بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب، يعيش قطاع غزة واحدة من أشد الأزمات الإنسانية والاقتصادية في تاريخه الحديث.
فقد خلفت حرب العدوان الصهيوني خسائر بشرية فادحة مع سقوط 46 ألف شهيد وأكثر من 110 آلاف جريح، في حين يقترب معدل الفقر في القطاع من 100% مع وصول نسبة البطالة إلى 80%، ما يعكس حجم الكارثة التي يواجهها السكان.
على الصعيد الاقتصادي، تسببت الحرب بانهيار غير مسبوق، فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35% منذ اندلاع حرب العدوان الصهيوني. وتشير التقديرات إلى أن اقتصاد غزة يحتاج إلى 350 عامًا ليستعيد مستواه المتعثر قبل الحرب، ما يجعل من التعافي مهمة شبه مستحيلة دون تدخل دولي واسع النطاق.
أما الدمار المادي فقد طال البنية التحتية بشكل غير مسبوق، إذ تعرض 70% من المساكن والمدارس والمستشفيات والشركات للدمار، في حين بلغ حجم الركام الناتج عن الحرب نحو 42 مليون طن، وهو ما يعادل خط شاحنات يمتد من غزة إلى نيويورك، ما يجعل عملية إزالة الأنقاض بحد ذاتها تحديًا كبيرًا، بحسب تقرير للأمم المتحدة.
تقديرات إعادة الإعمار تشير إلى أن الكلفة الإجمالية تتجاوز 80 مليار دولار، وتشمل هذه المبالغ إعادة بناء المساكن بميزانية تصل إلى 13 مليار دولار، إضافة إلى 700 مليون دولار فقط لنقل الركام، ما يطرح تساؤلات جدية حول مصادر التمويل والجهات القادرة على تحمل هذه التكاليف الباهظة.
القطاع الزراعي لم يكن بمنأى عن الدمار، فقد دُمّرت 50% من الأراضي الزراعية، ما أثر مباشرة في الأمن الغذائي لسكان غزة الذين يعتمدون أساسا على الزراعة كمصدر رئيسي للغذاء والدخل.
لكن التحديات لا تقتصر على إعادة الإعمار فقط، فهناك معوقات قانونية معقدة تتعلق بتحديد الملكيات، ما قد يؤخر عمليات البناء، بالإضافة إلى تعقيدات سياسية مرتبطة بطرق التخلص من الركام، إذ يمكن أن تؤدي بعض الحلول المقترحة، مثل رميه في البحر، إلى أزمات دبلوماسية بسبب مخاوف من تغيير جغرافية غزة، ومع ذلك فإن الحل الوحيد القابل للتطبيق يكمن في تعاون دولي مستدام لضمان عودة الحياة إلى القطاع المنكوب وفتح نافذة أمل أمام سكانه.