الرئيسية / الايمان بالعمق التاريخي للفرد العراقي

الايمان بالعمق التاريخي للفرد العراقي

"Today News": بغداد 
 مما يؤسف له  إنَّ الاغلبية لا تتغزل ببعمقها التاريخي  في هذه الامة ، وارى  تغييباً لهذا الأمر وكأن هناك انفصاماً بين الواقع  وذلك التاريخ.
وهنا لا أدع الى إحياء الامة العراقية بطريقة عنصرية  أو اُحاول أن أجمع العناصر لتغليب الفرد العراقي على الاخرين .
إنَّ إحياء الوطنية لاتعني إلغاء الانتماءات الاخرى ، بل هي في طولها ولامقاطعة لها .

فأنا  أعيش وانتمي الى بلد عمقه التاريخي يعود الى أول انسان نزل على الارض ، والى أول حضارة  بُنيت  كانت هنا في العراق ، وهو ما يدعوني إلى تعزيز ذلك .
ومن المفارقات العجيبة أن كل دول العالم شعوبها  وحكوماتها تحتفي بتاريخها البعيد ،وتحتفي كذلك بتأسيس دولتهم ، ولكني أرى اختفاء هذا الامر عراقياً ، وبعض الدول تحاول أن تجعل لها تاريخاً وإن كان عمر دولتها لايتجاوز قرناً من الزمن .
ويبدو أن أمر إحياء التراث العراقي بات من المنكرات منذ تأسيس الجمهورية العراقية مع إنَّ النظام الوطني يعتمد بالدرجة الاساس على تاريخ الفرد وانتمائه لتعزز هويته الوطنية !.ليجعل منه تاريخاً للامة ،لكنني لم أقرأ أو التمس ذلك  .
والغريب ان العراق الجديد جيء بملك له من الجزيرة العربية وقصة مجيئه وتنصيبه ملكاً معروفة  وان كانت تروى بطرق مختلفة ،وتبقى رواية المس بيل هي الغالبة أو هي الرواية الرسمية الاكثر شيوعاً ، وهي موثقة بغياب الروايات الاخرى التي لم تجد طريقاً للتوثيق ،!.
ولازلت أتساءل وأُفكر بصوت عالي وأكتب عن هذا الامر ،  أين نحن من هذا الانتماء وهذا العمق التاريخي !!؟.
لأنَّ التجاهل شبه التام  يجعلك في حيرة  ،فلو كنا قبائل غازية وطارئين على هذا البلد لقمنا بلعن تاريخه وتغييبه بشكل تام ، كما تحاول الصهيونية العالمية طمس تاريخ فلسطين بشكل كامل .
و نحن لسنا كذلك ، فمعظم العراقيين لهم تاريخهم في هذا البلد ، وبعضهم تنتمي  العائلة التي  ينتسب إليها الى عشائر استوطنت في هذه الارض منذ الالاف السنين .

والانسان السوي والمجتمعات السوية بشخصيتها السوية التي تكون وحدة واحدة  عند درستها هي من تحيي تاريخها وتبحث عن المواطن الايجابية لتستلهم منه نهضتها في الحاضر ، بل وتناقش سلييات والمواطن التي شكلت خللا ونكسة في وجودها ، وسلوكها ،ومثلت انعطافة  تاريخية في مسارها  ، أو تعرضت لغزو أو هجوم بربري أراد اقتلاع جذورها ، لتعتبر  وتتعظ من هذه المقاطع الزمنية من تاريخها .
 اننا ندرس التاريخ كمادة من المواد في المراحل الدراسية حتى نفترق في التصنيف المعروف علمي وأدبي ومهني (صناعة ، زراعة والى اخره) ندرسه كموضوع يقرأه الطالب ليمتحن في أخر السنة ويحصل على الدرجة التي تسمح له بالانتقال الى مرحلة متقدمة ، فيتعاطى الطالب مع التاريخ بطريقة ميكانيكية  ما ان تنتهي السنة الدراسة حتى طلق موادها ،  وهذا برأي هو قتل للتاريخ  الوطني ومحو للذاكرة بطريقة  عفوية .
ولو شاءت الاقدار وكنت مسؤولا عن المناهج التربوية لجعلت من مادة التاريخ العراقي  لادرساً في مادة التاريخ فحسب بل درساً من دروس الوطنية  واما الاختبار وماشابه ذلك فلا يعنيني هنا ، بل اريد للتاريخ أن ينفذ في أعماق الطالب ،فرغم جفاف المادة من ناحية الحفظ للارقام والتواريخ   فيمكن زرعها في وعي الطالب بطريقة أُخرى  ، وما يهمني هو حصوله على هذه المعلومات  ولا حاجة للاختبار فيها فهي مرتبطة بالتواريخ والاسماء التي تكون  مشتركة ،و هو مايجعل من هذه المادة صعبةً أو غير مستساغة ويتجنبها الطالب  .
إنَّ إعادة صياغة العلاقة بين التاريخ وبين المواطن هو احد طرق نهضة هذا المجتمع وأي تغييب لذلك هو تحريف لذاكرة المجتمع  الذي سيفقد عاملا مهماً في تركيبته وقد لا يستطيع معرفة بنيته بشكل صحيح ، كما هو الطفل الذي لا يقدر مدى خطورة العبث بعينية فيؤذيها وقد يؤدي هذا العبث الى فقدان أحدهما !!!.
وللحديث بقية ..

30-10-2024, 16:39
عودة