يشهد شهر رمضان المبارك تحفيزاً كبيراً للعديد من الشرائح الاجتماعية والميسورين ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات المختلفة للمشاركة في مبادرات إنسانية تستهدف العوائل المتعففة والأسر الفقيرة.
وفي هذا السياق، شهدت العاصمة بغداد العديد من الحملات التطوعية التي شاركت بها مؤسسات علمية وتربوية، حيث تم تقديم أنواع مختلفة من المساعدات.
وامتدت حملات توزيع السلات الغذائية الرمضانية إلى بعض المدارس، حيث بادرت بعض الكوادر التدريسية بتوزيع سلات غذائية وملابس أطفال للعوائل المتعففة.
وتقول مديرة مدرسة الطيبة في منطقة البياع، ضحى اللامي، إن "مبادرة بعض الكوادر التدريسية بالمشاركة في تقديم المساعدات للمحتاجين تُعد من مبادرات الخير التي تهدف إلى زرع بذرة التعاون لدى الطلبة".
وتضيف اللامي، خلال حديثها ، أن "المدرس كان ولا يزال مثالاً يُحتذى به، وأن أفعال الخير في المؤسسة التربوية تدفع الطلبة وتحفزهم على القيام بأعمال نافعة"، مشيرة إلى أنها قامت بتوزيع مجموعة كبيرة من السلات الغذائية على بعض الطلبة بهدف توصيلها إلى المحتاجين".
وتابعت أن "للعطاء أثراً عميقاً على نفوس الصبية"، مؤكدة "أهمية التكافل الاجتماعي ودوره الكبير في دعم الطبقات الفقيرة ومساعدة المحتاجين وتعميق الشعور الإنساني والإحساس بالآخرين في هذا الشهر الكريم".
المبادرات الفردية تبرز كعلامة مميزة في رمضان
وتميز شهر رمضان هذا العام بانتشار المبادرات الفردية البعيدة عن الأضواء، حيث بات من المألوف رؤية أفراد من متوسطي الدخل يحملون سلالا غذائية و يتفقدون المحتاجين في مختلف مناطق بغداد.
ويقول الناشط المدني نبيل الدلوي، إن "برنامجه لهذا العام يختلف عن الأعوام السابقة"، موضحاً أنه "قرر شراء كميات من المواد الغذائية ووضعها في سلال، ثم توزيعها مباشرة على المحتاجين الذين يصادفهم في الشوارع والأحياء".
ويشير الدلوي، إلى أنه "منذ اليوم الأول من شهر رمضان وحتى الآن، وزع أكثر من 35 سلة غذائية بهذه الطريقة على سكان العشوائيات والمحتاجين في الشوارع"، مبيناً أن "التكافل الاجتماعي وتعاون الميسورين ودعم شرائح الفقراء والعوائل المتعففة من شأنه القضاء على آفة الفقر والجوع".
ويتحدث الناشط قائلاً إن "رمضان يُلهم الأغنياء للتوجه نحو الفقراء ومساعدتهم، وهو الهدف الأسمى من فريضة الصيام".
من جانبه، قال المواطن علي حسن النشمي، البالغ من العمر 56 عاماً، ، إنه "يحرص كل عام على جمع عدد كبير من السلات الغذائية، داعيًا الميسورين للمساهمة معه بهدف شمول أكبر عدد ممكن من العوائل المتعففة".
ويضيف أنه "يبدأ بتوزيع السلات في منطقة بغداد الجديدة، ثم يتوسع ليشمل مناطق أخرى، كما يحرص على تقديم المساعدات لمن يقصده في منزله طلبًا للعون".
ويشدد النشمي على أنه "يقدم المساعدات الغذائية لجميع المحتاجين دون النظر إلى دينهم أو مذاهبهم"، مؤكداً أن "الإنسان نظير لأخيه الإنسان في الخلق، وأن الهدف من توزيع المساعدات خلال الشهر الفضيل هو إشاعة روح التعاون وإبراز معاناة الفقراء والمعدمين، الذين قد لا يجدون وجبة إفطار مناسبة لعوائلهم".
دور وسائل التواصل الاجتماعي
وأدت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً بارزاً في انتشار المساعدات الغذائية، حيث ظهرت العديد من الصفحات على موقع "فيسبوك" التي تدعو إلى توزيع سلات غذائية على المتعففين.
وبهذا الشأن، يؤكد عبد الله عبد الحسين، مسؤول صفحة "حي الجهاد"، أنه يقوم بتصوير السلات الغذائية التي ينوي توزيعها مع مجموعة من شباب المنطقة، ثم يدعو الأهالي للمساهمة في هذه المبادرات الخيرية.
ويضيف عبد الحسين، أن "هناك استجابة واسعة وتزايدًا ملحوظًا في أعداد السلات الغذائية التي يتم توزيعها"، مشيراً إلى "توزيع نحو 100 سلة غذائية يومياً في منطقة حي الجهاد وتمتد إلى حي الفرات".
يُذكر أن ظاهرة توزيع السلات الغذائية برزت بشكل لافت خلال أزمة كورونا، حيث فقد العديد من الكسبة وأصحاب المهن الحرة أعمالهم بسبب إجراءات الحظر الصحي.
وفي الوقت الحاضر، أصبحت حملات توزيع السلات الغذائية تقتصر غالباً على شهر رمضان، مع استمرار تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه المبادرات.
مشاركة الأهالي في الدعم
من جهته، يقول المواطن أحمد القيسي، البالغ من العمر 34 عاماً من منطقة أبو دشير، إنه "يساهم قدر استطاعته في توفير المواد الغذائية عندما يقرأ منشورًا عن توزيع سلات غذائية خلال هذا الشهر المبارك".
ويتابع القيسي، قائلاً إن "العديد من أهالي المنطقة يسارعون للمشاركة في هذه المبادرات، ولا سيما أن القائمين على عمليات التوزيع هم من شباب المنطقة المعروفين بحسن السيرة والسلوك".
وتمثل هذه المبادرات نموذجاً حياً للتكافل الاجتماعي في شهر رمضان، حيث تسهم في مساعدة المحتاجين وتعزيز القيم الإنسانية، مما يجعل هذا الشهر الفضيل فرصة لنشر الخير والتعاون بين أفراد المجتمع