بغداد : "Today News"
استهدفت طائرات أمريكية مسيرة، الاحد الماضي ، مواقع للحشد الشعبي في مدينة القائم غرب محافظة الأنبار استشهد على اثرها اكثر من25 مقاتلاً من قوات الحشد الشعبي وجرح أكثر من 50 آخرين جراء العدوان الأمريكي مع ارتفاع باعداد الضحايا هذا الهجوم نظراً لوجود عدد كبير من جثامين الشهداء تحت الأنقاض.
وعلى الفور، علقت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الهجوم مباشرة، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها استهدفت ثلاثة مواقع لحزب الله العراقي داخل الأراضي العراقية وموقعين لحزب الله العراقي داخل الاراضي السورية.
كما اعتبرت وزارة الدفاع الأمريكية هذا العدوان رداً على ما سمته "الهجوم المتكرر من قبل حزب الله العراقي على قواعد قوات التحالف الدولي ضد داعش"، اذ يعتبر هذا الادعاء باطلاً لأن الأمريكيون يحاولون اظهار هذا العدوان كنوع من الانتقام من الهجوم الصاروخي على قواعد أمريكا غرب كركوك، الهجوم الذي لم يعلن أحد مسؤوليته عنه بعد.
ادانة سياسية رافضــة
وفي أعقاب هذا العدوان، أدان جميع كبار المسؤولين العراقيين وقادة التيارات السياسية في البلاد هذا العدوان، حيث اكد رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، الاحد، ان القصف الامريكي على احد مقار الحشد الشعبي مناف لاتفاقيات العراق مع امريكا، مبينا انه غير مقبول. وادان صالح "العدوان الاميركي"، معتبرا انه "انتهاكا لسيادة العراق".
بدوره قال عبد الكريم خلف المتحدث بإسم القائد العام للقوات المسلحة في حديث لوكالة الانباء العراقية الرسمية، إن عبد المهدي اكد للقائم بالاعمال الامريكية انه "سبق ان اكدنا رفضنا لاي عمل منفرد تقوم به قوى التحالف او اي قوى اخرى داخل العراق ونعتبره انتهاكا للسيادة العراقية وتصعيدا خطيرا يهدد امن العراق والمنطقة".
كما استنكر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ، القصف الذي تعرضت له قطعات من الحشد الشعبي، والذي أوقع عددا من القتلى والجرحى، معتبرا هذا الاستهداف انتهاكا لسيادة العراق.
هذا وأصدرت باقي التيارات السياسية العراقية بيانات منفصلة، دانت فيها عدوان الطائرات الامريكية على قواعد الحشد الشعبي في محافظة الأنبار وطالبت الحكومة والبرلمان العراقيين باتخاذ مواقف جدية في مواجهة هكذا اعتداءات.
ودعا "تحالف الفتح"، البرلمان العراقي إلى اتخاذ قرار عاجل وجريء يقضي بإخراج كافة القوات الأجنبية من الأراضي العراقية .
وقال التحالف، في بيان، إن "الاعتداء السافر من قبل القوات الأمريكية على القوات الأمنية، والذي استهدف اللوائين 45 و46 في الحشد الشعبي في القائم هو اعتداء على السيادة الوطنية، وعلى الكرامة العراقية التي تأبى المساس بها".
كما دعا رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية محمد رضا ال حيدر،الى عقد جلسة نيابية طارئة لمناقشة الاعتداءات الاميركية على الحشد الشعبي في القائم.
واستنكر آل حيدر في بيان “الهجمة الأمريكية على قطعات الحشد الشعبي”، معتبرا إياها “استهدافاً للمؤسسة العسكرية واستهدافاً لسيادة العراق وأرضه”.
لماذا تم استهداف الحشد الشعبي ؟
يرى مراقبون سياسيون عراقيون، أنه بعد الهجوم الصاروخي على قاعدة K1 الأمريكية في غرب كركوك ، كان من المتوقع أن ترد الولايات المتحدة وتستهدف المجموعات القريبة من كركوك وسهل نينوى ، وليس في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق.
ويعتقد المحللون العراقيون أن الهجوم على لواء الحشد الشعبي 45 لم يكن رداً على الهجوم الصاورخي على قاعدة K-1 الأمريكية ، بل كانت الولايات المتحدة الأمريكية تسعى وراء أهداف أخرى من هذا الهجوم، وهي:
- كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعارض منذ البداية وجود قوات الحشد الشعبي في القائم، وهذه هي المرة الثالثة التي تستهدف فيها مواقعه. كما تحظى القائم بأهمية كبيرة في الحسابات الاستراتيجية للكيان الصهيوني، وتعتقد واشنطن أن هذه المنطقة يمكن أن تتحول الى حلقة وصل بين إيران وسوريا ، وفي الوقت ذاته جسرا إلى لبنان. لذلك تحاول منع أي وجود للقوات المسلحة ، وخاصة الحشد الشعبي، في المنطقة.
- تقع القائم من الناحية الجغرافية بالقرب من قاعدة عين الأسد الأمريكية ، وتطل على طرق تحرك القوات الأمريكية بين العراق وسوريا. وبالتالي، إن وجود الحشد الشعبي في المنطقة يحد من حرية حركة وتنقل القوات الأمريكية ويضعها في مرمى الحشد الشعبي.
كانت القوات السورية والعراقية وحلفاؤهما قد استعادت معبر "البوكمال - القائم" من داعش الإرهابي في أواخر عام 2017 . حيث يقع معبر البوكمال في محافظة دير الزور السورية جنوب الفرات وفي أقصى الجنوب الشرقي من سوريا ، ومعبر القائم في محافظة الأنبار ، في غرب العراق ، وكلاهما يعتبران امتداداً لبعضهما البعض.
- تعتبر القائم المجرى التنفسي لمجموعة داعش الإرهابية ايضاً، وعبر القائم يتوجه المئات من عناصر هذه المجموعة إلى مناطق في الأنبار، المنطقة التي لا يسمح للطائرات العراقية بالتحليق فوقها. حيث عادة ما تستخدم واشنطن هذه المجموعات كوسيلة ضغط وورقة أمنية لابتزاز العراق.
- استهداف اللواء 45 أمر مهم لأنه ينتمي إلى كتائب حزب الله، المجموعة التي تعتبر أقوى قوة قتالية من الناحية التكتيكية والأسلحة والقدرة على المناورة.
الاستهداف يعد خرقاً للاتفاقية الامنية
الى ذلك كشف كاظم الفرطوسي القيادي في الحشد الشعبي، ان القوات الامريكية تدعي بانها جاءت الى العراق لمحاربة تنظيم داعش الوهابي، موضحاً ان من اخرج الدواعش هم العراقيون بمساعدة الدول التي شاركت بمشاركة حقيقية.
وقال الفرطوسي ان قوات الحشد الشعبي تملك ادلة الى تلقي الدواعش قبل ايام دعماً من قبل القوات الامريكية في منطقة الحضر وغيرها من المناطق التي وقعت فيها معارك كالموصل وديالى حيث تصدى لها ابطال الحشد لهجمات الدواعش.
واوضح، ان وجود القوات الامريكية ليس مرحباً بها، وتعد خرقاً للاتفاقية الامنية التي وقعت بين العراق والولايات المتحدة بخروج جميع القوات الامريكية، مشيراً الى ان البرلمان العراقي طالب اكثر من مرة بجدولة خروج القوات الامريكية وحصر اعدادهم، وحذر من توسع القواعد الامريكية خارج الاتفاقية الامنية وانتشار القوات الامريكية في اماكن من دون علم الحكومة العراقية.
ولفت الفرطوسي الى ان الحكومة العراقية دانت الاعتداء الامريكي الاخير ضد مقرات الحشد الشعبي.
واوضح، من استهدف بالحقيقة في الاعتداء الامريكي هو الجيش العراقي والمنظومة العراقية وسيادة البلد باعتبار ان الحشد الشعبي يدخل ضمن المنظومة الامنية وجزء من الشعب العراقي وصاحب والرقم الاكبر لمحاربة الارهاب، مشيراً الى ان السفارة الامريكية ثبت تورطها في افعال مشينة كالقتل والاغتيالات واخرها الصبي العراقي في ساحة التحرير وسط بغداد.
واشار الى ان تل ابيب اصبحت منذ فترة تجاهر بعدائها للشعب العراقي وتدعو الى قتلهم وذبحهم ومسحهم من الخارطة، مشيراً الى ان اظهار هذه التصريحات للاعلام هو بمثابة جزء من الحرب النفسية التي يخوضها الاسرائيليون ضد الحشد الشعبي الذي يمثل خطراً كبيراً على كيان الاحتلال الاسرائ
على أي حال، ان أسباب الهجوم على مواقع الحشد، بغض النظر عما سبق ، تثبت أكثر من اي وقت مضى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تسعى دائمًا إلى ضرب هذه القوة الشعبية المناهضة للإرهاب ، وسبب هذا الامر يعود الى "التوازن في القوى" الذي اوجده الحشد الشعبي ضد الجماعات الإرهابية في العراق والحدود السورية.
كما اثبت هذا الهجوم أن مزاعم الولايات المتحدة الأمريكية في محاربة الإرهاب ليست إلا شعارات مزيفة وكاذبة وأن الولايات المتحدة الأمريكية استهدفت فقط مواقع القوات التي كانت خلال السنوات الماضية في طليعة محاربة داعش والإرهاب التكفيري ووجهت ضربات قاصمة للإرهابيين.