"Today News":
قرر متظاهرو محافظة ذي قار تعليق اعتصامهم الذي كان مقررا يوم أمس الثلاثاء، بعد تدخل شيوخ المحافظة وأعيانها وأطراف سياسية أخرى للتهدئة مقابل ضمانات بوقف المداهمات والاعتقالات التي تنفذها الجهات الأمنية ضد ناشطي التظاهرات. والأسبوع الماضي، نفذ الأمن في المحافظة مداهمات لمنازل ناشطين في التظاهرات الشعبية، واعتقل عددا منهم، ما أثار موجة غضب شعبي، سيما وأن المداهمات والاعتقالات وصفت بأنها تعسفية، تستهدف الناشطين المدنيين المعارضين للأحزاب والفصائل المسلحة بالمحافظة.
وأكدت قيادة شرطة المحافظة حينها أن الاعتقالات جاءت بحسب مذكرات اعتقال قضائية صادرة من المحاكم المختصة، وأنها لم تكن عشوائية، ولم تستهدف أشخاصاً غير مطلوبين للقضاء. وتسببت موجة الاعتقال تلك، بحالة غضب شعبي وخرجت تظاهرات شعبية سجلتها المحافظة الجمعة الماضية وقبلها بأيام رفضا لعمليات المداهمة واعتقال الناشطين، وشهدت التظاهرات وقوع جرحى من المتظاهرين وعناصر الأمن، وسط حالة من الارتباك الأمني، وقد أمهل المتظاهرون يوم السبت الماضي الحكومة المركزية 48 ساعة فقط لتنفيذ مطالبهم المتمثلة بالإفراج عن المعتقلين وإقالة قائد شرطة المحافظة وإصدار عفو خاص عن الدعاوى الكيدية التي تلاحق المتظاهرين، ولوحوا بتنظيم اعتصام مفتوح في ميدان التظاهرات بساحة الحبوبي وسط الناصرية.
وتدخل شيوخ وأعيان عشائر المحافظة وتعهدوا للمتظاهرين بحل ملف الاعتقالات، بموازاة تحرك برلماني أيضا لمعالجة الملف بطرق سلمية، دفعت باتجاه تعليق الاعتصام. وأسفرت حملات الاعتقال التي نفذتها القوات الأمنية في المحافظة، عن "اعتقال 77 ناشطا"، وفقا لما أعلنه مدير المفوضية العليا لحقوق الإنسان في المحافظة، داخل عبد الحسين، الذي قال إن "هذا العدد تم تقسيمه بين 17 معتقلاً من متظاهري تشرين في العام 2019، في حين تم اعتقال 60 متظاهراً خلال احتجاجات 2024".
وأضاف، في تصريح صحافي ، أن "الجهاز القضائي والادعاء العام أطلق الثلاثاء سراح 22 معتقلاً حدثاً من متظاهري 2024 بكفالة مالية، فيما أبقى على 38 آخرين قيد التحقيق"، مبينا "بالنسبة لمتظاهري العام 2019 فيوجد لدى السلطات الأمنية في ذي قار ثلاثة معتقلين فقط، أما الـ 14 معتقلاً الآخرين فتم ترحيلهم إلى العاصمة بغداد لإكمال إجراءات التحقيق معهم". وأشار الى أن "مكتب المفوضية يتابع بشكل مستمر قضايا المتظاهرين في المحافظة مع الجهات الحكومية المختصة".
من جهته، قال الناشط البارز في تظاهرات الناصرية، إحسان أبو كوثر، في تصريحات نقلتها عنه محطات إخبارية محلية، إنه "احتراما وتقديرا لشيوخ ذي قار، تم تأجيل الاعتصام إلى إشعار آخر، لمنح فرصة إلى شيوخ العشائر لحلحلة الأمر وإعطائهم مساحة للتحرك وننتظر الرد". وأكد أن "شيوخ العشائر تعهدوا بالعمل على إطلاق سراح المعتقلين بتهم كيدية من متظاهري العام 2019، خلال الفترة المقبلة، لكن دون سقف زمني محدد"، مبينا أن "معظم معتقلي التظاهرات الحالية هم من طلبة المدارس، ويجب على السلطات الأمنية إطلاق سراحهم، لأنهم لم يرتكبوا أي جريمة".
وعن فحوى صدور أمر القبض بحقه، قال أبو كوثر "لا أعرف ما هي التهمة الموجهة لي، لكني مستعد لتسليم نفسي إلى السلطات الأمنية والقضائية، لو كانت هناك ضمانات حقيقية بمحاكمة قضائية عادلة". وكان النائب عن محافظة ذي قار، داود العيدان، قد أكد قبل يومين وجود تحرك برلماني أيضا لاحتواء الأزمة في المحافظة. وقال في تصريحات صحافية، إن الأوضاع في محافظة ذي قار تعكس قمعا واضحا للمتظاهرين، وقد تم تشكيل لجنة خاصة لتشخيص المشكلات القائمة، محملا الحكومة المركزية المسؤولية الكاملة عن سلامة المعتقلين والحفاظ على أرواحهم، ومعالجة الوضع بطرق سلمية تجنبًا لمزيد من التصعيد. وتتصدر محافظة ذي قار، الحراك الشعبي الاحتجاجي في العراق منذ عام 2019، حيث كان لها الدور البارز في التظاهرات التي أفضت الى إقالة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي.