# وتستمر 7 الانتصارات
ويقول تقرير لصحيفة الغارديان ، إنه بعد أن حكم البلاد 24 عاماً بقبضة حديدية، إنهار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ارتكب عمليات قتل وتعذيب مروعة بحق مئات الآلاف من المحتجين، انهار أخيراً، تاركاً السوريين أمام واقع جديد وبلد مختلف.
قبل شهر فقط وبينما كان العالم العربي يتسابق لإعادة العلاقات مع النظام، وأثناء اجتماع في بيروت، عبّر دبلوماسي غربي رفيع عن إحباطه، متسائلاً: "متى سترفع العقوبات الدولية عن الأسد؟ ويبدو أن القمع الوحشي بحسبهِ وقتل وتعذيب مئات الآلاف قد نجح في سحق معارضيه، وآن الأوان للاعتراف بذلك ومواجهة الحقائق، لقد انتصر في الحرب".
بينما كان الدبلوماسيون في بيروت يتحدثون، كانت فصائل المعارضة السورية تخطط لتحرك حاسم، قبل عام، أرسلت شخصيات من جماعة هيئة تحرير الشام المعارضة في شمال غرب سوريا رسالة عناصرها : "استعدوا".
في 29 تشرين الثاني الماضي، تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على عدد من البلدات الواقعة على مشارف مدينة حلب في شمال غرب البلاد، كانت هذه أول انتصارات المعارضة على نظام الأسد منذ خمس سنوات.
من دمشق، تابع محمد سعيد المواطن السوري سائق حافلة صغيرة، الأحداث عن كثب.
وقال في حديثه للغارديان ، من اللحظة الأولى التي سيطرت فيها هيئة تحرير الشام على تلك البلدات، كنت أعلم ماذا سيحدث".
وأضاف أثناء قيادته عبر نقاط تفتيش مهجورة متفادياً الدبابات المتروكة على الطريق السريع المؤدي إلى دمشق: "يبدو أن النظام سيسقط".
لكن المقاتلين المعارضين على الخطوط الأمامية لم يكونوا بنفس القدر من اليقين.
قال أبو بلال، أحد المقاتلين الذين قاتلوا إلى جانب فصائل المعارصة في شمال غرب سوريا: إن "خط الدفاع الأول قاتل بشراسة، لكن وبمجرد اختراقه انهار الجيش "وهرب ببساطة".
التقدم السريع لمسلحي المعارضة قوبل في البداية بصمت من دمشق، ثم صرحت وزارة الدفاع أن الانسحاب كان تكتيكياً بهدف تجنيب المدنيين الخطر، وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الفيديوهات التي أظهرت مسلحي المعارضة يدخلون مدناً كانت خاضعة لسيطرة الحكومة سابقاً هي مجرد عروض تمثيلية، حيث دخلوا المدن، وطلبوا من السكان التقاط بعض الصور ثم انسحبوا بحسب تقرير الغارديان.
لكن مدينة تلو الأخرى، سقطت بأيدي المعارضة. أولاً، دخلوا حلب، التي استغرق النظام السوري أربع سنوات لاستعادتها من سيطرة المعارضة عام 2016. ثم، بعد أربعة أيام، سيطروا على حماة، المدينة التي شهدت في عام 1982 انتفاضة قمعها حافظ الأسد، والد بشار، وأسفرت عن مقتل 40 ألف شخص، وأخيراً، استعدوا لمعركة حمص، التي كان من المفترض أن تكون معركة النظام الأخيرة، ولكن المعارضين سيطروا على المدينة خلال ساعات.
قال أبو حمزة، قائد غرفة عمليات تحرير دمشق في المعارضة السورية "كان من المفترض أن ينتظر رجالنا حتى تسقط حمص قبل أن يبدأوا المعركة، لكن بمجرد أن رأوا المقاتلين يقتربون من المدينة، لم أستطع السيطرة عليهم بعد الآن، فالجميع حمل السلاح".
غرفة العمليات جمعت قادة 25 فصيلاً معارضاً عبر ثلاث محافظات جنوبية، تأسست قبل عام بمساعدة هيئة تحرير الشام، ووفرت نوعاً من التنسيق بين الفصائل المختلفة في جنوب سوريا، كان قادة الفصائل يتواصلون عبر مجموعة واتساب ثم ينقلون التعليمات إلى جنودهم على أساس الحاجة إلى المعرفة فقط.
كان من المفترض أن ينتظر مسلحو المعارضة بحسب التقرير في الجنوب حتى يسيطر نظرائهم في الشمال على حمص، ليتمكن الجانبان من الاقتراب من دمشق في وقت واحد، لكن بدافع الحماسة، خرقوا التوقيت المتفق عليه، وأصدرت المجموعات المعارضة بيانات تحث فيه الجنود السوريين على إلقاء أسلحتهم والانشقاق، مع نشر رقم هاتف للاتصال.
قال أبو حمزة: "تلقيت 5000 مكالمة مساء السبت من جنود أرادوا الاستسلام. كثير منهم قالوا إن عائلاتهم حثتهم على ذلك".
سرعان ما بدأ مسلحو المعارضة بالزحف نحو دمشق، لم يصدر أي بيان من بشار الأسد، وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الرسمية أكدت أنه كان يعمل بجد في مكتبه، إلا أنه لم يظهر منذ أيام، وتُرك الجنود بلا قيادة.
ويقول زياد وسوف، وهو لواء في الجيش السوري للغارديان والذي كان متمركزاً في النبك، في ريف دمشق، ليلة السبت: "كنت الوحيد الذي بقي في ثكنتي، الجميع غادر".
بقي وسوف في موقعه حتى الساعة الثانية صباحاً عندما أخبره مجموعة من المارة أن الأسد غادر البلاد، وعلى اثر ذلك اضطر وسوف، الذي خدم في الجيش لمدة 37 عاماً، خلع زيه العسكري وغادر موقعه.
ويضيف "سرت ثلاث ساعات حتى وصلت إلى دمشق. طوال الطريق، كل ما شعرت به كان خيبة الأمل، لو كان قد قال شيئاً، لو أعلن عن نقل السلطة – لكان ذلك مختلفاً، لكنه فقط رحل."
في دمشق، لم تكن هناك خيبة أمل بالنسبة للمعارضة، اقتحم مسلحوها قناة التلفزيون الحكومية عند الفجر، وقرؤوا من ورقة، معلنين أن حكم آل حافظ وبشار الأسد الذي دام 54 عاماً قد انتهى، ثم رفعوا علم المعارضة السوري، الذي يحمل النجوم الثلاثة، ليحل محل علم الأسد الذي كان خلفية للبث التلفزيوني الليلي لمدة نصف قرن.
استفاق السوريون على بلد جديد وواقع جديد صباح الأحد. "كأننا نعيش في حلم" – كانت هذه العبارة تُكرر مراراً وتكراراً من قبل سكان العاصمة، في ساحة الأمويين في وسط دمشق، بدأت الحشود تتجمع، وهم يهتفون ويرتفعون بعلم المعارضة، رفع مسلحوها بنادقهم، وأطلقوا النار في دوي مدوٍ استمر لأيام وترك دمشق ملطخة بعلب الرصاص.
لقد تحطمت مملكة الصمت، بدأت صور بشار الأسد وهو يرتدي "السبيدو" في الجاكوزي، مُظهراً عضلاته الضعيفة، في الانتشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي السورية بعد أن عثر مسلحو المعارضة عليها مخبأة في العديد من القصور التي تُركت مهجورة – وهي صورة بعيدة كل البعد عن تلك الجادة التي كان يظهر فيها بزيه العسكري وهو يحدق من اللوحات الإعلانات المنتشرة في البلاد.
وفي تقرير ثانٍ نشرته وكالة رويترز ، تسرد تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل هروب الأسد.
يقول التقرير إنه مع سقوط دمشق، فر الأسد على متن طائرة أطفئ جهاز الإرسال الخاص بها لتجنب الكشف، توجه إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية قبل أن يكمل رحلته إلى موسكو، حيث كانت زوجته وأطفاله الثلاثة بانتظاره بالفعل، وفقا لتقرير من "رويترز" نقلا عن مصادر قريبة من العائلة.
في الأيام التي سبقت هروبه، طلب الأسد دعما من حلفائه، روسيا وإيران (بحسب رويترز)، لكنه تلقى استجابة محدودة، قبل أسبوع، وتحديدا في 28 تشرين الثاني، توجه الأسد إلى موسكو للتوسل من أجل تدخل عسكري بينما كانت المعارضة تحققق تقدما.
لكن طلباته قوبلت بالرفض، وفقا لمصادر رويترز، حيث ركز الكرملين على أولوياته في أوكرانيا.
قبل فرار الأسد، قال لقادته العسكريين إن "الدعم العسكري الروسي في الطريق، لكنه كان يكذب عليهم، لأن الرسالة التي تلقاها من موسكو كانت سلبية.
يقول أحد القادة الذين حضروا الاجتماع أن الأسد كان زعيمًا يظهر الثقة بينما كان يدبر هروبه إلى موسكو في السر.
في تلك الليلة، أخبر الأسد مدير مكتبه أنه سيعود إلى منزله بعد العمل. بدلاً من ذلك، توجه إلى المطار. خدع مستشارته الإعلامية بثينة شعبان، وطلب منها إعداد خطاب في مقر إقامته. وعندما وصلت، اكتشفت أن المنزل كان فارغًا، وفقًا لما كشفه أحد مساعديه.
فر الرئيس السوري بشار الأسد من بلاده تحت جنح الظلام ، ليضع حدًا لحكمه الذي استمر 24 عامًا، وكان هروبه، الذي أحاطته السرية، قد ترك حتى المقربين منه وأفراد أسرته في حالة من الجهل بما يحدث، وفقًا لتقرير وكالة رويترز الذي استند إلى مقابلات مع 14 شخصًا على دراية بالأيام الأخيرة من حكمه.