لا تلحق جريمة تزييف العملة الضرر على الأموال والمتعاملين بها فحسب، فهي تمثل اعتداء على سيادة الدولة، وتزعزع الثقة بالعملة الرسمية وتؤدي الى تدني قيمتها، كما ان اتساع دائرة تزييف العملة يولد سببا في تورط وشمول اكبر فئة من الأفراد (المواطنين) الأبرياء ممن تقع بأيديهم.
وعن هذه الجريمة، يتحدث قاضي محكمة تحقيق النزاهة احمد محمد المرياني بحسب صحيفة القضاء قائلا "ابتداءً لابد من المرور على تعريف التزييف والوقوف على مفهومه، فالتزييف لغة هو تبديل الحقيقة أو تغييرها وهو يطلق على أي فعل من شأنه تغيير قيمة العملة الصحيحة سواء بزيادة أو النقصان، وقد عرفه المشرع العراقي في المادة 280 من قانون العقوبات رقم 111 سنة 1969 من كونه يعد تزييفاً للعملة المعدنية إنقاص وزنها أو طلاءها بطلاء يجعلها تشبه مسكوكات اكثر منها قيمة"، مبينا أن "العملة هي الاداة الرئيسية للتعامل بين الناس مما تستدعي توافر الثقة بينهم وتأمين الثقة بها".
وأضاف المرياني أن "جريمة التزييف تعد من الجرائم الماسة بسمعة الدولة المالية منذ العصور الأولى ونظراً لخطورتها فقد اعتبرت من الجنايات المهمة وهذا ما نهجه المشرع العراقي"، لافتا إلى أنه "نظراً لاهمية الجريمة تنص القوانين الجنائية على استثنائها من مبدأ الإقليمية لذلك ينعقد اختصاص القانون الوطني للدولة التي زيفت عملتها بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية مرتكبها لأنها تمس مصالح أساسية للدولة كونها لا تثق باهتمام الدول الأخرى بهذه الجريمة".
القاضي المرياني يؤكد أن "هذا ما سار عليه المشرع العراقي بنصه على ان يطبق القانون العراقي وتختص المحاكم العراقية بالنظر بهذه الجرائم بغض النظر عن مكان ارتكابها وجنسية مرتكبها في المادة التاسعة الفقرة الثانية هذا، فضلا عن قانون البنك المركزي العراقي المرقم 56 لسنة 2004 وتعديلاته قد أشار في المادة 49 المقصود بالنقود المزيفة وعاقب بذلك بالمواد 51 , 52 من القانون أعلاه".
ولفت إلى أن "العصابات المنظمة لتزييف العملة تتواجد داخل وخارج العراق وهي من الجرائم الدولية التي تنفذ من قبل عصابات منظمة متخصصة قد يشترك أفرادها من دول مختلفة لارتكاب الجريمة"، مشيرا إلى أن "الوقائع أثبتت أن المتورطين في تزييف العملة هم من جنسيات مختلفة وعلى شكل شبكات منظمة، فهي كما أسلفنا من الجرائم العابرة للحدود".
أما عن العملات المستهدفة في العراق، يوضح أن أغلب العملات التي تتعرض للتزييف "الدولار الأمريكي والدينار العراقي والعلة في اختيارهما من قبل العصابات المختصة في التزييف هي لكثرة التداول والتعامل بها داخل البلد من قبل المواطنين"، مبينا أن "تزييف العملة يخضع لأساليب متطورة وجديدة من قبل هذه العصابات حيث يستخدمون التكنولوجيا المتطورة في ذلك من حاسبات وكذلك أوراق وأحبار خاصة في ذلك".
وعن طريقة كشف هذه العملات، ذكر القاضي المختص في حديثه أن "الكشف عن العملات المزيفة يتم من قبل جهات مختصة في البنك المركزي العراقي حيث ترسل العملة المضبوطة بقوائم تحتوي على أرقام وتسلسلات العملة وهناك يتم فحصها من قبل فنيين متخصصين بهذا المجال ومن ثم يزودون المحكمة بتقارير فحص العملة"، لافتا إلى أنه "لا علاقة للبنك المركزي بخصوص التنويه على العملة المزيفة وأرقامها والفئات المستخدمة وإنما ينحصر دوره بالفحص من قبل الفنيين وتحديد المزيف منها من عدمه".
وختم قاضي محكمة تحقيق النزاهة بأن "القانون المعمول به حاليا هو قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004 وان العقوبة المنصوص عليها هي في المواد 51, 52 منه حيث عاقبت المادة 51 بغرامة لا تزيد عن الخمسين مليون دينار عراقي والحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات أو كلاهما معا, أما المادة 52 فقد عاقبت بدفع غرامة لا تزيد عن مئة مليون دينار عراقي أو السجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات".
وتتمكن القوات الأمنية بين الحين والآخر من إلقاء القبض على عصابات كبيرة تحوز على مبالغ مزيفة، ففي العاصمة بغداد ضبطت كميات من الأموال المزورة مع طابعة معدة لتزوير وتزييف العملات ومبالغ مالية مزورة قدرها (15) مليون دينار عراقي و(3700) دولار أميركي، فيما ألقت وكالة الاستخبارات القبض على مُزوّر عملة يتاجر بالعملة الاجنبية المزيفة فئة (100) دولار، كما ضبطت مطبعة نقود مزيفة للعملة العراقية في احدى مناطق بغداد من قبل مفارز مديرية استخبارات وامن بغداد وبالتنسيق مع قوة أمنية مشتركة بعد تمكنهما من ضبط مطبعة نقود مزيفة بداخلها أموال مزيفة تقدر بثلاثة عشر مليار دينار عراقي وثلاثة وعشرين الف دولار أمريكي، فيما اعُتقلت عصابة بصرية في وقت سابق تطلق على نفسها لقب الدكتور وتروج للعملة المزيفة في المحافظة متخصصة بتزييف العملات المحلية والأجنبية