنين للمطالبة بحلول عاجلة لتجنب الأمراض الخطيرة الناتجة عن هذا التلوث.
تحذيرات صحية من موقع IQAir
وفقاً للبيانات الصادرة عن موقع IQAir المتخصص في مراقبة جودة الهواء، وصلت معدلات التلوث في بغداد إلى تصنيف "خطير" (Hazardous)، وهو أعلى مستوى تحذيري. يشير هذا التصنيف إلى أن أي نشاط خارجي في ظل هذه الظروف يمثل تهديداً مباشراً للصحة.
وشدد التقرير على أن "التلوث بهذا المستوى يستوجب إجراءات وقائية صارمة، خاصة فيما يتعلق بحماية الفئات الهشة مثل كبار السن والأطفال، الذين قد يعانون من مضاعفات خطيرة نتيجة التعرض لهذه الملوثات".
خاتمة وتوصيات
تدعو هذه المؤشرات المقلقة إلى ضرورة مراجعة السياسات البيئية التي تتبعها وزارة الكهرباء، والتزام المعامل والمصانع بمعايير أكثر صرامة في استخدام الوقود. كما يُوصي مرصد العراق الأخضر بالتحول إلى مصادر طاقة أنظف، وتقليل الاعتماد على الوقود عالي الكبريت، حمايةً لصحة السكان وتحقيقاً لأهداف البرنامج الحكومي.