"Today News": بغداد
١٢ كانون الثاني ٢٠٢٥
جعفر الخليلي (١٩٠٤- ١٩٨٥) موسوعي وأديب ومؤرخ وصحفي ، واشتهر بالأدب والشعر والقصة القصيرة والنقد والتاريخ. من أهم مؤلفاته (موسوعة العتبات المقدسة) حيث يؤرخ لعمارتها وتطورها ، وكتاب (هكذا عرفتهم) الذي يتناول سير عدد من الشخصيات الأدبية والدينية والسياسية والفكرية والثقافية.
الاسرة والنشأة
أسرة الخليلي من العائلات العلمية والثقافية والطبية منذ قرابة قرنين من الزمن منذ أواسط القرن الثالث عشر. وقد اكتسب أسرة الخليلي لقبها نسبة لاسم جدها الأعلى الخليل بن علي بن إبراهيم بن محمد علي (١٧٦٦- ١٨٦٤) الذي ولد في بلاد الري بايران ، وسكن في محلة العمارة بالنجف الأشرف. وكان والده المولى إبراهيم من طلاب العلم ، فسار على خطى والده في طلب العلم. ومارس الخليل مهنة الطب. ونظم قصيدة من ألف بيت في الطب لخص فيها أركان الطب الإسلامي تشخيصاً وعلاجاً ، وما يتصف الطبي به من أخلاق.
أعقب الخليل خمسة أولاد: اثنان عالمان مرجعان هما الميرزا علي الخليلي (١٢٢٦- ١٢٩٧ هـ) والمرزا حسين الخليلي (١٢٣٠-١٣٢٦ هـ)، وثلاثة من أشهر أطباء النجف : المرزا حسن والمرزا باقر والمرزا محمد الذي توفي مبكراً. عُرف عدد غير قليل من رجال الأُسرة بلقب مرزا أو ميرزا وهو “اسم ولقب نبالة استخدم في بلاد فارس والدولة العثمانية وهو مشتق من كلمة أمير. كذلك يُعطى هذا اللقب لمن يصل نسبه للرسول محمد (ص) في الدول العربية من جهة الأم فقط”.
ويتمتع غالبية أبناء الأسرة بالإضافة إلى تميزهم في مجالات الحياة المختلفة، بالفكاهة وحضور النكتة وسرعة البديهة وحب الشعر بل ونظمه. وقد تعددت مواطن الأسرة وهاجر بعض أبنائها من النجف إلى عدد من المدن العراقية الأُخرى ومنها: بغداد، الكاظمية، الحلة، الهندية، المحمودية، السماوة والكوفة. “اقتصرت على ذكر بعض الشخصيات توخياً للاختصار
سار على نهج الخليل الكبير، أولاده الثلاثة المرزا حسن بن الخليل الخليلي (١٢٣٨-١٣٠٨ هـ) والمرزا باقر (١٢٤٧- ١٣٣٢ عـ) والمرزا محمد الخليلي (. توفي الأخير مبكراً ولكن إخوته خلَّفوا أجيالا من الأطباء خدموا العراق بطبهم العربي الإسلامي، وتبعهم عدد كبير من أطباء الجيل الحاضر كي يحافظوا على تراث الأسرة الطبي العراقي.
وبلغ عدد الأطباء القدامى تسعة عشر طبيباً وهم: الخليل أبو الأسرة وأولاده الثلاثة باقر وحسن ومحمد وأولادهم وأحفادهم. وخلف باقر خمسة من الأولاد والأحفاد الأطباء: خليل، صادق، خليل، محمد وكاظم. وخلف حسن ثمانية من الأولاد والأحفاد وهم: محسن، مهدي، رضا، حسن، صالح (والدي)، عبد الحسين، محمود، جعفر وصادق. أما من نسل المولى علي فكان أسد (والد جعفر الخليلي) واسماعيل.
آل الخليلي والثقافة
هناك عدد من آل الخليلي الذين برزوا في ميدان الثقافة والعلوم وأولهم الأستاذ جعفر الخليلي وأخيه عباس الخليلي ولدي الشيخ أسد. كان الأستاذ جعفر الخليلي (1904-1985م) رائداً للقصة العراقية وعميداً من عمداء الصحافة في العراق. أما شقيقه الأكبر الأستاذ عباس الخليلي فهو الدبلوماسي والأديب والصحافي والشاعر. ألف ما يزيد على العشر مؤلفات منها ديوان شعر، وكان يعشق الشعر النجدي البدوي وله في ذلك الميدان قصائد نشرت في مجلة المقتطف المصرية في عشرينيات القرن الماضي . وذكر الدكتور إبراهيم الوائلي أن عباس الخليلي كان أول شاعر أورد ذكر فلسطين في شعره بعد وعد بلفور.
ساهم المرزا محمد صادق الخليلي الطبيب والشاعر والأديب بتأليف عدد من الكتب بلغت الاثنا عشر كتابا منها كتاب معجم أدباء الأطباء بجزأين، وديوان شعر. ومن الشخصيات البارزة الأخرى في ميدان التأليف القاضي جواد جعفر الخليلي الذي ألف عشرات الكتب منها دواوين شعر. أما الأستاذ عبد الغني حميد الخليلي فله السبق في ميدان الأدب الرقيق والشعر العاطفي وكان راوية محمد مهدي الجواهري. وألف القاضي باقر خليل صادق عدة مؤلفات في ميدان القانون والقضاء. لم يقتصر النتاج الأدبي للعائلة على التأليف بل امتد إلى الترجمة وكان الرائد في ذلك جعفر صادق الخليلي الذي ترجم أمهات الكتب منفرداً أو بمشاركة الدكتور عناد غزوان. وأما مرزا جواد أحمد الخليلي فهو من رواد الطباعة في العراق فقد بدأ أعماله في النجف في ثلاثينيات القرن الماضي ثم انتقل بمطبعته إلى بغداد باسم مطبعة الزهراء. وساهم بطبع المئات من الكتب التراثية والعلمية لأساطين الفكر والثقافة في العراق.
برز من الجيل الجديد في التأليف في المجال الثقافي الدكتور جميل (جم) صادق محمد الخليلي في بريطانيا وسنأتي على ذكر إنجازاته العلمية لاحقا. أما الكاتب الآخر فهو فائق محمد حسين محمد علي الخليلي في الحلة حيث تربو مؤلفاته على الخمسة عشر مؤلفاً في الرواية والأدب والنقد. ساهم كذلك الأستاذ الدكتور ماهر جبار محمد علي الخليلي بتأليف مجموعة من الكتب الثقافية، ومن الشعراء هناك كاظم عبد المنعم الخليلي وعماد مرزا جواد الخليلي وغيرهم في مجالات ثقافية أخرى.
آل الخليلي والعلوم
لم تقتصر كفاءات أفراد العائلة من الجيل الجديد على ميدان الطب وعلومه بل تعدى ذلك إلى ميادين العلم والمعرفة الأخرى. ففي ميدان علم الفيزياء برز من الجيل الجديد في بريطانيا والعراق عَلمان هما البروفسور الدكتور جميل صادق محمد الخليلي عالم فيزياء الفضاء الذي ألف ما يزيد على العشرين كتاباً في مواضيع الفيزياء الكونية والثقافة العامة وتاريخ العلوم الإسلامية. احتضنته مؤسسة الإذاعة البريطانية وأفردت له برنامجاً علمياً أسبوعيا يذاع على الهواء وله كذلك المئات من التسجيلات على الإنترنت. كرمته بوسامٍ ملكة بريطانيا وحصل على جوائز علمية عالمية عديدة.
برز في ميدان الهندسة البروفسور الدكتور ضامن الخليلي والبروفسور الدكتور عاصم جواد الخليلي اللذان ساهما في تأسيس الجامعة التكنولوجية ببغداد في بداية السبعينيات. هاجرا الى كندا والتحقا بالتدريس والبحث في أرقى الجامعات الكندية التخصصية. وحصل ابن أخي حسن صفاء الخليلي على الدكتوراه من جامعة مانشستر عام 2020. وهناك جمهرة من شباب آل الخليلي في ميادين العلوم والحاسبات والقانون والمالية وغيرها.
آل الخليلي والحركات الثورية
يُذكر في هذا المجال عباس أسد الخليلي الذي كان من أركان الثورة على الاحتلال البريطاني عام 1918 وحكم عليه بالإعدام ففرَّ إلى طهران، وأصدر بها جريدة “إقدام” بالفارسية، نحو 40 سنة. واشتد في نقد الحكومة الإيرانية، فنفته، ثم استرضته. كذلك ساهم بعض أفراد العائلة في ثورة العشرين وكان منهم الشيخ محمود ابن المرزا حسين بن الخليل. وقد حصلت على رسالة مخطوطة حررها الشيخ محمود في العام 1338 هـ (1920 م) معنونة إلى الشيخ سليمان آل شريف زعيم بني زيد النائب عن لواء المنتفك يتواصل فيها مع المجاهدين ويبلغ سلامه إلى السيد محمد آل السيد فياض.
مدرسة الخليلي الكبرى
تبلغ مساحة المدرسة الكبرى (600) متر مربع وموقعها في رأس شارع (عقد) السلام في محلة العمارة. وقد نُقشت في بعض المجاميع الخطية تأريخاً لعام إكمال تعميرها ولكن لم يذكر فيه اسم المؤرخ الناظم وهو:
دار علوم لذوي التحصيل***عمَّرها الحسين ذو التبجيل
قيل لما كملت أرخ (لها***معهد علم شاده الخليلي) 1316هـ
والمدرسة ذات طبقتين من جهاتها الأربع وعدد غرفها (48) غرفة وأمام كل حجرة توجد فسحة وفي مقدمتها بني قوس على الطراز الإسلامي. والمدرسة مزينة بالقيشاني الجميل في كل جدرانها وكأنها تحفة معمارية فنية.
توجد في المدرسة ساحة واسعة مبلطة بالطابوق يتوسطها حوض كبير. وفيها سرداب يدور حول جهاتها الأربع. أما باب المدرسة فهو من جهة عقد (شارع) السلام. وقد استخرجت من الجانب الشرقي ثمانية دكاكين وقّفت على مصاريفها الضرورية من كهرباء وماء واُجور خدم.
هدمت المقبرة والمدرستان الكبرى والصغرى في بداية الثمانينيات بقرار جائر من السلطة الحاكمة قضى بهدم وتخريب القسم الأكبر من محلة العمارة لما تضمه من بيوت علمية ومدارس دينية ومساجد تاريخية وقبور لأعلام الطائفة.
بيعت محتويات المدرستين والمقبرة بالمزاد. تعرفت على المشتري (ع م) وهو من عائلة معروفة من عوائل مدينة الكاظمية. حاولت شراء المحتويات كلها أو بعضها ولكنه رفض. أشار العلماء بأن ينقل رفات والدي المرزا خليل وولده المرزا حسين وآخرين إلى مقبرة أخرى وهذا ما حصل، فلقد اشتريت بالاشتراك مع بعض أفراد العائلة قطعتي أرض متجاورتين في مقبرة وادي السلام وبنينا في إحداهما سرداباً باثنين وأربعين لحدأ لدفن الرفات ودفن المتوفين من أفراد العائلة في المستقبل.
جعفر الخليلي
ولد جعفر أسد عام ١٩٠٤ في النجف الأشرف ونشأ بها. والنجف مدينة العلم والعلماء والشعراء والأدباء والمجالي الأدبية الشهيرة. وهي تضم مختلف الثقافات القادمة مع طلاب العلم والزوار الذين يتدفقون لزيارة المرقد العلوي والعتبات المقدسة في الكوفة. وأما والده فهو الشيخ أسد الخليلي من رجال الفضل والأدب والطب القديم ، وكان من أساتذة علم المنطق المعروفين. وقد أنجب الشيخ أسد ابنان (عباس وجعفر) وثلاث بنات أكبر منهما ، وكان جعفر أصغر منهم جميعاً.
ومن مشاهير الاسرة شقيقه عباس أسد الخليلي وكان سياسي ودبلوماسي وشاعر ، نجا من المشنقة بسبب مشاركته في ثورة النجف عام ١٩١٨ ، عندما حكم عليه بالاعدام غيابياً فهرب إلى ايران ، وقد أعدم رفاقه الذين ألقي القبض عليهم. وذكر الأستاذ إبراهيم الوائلي من أساتذة جامعة بغداد أن عباس الخليلي كان أول شاعر ورد في شعره ذكر فلسطين.
وذكر جعفر الخليلي علاقته بوالده : كنا نعيش مع أبوينا كأصدقاء على وجه التقريب . فقد فسح لنا أبونا في مجال الحرية حتى عودنا أن نقول في حضرته شيئاً كثيراً مما قد لا يسوّغه الآباء الآخرون لأبنائهم في تلك العصور. ولذلك لم يتوان أخي عباس أن ينتقد من أبيه بعض ما كان يقرأ علينا من نظمه ، ويناقشه في السهو والغلط . ولا أزال أذكر جدلاً وقع بين أبي وأخي حول بيت من رباعية من نظم أبي نسيت البت الأول منها وبقي البت الثاني الذي جرى الجدل حوله ، وهو قول أبي:
فما لهذا التمني قيمة أبداً***اذا أتاك جواب القول لم ترني
وقال أخي لأبيه : إن الذي أفهمه هو أن مقصودك هو أن تنفي المستقبل وتقول (لن تراني) ولكنك نفيت الفعل الماضي وهذا خطأ... وبعد مناقشة أيّد أبي اعتراض أخي عليه ، وأحسب أنه كان رحمه الله يتحاشى أخي عباس في النظم فقط. أما القواعد العربية الأخرى من نحو وصرف ومعان وبيان فإليه يرجع فضل تقويمها فينا.
ومن ذكريات طفولة جعفر أن أهله كانوا يزيّنون رجليه بالجلاجل (الجناجل) من الفضة تدليلاً وتحبباً. فخرج يوماً وحده إلى الشارع وهو ابن ثلاث سنوات أو أربع ، فرآه سقّاء يحمل قربته على ظهر حماره ، فحمل الصبي وأركبه على الحمار ، ونزعه من قدميه الجلاجل وهو غافل عن ذلك ، مسرور بركوب الحمار! ومن الغريب حقاً أن الحادث تكرر مع ابنه (هاتف) وهو ابن ثلاث سنوات ، والفرق بينهما أن جلاجل (هاتف) الابن كانت ذهباً ولم تكن فضة كجلاجل أبيه جعفر الخليلي.
في أول عهده بالقراءة قرأ جعفر كتباً أخرى غير القرآن الكريم وغي المقدمات العلمية في المدرسة كألفية ابن مالك و (قطر الندى وبل الصدى) و (مغني اللبيب) وحاشية الملا عبد الله في المنطق، منها أنوار الربيع ، وكليلة ودمنة ، وألف ليلة وليلة ، وگلستان سعدي (شاعر فارسي) ، وديوان حافظ بالفارسية ، والديكامرون Decamerone لجيوفاني بوكاشيو Geovanni Boccaccio الإيطالي باللغة الفارسية أيضاً. وأخرى مثل المستطرف ، وأعلام الناس ، و(الأغاني). وقد نشر فيما بعد قصصاً من الديكاميرون مترجمة بقلم محمد الخليلي ثم بقلم السيدة ماهرة النقشبندي. ومن الشعراء الذين قرأ لهم كان : بشار بن برد ، والمعري ، وأبا نؤاس ، والخيام
كما تأثر الخليلي بقصص القرآن الكريم وخاصة قصص الأنبياء التي حملته فيما بعد علي قراءة الكتاب المقدس . ومن الجائز أن يكون هذا العامل القصصي نواة لاتجاهه إلى معالجة فن القصة بعد ذلك. وكانت مجلات (المقتطف) و(الهلال) و(العرفان) من أوائل المجلات الأدبية التي قرأها لأنها كانت ترد إلى أخيه عباس الخليلي قبل الحكم عليه بالاعدام من قبل المجلس العسكري الإنكليزي في ثورة النجف عام ١٩١٨ وفراره إلى ايران.
دخل جعفر وأخوه عباس (المدرسة العلوية) التي تأسست في النجف الأشرف التي كان من مؤسسيها على النمط العصري عم أبيه الزعيم الروحاني الحاج المرزا حسين الخليلي. وقد كان المرجع الأعلى في عصره ، وقد تضمنت فتواه بوجوب انفاق بعض الحقوق الشرعية على هذه المدرسة. وكانت أول مدرسة عصرية تنشأ في النجف حيث تدرّس فيها اللغات الفرنسية والإنكليزية والتركية والفارسية إلى جانب العربية . وكانت مدرسة في مستوى المدارس الثانوية درس جعفر الخليلي في هذه المدرسة ، وبقي يرطن ببعض الكلمات الإنكليزية والفرنسية التي تعلمها في تلك المدرسة. وكان من أساتذتها السيد كاظم العصّار ، وهو رجل تخرج من السوربون ، وجاء النجف للتخصص في دراسة الفقه والأصول ، ولبس العمامة وطفق يطلب العلم في الحوزة ويتفقّه بالفنون الإسلامية والعلوم العربية ، وكان يدرّس الفرنسية في تلك المدرسة.
عمله في الصحافة
بعد إكماله الإعدادية دخل بعدها الخليلي في دورة تربويَّة ليكون معلّماً. كانت البداية مديراً في ابتدائية ثمّ مدرساً في الثانوية لكنه لم يألف حياة الوظيفة فاستقال من التعليم ليدخل معترك الصحافة ، فأصدر جريدة (الفجر الصادق) عام (1930م) في النجف وكانت أسبوعية. وبعدها أصدر في العام (1934 م) جريدة (الراعي) وهي أسبوعية أدبية دامت سنة واحدة ، ومنعت وسحب امتيازها العام (1935 م). ولكنه الصحفي الصّلب العنيد الذي لا تثنيه المفازات فعاد ليصدر جريدة (الهاتف) في النجف منذ العام (1935م) ثمّ انتقل بها لبغداد عام (1948م) لتصبح صحيفة يومية سياسية.. و(الهاتف) لم تكن جريدة فحسب بل كانت منتدى ثقافياً وفكرياً أرتاده نخبة من أدباء العراق والعرب، لكنْ ما لبثت حكومة نوري السعيد (1888 - 1958) أنْ سحبت امتيازها بمرسوم خاص عام 1954؛ وكان عمرها أكثر من عشرين عاماً.
وكانت جريدة شهيرة لها حضورها مهتمة بالقضايا الوطنيَّة وتصدر كل سنة عدداً خاصاً بأكثر من (200) صفحة يضمّ أشهر القصص ، ومنها ما هو مترجم لكبار القصاصيين، وفيها بزغت نجوم لأسماء لامعة في تأريخ القصة العراقيَّة.
إن صحف الخليلي أولى الصحف العراقية التي فتحت صفحاتها بتشجيع كبيرا لآثار الأديبات والشاعرات من النساء. ومن أوائل من كتبن في هذه الصحف كانت دلال صفدي ( في جريدة الراعي) ، وكانت (هناء ربح) و (زهرة الحر) وهي عراقية لبنانية كانت يومها في النجف ، و(السيدة نعمت القربي) زوجة الأستاذ جميل إسماعيل القربي مدير الداخلية العام في سوريا سابقا ، وكانت في النجف يوم أن حررت في جريدة الخليلي وهي وغيرهن من أوائل من كتبن في صحفه.
لقد كتب الخليلي مقدمات لكثير من الكتب منها (معجم أدباء الأطباء) للشيخ محمد الخليلي، وديوان (جواهر وصور) للسيد عباس شبار، وديوان (الأنواء) للسيد مير علي أبو طبيخ، وديوان (أشعة ملونة) للسيد أحمد الصافي النجفي. وكتاب (نهاية حب) للسيد عبد الله نيازي ، ومقدمة لديوان السيد محمد صالح بحر العلوم، ومقدمة لمجموعة الشاعر المحامي أنور شاؤول. ومقدمة لكتاب (الإمام علي) لسليمان كتاني وغيرهم.
في العام (1972 م) كتب المستشرق جون توماس أطروحته للدكتوراه (جعفر الخليلي والقصة العراقية الحديثة) بجامعة ميشيغان وهذا يدلّ على مكانة الرجل ودوره الكبير في السرد العراقي الحديث.
كتاباته الأولى
أول ما صدرت له قصة باسم (التعساء) عام 1921 أو1922 ثم طبعت بعد ذلك مرة أخرى في النجف، عالج فيها ناحية إنسانية. وهو يقول أنه لا يريد أيام ذكر هذه القصة وذلك خجلا من ركتها .
وأن من أوائل آثاره كراساً بعنوان (حبوب الاستقلال) تصور فيه الشعب المستعمَر الذي يتناول شيئاً من هذه الحبوب لابد أن يصاب بإسهال قوي يلقي بمستعمريه الإنجليز في البحر. وكل حبة منها مكونة من أجزاء تتألف من العلم ، والجرأة ، والإخلاص بنسب معينة. وقال إن الصيدليات التي تركّب فيها هذه الحبوب هي صيدلية جعفر أبو التمن في العراق ، وغاندي في الهند ، و سعد زغلول في مصر، و ديفاليرا في إيرلندا. وصادرتها الحكومة في حينها وهي في حوالي ( 40 ) صفحة ، وتم طبعها على نفقة بعض الشباب المتحمسين منهم المرحوم عبد علي ناجي ، ومحمد رشاد عجينة ، والحاج علي البهبهاني ، والمرحوم السيد حسن زيني.
عمل الخليلي في التعليم في الحلة وسوق الشيوخ والرميثة والكوفة في فترات. واستقال من المعارف في السنة التي توفي فيها والده . وكان آخر عمل له في المعارف ان كان مدرّساً للتاريخ والجغرافيا في ثانوية النجف مدة ثلاث سنوات تقريباً.
شارك الخليلي في أثناء الاضطرابات والثورات التي قامت ضد المحتلين بعيد الثورة العراقية وهو لم يزل يافعا بكتابة مناشيرعلى صورة صفحات صحفية لهياج الرأي العام ضد السلطة الأجنبية ، وكانت توزع ، أو تلصق على بلاطات الصحن الشريف ، وكانت تكتب باليد وبخطوط مختلفة.
كتاب هكذا عرفتهم
في عام ١٩٦٣ أصدر جعفر الخليلي كتباه الشهير (هكذا عرفتهم) ثم صدرت الأجزاء الأخرى تباعاً.
تضمن تعريفاً بأعلام في الدين والسياسة والأدب ممن أتيحت له معرفتهم عن قرب ، حيث كتب سيرتهم ومواقفهم وتأثيرهم في الحياة العامة. وكان ينشر كل مقال على حدة في جريدته (الهاتف). وكان الخليلي يهمل ذكر تاريخ مولد ومكان ولادة وتاريخ وفاة الشخصية التي يكتب عنها.
غالبية هؤلاء لعبت أدوراً مهمة في حياة العراق السياسية والثقافية والدينية، وبعضهم لم يكن عراقياً ولا مسلماً ، لكن الخليلي خصص له مساحة من موسوعته لأدواره المهمة، كالسيد محسن الأمين العاملي اللبناني ، ومير علي أبو طبيخ والسيد رضا الهندي من الهند، والسيد أبو الحسن الأصفهاني من ايران و بشارة الخوري (١٨٨٥- ١٩٦٨) الملقب بالأخطل الصغير وهو شاعر لبناني مسيحي.
في مقدمة كتاب (هكذا عرفتهم) يقول الخليلي:
هذا عرض موجز لجانب من حياة بعض الأشخاص الذين كان لهم ذات يوم بعض الشأن في الحياة العامة والخاصة أو هو في الواقع عرض موجز لبعض ما احتفظت به الذاكرة عن بعض من عرض لي في طريق الحياة وكيفية تعرفي بهم وما هي هذا التعرف ولونه وهو لون من الأدب والتأريخ المبتكر وليس من الغرور ولا التشدق أنا أقول أنه لون قائما بنفسه وأنني لم أجاري في عرضه وأحدا من قبل ولم يسبق لي أن قرأت عرضا على هذا النسق يجمع بين الأدب والتاريخ ، ويربط بين النواحي الخاصة والعامة ، جمعا وربطا لا تكاد تتبين أو لا تكاد تعزل ما يخصك منه وما يهمك وما يخص أصحابه وما يهمهم وما يخص الناس ويعنيهم.
والواقع أني لم أحس بأني بدأت أكتب شيئا جديدا مبتكرا يحسن أن تُكتب به التراجم وتوضع على نمطه الأحاديث حتى نبهني إلى ذلك عدد من الأدباء ، حتى صار يسألني الكثير حين يتوفى الله شخصا من معارفي عما إذا كنت سأكتب عنه كلمة من هذا القبيل؟ والذي زادني يقينا بأن الذي كتبته كان نوعا جديدا: هو أن بعض الذين تلذذوا به لم يكن لهما بأي وجه أي اتصال أو معرفة سابقة بمن تحدثت عنهم ، وقال لي هذا البعض - ان حقا أم باطلا - إن هذا العرض على رغم كونه يخص جماعة عاشوا في جهة معينة، وفي محيط خاص وعلى رغم أنه جانبا من تاريخ معرفتي أنا بحفنة من الرجال، لقد قال لي هذا البعض أن ذلك لا يقلل من شأنه كأدب جديد يا لذ أي قارئ عربي في أي بقعة من البقاع أن يقرأه سواء عرف المحدٍّث أو المحدَّث عنه أن لم يعرفهما.
وسواء صح هذا الذي قيل أم لم يصح فقد وجدتني أؤمن بعض الإيمان بصحته، وأتقدم لجميع ما تناثر منه هنا وهناك في هذا الكتاب على اعتباره عرضا موجزا غير كامل لبعض من عرفت من الأشخاص الذين صادفتهم في حياتي ، أقول عرضاً غير كامل لأنه ما من شخص - ممن ذكرته - إلا وكان الذي أعرفه عنه أكثر مما ذكرته .... وقد وقد اضطررت بل و اضطرني ما تبانى عليه الناس و اصطلحوا عليه بأن (ليس كل ما يعرف يقال) أجل اضطرني هذا إلى أن أقتصد في القول الذي حسبته مستساغا وأوردته بعض ما عرفت عن بعض من عرفته، فإن صح أنني قد جئت بشيء جديد من الأدب في سياق الترجمة وكيفية العرض فضلا عما تضمن الكتاب من الوقائع التاريخية والأدب الذي قد ينطبق عليه قول الصحفي اللبناني حبيب جاماتي (١٨٨٧-١٩٦٨) وهو (تاريخ ما أهمله التاريخ) - أقول إن صح هذا، فهو المقصود، وإلا فلست بأول من ظن أنه فاعل شيئا بينما هو لم يقدم شيئا ولم يؤخر).
من هم الذين عرفهم الخليلي
يعرض الخليلي في كتابه هذا معلومات دقيقة ، ويناقش أحداثاً ووقائع سياسية واجتماعية وأدبية بأسلوب أدبي رشيق ، سهل العبارة ، عميق المعنى ، لا يستغني عن الباحث والكاتب والمؤرخ . والكتاب يستحق أن يكون مادة لأطروحة تسلط الضوء على شخصية الخليلي التي تتسم بالموسوعية والثقافة واللغة الصحفية والأدبية الأنيقة. وتتناول الشخصيات التي تحدث عنها ، وتأثيرها السياسي والثقافي والأدبي والاجتماعي ، وتنوعها الديني والمذهبي و فئاتها المهنية والتربوية والدينية والأكاديمية والقانونية والسياسي. كما تكشف عن الأحداث والوقائع التي انفرد بها الخليلي في قضايا سياسية واجتماعية من خلال علاقاته مع هذه الشخصيات.
يتألف الكتاب من ستة أجزاء ، كل جزء عدداً من الشخصيات ،
تضمن الجزء الأول:
١-السيد مير علي أبو طبيخ (١٨٩٠-١٩٤٢) مؤرخ واديب وشاعر شيعي نجفي من أصل هندي.
٢- السيد رضا الهندي (١٨٧٣-١٩٤٣) رجل دين شيعي وشاعر وأديب نجفي من أصل هندي.
٣- الشيخ جواد الشبيبي (١٨٦٧- ١٩٤٣) رجل دين شيعي وشاعر وكاتب نجفي من أصل بغدادي.
٤- الشيخ محمد حسن حيدر (١٨٦٦- ١٩١٦) رجل دين شيعي وشاعر نجفي.
٥- السيد أبو الحسن الأصفهاني (١٨٦٦- ١٩٤٦) مرجع شيعي نجفي من اصل إيراني.
٦-الشيخ محسن شرارة (١٩٠١- ١٩٤٦) رجل دين شيعي وشاعر نجفي من أصل لبناني
٧- عبد المحسن القصاب (١٩١٦-١٩٤٧) محامي وصحفي وكاتب قصص من الناصرية.
٨- الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء ( ١٨٩٣- ١٩٤٧) رجل دين شيعي ولغوي وشاعر نجفي.
٩- الحاج عبد المحسن شلاش (١٨٨٢-١٩٤٨) سياسي ورجل أعمال ووزير نجفي.
١٠- سعد صالح جريو (١٨٩٤- ١٩٤٩) وزير وسياسي وشاعر ومدرس ومحامي نجفي.
١١- السيد محسن الأمين (١٨٦٥-١٩٥٢) رجل دين شيعي ولغوي وكاتب وسياسي لبناني.
١٢- الامام محمد الحسين آل كاشف الغطاء (١٨٧٧- ١٩٥٤) رجل دين شيعي وشاعر وسياسي نجفي.
١٣- الشيخ عبد الحسين الحلي (١٨٨٣-١٩٥٦) رجل دين شيعي وشاعر نجفي أصله من الحلة.
١٤- الشيخ قاسم محي الدين (١٨٩٩- ١٩٥٧) رجل دين شيعي وشاعر وكاتب نجفي.؟)
١٥- الشيخ محمد كاظم الشيخ راضي ( ؟) رجل دين شيعي وشاعر نجفي
١٦- السيد علي بحر العلوم. (؟ ) رجل دين شيعي نجفي
١٧- عبد الستار القرغولي (١٩٠٦- ١٩٦١) مدرس وشاعر وكاتب بغدادي
١٨- عبد الله القصاب ( ؟ - ١٩٦٢) وزير وسياسي ومحام وأمين بغداد أصله من مدينة راوة
١٩- إسكندر حريق ( ؟) مدرس لبناني مسيحي عمل في ثانوية النجف ، كاتب قصص
٢٠- الشيخ عبد الكريم الجزائري (١٨٧٢- ١٩٦٢) رجل دين شيعي وشاعر نجفي.
٢١- الشيخ محمد جواد الجزائري (١٩٧٧- ١٩٥٩) ثائر وشاعر وكاتب وفيلسوف نجفي
الجزء الثاني:
٢٢-الشيخ محمد رضا المظفر (١٩٠٤- ١٩٦٤) رجل دين شيعي وكاتب وأكاديمي وإصلاحي من النجف
٢٣- الشيخ علي الشرقي (١٨٩٢- ١٩٦٤) فقيه شيعي وشاعر وقاضي وسياسي من النجف
٢٣- أمين خالص (١٨٩٧- ) حقوقي ومتصرف لواء الحلة ثلاث مرات
٢٤- الشيخ محمد رضا الشبيبي (١٨٨٩-١٩٦٥) زعيم وطني ونائب وشاعر ومفكر من النجف
٢٥- الشيخ محمد علي اليعقوبي (١٨٩٥- ١٩٦٥) كاتب وشاعر وأديب من الحلة
٢٦- نظير زيتون (١٨٩٦-١٩٦٧) اديب برازيلي من أصل سوري
٢٧- السيد هبة الدين الشهرستاني (١٨٨٤-١٩٦٧) فقيه شيعي إصلاحي وقاضي ووزير معارف
٢٨- محمد صادق الخليلي (١٩٠٠- ١٩٦٧) طبيب وأديب ومؤرخ للأدباء الأطباء من النجف
٢٩- بشارة الخوري (١٨٨٥- ١٩٦٨) شاعر لبناني يعرف بالأخطل الصغير
الجزء الثالث:
٣٠- السيد محمود حسين الحبوبي (١٩٠٦- ١٩٦٩) شاعر وأديب من النجف
٣١- توفيق الفكيكي (١٩٠٣- ١٩٦٩) محامي وكاتب وأديب من بغداد
٣٢- الدكتور مصطفى جواد (١٩٠٤- ١٩٦٩) لغوي ومؤرخ تركماني من بغداد
٣٣- الشيخ كاظم الدجيلي (١٨٨٤- ١٩٧٠) كاتب وشاعر وصحفي ودبلوماسي من الدجيل محافظة صلاح الدين
٣٤- الدكتور عبد اللطيف حمزة (١٩٠٧- ١٩٧١) أكاديمي وصحفي وكاتب من مصر
٣٥- السيد حسين الحسيني ، فقيه شيعي لبناني ومفتي بيروت الجعفري سابقا
٣٦- الدكتور إسماعيل ناجي ( ؟ )
٣٧- الشيخ نسيب مكارم (١٨٨٩- ١٩٧١) خطاط لبناني من طائفة الدروز
٣٨- السيد حسين زازان ، أديب وكاتب من السنة
٣٩- قادر جاووش ، من ديالى
٤٠- السيد علوان جاسم الرفيعي من رموز السادة في النجف
٤١- عباس الچبان
٤٢- حسين قسام (١٨٩٨- ١٩٦٠) شاعر ساخر من النجف
الجزء الرابع:
٤٣- يوسف يعقوب مسكوني (١٩٠٣- ١٩٧١) مدرس وباحث ومؤرخ وصحفي مسيحي من الموصل
٤٤- سعد عمر الحاج علوان (١٩١٥- ١٩٧١) ، حقوقي ووزير ونائب من كربلاء
٤٥- السيد عباس شبر ( ١٩٠٣- ١٩٧١) ، رجل دين شيعي وقاضي وخطيب وشاعر وكاتب من البصرة
٤٦- عباس الخليلي (١٨٩٦- ١٩٧٢ ) دبلوماسي وسياسي وشاعر من النجف
الجزء الخامس
٤٧- عبد الهادي الجلبي (١٨٩٧- ١٩٨٨) سياسي ووزير ونائب من بغداد
٤٨- جعفر حمندي (١٨٩٤- ١٩٥٢) حقوقي وسياسي وقاضي ومتصرف ووزير من بغداد
٤٩- حليم دموس (١٨٨٨- ١٩٥٧ ) شاعر لبناني مسيحي ومترجم وكاتب
٥٠- سامي الكيالي (١٨٩٨- ١٩٧٢) أديب سوري وباحث وكاتب وشاعر ومترجم
٥١- عبد المنعم العكام (١٩٠٠- ١٩٧٤) شاعر ومدرس من النجف
٥٢- محمد علي الطاهر (١٨٩٦-١٩٧٤) كاتب فلسطيني وشاعر وصحفي
٥٣- عبد القادر عياش (١٩١١- ١٩٧٤) باحث سوري ومؤرخ وأديب وصحفي ومحامي وقاضي
٥٤- صبيحة الشيخ داود الراوي (١٩١٢- ١٩٧٥) حقوقية ومحامية وقاضية من بغداد
الجزء السادس
٥٥- عبد الحسين الأزري (١٨٨٠- ١٩٥٤) شاعر وكاتب وصحفي وسياسي من بغداد
٥٦- جورج كعدي (١٩١٠-١٩٧٥) شاعر لبناني مسيحي
٥٧- فؤاد عباس الكروي (١٩١٣- ١٩٧٦) كاتب وشاعر وناقد وأديب من ديالى
٥٨- الياس فرحات (١٨٩٣-١٩٧٦) شاعر لبناني برازيلي شاعر وصحفي وأديب
٥٩- الدكتور سليمان داود
٦٠- احمد الصافي النجفي (١٨٩٧- ١٩٧٧) شاعر ومدرس وصحفي وسياسي ثائر من النجف
موسوعة العتبات المقدسة
انجاز تاريخي كبير قام به الخليلي بجهوده الشخصية ، ومشاركة مؤرخين وكتّب آخرين. تقع الموسوعة في اثنا عشر جزءاً وتشمل عدة دول مثل العراق (النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء) وايران (خراسان) والسعودية (مكة المكرمة والمدينة المنورة ) وفلسطين (القدس) . تناول الخليلي المدن المقدسة ، تاريخها وتطورها وأهم الأحداث التي وقعت فيها ، وتاريخ العتبات المقدسة فيها.
مصطلح الموسوعة
يضم الجزء الأول مدخل الموسوعة تناول فيه منهجه في كتابة الموسوعة. يبدأ بتعريف مصطلح الموسوعة وأنها ترجمة لكلمة (الانسكلوبيديا) وهي كلمة يونانية تعني مجموعة العلوم والفنون. وقد عُرّبت باسم (دائرة المعارف) . ويرى الخليلي أن اسم الموسوعة أعم وأكثر شمولاً من اسم دائرة المعارف ، سواء كانت الموسوعة أوسع في حقيقتها مدىً من (المعاجم) ومن (دائرة المعارف) أن أقل منها إحاطة بالمواد والمواضيع. فكل دائرة معارف ، وكل معجم ، موسوعة في الاصطلاح ، ولكن ليس كل موسوعة – عند الكثيرين- معجماً أو دائرة معارف. فيما جرى عليه الاصطلاح الحديث هو أن نظام التأليف في المعجم وفي دائرة المعارف قائم على الحروف الهجائية، مبتدئا بحرف الألف ومنتهيا بحرف الياء، كمعاجم الرجال، ومعاجم المواد، ودوائر معارف العلوم والفنون والآداب ومعاجم اللغة.
أما الموسوعة فلا تلتزم بحوثها بأي نظام في طريقة التأليف غير نظام المواضيع التي تفرغ سليقة المؤلف وذوقه ومقتضيات بحثه تقديم أي موضوع منها أو تأخيره في العرض، على أن تكون واسعة الغرض، كثيرة الإحاطة، ليكون إطلاق اسم (الموسوعة) المصطلح عليها مطابقا للواقع ، وهناك نوع من الموسوعات ما يسمى (بالتذكرة). وقد دأب العلماء العرب وغيرهم من الذين شملهم إسم المسلمين على تقليف ه هذا النوعي من الموسوعات يجمعون فيها جمهرة من العلوم كتذكرة (الصفدي) وتذكرة (ابن حمدون).
الموسوعيون الأوائل
تناول الخليلي تاريخ الموسوعات في الفكر اليوناني والعربي والإسلامي حتى العصر الحديث. فذكر عميد الموسوعيين أبو عثمان الجاحظ (توفي ٢٥٥ هـ / ٨٦٩ م) ، وابن المقفع (ت ١٤٣ هـ/ ٧٦٠ م) الذي نقل التراث الهندي والفارسي وترجم كتاب (سير ملوك العجم) الذي أتاح للناس الفرصة للاطلاع على جانب من تاريخ البشر قبل الإسلام ، ووضع بين أيدي طلاب التاريخ نموذجاً أفادوا منه في تطوير فكرة التأليف التاريخي. وأما كتاب (كليلة ودمنة) فكان نموذجا جميلا للقصص الرفيع ذي المغزى البعيد ، وثروة من الحكمة وتجارب البشر تلقاها الفكر العربي في أجمل صورة وأكملها.
وفتح ابن المقفع للناس بكتابه (الصحابة) أبواب التفكير السياسي، ودعاهم إلى التفكير الموضوعي في شؤون الدول والحكومات والشعوب والسلاطين، هذا إلى ما تضمنته كتبه الأخرى مثل (الدرة اليتيمة) و(الأدب الصغير) من حكم وتأملات يعجب الإنسان من صدورها عن شاب قام بذلك العمل كله قبل أن يبلغ السادسة والثلاثين من عمره.
فهشام ابن محمد ابن السائب الكلبي (توفي 204 هجري / 819 ميلادي) كتب في علوم القرآن والسيرة النبوية والشعر وعجائب البحر والأصنام والتأريخ العام ، بل له كتاب يسمى (منطق الطير).
وأبو عبيدة معمر ابن المثنى (توفي 210 هجري / ٨25 ميلادي) كتب فيما يقول إبن النديم مائة وخمسة كتب تتناول كل موضوع تقريبا.
والأصمعي عبد الملك ابن قريب ابن قيس (توفي 214 هجري / ٨29 ميلادي) ألّف بضعة وأربعين كتابا في الشعر واللغة والطب والنبات.
وأبو زايد سعيد بن اوس الأنصاري (توفي 215 هجري / من ٨٣٠ ميلادي) كتب قريبا من هذا العدد من المؤلفات في كل علوم العصر المعروفة ، ومن مؤلفاته واحد عن المطر وآخر عن اللبن.
وأبو عبيد القاسم بن سلام (توفي 223 هجري / ٨38 ميلادي) ألّف في علوم الإسلام و اللغة والتاريخ والشؤون المالية، وكتابه (الأموال) آية في التنسيق والعمق وحسن الفهم والدقة، وكتابه الآخر المسمى (الغريب المصنف) أشبه بموسوعة تكلم فيها عن الإنسان والطعام والشراب والأبنية والمراكب والسلاح والطير والحشرات والنار والشمس والقمر وما إلى ذلك ، وقد أنفق في تأليفه أربعين سنة فلا غرابة أن أصبح من غرر الكتب في المكتبة العربية إلى اليوم.
ومحمد ابن مسلم بن قتيبة الدينوري (توفي 276 هجري / ٨79 ميلادي) وهو يكاد يضاهي الجاحظ في سعة العلم ، وحرية الفكر ، وكثرة التأليف ، وتنوع الكتب. وهو يشبه أيضا في أن معظم كتبه الرئيسة سلم من عبث الأيام ووصل إلينا، وكتابه (أدب الكاتب) خزانة علم وأدب لو فسرت وبوبت لكانت دائرة معارف، أما كتابه (عيون الأخبار) فنموذج جميل من كتب الأدب بمعناه الواسع عن العرب وهو معنى يقابل ما نسميه اليوم بالأدب أو الإنسانيات.
وأبو حنيفة أحمد إبن داود الدينوري (توفي 282 هجري / ٨95 ميلادي) وقد ألف في النحو واللغة والتأريخ والهندسة والحساب . ولا يزال كتاباه الرئيسيان (الأخبار الطوال) و (الإمام والسياسة) من معضلات التواليف في مكتبتنا العربية ، لأن الخلاف طويل حول أصول مادتهما ونسبة بعض فصولهما إليه.
ومين الموسوعيين الأوائل أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد (توفي 285 هجري ٨٩٨ ميلادي) وكتابه (الكامل) هو موسوعة لعلوم العرب إلى أيامه، تتناول كل فن من أدب إلى تاريخ إلى لغة إلى دين إلى طب ، وهو يتنقل بقارئه من فن إلى فن على طريقة كانت تعجب الأقدمين ولكنها اليوم تجهد الباحث الحديث فقد كانوا يرون أن الاستطراد من موضوع لموضوع يعين القارئ على القراءة، ويبعد عن نفسه الملل أما نحن فنرى فيه تقسيما لوحدة الفكرة والموضوع.
ويلحق بهذه الطبقة من الموسوعيين إثنان من أهل القرن الرابع الهجري هما أبو أحمد بن محمد بن عبد ربّه (توفي 328 هجري / ٩٤٠ ميلادي) ، الذي اشتهر بكتابه المسمى (العقد الفريد) وهو من أجمع الكتب عن العرب وأنسابهم وشعرهم ونثرهم وعلومهم، وتلمح فيه محاولة جادة لترتيب المادة الواسعة وتبويبها. وأبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني (توفي 356 هجري أو 967 ميلادي) و اشتهر بكتابه (الأغاني) وهو دائرة معارف في الأدب والتأريخي خاصة.
ومن حمل لواء الموسوعية علي ابن الحسين المسعودي (ت ٣٤٦ هـ / ٩٥٧ م) فهو مؤرخ عالي الثقافة ، ورحالة وجغرافي متمكن من الفلك والرياضيات ، راوية للقصص ، حافظ للشعر والنثر ، متوسع في التأليف ، وكتبه مترابطة الموضوعات يكمّل بعضا بعضاً. وهو في كل كتاب منها يحيل على ما قاله في كتبه السابقة أو يقول أنه سيستوفيه في كتاب لاحق.
ثم يذكر الخليلي من القرن الخامس الهجري ابن مسكويه (٤٣١ هـ / ١٠٣٠ م) والكندي والفارابي وابن سينا والبيروني. ويفرد فصلاً لرسائل اخوان الصفا وخلان الوفا الذي عاشوا في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري ، وفرغوا من رسائلهم عام ٣٧٢ هـ / ٩٨٣ م ، وواضح من رسائلهم أنهم كانوا شيعة اسماعيلية ، وأن هدفهم من تحرير هذه الرساذل هو الدعوة لمذهبهم عن طريق العلم والفلسفة.
من المتأخرين يأتي محمد بن جرير الطبري (توفي ٣١٠ هـ / ٩٢٢ م) صاحب (تاريخ الرسل والملوك) فهو دائرة معارف تجمع كل فن وعلم. فالطبري من مؤرخي عصر الازدهار لأنه موسوعي. أما في عصور الاضمحلال في القرن السادس الهجري فقد المؤرخون الصفة الموسوعية والاطلاع والثقافة أمثال سبط بن الجوزي (ت ٦٥٤ هـ/ ١٢٥٦ م) ، وابن ظاهر الأسدي (٦١٢ هـ / ١٢١٥ م) وشهاب الدين ابي شامة (٦٦٥ هـ / ١٢٦٧ م) وهو أكبر مؤرخي القرن السادس الذي تنقصه الموسوعية ، ويفتقد لاتساع الأفق وشمول الثقافة.
ويذكر الخليلي الموسوعات الأوربية مثل الموسوعة البريطانية (١٧٦٨ م) ، دائرة المعارف الفرنسية (١٧٥١ م) ، الانسكلوبيديا الأميركية (١٨٧٣-١٨٧٦) ، الانسكلوبيديا الألمانية (١٧٩٦-١٨١٠) ، الانسكلوبيديا الإيطالية (١٨٨٤) ، الانسكلوبيديا الصينية (١٤٠٧ م) .
ومن الموسوعيين العرب في العصر الحديث يأتي بطرس البستاني (ت ١٨٨٣) اللبناني الذي أصدر (دائرة معارف البستاني) التي صدر الجزء الأول منها عام ١٨٧٦. وأنجز منها ستة أجزاء ، وبدأ بالجزء السابع وتوفي ، فأكمله ابنه سليم ، وأردفه بالثامن. وتعاون أبناء له آخرون من ابن عمهم سليمان خطار البستاني (ت ١٩٢٥) فأصدروا الجزء التاسع والعاشر والحادي عشر.
وفي لبنان أصدر الأب لويس معلوف اليسوعي (المنجد في اللغة والأدب والعلوم) عام ١٩٠٨ .
في مصر أصدر محمد فريد وجدي (ت ١٩٥٤) (دائرة معارف القرن العشرين) عام ١٩٢٣ ، في عشرة أجزاء.
وفي لبنان صدر كتاب (أعيان الشيعة) للسيد محسن الأمين العاملي (ت ١٩٥٢) وهو في ٥٢ مجلداً ، يحتوي على ما يقرب ١٢،٠٠٠ ترجمة للعلماء والأدباء من رجال الشيعة. ويعتبر أكبر موسوعة صدرت في تاريخ الموسوعات العربية في موضوعها. وقد صدر الجزء الأول منها عام ١٩٣٥.
مصطلح العتبات المقدسة
يعرّف الخليلي العتبات المقدسة بأنها جمع ، مفردها العَتَبَة محرّكة ، والعتبة لغة : هي اسكفة الباب ، والاسكفة: هي خشبة الباب التي يوطأ عليها الداخل والخارج من الباب ، كما تعرفها كتب اللغة. وقد تشمل العتبة خشبة الباب العليا السفلى ، من محل موطء القدم ثم ما لبث العرف أن منح هذه العتبة من أبواب قصور الملوك ومداخل بيوتهم شيئاً من الاحترام ازدادت أهميته بمرور الزمان. ولم يزل للآن البعض من قبائل العراق حين يريد أن يلوذ لاجئاً بزعيم أو كبير من رجال القوم يعمد إلى باب مضيفه أو داره فيشد نفسه اليه ويقبل عتبته.
ويذهب التاريخ إلى أن تقبيل العتبة قد جرى لأول مرة على (باب النوبي) ببغداد ، وباب النوبي هذا من أبواب دار الخلافة العباسية منذ سنة ٤٤٧ هـ / ١٠٥٥ م في عهد الخليفة القائم بأمر الله العباسي. ففي أيامه انقرضت دولة الديلم ببغداد بعد طول مدتها وقامت دولة السلجوقيين ، وكان آخرهم الملك الرحيم ومن ولد عضد الدولة دخل عليه بغداد طغرلبك السلجوقي ، وهو أول السلاجقة فقبض عليه وقيده ، فقال الملك الرحيم : ارحمني أيها السلطان
فقال له: لا يرحمك من نازعته في اسمه المختص به – مشيراً لله تعالى – فبلغ ذلك القائم فقال: قد كنت نهيته عن هذا الاسم فأبى إلا لجاجاً أورده عاقبه سوء اختياره ، وخلصه من بين يدي طغرلبك إلى أن وصل عتبة (باب النوبي) فقبّلها شكراً لله وصارت بعده سنّة.
وقال ياقوت الحموي في تعريف (الحريم) وأبوابه من دار الخلافة العباسية : ثم باب البدرية ثم (باب النوبي) وعنده باب العتبة التي تقبّلها الرسل والملوك اذا قدموا بغداد ، وهي قطعة من رخام أبيض مطروحة أمام هذا الباب طولاً.
أهمية العتبات المقدسة عند المسلمين
ولما كانت أضرحة الأئمة مقدسة وهم أنوار والله، ورسل الخير ، وصفوة الخلق طهارة وعفة وعلماً وتقى، كانت أبوابهم وعتباتهم أحق بمثل هذه المراسيم التي اعتبرت فيما بعد كطقوس مقدسة ، فأقبل عليها الموالون والعارفون بقدسيتها على ما نعتقد ، وأولوها عناية أكبر وقدسية انبعثت من أعماق نفوسهم وإيمانهم ، ثم توسعوا في عرفهم فسمّوا الأضرحة كلها بإسم العتبات ، وأصبح اسم العتبة أكثر شمولاً و أعم بمقتضى ما جرى عليه الاصطلاح والعرف.
والعتبات المقدسة من المواضيع الخطيرة والنواحي ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين، والعرب والعروبة، والثقافة العامة التي كان يجب أن يعنى بها العلماء والأدباء عناية كبيرة فيخصوها بموسوعة شاملة. ولذلك لما لكل عتبة من هذه العتبات من الأثر الكبير في تاريخ الإسلام والعرب والفن والعلوم والأدب. فهي منذ صدر الإسلام ومنذ أن أصبحت عتبة في عرف المسلمين و اصطلاحهم لم تزل مصدرا من مصادر التاريخ الإسلامي والعربي الواسع إذ بفضلها وفرض لي مدارسها توسعت دائرة الفقه الإسلامي، وبفضلها كثرت الشروح والتفاسير للقرآن الكريم، والنصوص الدينية، وتركزت الفلسفة أكثر وأكثر في صلب الأسس القويمة حتى صار للعقل شأن كبير في استنباط الأحكام وفهم المغازي من قواعد الشريعة الإسلامية ومراميها.
وبفضل هذه المدارسات والمباحثات والتتبع - الذي كان للعتبات المقدسة منه النصيب الأكبر في تاريخ الإسلام والعرب وأحياء العلوم والمعارف طوال هذه القرون - حفظ الأدب العربي في العصور المظلمة الراكدة روعته، وجدته ، وأصول لغته. وحفظ التاريخ العربي والثقافة الإسلامية العربية كنوزه من المخطوطات. والكتب التي احتفظت بها مدارس العتبات المقدسة وحرصت عليها في خزائنها خوفا مما قد يصيبها مثلما أصاب الكتب الإسلامية والعربية في غزوة المغول وفي الثورات والغزوات التي كانت تجتاح البلدان الإسلامية والبلدان العربية في العصور المظلمة، فضلاً عما كان ينصب في هذه العتبات من عصارة لمختلف الثمرات والثقافات التي يحملها المسلمون من جميع أقطار الأرض وهم يحجون مكة المكرمة ، ويطوفون بالمدينة المنورة ، و يزورون النجف الأشرف ، وكربلاء ، وسائر العتبات بل ويقيم الكثير منهم في هذه العتبات دارساً وباحثاً أو مجاوراً ليقضي بقية عمره هناك.
ومن كل تلك العوامل من الهجرة إلى مواصلتي المدارسة والبحث والتحقيق، أخذت كل عتبة من العتبات المقدسة نصيباً إن اختلفت الوانه وأغراضه في كل (عتبة) فلم تختلف في كثير من جواهره التي دلت عليها التآليف ، والدواوين ، والتراجم ، والبناء م والريازة ، والخط ، وفن النقش . بالإضافة إلى ما أنبعث من العتبات من قواعد للفلسفة الروحية ، والعلوم الأخلاقية ، وما اختص بها من مكارم الأخلاق ، والحث على الكمال فيما أثر من أدعية غاية في الروعة والسحر، وأدب في غاية السمو والرفعة.
إن جلّ من كتب عن العتبات المقدسة وعن الشيعة والتشيع و تواريخهم وفنونهم وآدابهم كانت كتاباتهم محفوفة بالعواطف إما حبا للشيعة لأنهم شيعة مثلهم وإما كرهاً لهم لأنهم ليسوا منهم. لذلك تبعثرت المصادر الصحيحة وتشوهت الحقيقة هنا وهناك ، وصار استخلاص الواقع لتاريخ الشيعة وتاريخ العتبات المقدسة لا يخلو من الصعوبة والأثر.
يقول الدكتور طه حسين في كتابه (علي وبنوه): وخصوم الشيعة واقفون لهم بالمرصاد يحصون عليهم كل ما يقولون ويفعلون ، ويضيفون إليهم أكثر مما قالوا وفعلوا. ويحملون عليهم الأعاجيب من الأقوال والأفعال ثم يتقدم الزمان وتكثر المقالات ويذهب أصحاب المقالات في الجدال كل مذهب فيزيدون الأمر تعقيداً و إشكالاً.
فكرة الموسوعة وطريقة تأليفها
وكان مشروع موسوعة العتبات المقدسة مجرد فكرة أن بعثت من ذهن أحد رواد (دار التعارف) الذين اعتادوا أن يسمروا في مسائ كل أحد بدار التعارف ببغداد. وجلهم من رجال العلم وأساتذة الجامعة وأهل الأدب. وما كادت الفكرة تنطلق من الذهن عن طريق اللسان حتى تداولها الحاضرون وقلّبوها على جميع وجوهها ، فإذا بها بين عشية وضحاها تخرج إلى حيز العمل باسم (موسوعة العتبات المقدسة).
وحصرت المواضيع ، وقسمت إلى أجزاء ، وتناول كل عضو ما يلائم اختصاصه منها على أن يستعين برهط آخر من أرباب الخبرة والاختصاص إذا اقتضى ما يستوجب ذلك. فكثر عدد الأعضاء المتصدين للتأليف وكثر عدد من يعاونهم ، وجرى تقسيم الموسوعة إلى أقسام ، خصت كل عتبة بقسم من البحوث. فالقسم الذي يخص (المدينة المنورة) مثلاً سيستقل بأجزائه عن أي قسم آخر لأي عتبة أخرى. وقد يصدر جزء أو أجزاء من القسم الخاص (بسامراء) مثلا في الوقت الذي يصدر جزء واحد أو أكثر من القسم الخاص بالمدينة المنورة ، أو كربلاء، أو النجف ، أو مكة. فقد جعلنا (الأقسام) غير خاضعة لترتيب أجزاء الموسوعة العامة ، فكل قسم من هذه الأقسام سيكون موسوعة مستقلة قائمة بنفسها ضمن الموسوعة الكبرى ، وستكون (موسوعة العتبات المقدسة) بناء على هذا عبارة عن مجموعة من الموسوعات.
يضيف الخليلي في مقدمته :
وتشرفت أنا بالقيام بتأليفها وتقسيم مواضيعها ، وربط بعضها ببعض والتعليق عليها بالحرفين ( ج. خ). وأسهمت في التأليف مع المؤلفين على قدر الإمكان ، وسيكون هذا الجزء بمثابة مقدمة الموسوعة العامة . جهدنا أن نجعلها تحيط بما ينبغي الإحاطة به عن العتبات بصورة مجملة على أن يأتي تفصيل هذا المجمل في أقسامه الخاصة به، وفي أجزائه المتتابعة، وننتظر أن يكون هذا الجزء أو هذا المدخل بمثابة الفهرست المجمل لكل الموسوعة مما لا غنى عن ضمه للقسم الخاص بإحدى العتبات آه و للمجموعة العامة من أقسام جميع العتبات فهو المقدمة الأولى لموسوعة العتبات المقدسة جمعاء.
المشاركون في كتابة الموسوعة
ساهم عدد من المؤرخين المعروفين بكتابة الموسوعة ، وكل بحث يستحق أن يكون كتاباً مستقلاً ، فقد تناولوا الأحداث السياسية كالثورات والانتفاضات والمعارك والفجائع والحوادث ، ومواقف السياسيين والقادة والملوك والوزراء والضباط والمراجع وشيوخ القبائل والمراجع والوجهاء. كما تضمنت وثائق ورسائل وفتاوى تاريخية هامة. كما نقلوا تقارير وأخبار وبيانات نشرت في الصحافة العراقية والأجنبية.
هولاء الكتاّب ساهموا في إغناء الموسوعة بشكل متميز، نذكر منهم:
-الدكتور حسين أمين (لمحة تاريخية عن مدن العتبات المقدسة) وهي مكة المكرمة : القوام الذين سكنوها ، بناء الكعبة ، وصف المسجد الحرام وتطور بنائه ؛ المدينة المنورة والبقيع ؛ وتاريخ الكوفة ومسجدها وقصر الامارة ومسجد السهلة ؛ النجف الأشرف ، وصف العتبة العلوية ، مقبرة وادي السلام ، مدارس النجف ؛ كربلاء ، وصف العتبة الحسينية ؛ الكاظمية ، وصف العتبة الكاظمية ؛ مشهد في ايران ، وصف العتبة الرضوية ؛ سامراء ، وصف الروضة العسكرية . وكتب (قبائل مكة قبل الإسلام) و (هجرة الرسول إلى المدينة المنورة).
- السيد جواد شبر (مجمل سير الرسول (ص) والزهراء (ع) الائمة الاثني عشر (ع)) ، سيرتهم ، وصف عتباتهم ومراقدهم. وكتب (مراسيم الحج وفرائضه).
- جعفر الخليلي (عقيدة الشيعة وأصول دينهم) وتشمل التوحيد والمعاد والعدل والنبوة والامامة. وكتب (فلسطين : الأراضي المقدسة في نظر الإسلام وعقيدته) وشمل الحدث عن تاريخ القدس والأنبياء والأقوام الذين سكنوها والحوادث التي مرت بها. وبناء بيت المقدس ووصفه. وكتب (القدس في المصادر العربية والإسلامية). وكتب (عرض جامع لح