"Today News": بغداد
يقلقنا هذا التساؤل عن الذات منذ أن نعي وجودنا ، بعضنا يجعله منهجاً يسير فيه فتراه يعيش قلق المعرفة وقلق الايمان ويسعى للتكامل ، وهذا يتطلب أن يوطن نفسه على مواجهة الصعاب في بيئته المحيطة به ، وإن استسلم للاخرين يدخل في مرحلة الركود الفكري ، وتنطفي جذوة التغيير فيه ،بعضنا يسمي هذا استقراراً ونضجاً ، ولكنه نوع من التراخي والاستسلام العقلي ،فمرحلة التكامل الانساني لا ينبغي لها أن تتوقف { إنك كادح الى ربك كدحا فملاقيه } .
هذا الوعي بالوجود والتغيير له مراحل من خلال الاسئلة التي ذكرها الفلاسفة او الحكماء وهي من أنا؟ وأين أنا؟ وإلى أين ؟
و لابد أن تكون الاجابات عن هذه الاسئلة من خلال مدخلات صحيحة نبعد فيها الهوى ونبعد فيها الاستسلام العقلي لمن حولنا وهي مرحلة دقيقة وفاصلة فقد يأخذني الهوى الى ما لايحمد عقباه ، ونعيش نوعاً من الغرور المؤدي الى السقوط بعد التمرد الفارغ ، او نبدأ بالتزكية النفسية من خلال ما تستقبله مدركاتنا الواعية فتكون عقولنا سليمة ، ومطمئنة بقدرها ،و وجودها فتسير بخطى ثابتة نحو الصلاح والاصلاح ..
قد يدفعنا الوعي بالذات الى الانعزال وهنا يجب أنْ نفرق بين الاعتزال وبين الانعزال ، فلا ينبغي لنا الانعزال الناس لاننا جزء منهم ، ولكننا نستطيع الاعتزال { واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا} .
والوعي بالذات والتغيير هو اول الصلاح ولكن الصلاح يجب أن يكون طريقاً للاصلاح ، فنحن قد نكون صالحين وهذا امر حسن وقد نرى رضا الاخرين من حولنا ولكنه ليس كافياً، لأنَّ الله امرنا او لنقل أثنى على المصلحين الذين يتحول وعيهم بوجودهم الى عمل مترجم في الواقع ابتداءً من الاسرة الحلقة الاصغر في المجتمع وانطلاقا الى فضاء اكبر في البيئة التي يحيى فيها مع أُسرته .
ألم نلتفت الى ان الله لم يخاطب الفرد في قضية التغيير بل خاطب الأُمة ،فالتغيير الذي لا يحدث أثراً في الاخرين هو تغيير موضعي إنْجاز التعبير يخص الفرد فقط ولكنه لايصل الى مستوى التغيير الاجتماعي الذي أشارت له الاية المباركة ،فالوعي بالذات والتغيير قد يجعلنا صالحين لكن ذلك لا يكفي إنْ لم نتحول الى مصلحين .