الرئيسية / متخوفة من "إضطرابات سوريا".. ألمانيا لعشرين ألف لاجئ عراقي: تفضلوا بالخروج

متخوفة من "إضطرابات سوريا".. ألمانيا لعشرين ألف لاجئ عراقي: تفضلوا بالخروج

"Today News": متابعة 

 تتسم العلاقات العراقية- الألمانية بتنوع الملفات وتشابكها، بدءًا من التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، مرورًا بقضايا اللاجئين وسبل دعم عودتهم الطوعية، ووصولًا إلى تشجيع النمو الاقتصادي وتعزيز الشراكات التجارية، فضلًا عن إيلاء أهمية خاصة لدعم المرأة وتمكينها.

وفي مقابلة أجرتها شفق نيوز مع سفيرة جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى العراق، كريستيانه هومان، تحدّثت السفيرة عن جملة من القضايا المحورية التي تُعنى بالعلاقات الثنائية بين برلين وبغداد.

التطورات الإقليمية وقلق عودة داعش

وقالت السفيرة هومان، إنّ التطورات الإقليمية، بما في ذلك "الاضطرابات" في سوريا المجاورة، تثير القلق حيال احتمال عودة تنظيم داعش، مؤكدةً أهمية "تعاون دول المنطقة والمجتمع الدولي بشكل وثيق للتصدي لأي تهديدات محتملة".

وأضافت هومان أنّ التعاون الثنائي بين بغداد وبرلين يركز بشكل خاص على تعزيز الأمن والحرب المشتركة ضد الإرهاب، لافتةً إلى أنّ العراق وألمانيا يعملان معًا في إطار التحالف الدولي ضد داعش منذ تأسيسه قبل عشر سنوات.

وأوضحت السفيرة أنّ بلادها ترسل جنودًا ألمان كمستشارين ضمن عملية "العزم الصلب" (OIR)، إلى جانب تقديم دعم للقوات المسلحة العراقية ضمن مهمة التدريب والاستشارة التابعة لحلف شمال الأطلسي (NMI).

وذكرت أنّ اجتماعًا عُقد بين وزير الدفاع العراقي ثابت عباسي ونظيره الألماني بوريس بيستوريوس في كانون الأول/ديسمبر الماضي، انتهى بالاتفاق على تعميق التعاون الاستراتيجي الثنائي بين وزارتي الدفاع في البلدين، مشيراً إلى أنّ ألمانيا تساند أيضًا الجهود بين البعثة الاستشارية للاتحاد الأوروبي لإصلاح قطاع الأمن ووزارة الداخلية العراقية، فضلًا عن مشاريع ثنائية لتدريب وتطوير المؤسسات الأمنية العراقية.

وشددت هومان على أنّ "تحقيق الأمن والازدهار على المدى الطويل يتطلب تعزيز الآفاق الاقتصادية للعراقيين"، مؤكدةً أنّ ألمانيا لا تنخرط فقط من خلال المساعدات التنموية، بل إنّ شركات ألمانية متواجدة في العراق منذ سنوات وتضطلع بأدوار حيوية في هذا المجال.

طاقة وفرص عمل

كما أشار سفيرة جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى العراق، كريستيانه هومان، إلى أنّ دعم القطاع الاقتصادي يكتسب أهمية كبيرة في إطار مساعي برلين لتعزيز علاقاتها مع بغداد.

وقالت إنّ "ازدهار العراق يتطلّب قطاعًا خاصًا قويًا قادرًا على خلق فرص عمل طويلة الأمد، وتقديم آفاق جديدة للجيل الشاب"، مشيرةً إلى أنّ الاعتماد الكبير على صادرات النفط لا يزال يعيق تطوّر هذا القطاع.

وأضافت أنّ المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقّعا عام 2023 برنامج عمل مشترك لتحفيز الاقتصاد وخلق فرص عمل خارج القطاع النفطي، فضلًا عن تحسين الخدمات الحكومية مثل الصحة والتعليم.

وأوضحت أنّ شركات ألمانية، من بينها "سيمنز للطاقة"، تشارك في بناء وإعادة تأهيل إمدادات الكهرباء عبر استخدام الغاز المصاحب، وهو مصدر كان مُهملًا في السابق.

كما يجري إنشاء مصنع كبير للزجاج في محافظة النجف بمعدّات ألمانية، من المتوقع أن يوفر 600 فرصة عمل جديدة.

وفي سياق الشراكة في مجال الطاقة، تعمل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي على الحد من الانبعاثات الضارة بالمناخ وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة.

وذكرت السفيرة أنّ العديد من الشركات الألمانية تقدّم خبراتها في مجالات التدريب المهني وتطوير قطاع الصحة العمومية، فيما تدعم الحكومة الألمانية التبادل بين جمعيات الأعمال والشركات في كلا البلدين عبر مكتب تمثيلي لغرفة التجارة الخارجية الألمانية (AHK) في بغداد وأربيل.

وأكدت هومان أنّ مكتب غرفة التجارة الخارجية الألمانية في العراق استضاف مطلع آذار/مارس وفدًا مكوّنًا من 20 شركة ألمانية بالتعاون مع الغرفة التجارية العربية الألمانية ومنتدى الخبراء العراقي، حيث عُقدت لقاءات مع وزراء ومسؤولين حكوميين وبرلمانيين ورجال أعمال عراقيين، لمناقشة سبل توسيع التعاون الاقتصادي والتغلّب على الصعوبات التي يواجهها المستثمرون الأجانب في العراق.

20 ألف عراقي مطالبون بالمغادرة

وتطرقت السفيرة هومان لملف اللاجئين، وذكرت أنّ بلادها استقبلت على مدى العقد الماضي ملايين الأشخاص الفارّين من مناطق النزاع، من بينهم عدد كبير من العراقيين ولا سيما من شمال البلاد.

وأوضحت أنّ معظم هؤلاء وصلوا إلى ألمانيا كلاجئين، فيما التحق آخرون بعائلاتهم أو قصدوا ألمانيا للدراسة والعمل، مشيرةً إلى أنّ بعض الشباب العراقيين يفكّرون جديًا في مواصلة تعليمهم هناك أو الالتحاق بسوق العمل كعمّال مهرة، مستفدين من تسهيلات التأشيرة، بينها ما يُعرف بـ"بطاقة الفرصة" التي تتيح تفاصيلها عبر موقع السفارة الألمانية.

لكن السفيرة حذّرت من مخاطر الهجرة غير النظامية، واصفةً إيّاها بالخطيرة والمكلفة، حيث قد يتعرّض المهاجرون للاستغلال من قبل "مهربين مجرمين" يقدّمون وعودًا وهمية.

وأكّدت أنّ من يصل بهذه الطريقة لا يملك أي فرصة للحصول على الإقامة، وسيُطالب بمغادرة الأراضي الألمانية.

ولفتت هومان إلى وجود نحو 20 ألف عراقي حاليًا مطالبين بمغادرة البلاد، بينما تعمل الحكومة الألمانية على تسهيل عودة هؤلاء طوعًا، عبر برامج الاستشارة والتدريب التي يوفّرها "المركز الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج" (GMAC) في بغداد وأربيل. كما تقوم برلين بعمليات إعادة قسرية إلى البلدان الأصلية عند الضرورة، وسط تنسيق مع الحكومة العراقية ودول الاتحاد الأوروبي لتنظيم هذا الملف.

وأضافت هومان أنّ ألمانيا أصبحت وطنًا جديدًا لكثير من العائلات العراقية، معربةً عن سعادتها بزيادة أعداد الطلاب والعمال المهرة العراقيين، ومؤكدةً أنّ هذه المسألة ترتبط باتفاقيات وثيقة مع المسؤولين العراقيين، لا سيّما وزيرة الهجرة، وتخضع لحوارات مستمرة بين برلين وبغداد ودول الاتحاد الأوروبي.

تفاهم متعددة الأوجه بين كوردستان وبرلين

وعن العلاقة مع إقليم كوردستان، أكدت السفيرة هومان، أنّ لإقليم كوردستان دورًا مهمًا في تعزيز الأمن والاستقرار داخل البلاد، مشيرةً إلى أنّ العلاقات بين برلين وأربيل وثيقة ومتعددة الأوجه.

وقالت هومان إنّ "وجود عدد كبير من العراقيين والألمان الذين يعرفون لغة وثقافة وعادات بعضهم البعض بشكل جيد يساهم في توطيد الثقة بين الجانبين"، مضيفةً أنّ ألمانيا حاضرة في أربيل عبر قنصليتها العامة التي تنسّق مع حكومة إقليم كوردستان في مجالات الاقتصاد والثقافة.

وفيما يتعلّق بمسألة النازحين، ذكرت السفيرة أنّ نحو مليون نازح داخلي لا يزالون يعيشون في مخيمات بإقليم كوردستان، مؤكدةً ضرورة إيجاد فرص اقتصادية وسكن مستدام لهم.

وأشارت إلى سعي برلين بالتعاون مع حكومة الإقليم والشركاء الدوليين إلى تسريع إعادة إعمار المناطق المدمرة وتحسين الخدمات الحكومية، لافتةً إلى أنّ المجتمع الإيزيدي حظي بدعم خاص جرّاء معاناته من الجرائم العنيفة التي ارتكبها ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية.

وتحدثت عن تنفيذ برامج متعدّدة لعلاج الصدمات وإعادة إدماج النساء والأطفال، فضلًا عن توثيق جرائم التنظيم وملاحقة مرتكبيها قضائيًا.

أمنيًا، أوضحت هومان أنّ ألمانيا تشارك في تدريب القوات العراقية ومكافحة فلول تنظيم الدولة الإسلامية في إقليم كوردستان، حيث يوجد نحو 80 جنديًا ألمانيًا في معسكر مشترك في أربيل.

وأكدت أن المعركة ضد ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية ستظل ضمن أولويات السياسة الأمنية الألمانية، خصوصًا في ظل التطورات الجارية في سوريا.

المرأة وحقوقها

وتطرق السفيرة الألمانية لوضع وحقوق المرأة، مشيرة إلى أن بلادها "لا تزال تسعى إلى تحقيق مساواة حقيقية بين الجنسين على المستوى الداخلي، كما أن الفجوة في الأجور لا تزال قائمة في ألمانيا، وأن نسبة تمثيل المرأة في البرلمان لا تتجاوز 32%، بينما تشكّل النساء 46% فقط من القوى العاملة".

وقالت هومان إن "كل خطوة نحو المساواة تنعكس إيجابًا على المجتمع والاقتصاد"، موضحةً أن زيادة مشاركة النساء في سوق العمل بنسبة 1% تؤثر مباشرةً في النمو الاقتصادي.

وعن وضع المرأة في العراق، أشارت هومان إلى "رد فعل محافظ" أثّر سلبًا في جهود تعزيز حقوق النساء، رغم تأكيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في كلمة ألقاها بمناسبة يوم المرأة العراقية، على أهمية حماية هذه الحقوق.

وأعربت عن أسفها لما وصفته بحملة مناهضة للمساواة بين الجنسين طالت ناشطات نسويات، فضلًا عن تقلّص مساحة عمل المنظمات غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة.

ولفتت إلى أن ملف تعديلات قانون الأحوال الشخصية "قد يؤثر في حقوق النساء والفتيات، خصوصًا في مسائل حضانة الأطفال والميراث والطلاق"، في ضوء التزامات العراق الدولية.

وأكدت أن "التطوّرات النهائية تظل مرهونة بالمدوّنات الشرعية المرتبطة بهذه التعديلات، لكننا نخشى أن تقود إلى تراجع في مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة".


8-03-2025, 13:56
عودة